سيينا (3)
الفصل 106: سيينا (3)
بينما الدم يتساقط من أنفها، شكرته سيينا.
هل هذا أيضًا حلم؟
تجاهل يوجين ضحكها، وأجاب: “تسعة عشر عاما.”
نظر يوجين إلى سيينا بنظرة فارغة فقط.
شكلها ذكره بالكثير من الذكريات. هذه هي سيينا التي تذكرها يوجين — لا، هامل منذ ثلاثمائة عام. بدت مثل الصورة المتروكة في قصرها في آروث، مثل التمثال في ساحة ميردين، ومثل سيينا التي رآها في المشهد من الماضي الذي أظهره له السيف المقدس.
“فقط لِـكم من الوقت تخطط للبكاء؟” سألت سيينا مع بضحكة وهي تنهض من مقعدها على الأرض. “لم أعرف أبدًا أنه يمكنك أن تكون مثل هذا الطفل البَكاء، هامل. أنا لم أحصل ولا حتى مرة واحدة على فرصة لرؤيتك تبكي في الماضي.”
إنهنَّ جميعًا هي: سيينا ميردين. من خصلات شعرها الأرجواني إلى عينيها الخضراء الكبيرة، كل شيء بدا مثل سيينا التي تذكرها هامل.
– ألم نتفق جميعًا بالفعل على هذا؟
“…” احتفظ يوجين بصمته للحظة.
“فقط لِـكم من الوقت تخطط للبكاء؟” سألت سيينا مع بضحكة وهي تنهض من مقعدها على الأرض. “لم أعرف أبدًا أنه يمكنك أن تكون مثل هذا الطفل البَكاء، هامل. أنا لم أحصل ولا حتى مرة واحدة على فرصة لرؤيتك تبكي في الماضي.”
“أنا آسفة. كانت كلماتي قاسية بعض الشيء.”
“…” ظل يوجين عاجزًا عن الكلام.
“دهون الطفل…..دهون الطفل؟” كررت سيينا بِـصدمة قبل أن تنفجر في الضحك. “آهاهاها! كم هذا لطيف، هامل. فقط كم عمر جسدك الجديد؟ ممم، أنت بالتأكيد تبدو وكأنك ما زلت صغيرًا جدًا.”
“هل تعتقدين حقًا أن ما تقولينه حاليًا له أي معنى؟” سأل يوجين متشككًا.
“حسنا، لقد مرت ثلاثمائة سنة منذ ذلك الحين….ولكن لا، إنها ليست حقًا ثلاثمائة سنة بالنسبة لك، هل هي؟ ربما لم تتمكن من الشعور بمرور كل هذا الوقت. على الرغم من أنني لا أعرف كيف هو الأمر، لأنني لم أتناسخ بنفسي أبدًا. حسنا، هذا ليس مهمًا حقًا. أنا في الواقع سعيدة جدًا لأنني تمكنت من رؤية هذا الجانب الجديد منك.” اعترفت سيينا بابتسامة. “على أي حال. هل تخطط للإستمرار في البكاء؟ حينها عندما رفعت إصبعك الأوسط في وجهي، لم تبكي كما أنت الآن—”
“هل تعتقدين حقًا أنني لم أسمع عن ذلك؟”
“ما الأمر معك؟” قال يوجين وهو يلف وجهه عمدًا بِـعبوس.
“آه، حقا! إذا قلت أنه لا يبدو مثله، فعليك فقط أن تصدق أنه لم يكن هو حتى يَثبُتَ خلاف ذلك….! على أي حال، لا أعرف حقًا ما هو الوعد الذي قطعه. يجب أن يكون فيرموث وراء التناسخ الخاص بك، لذلك، حسنًا….أعتقد أن هذا حدث للأفضل. اعتقدت أننا سنكون قادرين فقط على الإلتقاء في الجنة، لكن يبدو أننا مقدر أن نلتقي ونحن لا نزال أحياء.”
الحقيقة أنه بدلا من فعل ذلك، أراد أن يفعل شيئًا آخر. لقد أراد أن يمسك سيينا، التي تتجول مثل الشبح، من كتفيها، ويمسكها أمامه، ثم يسحبها إلى عناق.
لماذا هذه الدموع اللعينة تتدفق من تلقاء نفسها؟ هذه الدموع اللعينة الغبية، لم يخطط أبدًا للبكاء، ولكن لماذا استمروا في التسرب؟
“آه، حقا! إذا قلت أنه لا يبدو مثله، فعليك فقط أن تصدق أنه لم يكن هو حتى يَثبُتَ خلاف ذلك….! على أي حال، لا أعرف حقًا ما هو الوعد الذي قطعه. يجب أن يكون فيرموث وراء التناسخ الخاص بك، لذلك، حسنًا….أعتقد أن هذا حدث للأفضل. اعتقدت أننا سنكون قادرين فقط على الإلتقاء في الجنة، لكن يبدو أننا مقدر أن نلتقي ونحن لا نزال أحياء.”
متسترًا على حرجه، شتم يوجين، “اللعنة عليك، فقط ما الذي يجري معك بحق الجحيم؟ ما الذي إعتقدتِ أنكِ تفعلين؟ هاه؟ فقط أي نوع من المؤامرة أنا فيها الآن؟ ماذا أفعل هنا، وماذا تفعلين هنا، وفقط ماذا حدث بحق الجحيم لك—لا، ماذا حدث بحق الجحيم للجميع؟!”
كلماته لم تخرج بشكل صحيح. عواطفه افسدت كل شيء. ومع ذلك، سار يوجين نحو سيينا.
سيينا، التي ضاعت في إحساسها بالغرور، طارت في السماء وأطلق العنان لعاصفة من التعاويذ. كانت مهملة للغاية بقيامها بذلك. اعترض السحرة السود الذين يختبئون في قاع البحر سيينا، وتمكن هجومهم المفاجئ من تعطيل طاقتها السحرية.
“فقط ما الذي يجري مع انيسيه يحق العالم؟” سأل يوجين. “كيف صارت انيسيه ملاكًا بحق اللعنة، وما الأمر مع وجود ثمانية أجنحة؟ ومولون. ماذا عن مولون؟ ما الذي ينوي عليه ذلك اللقيط؟”
تنهدت سيينا وقالت: “هامل.”
تنهدت سيينا وقالت: “هامل.”
“…وفيرموث. هذا الوغد….فقط ما الأمر معه؟ ماذا حدث بالضبط في قبري؟ ثم هناك أنا.” توقف يوجين للتنفس. “لماذا أنا في جسد جديد، ولماذا تركتموني في الظلام؟ يا مجموعة العاهرين أنتم، لماذا لم يستطِع أحدكم على الأقل أن يعطيني تفسيرًا مناسبًا.”
“هامل.” قالت سيينا مرة أخرى.
“نعم.”
لم يتفاعل يوجين حتى عندما سمع اسمه يطلق عليه. توقفت دموعه، لكن قلبه شعر بالإحباط لدرجة أنه شعر بطريقة ما أنه قد يكون من الأفضل له أن يحني رأسه وينفجر في النحيب بدلًا من ذلك. لم تهدأ عواطفه المتزايدة تمامًا ولا يزال الجزء الداخلي من رأسه يدور.
قالت سيينا بامتنان: “حقيقة أنني قادر حاليا على التحدث إليك بهذه الطريقة، كل ذلك بفضل انيسيه لتحقيق هذه المعجزة.”
يلهث من أجل التنفس، نظر يوجين عن كثب إلى الشكل أمامه. سيينا أمام أنفه مباشرة. ومع ذلك، لم يشعر بأي إحساس بالوجودِ قادمٌ منها. من الواضح أنها تقف أمامه مباشرة، لكنها أعطت شعورًا بطريقة ما أنها غير موجودة.
“على أي حال، بالعودة إلى ما أقوله. هامل، لا تكُن غاضبًا جدًا من فيرموث. لأنني لا ألومه حقًا أيضًا.”
– لا بأس، فقط إعتني بنزيف أنفك.
تماما مثل عندما رآها في آروث….
“هل يمكن أن تكون مولون في الحقيقة ولست هامل؟” قالت سيينا وهي تنظر إلى يوجين. حتى في مثل هذه الحالة، لم يستطع يوجين إلا أن يتجهم بشدة بسبب هذه الكلمات.
واصلت سيينا، “ماذا يحدث بالضبط عندما يموت شخص ما؟ قالت انيسيه إنه يذهب إلى الجنة، لكنني….لا أستطيع أن أضع إيماني بالآلهة مثل انيسيه. أنا ساحرة، هامل. لا أستطيع أن أثق في أي شيء لا أستطيع رؤيته بنفسي ولا أفهمه.…لا، في النهاية، هذا كله مجرد عُذر.”
شعر أن سيينا أمامه وكأنها ليست أكثر من شبح.
واصلت سيينا، “ماذا يحدث بالضبط عندما يموت شخص ما؟ قالت انيسيه إنه يذهب إلى الجنة، لكنني….لا أستطيع أن أضع إيماني بالآلهة مثل انيسيه. أنا ساحرة، هامل. لا أستطيع أن أثق في أي شيء لا أستطيع رؤيته بنفسي ولا أفهمه.…لا، في النهاية، هذا كله مجرد عُذر.”
“…فقط ما الذي يجري بحق الجحيم؟” قال يوجين هذا السؤال مرة أخرى بصوت أجش.
“لا أعرف. كيف صارت انيسيه ملاكًا بالضبط؟ أنتَ لست الوحيد الذي تفاجئ بذلك، لذلك لا تسألني. أما مولون؟ بعد أن أسس ذلك الأحمق مملكته—” اتسعت عيون سيينا فجأة بتفاجئ. “آه! هل تعلم؟ مولون، ذلك الأحمق، أصبح في الواقع ملكًا حقيقيا!”
مد يده إلى سيينا بيد مرتجفة. لم يعرف هل سيكون قادرًا على لمسها. بعد كل شيء، لم يستطِع في آروث. في ذلك الوقت، لم يتمكن من قول أي شيء لسيينا. كل ما يمكنه فعله هو إبراز الإصبع الأوسط من أجل جعلها تتعرف عليه.
“ليس هذا الواحد!” قالت سيينا “أقصد الإسم الذي حصلت عليه بعد التناسخ.”
