فتاة متهالكة وشاب حزين
جلبوني لقريةٍ حيوةٍ وطلبوا مني الشعور بالإطمئنان
لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.
منحوني منزل وظنوا أنني سأصدق أنني بأمان
أنا أتلاشى، أنا اخسر، أخسر الكثير، لا أملك بحوزتي أي شيء لكني أخسر جزء من حياتي، أنا تائهة بعالم مختلف، أعوم خارجة عن سيطرتي.
كل من عرفتهم امتلكوا وجهان
نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.
وجه طيب رقيق يقدم أحسن الإحسان
نعم بمرور يوم كامل وأنا بلا أي حركة أدركت كم أن الجوع والعطش لا بأس به، أدركت أن الموت هو النعيم ولكني سرعان ما بدأت أشك بنفسي عندما رأيت هذا المشهد.
يبتسم لنا ويقدم لنا عطاءه وخيره ويقدم العرفان
بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.
أما وجهه الآخر فهو النقيض وهو وجه الشيطان
.
يظهر عندما نكون أضعف من أصغر الأغصان
بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.
يبطش بنا عندما يتأكد أن قوته كقوة الصوان
نعم لا بأس، لا بأس بهجومهم علي وقتلي وأكلي وافتراسي، يا جسدي لا بأس، يا قلبي لا بأس، يا عقلي لا بأس.
لا مهرب لنا بعد أن يمسكنا ويربط كلتا القدمان
لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.
نندم ويصاحب ندمنا يأس يقتل أقوى إنسان
يبدو مشغولاً بأمر ما وأنا لا أعلم ما يحدث بالخارج، يومياً يأتي إلي ويطرق الغرفة ثلاث مرات ويدخل بدون إذن يأخذ الطعام الذي لم أكل منه الا القليل ويحضر غيره.
نشوى بالجحيم ونعذب عذاب لم يذقه قبلنا إنس ولا جان
وضع أحدى يديه أسفل ظهري ليحملني إذا سقطت وبيده الأخرى أمسك يدي المتشبثة بقوة بالشجرة.
نعامل معاملة أبشع حيوان
قصر الليل رغم طوله، فكرت بكل الأمور السيئة، تخيلت مواقف سيئة مع هذا اللعين، تخيلت أنه يهجم علي بغرفتي وأنا أنازع وأحاول الهرب لكن بالطبع ضعفي لن يسمح لي.
يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان
بحالتي أنا لم أنسى السعادة لأنني لم أكن سعيدة ولم أنسى الحزن لأنني لم أكن حزينة بل كنت راضية بالموت وبنهايتي.
دم أحمر وألم أسود وبيننا وبين الراحة شتان وشتان
نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.
اكتفينا بالطاعة وعند وقت الهرب كنا كطفلٍ باكٍ جبان
بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.
سرى الخوف ونبع من قلوبنا حتى جمد أبعد شريان
وجه طيب رقيق يقدم أحسن الإحسان
لكن هذه المرة لن نكرر خطأنا وسنضع الهرب بالحسبان
شربته كله فسكب لي المزيد لكنني أعرضت فلم يصر علي بشدة وجلس بجانبي ووضع يده خلف ظهري لأتكا عليها وبدأ يربت على رأسي ويمسح على شعري، كان شعوراً دافئا سأكتفي بتصديقه لهذه الليلة.
الهرب من البشر وإتخاذ معزل لنحصل على وحدتان
صَنع الحساء ومنحني إياه ولم يأكل، تذوقت طعمه فكان أفضل من المرات السابقة والسبب كان واضح لي وهو عدم وضعه للبصل.
وحدة أخلوا بها بنفسي فأشكرها جزيل الشكران
سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.
ووحدة أخلوا بها للموت فأناديه طالبةً قدومه الآن
اكتفينا بالطاعة وعند وقت الهرب كنا كطفلٍ باكٍ جبان
أيا موتاً ألست قادماً لفتاةٍ تناديك متوسلةً لعطفك ولحنان؟!
سحقاً لهذه اليد البشرية التي تستمر بالتمسك ولهذا العقل البشري الذي مكنني من الهرب، لو لم أهرب لكنت الآن ميتة ولانتهى ألم الموت ولو أسقطتني يدي الآن ما هي سوى لحظات حتى أموت فلما أنا متشبثة ولما لا استطيع الإفلات؟!
.
.
ووحدة أخلوا بها للموت فأناديه طالبةً قدومه الآن
.
بعد الانتهاء من شراء الملابس اشترينا بعض الطعام واتجهنا للمنزل.
أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.
أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.
أنا لا أكره هذه السماء المسودة بل العكس تماماً، أنا أكره وجود سقف أو وجود غيوم ماطرة تحجب هذه السماء وكذلك الأمر مع الظلمة.
نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.
أنا لا أكره الظلمة بل أنا من أشد المحبين لها، أنا أعشق الظلمة وأحب العزلة والوحدة لكني أكره أن يحجب هذه الظلمة بشر.
أدخل بعض لوحات الزينة وعلقها واحضر سجاد ناعم للارضية ثم احضر خزانة صغيرة وعاد لغرفة الاستقبال وتأخر قليلا ثم عاد.
لا أريد لغيوم أن تغطي سمائي ولا أريد لبشر أن يعبثون بظلمتي ولا أريد لشياطين أن تطفو بخيالاتي.
لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.
أتأمل النجوم وأخرج من المنزل عندما أمنح الشاب ذو الشعر الأبيض بعض الوقت ليخلد للنوم.
وضع ما بيده أرضا وقال: “يجب عليك تنظيف جسدك والعناية به جيداً، لقد مررتي بوقت عصيب ويجب عليك العناية بنفسك بالمحافظة على النوم الطويل ليلاً والطعام الجيد ثم تأتي باقي الأمور”.
أتسلل بحذر وأتصنع الوقار بسيري كي لا يشعر أي أحد أنني هاربة فيظن أنه يستطيع استغلالي.
أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.
سرقت سكين من غرفة ذو الشعر الأبيض وأنا مستعدة لقطع رأس أي أحد يجرؤ وينظر نحوي.
ماذا أتوقع وماذا أعتقد؟! أنا لا أتوقع ولا أعتقد بل أرى بعين الحقيقية، أنا أرى نفسي لو لم تأتي هذه الوحوش إلي لتلتهمني، كنت سأصمد لوقت معين ثم سأنهض منهارة تعبة جائعة عطشا وأنازع وأسير تائه لا أعلم طريق عودتي.