“وااو….حقًا؟ هل انت حقا….لا تزال في التاسعة عشر فقط؟ هممم، مرة أخرى عندما التقينا لأول مرة، هامل، كنت اثنين وعشرين أليس كذلك؟ في ذلك الوقت، بدوت بالتأكيد أكبر ببضع سنوات من عمرك الفعلي….”
الحقيقة أنه بدلا من فعل ذلك، أراد أن يفعل شيئًا آخر. لقد أراد أن يمسك سيينا، التي تتجول مثل الشبح، من كتفيها، ويمسكها أمامه، ثم يسحبها إلى عناق.
“…” ظل يوجين صامتًا.
“ألم ترَه؟ هذا الرجل أطلق أنفاسه علينا وأنا صددته. نظرًا لأنني لم أكن في حالة جيدة، لم أتمكن من صده تمامًا. تتذكر كيف يبدو نفس رايزاكيا، أليس كذلك؟ إنه في الأساس مجموعة من القوة الشيطانية. لا، رايزاكيا نفسه هو كتلة ضخمة من القوة الشيطانية. انه مثل فئران الصرف الصحي التي تنتشر فيها الجراثيم.” قالت سيينا كما ارتجف جسدها بسبب الاشمئزاز وقلصت قبضتيها. “أصيب جميع الجان هناك به. كما أنني لم أستطع منع قوته الشيطانية من التسرب إلى جروحي. هذه هي الطريقة التي تلوث جسدي بها. قبل أن أكون على وشك الموت، تمكنت من الاتصال بشجرة العالم، ثم ختمت جسدي وجميع الجان معي داخل شجرة العالم.”
إذا إستطاع القيام بذلك، سيينا، من المؤكد أن هذا الفرخ المزعج والوحشي ستركله على قدمه وتقول: هل أنت مجنون؟
هذه الكلمات جعلت شعر يوجين يقف حتى نهايته.
لا، عندما أخذ في الاعتبار شخصية سيينا الوقحة، بدلا من ركله على الساق، ربما سَـتَلكم أذنه.
“هذا ينطبق علي أيضًا.” قالت سيينا بابتسامة وهي ترفع قبضتها وتنظر إليها: “تماما مثل الطريقة التي حاول بها ذلك اللقيط قتلي، حاولت أيضًا قتله. هامل. أنا متأكدة من أنك تشعر بالخيانة الآن، لكنني شعرت أيضًا بالخيانة في ذلك الوقت. بقدر ما تفعل، لا، ربما أكثر منك.”
كان يمكن أن يكون على ما يرام مع أي شيء. بغض النظر عن أي شيء، أراد فقط لمس سيينا. لكنه لم يستطِع القيام بذلك في آروث. لم تتمكن سيينا من سماعه بغض النظر عن عدد المرات التي ناداها فيها، وعندما حاول الوصول إليها لإمساكها، لم يتمكن حتى من لمسها.
“…هاه.” شخر يوجين.
“ما الأمر معك؟” قال يوجين وهو يلف وجهه عمدًا بِـعبوس.
لكن الآن….
“ليس الأمر كما لو إنك كنت هناك، أيها الأحمق.” قاطعته سيينا، وهي ترفع الإصبع الأوسط.
“هامل.”
شعر أن سيينا أمامه وكأنها ليست أكثر من شبح.
تمكن من لمسها. اتصلت أطراف أصابعه الممدودة بخد سيينا. لم يستطِع أن يشعر حتى بأدنى دفء قادم منها. ومع ذلك، يمكن أن يشعر يوجين بالملمس الناعم لبشرتها. من هذا الجلد الخالي من أي أثر للدفء، لا يزال بإمكانه الشعور بوجود سيينا.
“حقيقة أنك هنا الآن، وأنك قابلتني هنا وتتحدث معي. كل هذه معجزات.”
قالت سيينا بابتسامة باهتة: “أنا هنا.”
“أوشكتِ أن تموتي.” أنهى يوجين كلامها.
ابتسامتها تشبه الابتسامة الخَيِّرةَ التي رآها في صورتها. ابتسامة لم تناسب سيينا حقا. ومع ذلك، هذه هي ابتسامة سيينا بشكل لا شك فيه.
“ذلك اللقيط لم يقل لي أي شيء. في قبرك، قتل خادمي من أجل جلبي إلى هناك. ثم، بمجرد وصولي وفقًا لخطته، هاجمني.” تمتمت سيينا وهي تفرك صدرها. “…ولكن هل كان حقا فيرموث؟ الحقيقة هي أنني لا أستطيع التأكد من ذلك حقًا. فيرموث، اعتقدت أنه مات بالفعل. يجب أن يكون….قد مات. ومع ذلك، ظهر وهو يبدو جيدًا تمامًا، ولم يقل أي شيء، وهاجمني، واختفى بعد سرقة القلادة مني، ثم….”
“…FUCK.” انخفض رأس يوجين وهو يشتم. “هذا النوع من الابتسامات لا يناسبك حقًا.”
يلهث من أجل التنفس، نظر يوجين عن كثب إلى الشكل أمامه. سيينا أمام أنفه مباشرة. ومع ذلك، لم يشعر بأي إحساس بالوجودِ قادمٌ منها. من الواضح أنها تقف أمامه مباشرة، لكنها أعطت شعورًا بطريقة ما أنها غير موجودة.
“أنت يا إبن العاهرة.” ردت عليه على الفور بإهانة من عندها. أمسكت سيينا بخصلة من شعر يوجين وانتزعتها، لكن يوجين لم تشعر بأي قوة قادمة من قبضتها. “هذا ينطبق عليك أيضًا، هامل. ما الأمر مع شكلك هذا بحق الجحيم؟ لو لم ترفع إصبعك الأوسط لكي تجعلني أتعرف عليك، فلن أتمكن أبدًا من التعرف عليك على أنك هامل حتى لو إمتلكت كل الوقت في العالم.”
“كلا.” نفت سيينا ذلك بابتسامة وهزت رأسها.
اشتكى يوجين: “لم أعرف أنني سأولد هكذا، ولم أملك أي رأي في ذلك.”
لم يتفاعل يوجين حتى عندما سمع اسمه يطلق عليه. توقفت دموعه، لكن قلبه شعر بالإحباط لدرجة أنه شعر بطريقة ما أنه قد يكون من الأفضل له أن يحني رأسه وينفجر في النحيب بدلًا من ذلك. لم تهدأ عواطفه المتزايدة تمامًا ولا يزال الجزء الداخلي من رأسه يدور.
“همف. على الرغم من أنك تقول ذلك، يجب أن تكون راضيًا جدًا عن مظهرك الحالي، صحيح؟” اتهمته سيينا. “هامل، منذ الأيام الخوالي، ظللتَ دائمًا قلقًا سرًا بشأن هذا النوع من الأشياء.”
قالت سيينا بابتسامة باهتة: “أنا هنا.”
“…متى حدث هذا؟” حاول يوجين إنكار ذلك.
“انظر إليك، متظاهرًا بعدم معرفة ما أتحدث عنه. ألا تتذكر كيف كنت عندما بدأ الخمسة منا في التنقل كَـمجموعة معًا لأول مرة؟” تذكرت سيينا “قلتَ حينها أن هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها عضوًا في حفلة، لذلك اشتريت بعض الملابس الفاخرة التي جعلتك تبدو مثل الأحمق وحتى أنك قصصت شعرك.”
“…لماذا تجلبين شيئًا حدث منذ فترة طويلة الآن….؟” تمتم يوجين في حرج.
“…هل أنتِ ميتة؟” سأل يوجين بجدية.
“حسنا، بغض النظر عن مقدار كم قمت بتزيين وجهك في حياتك السابقة، فإنه لا يزال يبدو خشنا وشرسا، ولكن الآن….حسنا….لا بأس به على ما أعتقد. حتى لو تجولت وكأنك متسول، فستظل تبدو أفضل بكثير مما كنت عليه في حياتك السابقة.” بعد قول هذا، رفعت سيينا كلتا يديها.
“…لماذا تذكرين هذا فجأة؟”
“دهون الطفل…..دهون الطفل؟” كررت سيينا بِـصدمة قبل أن تنفجر في الضحك. “آهاهاها! كم هذا لطيف، هامل. فقط كم عمر جسدك الجديد؟ ممم، أنت بالتأكيد تبدو وكأنك ما زلت صغيرًا جدًا.”
مدت يدها وأمسكت بخدي يوجين. أثناء فرك خدي يوجين، ضحكت على نفسها.
تذكر يوجين أيضًا تلك اللحظة. خلال ذلك الوقت، لقد صنع لنفسه اسما كمرتزق. بينما ينتظر في ميناء، محاولا إيجاد طريقة للوصول إلى هيلموث، جاء فيرموث ومجموعته لزيارة هامل.
– سيينا. تلك القلادة….
“على الرغم من أنه ليس الوجه الذي أتذكره، فأنت حقا هامل. هذه الحقيقة….لا شك فيها، هامل.” تعثر صوت سيينا. “لقد عدت أخيرًا. لقد عدت حقا لي.”
فرقعة.
“…” ظل يوجين صامتًا.
– أليس هو مجرد مرتزقة حثالة يمكنك أن تجدها في أي مكان؟ فما السبب الذي يجعلك تصر على أخذ هذا بالتحديد معنا؟
“هذا حقا شعور غريب. قد يكون وجهك وجسمك مختلفين، لكن بما أنني أعلم أنك هامل، يبدو الأمر وكأنني أقابل شكلًا مختلفًا من هامل فقط.”
صر يوجين أسنانه بسبب هذه الكلمات. هو فقط لا يستطيع فهمها. هي تطلب منه عدم إلقاء اللوم على فيرموث؟
تحركت أصابع سيينا ذهابًا وإيابًا عبر منتصف وجه يوجين. تساءل عما تفعله، لكن يوجين أدرك فجأة أن سيينا ترسم ندوبًا خيالية على وجهه غير المميز. في حياته السابقة، إمتلأ وجه هامل بهذه الندوب. أطلق يوجين شخيرا وسحب رأسه للخلف.
“ما الأمر مع سلوكك الوقح هذا؟” سأل يوجين.
قالت سيينا بابتسامة: “على الرغم من أنك عدت من بين الأموات، فأنت حقا طفولي كما كنت دائمًا.”
عبست سيينا، “…ماذا تقصد؟ كيف أنا وقحة؟”
هذه الكلمات جعلت شعر يوجين يقف حتى نهايته.
“بالطبع أنتِ وقحة. لماذا تحاولين رسم الندوب على وجهي النظيف؟”
“أنا فقط….حسنًا، من خلال رسم هذه الندوب، أريد فقط أن أرى مدى اختلاف وجهك الحالي عن وجهك السابق.”
“أنتِ على حق، سيينا.” قال يوجين بسهولة.
لا تزال منزعجة، ضربت سيينا خد يوجين بإصبعها.
“أتذكر.” اعترف يوجين.
“نظرا لأنه من الصعب جدًا مطاردته، فقد أبعدته إلى البعد الخارجي.” تجعد جبين سيينا وهي تقول هذا. “أو حسنًا، حاولت ذلك. لو تمكنت من إبعاده بشكل صحيح، لما إستمرت هذه اللعنة لفترة طويلة. نظرًا لأنها لا تزال تتشبث بي دون أن تزداد سوءا….يبدو أنه ربما تم القبض عليه في نوع من صدع الأبعاد. هذا الرجل هو مدهش جدًا. ألا يعني ذلك أنه لا يزال متمسكاً بعد أن عَلِقَ في صدع الأبعاد لأكثر من مائة عام؟”
لاحظت سيينا “…خداكَ أكثر نعومة مما كانت عليه في حياتك السابقة.”
“هل يمكن أن يكون فيرموث قد أُصيب بالخرف؟” تمتمت سيينا لنفسها عندما أطلقت أخيرا ياقة يوجين. “لماذا يعيد تناسخك في جسد جديد كَـسليله الخاص…؟ ….هممم….في الواقع، عندما أخذ هذا اللقيط أكثر من عشر زوجات وبدأ في إنجاب الكثير من الأطفال، تمنيت أنه يحاول فقط تعويض كل المعاناة التي مررنا بها في هيلموث من خلال العيش بشكل جيد، لكن…..هل يمكن أن يكون قد زاد عن قصد عدد نسله للتحضير لتناسخك….؟”
ومع ذلك، فإن روح هامل لم تختفِ فقط. كما أن جسده لم يتفكك، وتم دفن الجثة المتبقية داخل التابوت في قبر هامل.
دافع يوجين عن نفسه، “هذا فقط لأنني لم أفقد كل دهون الأطفال بعد.”
“يبدو هذا لعينًا حقًا، ولكن أعتقد أن هناك المزيد من الإيجابيات من السلبيات.” قيمت سيينا الأمر. “من الأساس، مظهرك أفضل بكثير مما كان عليه في حياتك السابقة، وينبغي أن يكون جسدك أيضا أفضل بكثير من جسد هامل، هاه؟”
“دهون الطفل…..دهون الطفل؟” كررت سيينا بِـصدمة قبل أن تنفجر في الضحك. “آهاهاها! كم هذا لطيف، هامل. فقط كم عمر جسدك الجديد؟ ممم، أنت بالتأكيد تبدو وكأنك ما زلت صغيرًا جدًا.”
“ما الذي تقولينه فجأة؟” سأل يوجين.
تجاهل يوجين ضحكها، وأجاب: “تسعة عشر عاما.”
“وااو….حقًا؟ هل انت حقا….لا تزال في التاسعة عشر فقط؟ هممم، مرة أخرى عندما التقينا لأول مرة، هامل، كنت اثنين وعشرين أليس كذلك؟ في ذلك الوقت، بدوت بالتأكيد أكبر ببضع سنوات من عمرك الفعلي….”
“لهذا السبب لا أستطيع تصديق ذلك. هل الشخص الذي قابلته هناك وحاول قتلي هو حقًا فيرموث؟ هل يمكن أن يكون الشخص الذي قاتلته هناك، وحاول جاهدًا قتلي، هو حقًا فيرموث؟” سألت سيينا نفسها.
تذكر يوجين أيضًا تلك اللحظة. خلال ذلك الوقت، لقد صنع لنفسه اسما كمرتزق. بينما ينتظر في ميناء، محاولا إيجاد طريقة للوصول إلى هيلموث، جاء فيرموث ومجموعته لزيارة هامل.
“…قد يكون هذا هو الحال.” اعترف يوجين على مضض.
“ماذا؟” سأل يوجين بصدمة.
– أليس هو مجرد مرتزقة حثالة يمكنك أن تجدها في أي مكان؟ فما السبب الذي يجعلك تصر على أخذ هذا بالتحديد معنا؟
نظرت سيينا بازدراء إلى هامل وهي ترفضه. كانت قد صارت معروفة بالفعل بأنها ساحر فائق، لذلك لم تبدِ إهتمامًا كبيرا بهامل، الذي هو مجرد مرتزق متواضع.
اعترف يوجين أخيرا: “لا أعرف ما هي، لكن من المحتمل أن تكون صحيحة.”
“فقط ما الذي يجري مع انيسيه يحق العالم؟” سأل يوجين. “كيف صارت انيسيه ملاكًا بحق اللعنة، وما الأمر مع وجود ثمانية أجنحة؟ ومولون. ماذا عن مولون؟ ما الذي ينوي عليه ذلك اللقيط؟”
الشيء نفسه ينطبق على هامل أيضًا. لماذا يجب أن يولي أي اهتمام لشخص اشتكى منه بوقاحة خلال اجتماعهم الأول؟ لم تكن انطباعاتهما الأولى عن بعضهما البعض جيدة على الإطلاق.
واصلت سيينا، “ماذا يحدث بالضبط عندما يموت شخص ما؟ قالت انيسيه إنه يذهب إلى الجنة، لكنني….لا أستطيع أن أضع إيماني بالآلهة مثل انيسيه. أنا ساحرة، هامل. لا أستطيع أن أثق في أي شيء لا أستطيع رؤيته بنفسي ولا أفهمه.…لا، في النهاية، هذا كله مجرد عُذر.”
لقد جر فيرموث هامل عمليًا ليصبح عضوا في مجموعته. بعد ذلك، استمرت سيينا في تجاهل هامل لفترة طويلة، كما تجنب هامل سيينا. انيسيه بدلًا من ذلك هي الشخص الذي إعتنى بهامل بينما تزعجه باستمرار، أما بالنسبة لمولون، فقد عامل هامل بدفء منذ البداية.
“لا يزال لديك ذكرياتك….والجسد الذي هو متفوق بأغلبية ساحقة على ذاك الذي إمتلكته في حياتك السابقة؟ هل يخطط لجعلك تقتل ملوك الشياطين المتبقين؟” افترضت سيينا.
فرقعة.
“أتذكر.” اعترف يوجين.
ابتسامتها تشبه الابتسامة الخَيِّرةَ التي رآها في صورتها. ابتسامة لم تناسب سيينا حقا. ومع ذلك، هذه هي ابتسامة سيينا بشكل لا شك فيه.
ضاحكة، سحبت سيينا الأيدي التي تفرك خديه وقالت: “ركبنا جميعًا سفينة معا وغادرنا الميناء. كانت سفينة تجارية كبيرة، لكن الطريق البحري المؤدي إلى هيلموث إمتلأ بالوحوش والوحوش الشيطانية، وفي بعض الأحيان سيظهر حتى السحرة السود المجانين الذين يركبون سفن الأشباح التي يديرها اللاموتى.”
“فيرموث….لديه أعباء أكثر مما نحمله نحن، لا، أكثر من أي شخص آخر في العالم. لو لم يؤدي ذلك القسم مع ذلك الوغد—”
“….همم.” همهم يوجين يتذكر ذلك معها.
“ذلك اللقيط لم يقل لي أي شيء. في قبرك، قتل خادمي من أجل جلبي إلى هناك. ثم، بمجرد وصولي وفقًا لخطته، هاجمني.” تمتمت سيينا وهي تفرك صدرها. “…ولكن هل كان حقا فيرموث؟ الحقيقة هي أنني لا أستطيع التأكد من ذلك حقًا. فيرموث، اعتقدت أنه مات بالفعل. يجب أن يكون….قد مات. ومع ذلك، ظهر وهو يبدو جيدًا تمامًا، ولم يقل أي شيء، وهاجمني، واختفى بعد سرقة القلادة مني، ثم….”
“في ذلك الوقت، كنا جميعا صغارًا جدًا و…” ترددت سيينا. “غير ناضجين. على الرغم من أن فيرموث كان بالفعل وحشًا في تلك المرحلة. أنت، أنا، انيسيه ومولون، لم يكن أحد منا مصقولًا مثل فيرموث. لقد وثقت بشدة في مهاراتي، لذا تصرفت كما يحلو لي، ولكن بعد ذلك….”
“أوشكتِ أن تموتي.” أنهى يوجين كلامها.
“لو إن هذا هو ما يريده، لكان بإمكانه أن يتناسخ هو بنفسه.” إحتجَّ يوجين: “لا، حتى بدون التناسخ—”
تذكر تلك اللحظة. ذلك خلال هجوم شنه أسطول لاموتى من سفن الأشباح. بينما فيرموث وانيسيه يتعاملان مع اللاموتى، مولون وهامل وسيينا يعتنيان بالوحوش والوحوش الشيطانية التي تقفز من البحر.
حتى مع قولها هذا، بدأت سيينا تهز يوجين من ياقته. “على أي حال، أنت، ما هو اسمك؟”
“في هذه الحالة.” قال يوجين بإبتسامة. “إذا قتلنا رايزاكيا، العالق في صدع الأبعاد، ستتحسن حالتك أليس كذلك؟”
سيينا، التي ضاعت في إحساسها بالغرور، طارت في السماء وأطلق العنان لعاصفة من التعاويذ. كانت مهملة للغاية بقيامها بذلك. اعترض السحرة السود الذين يختبئون في قاع البحر سيينا، وتمكن هجومهم المفاجئ من تعطيل طاقتها السحرية.
“وااو….حقًا؟ هل انت حقا….لا تزال في التاسعة عشر فقط؟ هممم، مرة أخرى عندما التقينا لأول مرة، هامل، كنت اثنين وعشرين أليس كذلك؟ في ذلك الوقت، بدوت بالتأكيد أكبر ببضع سنوات من عمرك الفعلي….”
نظر يوجين إلى سيينا بنظرة فارغة فقط.
هامل هو الذي أنقذ سيينا من السقوط في البحار العاصف أدناها. منذ تلك اللحظة، توقفت سيينا عن تجاهل هامل.
مُغَيرًا الموضوع، سأل يوجين، “إذن ماذا حدث لانيسيه ومولون؟”
“…” ترددت سيينا.