أقدامي تسير بوقار متصنعْ وعيوني تركض لما هو خارج القرية، نعم أنا أتطلع لمكان يقبع أبعد من الأفق وأبعد من مداد بصري حتى، مكان لا يوجد به أي أحد.
إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.
غادرت القرية ولم يرني أحد ودخلت الغابة وشعرت ببعض الأمان، أمان ناتج نتيجة البعد عن البشر والبعد عن شرورهم وما رأيته منهم.
خذي وقتك للتعافي، أعلم كم أن الأمر صعب لكن لا بأس، سأساعدك واكون هنا دائما لأجلك، بالنهاية ستصبحين قوية، عندما تخرجين للخارج سينتظرك أصدقاء ومعارف، سينتظرك مجتمع وأناس يعرفونك وإن تاذيتي سيسرعون من أجلك.
ركضت بأقصى سرعتي بالغابة لأضيع أولئك الشياطين اللذين يتربصون بي، لأضيع أولئك اللذين يطوفون ويمتلكون أجنحة وهم من كل حدب ينسلون.
قال: “لقد ذهبت صباحا واشتريت كل شيء لذا هيا لنرتب كل شيء ونضعه بمكانه”.
أنهار ولا استطيع المتابعة لكني أركض وأنتهي فأسقط، ألتقط أنفاسي وأعاود النهوض وأعاوظ الركض والركض حتى اسأل نفسي إلى أين أنا ذاهبة؟!
أنا لا أكره الظلمة بل أنا من أشد المحبين لها، أنا أعشق الظلمة وأحب العزلة والوحدة لكني أكره أن يحجب هذه الظلمة بشر.
بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.
سأنتظر الموت وسأؤمن به وحده فأنا أرى التلاشي من هذه الحياة نعيم وأرى الهرب منها هو الهرب من الجحيم.
الظلمة حالكة ولا وجود لأي متنفس للضوء لكن لا بأس، أنا لا أخاف الظلمة ولا أخاف الوحدة بل أنا أحبها، أي مكان بعيد عن البشر جيد وهذا المكان جيد، إنه جيد، نعم إنه جيد لكن هل هو جيد؟!
لا مهرب لنا بعد أن يمسكنا ويربط كلتا القدمان
هل هو مخيف؟! هل أنا أشعر بالوحدة؟! هل أنا خائفة من الظلمة؟! هل أنا خائفة من المجهول؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الوحوش؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الشياطين؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من البشر؟!
وضع ما بيده أرضا وقال: “يجب عليك تنظيف جسدك والعناية به جيداً، لقد مررتي بوقت عصيب ويجب عليك العناية بنفسك بالمحافظة على النوم الطويل ليلاً والطعام الجيد ثم تأتي باقي الأمور”.
البشر؟!! هل جميعهم مرعبين؟! ألا يوجد أحد كأمي؟! ألا يمكنني وضع رأسي على صدر أحد واحتضانه كما كنت أحتضن أمي؟! ألا وجود لمثل هذا الشخص الذي سيمثل خلاص لي؟!
ببساطة أنا لا أريد الإفلات، مهما كذبت على نفسي وأقنعتها أنني أرغب بالموت ما أنا بلحظتي الأخيرة سأصدق هذا الهراء.
من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!
أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.
أنا يستحيل أن أكون كبقية البشر، أنا لا أعيش مثلهم وهم لا يروني كما يروا بعضهم بعض، دائماً نحن من ولدنا لنكون بالأسفل سينظر لنا الآخرون من الأعلى.
ووحدة أخلوا بها للموت فأناديه طالبةً قدومه الآن
إنهم ينظرون لبعضهم فيرون أعين بعضهم ووجوه بعضهم لكني مختلفة لأني أقبع بالأسفل، أنا أرى أسفل اقدامهم وأرى نظراتهم الدونية وهكذا.
أنا أؤمن بأن هناك بشر جيدون وأؤمن أن الظروف هي من تصنع من البشر وحوش لكني فتاة ملعونة أمتلك هالة تجذب الوحوش نحوي وتحول البشر الجيدين لوحوش.
أنا أرى منهم الرغبة بدهسي لأني أسفلهم، أنا أرى منهم الاستحقار والخبث والرغبة بالاستغلال وهذا كل ما وجد من أجلي لأني ضعيفة، لأني لا استطيع الثقة بنفسي ولا أمتلك هالة توحي بأني قوية وأن من الصعب استغلالي.
سأنتظر الموت وسأؤمن به وحده فأنا أرى التلاشي من هذه الحياة نعيم وأرى الهرب منها هو الهرب من الجحيم.
كل من يراني يراني كأرنب جريح يسهل اصطياده ويرى نفسه وحش كاسر جائع ويرى بنفسه غريزة افتراس.
أنا أؤمن بأن هناك بشر جيدون وأؤمن أن الظروف هي من تصنع من البشر وحوش لكني فتاة ملعونة أمتلك هالة تجذب الوحوش نحوي وتحول البشر الجيدين لوحوش.
أنا أؤمن بأن هناك بشر جيدون وأؤمن أن الظروف هي من تصنع من البشر وحوش لكني فتاة ملعونة أمتلك هالة تجذب الوحوش نحوي وتحول البشر الجيدين لوحوش.
لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.
لماذا أنا هكذا؟! لأنني ضعيفة، لأنني جريحة ولأنني لم أتعافى بعد من ذلك الجيحم ولأنني يائسة وأؤمن أنني لست جائعة ولا أتضور جوع بهذه الحياة.
لم تكن لدي حيلة حتى لفك يدي، شعرت انها خارجة عن السيطرة وأصبحت متصلبة من شدة التشبث لكن هذا الشاب قوي ورقيق بنفس الوقت، أمسك يدي وبكل لطف أرخاها وحررني من تصلبها وحملني بكلتا يديه ومسح خده بخدي وقال: “لا بأس يمكنك البكاء”.
فتاة لا تستطيع الدفاع عن نفسها وما بيدها حيلة وهذه أنا، لا استطيع المحاربة رغم أنني أعرف عدوي وأعرف أفضل طريقة لمواجهته ولكن المشكلة تقبع بنفسي المحطمة التي لا تقوى على التنفيذ لكني بالفعل سئمت وقررت إتخاذ أسهل الطرق.