– شكرًا.
بعد كل شيء، سيينا أمامه مباشرة.
إنهنَّ جميعًا هي: سيينا ميردين. من خصلات شعرها الأرجواني إلى عينيها الخضراء الكبيرة، كل شيء بدا مثل سيينا التي تذكرها هامل.
اعترف يوجين أخيرا: “لا أعرف ما هي، لكن من المحتمل أن تكون صحيحة.”
بينما الدم يتساقط من أنفها، شكرته سيينا.
اعترف يوجين أخيرا: “لا أعرف ما هي، لكن من المحتمل أن تكون صحيحة.”
“تلك القلادة. أنت لا تزال ترتديها.” لاحظت سيينا وهي تشير إلى صدر يوجين بابتسامة متألمة. “لقد مر الكثير حقا. هامل، هل تعلم؟ حكم على جسدك وروحك في الأصل إما أن يتم إبادتهما أو أن يصيرا ألعاب ملك الحصار الشيطاني. ومع ذلك….تم إعادتهم.”
– لا بأس، فقط إعتني بنزيف أنفك.
– أليس هو مجرد مرتزقة حثالة يمكنك أن تجدها في أي مكان؟ فما السبب الذي يجعلك تصر على أخذ هذا بالتحديد معنا؟
– …حسنًا.
“هل تعتقدين حقًا أن ما تقولينه حاليًا له أي معنى؟” سأل يوجين متشككًا.
– أيضا، لا تتصرفي بشكل كبير. فقط لأنك تعرفين كيف تطيرين في السماء قليلًا، لا يعني أن هذا يبرر إندفاعك هنا وهناك، تتصرفين وكأنك تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردك. في هذه الأنواع من ساحات القتال، حيث يوجد الكثير من الأعداء، عادة ما يكون الأشخاص البارزون هم أول من يسقط. هل تفهمين؟
– على الرغم من أنني ممتنة لمساعدتك، إلا أنك حقًا لقيط.
– ألم نتفق جميعًا بالفعل على هذا؟
قال يوجين: “سيينا.” وهو يهز نفسه لكي تتركه هذه الذكريات.
“فقط ماذا حدث بالضبط؟” سأل يوجين بحزم وهو ينظر إلى عيون سيينا. هذا ما حاول أن يسألها منذ البداية. “أنا أطلب منك أن تقولي لي ما حدث في قلعة ملك الحصار الشيطاني؟ أي نوع من القسم أقام فيرموث؟”
بعد كل شيء، سيينا أمامه مباشرة.
دافع يوجين عن نفسه، “هذا فقط لأنني لم أفقد كل دهون الأطفال بعد.”
“فقط ماذا حدث بالضبط؟” سأل يوجين بحزم وهو ينظر إلى عيون سيينا. هذا ما حاول أن يسألها منذ البداية. “أنا أطلب منك أن تقولي لي ما حدث في قلعة ملك الحصار الشيطاني؟ أي نوع من القسم أقام فيرموث؟”
“…” ترددت سيينا.
– أليس هو مجرد مرتزقة حثالة يمكنك أن تجدها في أي مكان؟ فما السبب الذي يجعلك تصر على أخذ هذا بالتحديد معنا؟
“كوني حذرة مع كلماتك.” حذرها يوجين بشدة.
“قولي شيئًا.” طالب يوجين.
“آه، لقد رأيت رايزاكيا.” إلتوى وجه سيينا بعبوس وهي تقول إسم ذلك التنين. “بعد فوات الأوان، تقع مسؤولية كوني في هذه الحالة على عاتق ابن الأفعى ذاك أكثر مما تقع على عاتق فيرموث. لقد اكتشف بالفعل كيف يأتي ويجدني بينما كنت على وشك الموت، ثم اخترق الحاجز وغزا ملاذ الجان!”
“…لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه.” تذمر يوجين.
“هامل.” قالت سيينا بابتسامة ضعيفة ووضعت يديها على أكتاف يوجين. “هل تؤمن بالمعجزات؟”
صر يوجين أسنانه بسبب هذه الكلمات. هو فقط لا يستطيع فهمها. هي تطلب منه عدم إلقاء اللوم على فيرموث؟
“…لماذا تذكرين هذا فجأة؟”
“…أليس هذا فقط لأنكِ لا تريدين قبول الواقع؟”
“حقيقة أنك هنا الآن، وأنك قابلتني هنا وتتحدث معي. كل هذه معجزات.”
فرقعة.
صرخ يوجين، “من المستحيل ألَّا يكون هو—!”
“همف. على الرغم من أنك تقول ذلك، يجب أن تكون راضيًا جدًا عن مظهرك الحالي، صحيح؟” اتهمته سيينا. “هامل، منذ الأيام الخوالي، ظللتَ دائمًا قلقًا سرًا بشأن هذا النوع من الأشياء.”
المساحة التي هما فيها اهتزت. تراجع يوجين بسرعة إلى الوراء. تداخلت شجرة العالم الضخمة فجأة مع الشجرة الصغيرة التي تقف خلف سيينا. للحظة، تداخل مظهرها الحقيقي مع الواقع ليرى سيينا تبتسم بِـضُعف.
قالت سيينا بابتسامة باهتة: “أنا هنا.”
“هامل.” قالت سيينا مرة أخرى.
“…هل أنتِ ميتة؟” سأل يوجين بجدية.
جلست سيينا على الأرض مع إرتخاء كتفيها.
“كلا.” نفت سيينا ذلك بابتسامة وهزت رأسها.
كلماته لم تخرج بشكل صحيح. عواطفه افسدت كل شيء. ومع ذلك، سار يوجين نحو سيينا.
“أنا الشخص الذي كاد أن يموت، فلماذا تصرخ وتتصرف بغضب أكثر مني؟ أنا الذي قاتله شخصيًا هناك، وتم إختراق صدري. أنا الشخص الذي تم تدميره على الفور وأُجبِرَ على ترك القلادة التي فيها روحك خلفكه! فلماذا بحق الجحيم أنت تصنع مثل هذه الضجة بينما أنا أحاول أن أتكلم!” صرخت سيينا في وجهه.
فرقعة.
نظرت سيينا بازدراء إلى هامل وهي ترفضه. كانت قد صارت معروفة بالفعل بأنها ساحر فائق، لذلك لم تبدِ إهتمامًا كبيرا بهامل، الذي هو مجرد مرتزق متواضع.
“…سيينا.” ضغط يوجين على الأمر.
لكن خلف وجهها المبتسم، يوجين لا يزال قادرًا على رؤية ما تبدو عليه في الواقع. وجهها الشاحب غير الدموي وعيناها مغمضتان بسلام. ثقب في صدرها والأغصان متشابكةٌ حولها وداخلها.
“…لماذا تذكرين هذا فجأة؟”
“هامل.” تحدثت سيينا. “لا تلُم فيرموث على هذا.”
“كيف نجده؟” سأل يوجين بفارغ الصبر.
“…ماذا؟” سأل يوجين.
رفعت سيينا رأسها لتنظر إلى يوجين وقالت، “يبدو أن خططه مختلفة قليلا عن خططنا. لا أعرف لماذا فعل فيرموث ذلك أو ما الذي يخطط له حقًا. ليس وكأنني فيرموث، وأنا لم أفهمه حقًا حتى النهاية.”
“فيرموث….لديه أعباء أكثر مما نحمله نحن، لا، أكثر من أي شخص آخر في العالم. لو لم يؤدي ذلك القسم مع ذلك الوغد—”
“…هل أنتِ ميتة؟” سأل يوجين بجدية.
“هل فيرموث هو الذي تسبب بحالتك هذه؟”
“اخرس. أنا ساحرة. حتى لو رأيت شيئا بأم عيني، إذا لم أستطع فهمه وقبوله حقًا، فلن أؤمن به.”
“هامل.”
مُغَيرًا الموضوع، سأل يوجين، “إذن ماذا حدث لانيسيه ومولون؟”
“سألتك هل هو فيرموث؟ أنا لست أحمقًا أيضًا. سيينا، لقد ذهبت إلى قبري. ما رأيته هناك—”
“أنا أعرف ذلك بالفعل. لأنني تركت ورقة شجرة العالم في مكان لا يمكن أن يدخل فيه سوى شخص ما مع روحك.” قاطعته سيينا وهي تنظر إلى يوجين بابتسامة ساخرة. “…ما حدث هناك هو مجرد سوء فهم بيننا.”
“ماذا؟” سأل يوجين بصدمة.
تماما مثل عندما رآها في آروث….
“أتذكر.” اعترف يوجين.
“تلك القلادة. أنت لا تزال ترتديها.” لاحظت سيينا وهي تشير إلى صدر يوجين بابتسامة متألمة. “لقد مر الكثير حقا. هامل، هل تعلم؟ حكم على جسدك وروحك في الأصل إما أن يتم إبادتهما أو أن يصيرا ألعاب ملك الحصار الشيطاني. ومع ذلك….تم إعادتهم.”
“…” إستوعب يوجين هذا بصمت.
“بالطبع أنتِ وقحة. لماذا تحاولين رسم الندوب على وجهي النظيف؟”
عبست سيينا، “…ماذا تقصد؟ كيف أنا وقحة؟”
“لا أعرف الحقيقة الكاملة للقسم الذي قام به فيرموث في ذلك الوقت. ومع ذلك….بفضل ذلك القسم، كل واحد منا الذين كانوا هناك، أنا، انيسيه ومولون، نجونا؛ وشملت الشروط أيضا عودة جسدك وروحك.” كشفت سيينا.
“ما الذي تقولينه فجأة؟” سأل يوجين.
قال يوجين: “سيينا.” وهو يهز نفسه لكي تتركه هذه الذكريات.
إعتقد يوجين أن هذا قد يكون هو الحال. لقد قُتِلَ بسبب تعويذة بعل، الذي يعرف بإسم عصاة الحصار. النتيجة المحظوظة هي أن تتبدد روحه فقط إلى لا شيء. ستكون أسوأ نتيجة مطلقة هي أن بعل قد يعرض بنجاح روح هامل على سيده، ملك الحصار الشيطاني.
“أنت يا إبن العاهرة.” ردت عليه على الفور بإهانة من عندها. أمسكت سيينا بخصلة من شعر يوجين وانتزعتها، لكن يوجين لم تشعر بأي قوة قادمة من قبضتها. “هذا ينطبق عليك أيضًا، هامل. ما الأمر مع شكلك هذا بحق الجحيم؟ لو لم ترفع إصبعك الأوسط لكي تجعلني أتعرف عليك، فلن أتمكن أبدًا من التعرف عليك على أنك هامل حتى لو إمتلكت كل الوقت في العالم.”
“انظر إليك، متظاهرًا بعدم معرفة ما أتحدث عنه. ألا تتذكر كيف كنت عندما بدأ الخمسة منا في التنقل كَـمجموعة معًا لأول مرة؟” تذكرت سيينا “قلتَ حينها أن هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها عضوًا في حفلة، لذلك اشتريت بعض الملابس الفاخرة التي جعلتك تبدو مثل الأحمق وحتى أنك قصصت شعرك.”
ومع ذلك، فإن روح هامل لم تختفِ فقط. كما أن جسده لم يتفكك، وتم دفن الجثة المتبقية داخل التابوت في قبر هامل.
كشفت سيينا أخيرًا عن شيء ما. “لقد وضعتُ روحك داخل تلك القلادة.”
“في ذلك الوقت، كنا جميعا صغارًا جدًا و…” ترددت سيينا. “غير ناضجين. على الرغم من أن فيرموث كان بالفعل وحشًا في تلك المرحلة. أنت، أنا، انيسيه ومولون، لم يكن أحد منا مصقولًا مثل فيرموث. لقد وثقت بشدة في مهاراتي، لذا تصرفت كما يحلو لي، ولكن بعد ذلك….”
لا، عندما أخذ في الاعتبار شخصية سيينا الوقحة، بدلا من ركله على الساق، ربما سَـتَلكم أذنه.
– سيينا. تلك القلادة….
تماما مثل عندما رآها في آروث….
– التابوت…. لا….أنا سآخذها معي.
– …هذا يتعارض مع الاتفاق.
متسترًا على حرجه، شتم يوجين، “اللعنة عليك، فقط ما الذي يجري معك بحق الجحيم؟ ما الذي إعتقدتِ أنكِ تفعلين؟ هاه؟ فقط أي نوع من المؤامرة أنا فيها الآن؟ ماذا أفعل هنا، وماذا تفعلين هنا، وفقط ماذا حدث بحق الجحيم لك—لا، ماذا حدث بحق الجحيم للجميع؟!”
– ألم نتفق جميعًا بالفعل على هذا؟
“كلا.” نفت سيينا ذلك بابتسامة وهزت رأسها.
تذكر يوجين المشهد من الماضي الذي أظهره له السيف المقدس.
واصلت سيينا، “ماذا يحدث بالضبط عندما يموت شخص ما؟ قالت انيسيه إنه يذهب إلى الجنة، لكنني….لا أستطيع أن أضع إيماني بالآلهة مثل انيسيه. أنا ساحرة، هامل. لا أستطيع أن أثق في أي شيء لا أستطيع رؤيته بنفسي ولا أفهمه.…لا، في النهاية، هذا كله مجرد عُذر.”
مع ضحكها بسخرية من نفسها، جلست سيينا على الفور. “أنا فقط لم أرغب في السماح لك بالذهاب، هامل. لذلك فقط….جرى ذلك هكذا. هل كنت راضيًا عن موتك؟ لو إنك راضٍ حقًا، فأنت ابن العاهرة. ما الذي يمنحك الحق في الذهاب وقتل نفسك بدافع الرضا عن النفس؟ لا أنا ولا انيسيه ولا مولون….ولا حتى فيرموث، لا أحد منا أراد منك أن تموت. لم نتمكن من قبول موتك فقط، ولم نرغب في ترك روحك تذهب إلى مثواها الأخير أمامنا.”
اتفق الجميع على هذه الخطة.
“…” ترددت سيينا.
“هامل.” أجاب يوجين ببساطة.
“لهذا السبب استوليت على روحك، حتى لا تغادر بدوننا. حتى نتمكن يوما ما، بطريقة ما، من الاجتماع مرة أخرى. في العالم الذي أنت والجميع أراد أن يراه. بعد أن نتمكن من قتل جميع ملوك الشياطين، في ذلك الوقت…في ذلك الوقت كنا سنسمح لك بالذهاب.” قالت سيينا وهي تبكي.
“إعتذري.”
سيينا تماما مثل كيف تذكرها يوجين. دائمًا عنيدة ومصممة على فعل الأشياء بطريقتها الخاصة. حتى لو تعارض ذلك مع الفطرة السليمة، فإنها ستعطي الأولوية دائما للخيار الذي لا يمكن إلا أن تفهمه وتتقبله. في مواجهة هذا العناد، المنطق ليس مهمًا. السحرة هم دائمًا مجموعة من الأشخاص غير السليمين عقليًا من الأساس، وسيينا ليست استثناء.
“…وفيرموث. هذا الوغد….فقط ما الأمر معه؟ ماذا حدث بالضبط في قبري؟ ثم هناك أنا.” توقف يوجين للتنفس. “لماذا أنا في جسد جديد، ولماذا تركتموني في الظلام؟ يا مجموعة العاهرين أنتم، لماذا لم يستطِع أحدكم على الأقل أن يعطيني تفسيرًا مناسبًا.”
“ماذا عن فيرموث؟” سأل يوجين.
“…قبل مجيئي إلى هنا، رأيت رؤية من الماضي.” قال يوجين.
– أيضا، لا تتصرفي بشكل كبير. فقط لأنك تعرفين كيف تطيرين في السماء قليلًا، لا يعني أن هذا يبرر إندفاعك هنا وهناك، تتصرفين وكأنك تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردك. في هذه الأنواع من ساحات القتال، حيث يوجد الكثير من الأعداء، عادة ما يكون الأشخاص البارزون هم أول من يسقط. هل تفهمين؟
رفعت سيينا رأسها لتنظر إلى يوجين وقالت، “يبدو أن خططه مختلفة قليلا عن خططنا. لا أعرف لماذا فعل فيرموث ذلك أو ما الذي يخطط له حقًا. ليس وكأنني فيرموث، وأنا لم أفهمه حقًا حتى النهاية.”
“أنا فقط….حسنًا، من خلال رسم هذه الندوب، أريد فقط أن أرى مدى اختلاف وجهك الحالي عن وجهك السابق.”
“…سيينا.” ضغط يوجين على الأمر.
“همف. على الرغم من أنك تقول ذلك، يجب أن تكون راضيًا جدًا عن مظهرك الحالي، صحيح؟” اتهمته سيينا. “هامل، منذ الأيام الخوالي، ظللتَ دائمًا قلقًا سرًا بشأن هذا النوع من الأشياء.”
“هيهي. رؤية كم أنت وقح، أنت بالتأكيد هامل. هذا لا شك فيه. على أي حال، يجب أن يكون هناك سبب وجيه لعدم قيام فيرموث بإعادة تناسخ نفسه أو محاولة قتل ملوك الشياطين بيديه.” كما قالت هذا، تراجعت سيينا بضع خطوات إلى الوراء وأمسكت ذقنها وهي تنظر إليه بعناية. “…أيضًا، أعتقد أنك فقط الشخص المناسب لهذا.”
“أنا دائما….أنا دائمًا أبقيت القلادة التي حملت روحك معي. لكن في قبرك، أخذها مني.”
هذه الكلمات جعلت شعر يوجين يقف حتى نهايته.
المساحة التي هما فيها اهتزت. تراجع يوجين بسرعة إلى الوراء. تداخلت شجرة العالم الضخمة فجأة مع الشجرة الصغيرة التي تقف خلف سيينا. للحظة، تداخل مظهرها الحقيقي مع الواقع ليرى سيينا تبتسم بِـضُعف.
“ذلك اللقيط لم يقل لي أي شيء. في قبرك، قتل خادمي من أجل جلبي إلى هناك. ثم، بمجرد وصولي وفقًا لخطته، هاجمني.” تمتمت سيينا وهي تفرك صدرها. “…ولكن هل كان حقا فيرموث؟ الحقيقة هي أنني لا أستطيع التأكد من ذلك حقًا. فيرموث، اعتقدت أنه مات بالفعل. يجب أن يكون….قد مات. ومع ذلك، ظهر وهو يبدو جيدًا تمامًا، ولم يقل أي شيء، وهاجمني، واختفى بعد سرقة القلادة مني، ثم….”
“سيينا.” حاول يوجين تهدئتها.
هزت سيينا رأسها واستمرت، “لكن هامل، لا يجب أن تلوم فيرموث.”
“قولي شيئًا.” طالب يوجين.
صر يوجين أسنانه بسبب هذه الكلمات. هو فقط لا يستطيع فهمها. هي تطلب منه عدم إلقاء اللوم على فيرموث؟
“لا تنطقي بمثل هذا الهراء.” صرخ يوجين.
الفصل 106: سيينا (3)
بعد أن إستطاعت تمالك نفسها، واصلت “….على الرغم من أنني أشعر بالأسف على الجان الذين تم القبض عليهم في الخارج، في ذلك الوقت لم أمتلك أي خيارات أخرى. لأنني كنت في وضع يائس حيث اضطررت للإسراع في إنقاذ نفسي ومئات الجان من الموت. لقد أغلقت المنطقة بأكملها وغيرت ذكريات الجان حتى لا يتمكن أحد من الدخول إلى هنا مرة أخرى….آه، لقد إستطعت القيام بذلك بفضل السحر العتيق الذي تم تمريره عبر شجرة العالم. هذه الشجرة مرتبطة في الواقع بأرواح كل جان.”
“…حقيقة أنك هنا، هذا يعني أن فيرموث يجب أن يكون قد أعاد روحك إلى الحياة.” أشارت سيينا.
“ابن العاهرة ذاك، لم يترك أي تفسير.” اشتكى يوجين: “حتى أنه حاول قتلك-!”
“…لماذا تذكرين هذا فجأة؟”
“هذا ينطبق علي أيضًا.” قالت سيينا بابتسامة وهي ترفع قبضتها وتنظر إليها: “تماما مثل الطريقة التي حاول بها ذلك اللقيط قتلي، حاولت أيضًا قتله. هامل. أنا متأكدة من أنك تشعر بالخيانة الآن، لكنني شعرت أيضًا بالخيانة في ذلك الوقت. بقدر ما تفعل، لا، ربما أكثر منك.”
“…قد يكون هذا هو الحال.” اعترف يوجين على مضض.