إنهم ينظرون لبعضهم فيرون أعين بعضهم ووجوه بعضهم لكني مختلفة لأني أقبع بالأسفل، أنا أرى أسفل اقدامهم وأرى نظراتهم الدونية وهكذا.
الهرب طريق سهل وبسيط، نعم أنا هربت من ذلك الشاب وها أنا أجلس انتظر موتي لأهرب من هذه الحياة.
لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.
كم سأنتظر؟! يوم أو يومين؟! ثلاثة أو أربعة؟! لا بأس سأنتظر عشر أيام وأنا بلا حركة أجلس أسفل هذه الشجرة الكبيرة.
نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.
بلا طعام وبلا ماء وبلا أي حركة سأنتظر هنا موتي الذي سيأتي لا محالة، سيأتي ولن أرفضه بل سأرحب به كما رحبت به من قبل وإذا ما أتى شخص لإنقاذي سأقتله.
يداس على رأسنا ويفتن القوي باستغلالنا أيان إفتتان
لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.
لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.
لقد غرتني طيبة الجدين عندما انشتلاني من الموت وأعاداني للحياة وبفعلتهما أعاداني للجحيم.
ضربة على الأرض افزعت الوحوش ثم ظهر صوت صراخ، إنه ذلك الشاب ذو الشعر الأبيض صرخ وقال: “هاااااااااي”.
سأنتظر الموت وسأؤمن به وحده فأنا أرى التلاشي من هذه الحياة نعيم وأرى الهرب منها هو الهرب من الجحيم.
وصلنا للمنزل ولم يتركني، بقي متمسك بي واحضر بعض الماء وطلبني لأشرب لكني لم أقم بأي ردة فعل.
نعم بمرور يوم كامل وأنا بلا أي حركة أدركت كم أن الجوع والعطش لا بأس به، أدركت أن الموت هو النعيم ولكني سرعان ما بدأت أشك بنفسي عندما رأيت هذا المشهد.
تابع: “أتعلمين؟! التواصل مع الآخرين ومحاولة كسب ودهم وثقتهم أمر مقرف، الاجتماعية مقرفة لكنني مجبر عليها، كم اتمنى لو بقيت لوحدي بالغابة، اصنع طعامي من مزروعاتي وأكل اللحوم من اصطيادي وغيرها من الأمور لوحدي.
إنها وحوش ضارية ومجموعة ضباع تجمعت حولي، ماذا يريدون مني؟! أنا لست سوى فتاة رقيقة نحيلة لا أكفي لإطعام واحد منهم فلما تجمعوا حولي بهذه الرغبة وبهذا العدد؟!
إنها ليلة، إنها هذه المرة فقط، سأتقبل الدفء الكاذب، سأتقبل النفاق الواضح، أنه اليوم فقط.
يرغبون بأكلي؟! يرغبون بافتراسي؟! يرغبون بقتلي؟! أهذا جلُّ الأمر؟! إذا لا بأس.
أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.
كم ستدوم لحظة الموت وكم سيستغرقوا بتمزيق جسدي وأكله وكم سيبلغ هذا الألم؟! إنها مجرد بضع لحظات ولا أظن أن الألم سيبلغ ولو نصف ذلك الألم الذي شعرت به بذلك الجحيم.
الظلمة حالكة ولا وجود لأي متنفس للضوء لكن لا بأس، أنا لا أخاف الظلمة ولا أخاف الوحدة بل أنا أحبها، أي مكان بعيد عن البشر جيد وهذا المكان جيد، إنه جيد، نعم إنه جيد لكن هل هو جيد؟!
نعم لا بأس، لا بأس بهجومهم علي وقتلي وأكلي وافتراسي، يا جسدي لا بأس، يا قلبي لا بأس، يا عقلي لا بأس.
ببساطة أنا لا أريد الإفلات، مهما كذبت على نفسي وأقنعتها أنني أرغب بالموت ما أنا بلحظتي الأخيرة سأصدق هذا الهراء.
لا تجزع يا جسدي ولا تنهض فزعاً فهذا هو الموت الذي طلبته فلا بأس.
تابع كلامه قائلاً: “عندما يحل الصباح سنخرج معا وسنجعل هذا المنزل جميل ومرتب وسنجعله يشرح الصدر، سنشتري كل ما نحتاجه وكل ما نريده، حسناً؟! سنشتري وسائد جيدة وناعمة وأسرة وبعض الزينة، سنشتري ما نحتاجه من طعام وأدوات للطبخ وكل شيء.
لا تنبض خوفاً يا قلبي فهذا الموت الذي ستتوقف بعده عن النبض وهذا هو الموت الذي سيمنحك طعم الراحة والهدوء الذي لم تتذوقه ولو لمرة واحدة بحياتك.
سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.
لا تصدم يا عقلي ناسياً فهذا هو مطلبك وهذا هو ما تريد وهذا هو المنطق، إنه موت سريع يا عقلي فلما أراك تنشط كل جزء صغير بجسدي.
أتسلل بحذر وأتصنع الوقار بسيري كي لا يشعر أي أحد أنني هاربة فيظن أنه يستطيع استغلالي.
لما أنا خائفة ولما نهضت بسرعة بمجرد سماع أصواتهم وبمجرد رؤية أجسادهم؟! لما قلبي يرتجف ولما عقلي لا يستطيع التفكير بالموت على أنه خلاص بعد الآن؟!
ببساطة أنا لا أريد الإفلات، مهما كذبت على نفسي وأقنعتها أنني أرغب بالموت ما أنا بلحظتي الأخيرة سأصدق هذا الهراء.
إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.
نعامل معاملة أبشع حيوان
إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.
نندم ويصاحب ندمنا يأس يقتل أقوى إنسان
بحالتي أنا لم أنسى السعادة لأنني لم أكن سعيدة ولم أنسى الحزن لأنني لم أكن حزينة بل كنت راضية بالموت وبنهايتي.
هل هو مخيف؟! هل أنا أشعر بالوحدة؟! هل أنا خائفة من الظلمة؟! هل أنا خائفة من المجهول؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الوحوش؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من الشياطين؟! هل أنا خائفة من مكان يخلو من البشر؟!