“…” احتفظ يوجين بصمته للحظة.
سخر يوجين، ” لا تقول شيئًا سخيفًا جدًا.”
“لهذا السبب لا أستطيع تصديق ذلك. هل الشخص الذي قابلته هناك وحاول قتلي هو حقًا فيرموث؟ هل يمكن أن يكون الشخص الذي قاتلته هناك، وحاول جاهدًا قتلي، هو حقًا فيرموث؟” سألت سيينا نفسها.
اشتكى يوجين: “لم أعرف أنني سأولد هكذا، ولم أملك أي رأي في ذلك.”
صرخ يوجين، “من المستحيل ألَّا يكون هو—!”
“كوني حذرة مع كلماتك.” حذرها يوجين بشدة.
“ليس الأمر كما لو إنك كنت هناك، أيها الأحمق.” قاطعته سيينا، وهي ترفع الإصبع الأوسط.
“…قبل مجيئي إلى هنا، رأيت رؤية من الماضي.” قال يوجين.
الفصل 106: سيينا (3)
ابتسم يوجين دون وعي بسبب هذا المنظر.
“هل يمكن أن تكون مولون في الحقيقة ولست هامل؟” قالت سيينا وهي تنظر إلى يوجين. حتى في مثل هذه الحالة، لم يستطع يوجين إلا أن يتجهم بشدة بسبب هذه الكلمات.
“لا تنطقي بمثل هذا الهراء.” صرخ يوجين.
“أنا الشخص الذي كاد أن يموت، فلماذا تصرخ وتتصرف بغضب أكثر مني؟ أنا الذي قاتله شخصيًا هناك، وتم إختراق صدري. أنا الشخص الذي تم تدميره على الفور وأُجبِرَ على ترك القلادة التي فيها روحك خلفكه! فلماذا بحق الجحيم أنت تصنع مثل هذه الضجة بينما أنا أحاول أن أتكلم!” صرخت سيينا في وجهه.
“أنا فقط….حسنًا، من خلال رسم هذه الندوب، أريد فقط أن أرى مدى اختلاف وجهك الحالي عن وجهك السابق.”
“…هاه.” شخر يوجين.
سيينا تماما مثل كيف تذكرها يوجين. دائمًا عنيدة ومصممة على فعل الأشياء بطريقتها الخاصة. حتى لو تعارض ذلك مع الفطرة السليمة، فإنها ستعطي الأولوية دائما للخيار الذي لا يمكن إلا أن تفهمه وتتقبله. في مواجهة هذا العناد، المنطق ليس مهمًا. السحرة هم دائمًا مجموعة من الأشخاص غير السليمين عقليًا من الأساس، وسيينا ليست استثناء.
واصلت سيينا شرحها، “يجب أن تتعلم كيف تَستَمِعُ عندما يحاول شخص آخر التحدث. لماذا شخصيتك لا تزال بربرية جدًا بعد الموت بطريقة أو بأخرى والعودة إلى الحياة؟ بما أنك مُتَّ بسبب عدم إستماعك لما يقوله الآخرون، مثل الأحمق، ثم ألا ينبغي أن تكون قد تعلمت على الأقل كيفية الاستماع بهدوء إلى الآخرين؟!”
“لا يمكننا أن نكون متأكدين من ذلك، لكن، في الحقيقة شعرت وكأنها لكمة على بطني أن تجسدت كَـسليله.” اعترف يوجين.
“أنتِ على حق، سيينا.” قال يوجين بسهولة.
مع ضحكها بسخرية من نفسها، جلست سيينا على الفور. “أنا فقط لم أرغب في السماح لك بالذهاب، هامل. لذلك فقط….جرى ذلك هكذا. هل كنت راضيًا عن موتك؟ لو إنك راضٍ حقًا، فأنت ابن العاهرة. ما الذي يمنحك الحق في الذهاب وقتل نفسك بدافع الرضا عن النفس؟ لا أنا ولا انيسيه ولا مولون….ولا حتى فيرموث، لا أحد منا أراد منك أن تموت. لم نتمكن من قبول موتك فقط، ولم نرغب في ترك روحك تذهب إلى مثواها الأخير أمامنا.”
إنهنَّ جميعًا هي: سيينا ميردين. من خصلات شعرها الأرجواني إلى عينيها الخضراء الكبيرة، كل شيء بدا مثل سيينا التي تذكرها هامل.
“لأننا التقينا أخيرا بعد فترة طويلة، وقد صرتُ أكبر منك قليلًا منذ وفاتك، حاولت أن أكون أكثر لطفًا معك، لكنك—! سواء في الحياة الماضية أو الحاضر، فأنت حقًا لقيط غبي سخيف.” بصقت سيينا هذه اللعنة وهي تقفز على قدميها. ثم سارت بسرعة وأمسكت يوجين من ياقتيه. “مرحبًا! هامل، إستمع عن كثب. على الرغم من أن الشخص الذي حاول قتلي بدا مثل فيرموث، إلا أنني لا أعتقد أنه فيرموث حقًا. هل تفهم؟”
“لا أعرف الحقيقة الكاملة للقسم الذي قام به فيرموث في ذلك الوقت. ومع ذلك….بفضل ذلك القسم، كل واحد منا الذين كانوا هناك، أنا، انيسيه ومولون، نجونا؛ وشملت الشروط أيضا عودة جسدك وروحك.” كشفت سيينا.
“هل تعتقدين حقًا أن ما تقولينه حاليًا له أي معنى؟” سأل يوجين متشككًا.
“…أليس هذا فقط لأنكِ لا تريدين قبول الواقع؟”
“آه، حقا! إذا قلت أنه لا يبدو مثله، فعليك فقط أن تصدق أنه لم يكن هو حتى يَثبُتَ خلاف ذلك….! على أي حال، لا أعرف حقًا ما هو الوعد الذي قطعه. يجب أن يكون فيرموث وراء التناسخ الخاص بك، لذلك، حسنًا….أعتقد أن هذا حدث للأفضل. اعتقدت أننا سنكون قادرين فقط على الإلتقاء في الجنة، لكن يبدو أننا مقدر أن نلتقي ونحن لا نزال أحياء.”
حتى مع قولها هذا، بدأت سيينا تهز يوجين من ياقته. “على أي حال، أنت، ما هو اسمك؟”
“هامل.” أجاب يوجين ببساطة.
“بالطبع أنتِ وقحة. لماذا تحاولين رسم الندوب على وجهي النظيف؟”
“ليس هذا الواحد!” قالت سيينا “أقصد الإسم الذي حصلت عليه بعد التناسخ.”
“لا أعرف. كيف صارت انيسيه ملاكًا بالضبط؟ أنتَ لست الوحيد الذي تفاجئ بذلك، لذلك لا تسألني. أما مولون؟ بعد أن أسس ذلك الأحمق مملكته—” اتسعت عيون سيينا فجأة بتفاجئ. “آه! هل تعلم؟ مولون، ذلك الأحمق، أصبح في الواقع ملكًا حقيقيا!”
المساحة التي هما فيها اهتزت. تراجع يوجين بسرعة إلى الوراء. تداخلت شجرة العالم الضخمة فجأة مع الشجرة الصغيرة التي تقف خلف سيينا. للحظة، تداخل مظهرها الحقيقي مع الواقع ليرى سيينا تبتسم بِـضُعف.
“…يوجين.” رد يوجين.
ترددت سيينا. “…لون شعرك وعيناك….وطاقتك السحرية. هناك فكرة تستمر في الظهور داخل رأسي، لكنني أخشى نوعًا ما من تأكيد هل هي صحيحةٌ أم لا.”
اعترف يوجين أخيرا: “لا أعرف ما هي، لكن من المحتمل أن تكون صحيحة.”
“لو إن هذا هو ما يريده، لكان بإمكانه أن يتناسخ هو بنفسه.” إحتجَّ يوجين: “لا، حتى بدون التناسخ—”
قالت سيينا بابتسامة باهتة: “أنا هنا.”
“حقا؟ أنت، هل حقًا تجسدت كَـسليل فيرموث؟”
“نعم.”
“وهذا يعني اسمك يوجين لايونهارت، أعتقد؟”
فرقعة.
“…نعم.”
ضاحكة، سحبت سيينا الأيدي التي تفرك خديه وقالت: “ركبنا جميعًا سفينة معا وغادرنا الميناء. كانت سفينة تجارية كبيرة، لكن الطريق البحري المؤدي إلى هيلموث إمتلأ بالوحوش والوحوش الشيطانية، وفي بعض الأحيان سيظهر حتى السحرة السود المجانين الذين يركبون سفن الأشباح التي يديرها اللاموتى.”
“هل يمكن أن يكون فيرموث قد أُصيب بالخرف؟” تمتمت سيينا لنفسها عندما أطلقت أخيرا ياقة يوجين. “لماذا يعيد تناسخك في جسد جديد كَـسليله الخاص…؟ ….هممم….في الواقع، عندما أخذ هذا اللقيط أكثر من عشر زوجات وبدأ في إنجاب الكثير من الأطفال، تمنيت أنه يحاول فقط تعويض كل المعاناة التي مررنا بها في هيلموث من خلال العيش بشكل جيد، لكن…..هل يمكن أن يكون قد زاد عن قصد عدد نسله للتحضير لتناسخك….؟”
“لا يمكننا أن نكون متأكدين من ذلك، لكن، في الحقيقة شعرت وكأنها لكمة على بطني أن تجسدت كَـسليله.” اعترف يوجين.
لبضع لحظات، لم ترد سيينا، نظرت فقط إلى يوجين الجالس بالقرب منها.
“يبدو هذا لعينًا حقًا، ولكن أعتقد أن هناك المزيد من الإيجابيات من السلبيات.” قيمت سيينا الأمر. “من الأساس، مظهرك أفضل بكثير مما كان عليه في حياتك السابقة، وينبغي أن يكون جسدك أيضا أفضل بكثير من جسد هامل، هاه؟”
واصلت سيينا شرحها، “يجب أن تتعلم كيف تَستَمِعُ عندما يحاول شخص آخر التحدث. لماذا شخصيتك لا تزال بربرية جدًا بعد الموت بطريقة أو بأخرى والعودة إلى الحياة؟ بما أنك مُتَّ بسبب عدم إستماعك لما يقوله الآخرون، مثل الأحمق، ثم ألا ينبغي أن تكون قد تعلمت على الأقل كيفية الاستماع بهدوء إلى الآخرين؟!”
“…قد يكون هذا هو الحال.” اعترف يوجين على مضض.
“لا أعرف الحقيقة الكاملة للقسم الذي قام به فيرموث في ذلك الوقت. ومع ذلك….بفضل ذلك القسم، كل واحد منا الذين كانوا هناك، أنا، انيسيه ومولون، نجونا؛ وشملت الشروط أيضا عودة جسدك وروحك.” كشفت سيينا.
إنهنَّ جميعًا هي: سيينا ميردين. من خصلات شعرها الأرجواني إلى عينيها الخضراء الكبيرة، كل شيء بدا مثل سيينا التي تذكرها هامل.
“لا يزال لديك ذكرياتك….والجسد الذي هو متفوق بأغلبية ساحقة على ذاك الذي إمتلكته في حياتك السابقة؟ هل يخطط لجعلك تقتل ملوك الشياطين المتبقين؟” افترضت سيينا.
“لو إن هذا هو ما يريده، لكان بإمكانه أن يتناسخ هو بنفسه.” إحتجَّ يوجين: “لا، حتى بدون التناسخ—”
“هل فيرموث هو الذي تسبب بحالتك هذه؟”
“هل يمكن أن تكون مولون في الحقيقة ولست هامل؟” قالت سيينا وهي تنظر إلى يوجين. حتى في مثل هذه الحالة، لم يستطع يوجين إلا أن يتجهم بشدة بسبب هذه الكلمات.
“ما الأمر مع سلوكك الوقح هذا؟” سأل يوجين.
“…سيينا.” ضغط يوجين على الأمر.
“إعتذري.”
“والآخر؟” ضغط يوجين عليها.
“أنا آسفة. كانت كلماتي قاسية بعض الشيء.”
– أيضا، لا تتصرفي بشكل كبير. فقط لأنك تعرفين كيف تطيرين في السماء قليلًا، لا يعني أن هذا يبرر إندفاعك هنا وهناك، تتصرفين وكأنك تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردك. في هذه الأنواع من ساحات القتال، حيث يوجد الكثير من الأعداء، عادة ما يكون الأشخاص البارزون هم أول من يسقط. هل تفهمين؟
“كوني حذرة مع كلماتك.” حذرها يوجين بشدة.
“….إذن ما حدث بالضبط؟” سأل يوجين.
“هيهي. رؤية كم أنت وقح، أنت بالتأكيد هامل. هذا لا شك فيه. على أي حال، يجب أن يكون هناك سبب وجيه لعدم قيام فيرموث بإعادة تناسخ نفسه أو محاولة قتل ملوك الشياطين بيديه.” كما قالت هذا، تراجعت سيينا بضع خطوات إلى الوراء وأمسكت ذقنها وهي تنظر إليه بعناية. “…أيضًا، أعتقد أنك فقط الشخص المناسب لهذا.”
تراجع يوجين. “ماذا؟”
“أنا أتحدث عنك. حتى مع جسم الحشرة ذاك، كنت بالفعل بتلك القوة. الآن بعد أن تجسدت من جديد مع ذكريات حياتك الماضية، وفي الجسم الذي هو متفوق بأغلبية ساحقة على الذي إمتلكته من قبل….يبدو الأمر كما أقول. أعتقد أنه يمكنك أن تصبح أقوى من فيرموث.” صرحت سيينا بثقة.
“بصراحة، هامل، فقط ما الذي لديك لتلقي اللوم على فيرموث بسببه؟ هو الذي أعادك للحياة. في جسم أفضل بكثير من الذي إمتلكته في حياتك السابقة فوق ذلك! أنت غاضب لأنه لم يقدم لك تفسيرًا؟ فماذا لو لم يفعل؟ يجب أن تكون ممتنًا لأنك حصلت على فرصة العيش مرة أخرى بعد الموت. ماذا لديك لإلقاء اللوم على فيرموث؟” أطلقت سيينا هذه الأسئلة ثم أشارت إلى صدرها. “أنا أخبرك أنه حتى أنا لا ألومه على هذا الثقب في صدري. هل تفهم؟ أنا أؤمن بفيرموث. لذلك يجب أن يكون لديك إيمان به أيضًا. نحن….كلانا مدينان لفيرموث.”
“إعتذري.”
سخر يوجين، ” لا تقول شيئًا سخيفًا جدًا.”
“أنت من لا يجب أن تقول أي شيء سخيف، أيها الأحمق.” ردت سيينا بغضب: “على الرغم من أنني أفهم ما تشعر به، مع الأخذ في الاعتبار أنك تعرضت دائمًا للضرب من قبل فيرموث وأنت تتشاجر معه كل يوم، لو فكرت حقًا في الأمر، فهذا يعني فقط أنك كنت الأقرب إلى قوة فيرموث بيننا جميعا. فيرموث مميز بالتأكيد، لكنك مميز كما هو. ربما يكون فيرموث قد فشل في النهاية، لكن هامل، لو إنه أنت…..فقد تكون قادرًا حقا على فعل ذلك.”
ارتعشت شفاه يوجين قليلا عندما سمع هذه الكلمات.
“ماذا؟” سأل يوجين بصدمة.
“هيهي. رؤية كم أنت وقح، أنت بالتأكيد هامل. هذا لا شك فيه. على أي حال، يجب أن يكون هناك سبب وجيه لعدم قيام فيرموث بإعادة تناسخ نفسه أو محاولة قتل ملوك الشياطين بيديه.” كما قالت هذا، تراجعت سيينا بضع خطوات إلى الوراء وأمسكت ذقنها وهي تنظر إليه بعناية. “…أيضًا، أعتقد أنك فقط الشخص المناسب لهذا.”
لم يَفُت رد الفعل هذا سيينا. ضحكت وصفعت يوجين على كتفه. “انظر إلى تلك الابتسامة. هل أنت حقا سعيد بأنني أثني عليك؟”
هل هذا أيضًا حلم؟
“…احم…” سعل يوجين بإحراج.
تماما مثل عندما رآها في آروث….
“على أي حال، بالعودة إلى ما أقوله. هامل، لا تكُن غاضبًا جدًا من فيرموث. لأنني لا ألومه حقًا أيضًا.”
“على الرغم من أنه ليس الوجه الذي أتذكره، فأنت حقا هامل. هذه الحقيقة….لا شك فيها، هامل.” تعثر صوت سيينا. “لقد عدت أخيرًا. لقد عدت حقا لي.”
“…أليس هذا فقط لأنكِ لا تريدين قبول الواقع؟”
– لا بأس، فقط إعتني بنزيف أنفك.
“اخرس. أنا ساحرة. حتى لو رأيت شيئا بأم عيني، إذا لم أستطع فهمه وقبوله حقًا، فلن أؤمن به.”
“وهكذا؟”
“بدا الامر وكأن هذه الكلمات قد تغيرت قليلا عن ذي قبل؟”
“بصراحة، هامل، فقط ما الذي لديك لتلقي اللوم على فيرموث بسببه؟ هو الذي أعادك للحياة. في جسم أفضل بكثير من الذي إمتلكته في حياتك السابقة فوق ذلك! أنت غاضب لأنه لم يقدم لك تفسيرًا؟ فماذا لو لم يفعل؟ يجب أن تكون ممتنًا لأنك حصلت على فرصة العيش مرة أخرى بعد الموت. ماذا لديك لإلقاء اللوم على فيرموث؟” أطلقت سيينا هذه الأسئلة ثم أشارت إلى صدرها. “أنا أخبرك أنه حتى أنا لا ألومه على هذا الثقب في صدري. هل تفهم؟ أنا أؤمن بفيرموث. لذلك يجب أن يكون لديك إيمان به أيضًا. نحن….كلانا مدينان لفيرموث.”
اشتكى يوجين: “لم أعرف أنني سأولد هكذا، ولم أملك أي رأي في ذلك.”
“…لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه.” تذمر يوجين.
قالت سيينا بابتسامة: “على الرغم من أنك عدت من بين الأموات، فأنت حقا طفولي كما كنت دائمًا.”
“يبدو هذا لعينًا حقًا، ولكن أعتقد أن هناك المزيد من الإيجابيات من السلبيات.” قيمت سيينا الأمر. “من الأساس، مظهرك أفضل بكثير مما كان عليه في حياتك السابقة، وينبغي أن يكون جسدك أيضا أفضل بكثير من جسد هامل، هاه؟”
“سيينا.” حاول يوجين تهدئتها.
مُغَيرًا الموضوع، سأل يوجين، “إذن ماذا حدث لانيسيه ومولون؟”
“لا أعرف. كيف صارت انيسيه ملاكًا بالضبط؟ أنتَ لست الوحيد الذي تفاجئ بذلك، لذلك لا تسألني. أما مولون؟ بعد أن أسس ذلك الأحمق مملكته—” اتسعت عيون سيينا فجأة بتفاجئ. “آه! هل تعلم؟ مولون، ذلك الأحمق، أصبح في الواقع ملكًا حقيقيا!”
“هل تعتقدين حقًا أنني لم أسمع عن ذلك؟”
“هاها، من الذي كان يظن أن مولون سيصبح في الواقع ملكًا حقيقيًا؟ كان يجب أن تكون هناك لمشاهدة حفل تأسيس مملكة الرور….هل سمعت كيف جاء مولون، ذلك الأحمق، إلى الحفلة مرتديًا عباءةً وسروالًا داخليًا فقط؟”
“…فقط لماذا؟”
ترددت سيينا. “…لون شعرك وعيناك….وطاقتك السحرية. هناك فكرة تستمر في الظهور داخل رأسي، لكنني أخشى نوعًا ما من تأكيد هل هي صحيحةٌ أم لا.”
“أعطيته سراويل داخلية كهدية وأخبرته أنها زي رسمي مرئي فقط لأولئك الذين هم فاضلون وشجعان. لكن ذلك اللقيط خرج حقًا مرتديًا الملابس الداخلية فقط. أصيب أتباعه بالرعب، لكنه أخبرهم أنهم لا يستطيعون رؤية ملابسه لأنهم ليسوا فاضلين وشجعان بما فيه الكفاية—” لم تتمكن سيينا من إنهاء حديثها وهي تضحك وأجبرت على الإمساك بمعدتها.