أنا نسيت أمر آخر لأنه محي من عقلي بفعل الخوف وهذا الأمر ما هو سوى البؤس الذي رافقه خوف أصغر تم محيه أيضاً وهو الخوف من الاستمرار بالعيش.
أما وجهه الآخر فهو النقيض وهو وجه الشيطان
نعم كنت خائفة بالفعل من استمراري بالعيش لكن ها أنا أنسى هذا الخوف الصغير وأخاف من هذه الوحوش الضارية التي اجتمعت حولي برغبة ملحة لديها بافتراسي.
نعامل معاملة أبشع حيوان
قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.
نعم بمرور يوم كامل وأنا بلا أي حركة أدركت كم أن الجوع والعطش لا بأس به، أدركت أن الموت هو النعيم ولكني سرعان ما بدأت أشك بنفسي عندما رأيت هذا المشهد.
صعدت والوحوش تحاول الصعود خلفي لكنها تبقى وحوش لا تستطيع فعل ما استطيع فعله أنا ذات العقل البشري الذي شكل نعمة ونقمة لي.
نشوى بالجحيم ونعذب عذاب لم يذقه قبلنا إنس ولا جان
نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.
مر الوقت ببطء قاتل، لدي الرغبة بامتلاك السرير والغرق بدفئه لكنني ما زلت مصرة على إغلاق باب حياتي أمام ذلك الشاب.
سحقاً لهذه اليد البشرية التي تستمر بالتمسك ولهذا العقل البشري الذي مكنني من الهرب، لو لم أهرب لكنت الآن ميتة ولانتهى ألم الموت ولو أسقطتني يدي الآن ما هي سوى لحظات حتى أموت فلما أنا متشبثة ولما لا استطيع الإفلات؟!
سرقت سكين من غرفة ذو الشعر الأبيض وأنا مستعدة لقطع رأس أي أحد يجرؤ وينظر نحوي.
ببساطة أنا لا أريد الإفلات، مهما كذبت على نفسي وأقنعتها أنني أرغب بالموت ما أنا بلحظتي الأخيرة سأصدق هذا الهراء.
هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.
ماذا أتوقع وماذا أعتقد؟! أنا لا أتوقع ولا أعتقد بل أرى بعين الحقيقية، أنا أرى نفسي لو لم تأتي هذه الوحوش إلي لتلتهمني، كنت سأصمد لوقت معين ثم سأنهض منهارة تعبة جائعة عطشا وأنازع وأسير تائه لا أعلم طريق عودتي.
كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.
كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.
ابتسم بعد حزنه وتابع: “لا تخافي واستغلي كل فرصة لتتقدمي لكن لا بأس، خذي الأمور بتمهل فما زال الوقت مبكراً”.
هذه حقيقتي وهذه أنا، فتاة تائهة ضائعة محطمة غير صالحة للعيش ولا تقوى على محاربة نفسها حتى تحارب الحياة والبشر.
“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.
أينما أجد نفسي أخسر وبجميع الأحوال ينتهي بي الأمر وحيدة تائة وضائعة بين أيادي الشياطين والوحوش.
لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.
كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.
نشوى بالجحيم ونعذب عذاب لم يذقه قبلنا إنس ولا جان
أنا بالفعل محاصرة وأمسك بالشجرة بكل قوتي، تلك القوى التي ستتلاشى بأي لحظة، ستتلاشى لشدة الإرهاق والجوع والعطش.
كم سأصمد؟! كم سأبقى متشبثة هكذا وكم ستستطيع يدي البقاء متمسكة بهذه القوة؟! كلها أسئلة لا تهمني وكل ما يهمني هو الاستمرار بالتمسك فأنا لا أريد أن ينتهي بي الأمر فريسة لهؤلاء الوحوش.
يداي على وشك الإفلات، سأسقط عاجلاً أم أجلاً، نحن ما زلنا ببداية الليل وهم بقفزهم نحوي لا يظهرون أي علامة على التراجع.
بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.
صرخت بحدة، ناديت على لا أحد، لا يوجد سوى بعض الاشجار إذاً من سيسمعني؟! لا أحد سيسمع صوتي لكني سأصرخ، لن أفلت يدي التي تمزقت وسأصرخ.
أمسك بيدي وسحبني لغرفتي وعاد لغرفة الاستقبال، أحضر سرير نوم وفرشة ووسادة وغطاء، كان السرير بما عليه جميل للغاية ويجذبني للنوم عليه مباشرةً.
سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.
أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.
فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.
إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.
“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.
شربته كله فسكب لي المزيد لكنني أعرضت فلم يصر علي بشدة وجلس بجانبي ووضع يده خلف ظهري لأتكا عليها وبدأ يربت على رأسي ويمسح على شعري، كان شعوراً دافئا سأكتفي بتصديقه لهذه الليلة.
ضربة على الأرض افزعت الوحوش ثم ظهر صوت صراخ، إنه ذلك الشاب ذو الشعر الأبيض صرخ وقال: “هاااااااااي”.
قفزت للشجرة الكبيرة خلفي وتسلقتها بسهولة مدفوعة بغريزة البقاء وبالإيمان المطلق الذي أمنت به بقدرتي بالتسلق السهل.
ركض قادماً نحو الوحوش التي كانت مستعدة لافتراسه لكن بمجرد أن اقترب قليلاً تحولت الوحوش لأرانب.
الظلمة حالكة ولا وجود لأي متنفس للضوء لكن لا بأس، أنا لا أخاف الظلمة ولا أخاف الوحدة بل أنا أحبها، أي مكان بعيد عن البشر جيد وهذا المكان جيد، إنه جيد، نعم إنه جيد لكن هل هو جيد؟!
انكمشت الوحوش وتراجعت واصدرت صوت ضعيف خائف مرتعب ولاذت بالفرار بمجرد وصوله.
أومأت برأسي مشيراً لموتها فاعتذر لأجل سؤاله وتابعنا الطريق.
كنت انظر إليه متأملة، كانت الدموع تغطي وجهي وسراب عقلي اعمى تفكيري عن رفضه والإعراض عنه فبقيت انظر بتمعن له وهو يقترب.
وضع الطعام وجلس واتكأ على الحائط المقابل للحائط الذي اتكئ أنا عليه.
وضع أحدى يديه أسفل ظهري ليحملني إذا سقطت وبيده الأخرى أمسك يدي المتشبثة بقوة بالشجرة.
نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.
لم تكن لدي حيلة حتى لفك يدي، شعرت انها خارجة عن السيطرة وأصبحت متصلبة من شدة التشبث لكن هذا الشاب قوي ورقيق بنفس الوقت، أمسك يدي وبكل لطف أرخاها وحررني من تصلبها وحملني بكلتا يديه ومسح خده بخدي وقال: “لا بأس يمكنك البكاء”.
امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.
شد حضنه علي وكرر كلامه وقال: “يمكنك البكاء فأنا بجانبك”.
سرى الخوف ونبع من قلوبنا حتى جمد أبعد شريان
لم أكن افهم كلامه، من يظن نفسه حتى أبكي بحضنه؟! نعم من يكن هو حتى أبكي بحضنه؟! هل يظن نفسه أمي؟!
غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.
أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.
كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.
أنا أتلاشى، أنا اخسر، أخسر الكثير، لا أملك بحوزتي أي شيء لكني أخسر جزء من حياتي، أنا تائهة بعالم مختلف، أعوم خارجة عن سيطرتي.
إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.
بكائي استمر ولم يتوقف حتى عندما أختفى صوتي، بقيت يدي متمسكة به، لم أفلته، كنت بحاجة شيء مماثل، نعم أنا بحاجة شخص بجانبي.
فقط ما اريده هو انهيار كامل، تعب شديد يجعل يدي تفلت من تلقاء نفسها وصوتي المرتعب يتلاشى تماما، لن اسقط إلا منهارة تعبة حتى لا أشعر بجحيم الموت.
قلبي كان يبكي بصمت متشبثاً به، شعر قلبي بدفئه مدركاً أنه حنان كاذب لشيطان خلق من نار لكن جسدي اكتفى بتقبل هذا الدفء لهذه اللحظة فقط.
امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.
عندما احتجت أحد بأشد لحظاتي كانت الهاوية هي من تحتضنني لكن هذه المرة لقد أتى أحد من أجلي، حتى إن كان كاذب منافق أريد تصديقه بهذه اللحظة، على الأقل طوال طريق العودة للمنزل.
أخبرني أنه لا يوجد إلا الطعام الذي تركته خلفي عندما هربت ولقد فسد وجميع المتاجر مغلقة الآن لذا سنكتفي بالحساء المعتاد.
لم يرخي يده وبقي متمسك بجسدي ويسير بثبات، كانت يده الاخرى تمسح على رأسي وتربت عليه بشكل مرضي.
فتاة لا تستطيع الدفاع عن نفسها وما بيدها حيلة وهذه أنا، لا استطيع المحاربة رغم أنني أعرف عدوي وأعرف أفضل طريقة لمواجهته ولكن المشكلة تقبع بنفسي المحطمة التي لا تقوى على التنفيذ لكني بالفعل سئمت وقررت إتخاذ أسهل الطرق.
سألني: “هل أمك حية؟! يمكنني أخذك إليها مهما طالت المسافة بينكما … هيا أجيبيني هل هي حية؟!”.
نمت نوماً عميقاً واستيقظت صباحاً وكان ما زال بجانبي ومستيقظ، ابتسم لي وقال: “صباح الخير”.
أومأت برأسي مشيراً لموتها فاعتذر لأجل سؤاله وتابعنا الطريق.
لا تجزع يا جسدي ولا تنهض فزعاً فهذا هو الموت الذي طلبته فلا بأس.
وصلنا للمنزل ولم يتركني، بقي متمسك بي واحضر بعض الماء وطلبني لأشرب لكني لم أقم بأي ردة فعل.
جلبوني لقريةٍ حيوةٍ وطلبوا مني الشعور بالإطمئنان
امسك خدي ومسح ما بقي من اثر لدموعي بمنديل ناعم وامسك شفتاي وجلعني اشرب ولم أرفض.
نهض من مكانه وغادر الغرفة وترك الباب خلفه مفتوح فشعرت أن ما قاله أمر قريب جداً ويعنيني، نهضت واتجهت لإغلاق الباب لكنني وجدته على الباب فتراجعت بسرعة.
أخبرني أنه لا يوجد إلا الطعام الذي تركته خلفي عندما هربت ولقد فسد وجميع المتاجر مغلقة الآن لذا سنكتفي بالحساء المعتاد.
بكائي استمر ولم يتوقف حتى عندما أختفى صوتي، بقيت يدي متمسكة به، لم أفلته، كنت بحاجة شيء مماثل، نعم أنا بحاجة شخص بجانبي.
وضعني على الأرض أمام الموقد وأشعله وبدأت السماء تهطل، كان البرد شديد البارحة لكنه لم يكن بشيء جديد مؤثر فأنى دائماً بملابس رقيقة بأشد ليلالي الشتاء برداً واعتدت الأمر لكنني أشعر أن الموقد منحني دفئ لا أرغب باعتياده، البرد قادم والموقد سيتلاشى قريباً لذا أرغب بالبقاء منيعة اتجاه البرد لكن لا بأس، لا بأس باليوم فقط.
تابع: “أتعلمين؟! التواصل مع الآخرين ومحاولة كسب ودهم وثقتهم أمر مقرف، الاجتماعية مقرفة لكنني مجبر عليها، كم اتمنى لو بقيت لوحدي بالغابة، اصنع طعامي من مزروعاتي وأكل اللحوم من اصطيادي وغيرها من الأمور لوحدي.
إنها ليلة، إنها هذه المرة فقط، سأتقبل الدفء الكاذب، سأتقبل النفاق الواضح، أنه اليوم فقط.
تابع كلامه قائلاً: “عندما يحل الصباح سنخرج معا وسنجعل هذا المنزل جميل ومرتب وسنجعله يشرح الصدر، سنشتري كل ما نحتاجه وكل ما نريده، حسناً؟! سنشتري وسائد جيدة وناعمة وأسرة وبعض الزينة، سنشتري ما نحتاجه من طعام وأدوات للطبخ وكل شيء.
صَنع الحساء ومنحني إياه ولم يأكل، تذوقت طعمه فكان أفضل من المرات السابقة والسبب كان واضح لي وهو عدم وضعه للبصل.
كان مبتسماً وكنت مترددة وأشعر برغبة برفع يدي ومدها له لكن لا بأس، أمسك بيدي قبل أن تُرفع وخرجنا معاً بوضح النهار والقرية شديدة الضجة والازدحام.