تحركت أصابع سيينا ذهابًا وإيابًا عبر منتصف وجه يوجين. تساءل عما تفعله، لكن يوجين أدرك فجأة أن سيينا ترسم ندوبًا خيالية على وجهه غير المميز. في حياته السابقة، إمتلأ وجه هامل بهذه الندوب. أطلق يوجين شخيرا وسحب رأسه للخلف.
“وهكذا؟”
بمجرد أن هدأت، واصلت، “على أي حال، أريد أن أشكر انيسيه.”
تذكر يوجين المشهد من الماضي الذي أظهره له السيف المقدس.
“…” بقي يوجين صمته.
“فقط لِـكم من الوقت تخطط للبكاء؟” سألت سيينا مع بضحكة وهي تنهض من مقعدها على الأرض. “لم أعرف أبدًا أنه يمكنك أن تكون مثل هذا الطفل البَكاء، هامل. أنا لم أحصل ولا حتى مرة واحدة على فرصة لرؤيتك تبكي في الماضي.”
قالت سيينا بامتنان: “حقيقة أنني قادر حاليا على التحدث إليك بهذه الطريقة، كل ذلك بفضل انيسيه لتحقيق هذه المعجزة.”
“انظر إليك، متظاهرًا بعدم معرفة ما أتحدث عنه. ألا تتذكر كيف كنت عندما بدأ الخمسة منا في التنقل كَـمجموعة معًا لأول مرة؟” تذكرت سيينا “قلتَ حينها أن هذه هي المرة الأولى التي تكون فيها عضوًا في حفلة، لذلك اشتريت بعض الملابس الفاخرة التي جعلتك تبدو مثل الأحمق وحتى أنك قصصت شعرك.”
“…قبل مجيئي إلى هنا، رأيت رؤية من الماضي.” قال يوجين.
“آه، لقد رأيت رايزاكيا.” إلتوى وجه سيينا بعبوس وهي تقول إسم ذلك التنين. “بعد فوات الأوان، تقع مسؤولية كوني في هذه الحالة على عاتق ابن الأفعى ذاك أكثر مما تقع على عاتق فيرموث. لقد اكتشف بالفعل كيف يأتي ويجدني بينما كنت على وشك الموت، ثم اخترق الحاجز وغزا ملاذ الجان!”
“….إذن ما حدث بالضبط؟” سأل يوجين.
“….إذن ما حدث بالضبط؟” سأل يوجين.
“على أي حال، بالعودة إلى ما أقوله. هامل، لا تكُن غاضبًا جدًا من فيرموث. لأنني لا ألومه حقًا أيضًا.”
“ألم ترَه؟ هذا الرجل أطلق أنفاسه علينا وأنا صددته. نظرًا لأنني لم أكن في حالة جيدة، لم أتمكن من صده تمامًا. تتذكر كيف يبدو نفس رايزاكيا، أليس كذلك؟ إنه في الأساس مجموعة من القوة الشيطانية. لا، رايزاكيا نفسه هو كتلة ضخمة من القوة الشيطانية. انه مثل فئران الصرف الصحي التي تنتشر فيها الجراثيم.” قالت سيينا كما ارتجف جسدها بسبب الاشمئزاز وقلصت قبضتيها. “أصيب جميع الجان هناك به. كما أنني لم أستطع منع قوته الشيطانية من التسرب إلى جروحي. هذه هي الطريقة التي تلوث جسدي بها. قبل أن أكون على وشك الموت، تمكنت من الاتصال بشجرة العالم، ثم ختمت جسدي وجميع الجان معي داخل شجرة العالم.”
قال يوجين: “سيينا.” وهو يهز نفسه لكي تتركه هذه الذكريات.
جلست سيينا على الأرض مع إرتخاء كتفيها.
تذكر يوجين المشهد من الماضي الذي أظهره له السيف المقدس.
بعد أن إستطاعت تمالك نفسها، واصلت “….على الرغم من أنني أشعر بالأسف على الجان الذين تم القبض عليهم في الخارج، في ذلك الوقت لم أمتلك أي خيارات أخرى. لأنني كنت في وضع يائس حيث اضطررت للإسراع في إنقاذ نفسي ومئات الجان من الموت. لقد أغلقت المنطقة بأكملها وغيرت ذكريات الجان حتى لا يتمكن أحد من الدخول إلى هنا مرة أخرى….آه، لقد إستطعت القيام بذلك بفضل السحر العتيق الذي تم تمريره عبر شجرة العالم. هذه الشجرة مرتبطة في الواقع بأرواح كل جان.”
“وهكذا؟”
“ماذا تقصد، وهكذا؟ أنت أيضًا رأيت ذلك، أليس كذلك؟ لقد تم ختم الجان وأنا داخل شجرة العالم—”
“ليس هذا. أعني كيف يمكنني جعلك تفتحين عينيك مرة أخرى؟” سأل يوجين وهو جالس في مواجهة سيينا.
ضاحكة، سحبت سيينا الأيدي التي تفرك خديه وقالت: “ركبنا جميعًا سفينة معا وغادرنا الميناء. كانت سفينة تجارية كبيرة، لكن الطريق البحري المؤدي إلى هيلموث إمتلأ بالوحوش والوحوش الشيطانية، وفي بعض الأحيان سيظهر حتى السحرة السود المجانين الذين يركبون سفن الأشباح التي يديرها اللاموتى.”
كلماته لم تخرج بشكل صحيح. عواطفه افسدت كل شيء. ومع ذلك، سار يوجين نحو سيينا.
لبضع لحظات، لم ترد سيينا، نظرت فقط إلى يوجين الجالس بالقرب منها.
ترددت سيينا. “…لون شعرك وعيناك….وطاقتك السحرية. هناك فكرة تستمر في الظهور داخل رأسي، لكنني أخشى نوعًا ما من تأكيد هل هي صحيحةٌ أم لا.”
“هامل، لقد ارتكبت خطأين.” اعترفت سيينا في النهاية بعد أن تركت تنهيدة قصيرة وطوت ذراعيها. “الأول هو أنني حاولت قتل رايزاكيا، لكنني فشلت. لو تمكنت من قتله، لَـتمكنت من تطهير اللعنة من جراحي.”
“لهذا السبب لا أستطيع تصديق ذلك. هل الشخص الذي قابلته هناك وحاول قتلي هو حقًا فيرموث؟ هل يمكن أن يكون الشخص الذي قاتلته هناك، وحاول جاهدًا قتلي، هو حقًا فيرموث؟” سألت سيينا نفسها.
“والآخر؟” ضغط يوجين عليها.
تحركت أصابع سيينا ذهابًا وإيابًا عبر منتصف وجه يوجين. تساءل عما تفعله، لكن يوجين أدرك فجأة أن سيينا ترسم ندوبًا خيالية على وجهه غير المميز. في حياته السابقة، إمتلأ وجه هامل بهذه الندوب. أطلق يوجين شخيرا وسحب رأسه للخلف.
“نظرا لأنه من الصعب جدًا مطاردته، فقد أبعدته إلى البعد الخارجي.” تجعد جبين سيينا وهي تقول هذا. “أو حسنًا، حاولت ذلك. لو تمكنت من إبعاده بشكل صحيح، لما إستمرت هذه اللعنة لفترة طويلة. نظرًا لأنها لا تزال تتشبث بي دون أن تزداد سوءا….يبدو أنه ربما تم القبض عليه في نوع من صدع الأبعاد. هذا الرجل هو مدهش جدًا. ألا يعني ذلك أنه لا يزال متمسكاً بعد أن عَلِقَ في صدع الأبعاد لأكثر من مائة عام؟”
ضاحكة، سحبت سيينا الأيدي التي تفرك خديه وقالت: “ركبنا جميعًا سفينة معا وغادرنا الميناء. كانت سفينة تجارية كبيرة، لكن الطريق البحري المؤدي إلى هيلموث إمتلأ بالوحوش والوحوش الشيطانية، وفي بعض الأحيان سيظهر حتى السحرة السود المجانين الذين يركبون سفن الأشباح التي يديرها اللاموتى.”
“في هذه الحالة.” قال يوجين بإبتسامة. “إذا قتلنا رايزاكيا، العالق في صدع الأبعاد، ستتحسن حالتك أليس كذلك؟”
إعتقد يوجين أن هذا قد يكون هو الحال. لقد قُتِلَ بسبب تعويذة بعل، الذي يعرف بإسم عصاة الحصار. النتيجة المحظوظة هي أن تتبدد روحه فقط إلى لا شيء. ستكون أسوأ نتيجة مطلقة هي أن بعل قد يعرض بنجاح روح هامل على سيده، ملك الحصار الشيطاني.
“…ربما.” قالت سيينا بتردد.
“أنت من لا يجب أن تقول أي شيء سخيف، أيها الأحمق.” ردت سيينا بغضب: “على الرغم من أنني أفهم ما تشعر به، مع الأخذ في الاعتبار أنك تعرضت دائمًا للضرب من قبل فيرموث وأنت تتشاجر معه كل يوم، لو فكرت حقًا في الأمر، فهذا يعني فقط أنك كنت الأقرب إلى قوة فيرموث بيننا جميعا. فيرموث مميز بالتأكيد، لكنك مميز كما هو. ربما يكون فيرموث قد فشل في النهاية، لكن هامل، لو إنه أنت…..فقد تكون قادرًا حقا على فعل ذلك.”
“كيف نجده؟” سأل يوجين بفارغ الصبر.
“…هاه.” شخر يوجين.
“هذا مستحيل بالنسبة لك الآن.” رفضت سيينا طلبه.
“أنا أعلم.” قال يوجين. “ولكن قولي لي على أي حال. لأنني سأطارده وأقتله حالما يصبح ذلك ممكنًا.”
دون أن تقول أي شيء على الفور، نظرت سيينا فقط إلى هامل قبل أن تتنهد. “…أنت حقًا هامل.”
“ما الذي تقولينه فجأة؟” سأل يوجين.
تحركت أصابع سيينا ذهابًا وإيابًا عبر منتصف وجه يوجين. تساءل عما تفعله، لكن يوجين أدرك فجأة أن سيينا ترسم ندوبًا خيالية على وجهه غير المميز. في حياته السابقة، إمتلأ وجه هامل بهذه الندوب. أطلق يوجين شخيرا وسحب رأسه للخلف.
قالت سيينا بضحكة ناعمة: “لا، لا شيء.”
“…قبل مجيئي إلى هنا، رأيت رؤية من الماضي.” قال يوجين.
ابتسم يوجين دون وعي بسبب هذا المنظر.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