شربته كله فسكب لي المزيد لكنني أعرضت فلم يصر علي بشدة وجلس بجانبي ووضع يده خلف ظهري لأتكا عليها وبدأ يربت على رأسي ويمسح على شعري، كان شعوراً دافئا سأكتفي بتصديقه لهذه الليلة.
كم ستدوم لحظة الموت وكم سيستغرقوا بتمزيق جسدي وأكله وكم سيبلغ هذا الألم؟! إنها مجرد بضع لحظات ولا أظن أن الألم سيبلغ ولو نصف ذلك الألم الذي شعرت به بذلك الجحيم.
سأصدق إنه ملاك بوسط هذا الجحيم، سأصدق أنه ملاك أضل طريقه وتاه بجحيم حياتي، لن أزيل القناع لأرى الشيطان الذي بداخله وسأكتفي الليلة فقط بدفء أجنحته.
شربته كله فسكب لي المزيد لكنني أعرضت فلم يصر علي بشدة وجلس بجانبي ووضع يده خلف ظهري لأتكا عليها وبدأ يربت على رأسي ويمسح على شعري، كان شعوراً دافئا سأكتفي بتصديقه لهذه الليلة.
قام برفع الغطاء على جسدي وقال: “بحثت عنك طوال البارحة واليوم ومن الجيد أنني وجدتك، لقد تأخرت كثيراً لذا أنا آسف، هل تسامحيني؟!”.
“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.
هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.
تناولت القليل من الطعام وعدت لزاويتي المفضلة ومر الوقت دون أي شيء كما مر أسبوع كامل وأنا لا اعلم ما يجري.
تابع كلامه قائلاً: “عندما يحل الصباح سنخرج معا وسنجعل هذا المنزل جميل ومرتب وسنجعله يشرح الصدر، سنشتري كل ما نحتاجه وكل ما نريده، حسناً؟! سنشتري وسائد جيدة وناعمة وأسرة وبعض الزينة، سنشتري ما نحتاجه من طعام وأدوات للطبخ وكل شيء.
أنا أرى منهم الرغبة بدهسي لأني أسفلهم، أنا أرى منهم الاستحقار والخبث والرغبة بالاستغلال وهذا كل ما وجد من أجلي لأني ضعيفة، لأني لا استطيع الثقة بنفسي ولا أمتلك هالة توحي بأني قوية وأن من الصعب استغلالي.
سيتحول المنزل لمنزل جميل بعض الشيء لذا لا تهربي مرة أخرى، أنا اعلم أنك خائفة ولا تحبين أي شيء هنا لكنني أعلم أكثر من أي أحد آخر أن خارج هذا المنزل هناك امور كثيرة لا يجب أن نواجهها إلا عندما نصبح أقوى، عندما نمتلك قدم قوية يمكننا السير بمختلف الطريق، حتى الطرق الجديدة التي لا نعلم عنها أي شيء.
ركض قادماً نحو الوحوش التي كانت مستعدة لافتراسه لكن بمجرد أن اقترب قليلاً تحولت الوحوش لأرانب.
خذي وقتك للتعافي، أعلم كم أن الأمر صعب لكن لا بأس، سأساعدك واكون هنا دائما لأجلك، بالنهاية ستصبحين قوية، عندما تخرجين للخارج سينتظرك أصدقاء ومعارف، سينتظرك مجتمع وأناس يعرفونك وإن تاذيتي سيسرعون من أجلك.
دخل وكان يحمل منديل كبير وبعض الماء ومواد للاستحمام،قال وهو يسير داخل الغرفة ويتركني خلفه: “ألم أخبرك، نحن لا نحب الضوء”.
ستصبحين فتاة عادية قريباً ثم ستجتهدي وتتخذي قررات تجعل منك شخص إما مؤثر بالقرية وإما شخص عادي، ستكونين حرة قريبا، حرة من نفسك، ستتحرري من نفسك ومن ماضيك وهذان أكبر قيدان يمكن أن يقيدوننا، الماضي والنفس الضعيفة، العوائق الأكبر بطريق نمونا”.
إنه الخوف، أنا أعرف وأدرك حقيقته أكثر من أي شخص آخر، إنه ذلك الشعور الذي يشكل ممحاة تمحي جميع المشاعر الأخرى سواء كانت سعادة أو حزن أو قلق أو أي شيء آخر.
ابتسم بعد حزنه وتابع: “لا تخافي واستغلي كل فرصة لتتقدمي لكن لا بأس، خذي الأمور بتمهل فما زال الوقت مبكراً”.
نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.
كلام لربما لو كان لشخص آخر لوجده معبر وجميل، أنا لا اهتم بما قال أنا فقط أرغب بالنوم، كل حواسي وعقلي وقلبي وكل شيء بداخلي كذبه لكن صوته لم يكذب، كل ما لدي يدفعني لزاوية تكذيبه لكن بهذه الزاوية يوجد ثقب صدق وهذا الثقب هو حقيقة ألم وحزن صوته، هذا الثقب ادخل بعض النور لكنني لا أصدق، أنا لا أنظر للنور لأنه دائما ما يغدر بي ويعميني.
لا تجزع يا جسدي ولا تنهض فزعاً فهذا هو الموت الذي طلبته فلا بأس.
نمت نوماً عميقاً واستيقظت صباحاً وكان ما زال بجانبي ومستيقظ، ابتسم لي وقال: “صباح الخير”.
وجه طيب رقيق يقدم أحسن الإحسان
طأطأت رأسي ولكنني لمحت شيء ضخم بالغرفة.
إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.
قال: “لقد ذهبت صباحا واشتريت كل شيء لذا هيا لنرتب كل شيء ونضعه بمكانه”.
سأنادي على أمي الميتة وسأصرخ بأسمها، ناديت وناديت وصوت صراخي لن يصل، أنادي واصرخ والوحوش تزأر.
أمسك بيدي وسحبني لغرفتي وعاد لغرفة الاستقبال، أحضر سرير نوم وفرشة ووسادة وغطاء، كان السرير بما عليه جميل للغاية ويجذبني للنوم عليه مباشرةً.
كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.
أدخل بعض لوحات الزينة وعلقها واحضر سجاد ناعم للارضية ثم احضر خزانة صغيرة وعاد لغرفة الاستقبال وتأخر قليلا ثم عاد.
لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.
مد يده لي وقال: “هيا لنذهب نشتري بعض الملابس”.
لا تنبض خوفاً يا قلبي فهذا الموت الذي ستتوقف بعده عن النبض وهذا هو الموت الذي سيمنحك طعم الراحة والهدوء الذي لم تتذوقه ولو لمرة واحدة بحياتك.
كان مبتسماً وكنت مترددة وأشعر برغبة برفع يدي ومدها له لكن لا بأس، أمسك بيدي قبل أن تُرفع وخرجنا معاً بوضح النهار والقرية شديدة الضجة والازدحام.
بكائي استمر ولم يتوقف حتى عندما أختفى صوتي، بقيت يدي متمسكة به، لم أفلته، كنت بحاجة شيء مماثل، نعم أنا بحاجة شخص بجانبي.
لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.
أنا نسيت أمر آخر لأنه محي من عقلي بفعل الخوف وهذا الأمر ما هو سوى البؤس الذي رافقه خوف أصغر تم محيه أيضاً وهو الخوف من الاستمرار بالعيش.
بعد الانتهاء من شراء الملابس اشترينا بعض الطعام واتجهنا للمنزل.
كنت سأرفض الموت كما أرفضه الآن وكنت سأرغب بالعودة للقرية لأحصل على بعض الماء وعلى بعض الطعام وكنت سأرفض الموت وسأنازع بحثاً عن الحياة.
وصلنا للمنزل وسألني بغرفة الاستقبال إن كنت سأكل بغرفتي أم معه هنا لكنني بمجرد أن أفلت يدي أسرعت لغرفتي وجلست بالزاوية متجنبةً السرير الجديد.
نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.
لحق بي ووضع الطعام بغرفتي ووضع الملابس بالخزانة وقال: “أنا سأغادر بعد تناول الطعام ولن أعود للمنزل إلا عندما اطرق الباب ثلاث مرات ثم ادخل لذا تصرفي بحرية على الأقل وانا بالخارج”.
لن أرحب بأحد ولن أظن أنه سينتشلني أحد من الجحيم إلى النعيم فما هذه الحياة كلها سوى جحيم مستمر.
غادر الغرفة وبعد بضع الوقت غادر المنزل، كانت رائحة الطعام شهية لكنني لم أمد يدي عليه وأخذت الغطاء القديم وبقيت جالسة لوحدي.
كنت انظر إليه متأملة، كانت الدموع تغطي وجهي وسراب عقلي اعمى تفكيري عن رفضه والإعراض عنه فبقيت انظر بتمعن له وهو يقترب.
مر الوقت ببطء قاتل، لدي الرغبة بامتلاك السرير والغرق بدفئه لكنني ما زلت مصرة على إغلاق باب حياتي أمام ذلك الشاب.
قال: “الجلوس هنا ممل أليس كذلك؟!”.
طرق الباب ثلاث مرات فانكمشت على الفور، خفت بلحظة لكنني سرعان ما هدأت لأنه لم يدخل لغرفتي.
أنا يستحيل أن أكون كبقية البشر، أنا لا أعيش مثلهم وهم لا يروني كما يروا بعضهم بعض، دائماً نحن من ولدنا لنكون بالأسفل سينظر لنا الآخرون من الأعلى.
بعد بضع الوقت طرق الباب وأخذ الغداء ووضع مكانه العشاء وغادر، لم أغير مكاني ولم أتحرك شبراً واحداً.
أجلس وأترقب حلول الليل وهو يشتد بلونه الأسود الفاتن، لون أسود جميل لا كمثله لون، إنه لون السماء المزينة بالنجوم.
قصر الليل رغم طوله، فكرت بكل الأمور السيئة، تخيلت مواقف سيئة مع هذا اللعين، تخيلت أنه يهجم علي بغرفتي وأنا أنازع وأحاول الهرب لكن بالطبع ضعفي لن يسمح لي.
أنهار ولا استطيع المتابعة لكني أركض وأنتهي فأسقط، ألتقط أنفاسي وأعاود النهوض وأعاوظ الركض والركض حتى اسأل نفسي إلى أين أنا ذاهبة؟!
تخيلت نفسي مقيدة وأعرض كما عرضني التوأمين، تخيلت الكثير من الامور السيئة وبللت الغطاء بدموعي وما هو إلا وقت قليل حتى ظهر ضوء الصباح.
كنت انظر إليه متأملة، كانت الدموع تغطي وجهي وسراب عقلي اعمى تفكيري عن رفضه والإعراض عنه فبقيت انظر بتمعن له وهو يقترب.
شعرت بالنعاس واستسلمت للنوم وها أنا استيقظ واشعة الشمس تشير إلى منتصف الوقت بين الغروب والظهيرة.
أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.
هل يحق لي النوم طوال هذا الوقت؟! هل يحق لي الاستيقاظ على هذا السلام؟! ألا وجود لشياطين من تحت اقدامي تخطط؟! ألن يُمكر بي عما قريب؟! ألن اعيش الجحيم مجدداً؟!
لما أنا خائفة ولما نهضت بسرعة بمجرد سماع أصواتهم وبمجرد رؤية أجسادهم؟! لما قلبي يرتجف ولما عقلي لا يستطيع التفكير بالموت على أنه خلاص بعد الآن؟!
أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.
إن كنت تشعر بالرغبة بدخول الحمام فإنك تنساها وإن كنت تشعر برغبة شهوانية فإنك أيضاً تنساها عندما تخاف.
تناولت القليل من الطعام وعدت لزاويتي المفضلة ومر الوقت دون أي شيء كما مر أسبوع كامل وأنا لا اعلم ما يجري.
بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.
يبدو مشغولاً بأمر ما وأنا لا أعلم ما يحدث بالخارج، يومياً يأتي إلي ويطرق الغرفة ثلاث مرات ويدخل بدون إذن يأخذ الطعام الذي لم أكل منه الا القليل ويحضر غيره.
نظرت أسفل الشجرة ووجدت وحوش متشبثة برغبة وغريزة بداخلها تدفعها للبقاء حتى سقوطي ثم نظرت ليدي التي أوشكت على إسقاطي.
كان يقضي نصف اليوم خارجاً وعندما يعود لا يصدر أي ضجة حتى اليوم التالي وأصبح هذا الروتين مستمر ولكنني كنت أظن أنه سيتوقف.
نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.
لم يكن مهتم بي شخصياً، كان يرى أنني بالفعل لم اقترب من ذلك السرير ولم افتح حقائب الملابس التي اشتراها لكنه لم يحدثني أبدا بهذا الشأن حتى أتى اليوم وجلس بغرفتي.
كلام لربما لو كان لشخص آخر لوجده معبر وجميل، أنا لا اهتم بما قال أنا فقط أرغب بالنوم، كل حواسي وعقلي وقلبي وكل شيء بداخلي كذبه لكن صوته لم يكذب، كل ما لدي يدفعني لزاوية تكذيبه لكن بهذه الزاوية يوجد ثقب صدق وهذا الثقب هو حقيقة ألم وحزن صوته، هذا الثقب ادخل بعض النور لكنني لا أصدق، أنا لا أنظر للنور لأنه دائما ما يغدر بي ويعميني.
وضع الطعام وجلس واتكأ على الحائط المقابل للحائط الذي اتكئ أنا عليه.
.
قال: “الجلوس هنا ممل أليس كذلك؟!”.
بحق إلى أين أنا ذاهبة؟! هذا المكان مرعب ومخيف بحق، الأشجار كثيفة وصوت تحرك الشجر الناتج عن قوة الريح بالفعل مخيف.
على الأقل هو افضل من الخروج وأنا راضية به.
لا أريد لغيوم أن تغطي سمائي ولا أريد لبشر أن يعبثون بظلمتي ولا أريد لشياطين أن تطفو بخيالاتي.
تابع: “أتعلمين؟! التواصل مع الآخرين ومحاولة كسب ودهم وثقتهم أمر مقرف، الاجتماعية مقرفة لكنني مجبر عليها، كم اتمنى لو بقيت لوحدي بالغابة، اصنع طعامي من مزروعاتي وأكل اللحوم من اصطيادي وغيرها من الأمور لوحدي.
بحالتي أنا لم أنسى السعادة لأنني لم أكن سعيدة ولم أنسى الحزن لأنني لم أكن حزينة بل كنت راضية بالموت وبنهايتي.
نحن من رأينا الظلمة الحالكة تصيبنا حالة معقدة تجعلنا نكره الضوء، نحتاج لوقت للتعافي لكن التمثيل أمر مرهق ويستنزفنا”.
غادرت القرية ولم يرني أحد ودخلت الغابة وشعرت ببعض الأمان، أمان ناتج نتيجة البعد عن البشر والبعد عن شرورهم وما رأيته منهم.
نهض من مكانه وغادر الغرفة وترك الباب خلفه مفتوح فشعرت أن ما قاله أمر قريب جداً ويعنيني، نهضت واتجهت لإغلاق الباب لكنني وجدته على الباب فتراجعت بسرعة.
غادر الغرفة وبعد بضع الوقت غادر المنزل، كانت رائحة الطعام شهية لكنني لم أمد يدي عليه وأخذت الغطاء القديم وبقيت جالسة لوحدي.
دخل وكان يحمل منديل كبير وبعض الماء ومواد للاستحمام،قال وهو يسير داخل الغرفة ويتركني خلفه: “ألم أخبرك، نحن لا نحب الضوء”.
“أميييييييي، ماماااااااااا، ساعدييينييي، أميييييي، ساعدييينييي”.
نعم أنه محق، الانغلاق على نفسي بظلمتي الخاصة أفضل من نور العيش مع الاخرين وقربهم.
أينما أجد نفسي أخسر وبجميع الأحوال ينتهي بي الأمر وحيدة تائة وضائعة بين أيادي الشياطين والوحوش.
وضع ما بيده أرضا وقال: “يجب عليك تنظيف جسدك والعناية به جيداً، لقد مررتي بوقت عصيب ويجب عليك العناية بنفسك بالمحافظة على النوم الطويل ليلاً والطعام الجيد ثم تأتي باقي الأمور”.
هراء، إنه يحاول التقرب مني وخداعي، إنه فم شيطان قذر يتفوه بالخداع.
نظر للسرير والطعام بحزن ثم استدار وقال: “لن أزعجك اكثر وسأغادر، اعتني بنفسك”.
.
غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.
أنا عطشة وجائعة وأمامي جميع رغباتي، شربت كأس الماء الأول وبقبت عطشة لكنني لن أشرب الآخر، لن أظهر له أنني محتاجة له بشدة، لن اظهر له أنني بحاجة لعطفه، كان عليه ترك كأس ماء واحدة.
لا أعلم لما لكن أنا بالفعل حزينة لمغادرته، أشعر وكأنني آلمته وشكلت على صدره ثقل وأشعر أنني ما عدت استطيع العيش بدونه.
غادر واغلق الباب فضعرت ولأول مرة بعدم الراحة لخروجه، شعرت بهم أصابني لرؤية حزنه الشديد وتعبه، أتى ليريح نفسه بالكلام لأي أحد ولكن لسوء حظه كان هذا الأحد أنا.
هل بدأت أعتاد على وجود هذا الشاب؟! هل بدأت أتقبله؟! هل بدأت أفكر بمشاعره ولا أرغب أن يشعر بحزن وهم وألم؟! هل غيابه بالمستقبل سيشكل حزن لي؟!
من أجلي إنسان؟! من أجلي خلاص؟! من أجلي حضن وحنان؟! هل أنا مجنونة؟! هل أصاب الخوف عقلي بالجنون فظننت أن مثل هذه الأشياء يمكنها أن تكون من أجلي؟!
لا أعلم لما لكن هذا الشاب أصبح جزء لا يتجزأ من تفكيري وأصبحتُ فجأة أمتلك الكثير من الفضول لمعرفة المزيد والمزيد عنه وهذا خطير ولما هو خطير؟! لأن هذا الشاب غامض ويخفي الكثير من الأسرار وراءه.
ووحدة أخلوا بها للموت فأناديه طالبةً قدومه الآن
أنا لن أبكي على حضن أحد سواها وأنا بالفعل لم أكن أرغب البكاء لكني لم أستطع، بكيت وبكيت حتى ملأت الغابة كلها بصوت صراخي وبكائي.
لم أعطي رأي الخاص بأي من الملابس لكنه اشترى لي ما أردته وكأنه كان يقرأ مشاعري الداخلية ويحلل ردود فعلي.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
