أسفل تاغرين كالوم
الفصل 395 : أسفل تاغرين كالوم.
ملأ الشكل الملفوف لتنين كامل النمو تلك المساحة. لمعت قشورها البيضاء في الضوء الخافت الذي يخنق الزنزانة والطريقة التي إستقر بها رأسها الضخم على ذراعيها الأماميتين جعلها تبدو وكأنها نائمة.
الفصل 395 : أسفل تاغرين كالوم.
إنتشر صوت قدمي على طول الأرضية العارية للرواق الطويل، كان طويلا جدا… هل كان بهذا الطول من قبل؟ الأضواء الشاحبة تومض وتنطفئ تومض وتنطفئ.
أستطيع سماع الحمقى في الحشد وهم يهتفون، كما لو أن عالمي بأكمله لم يكن على وشك الزوال، كما لو أنه لن يقتلها.
جرى دمه على طول المعدن الأسود والأملس كالأنهار الصغيرة قبل أن يقطر على الأرض الرطبة.
متى أصيب صديقي بالعمى بسبب رغبته في الحكم؟. من بعيد بإمكاني رؤية قوس صغير لضوء شاحب في نهاية هذا النفق الذي بدا وكأنه يمتد من بداية حياتي إلى نهايتها.
“من فضلك قل لأغرونا أنني آسف. المنجل نيكو أخبره أنني سأعوضه. أنا أقسم!”.
تحرك شيء ما على يميني، إبتعدت عنه ثم تباطأت، أصبحت خطواتي المتسرعة عبارة عن حركات مراوغة جانبية محرجة حيث حاولت البقاء ساكنًا للمشاهدة والإستمرار في المضي قدمًا. من خلال نوع من النافذة في جدار الردهة كانت هناك صورة تتحرك.
قوة أغرونا شيء من هذا القبيل لكن الآن بالنظر إلى الوراء برأس واضح… سيسيليا.
تجمع مجموعة من المغامرين في مساحة صغيرة داخل الغابة. تذكرت غابات الوحوش، كان يتم تقديم صبي صغير يرتدي قناعًا أبيض يغطي وجهه ولكن ليس الشعر البني المحمر الملتف حوله.
“لست شابة إذن” قلت لنفسي بصوت عالٍ في الأروقة الصامتة للزنزانة.
“إيلايجا نايت الرتبة A ساحر ذو نواة برتقالية غامقة. تخصص واحد في الأرض”
الغضب الدائم إلتف داخلي مثل ثعبان الهاوية لكنني دفعته للأسفل مرة أخرى وسحبت رداء اللامبالاة الثقيل من حولي، بدلاً من إثارة نفسي أكثر من خلال مجادلة طائر العنقاء أدرت ظهري لها وإبتعدت.
مر الصوت من خلالي مثل صدمة كهربائية. كان صوتي… إلا أنه لم يكن كذلك، هذه ذاكرتي لكن ليست كذلك. إيلايجا نايت هو إسمي المزيف الذي نشأ في قارة ديكاثين عندما كانت نفسي الحقيقية خاضعة ومخفية – لا مأخوذة مني.
في الداخل من خلال حاجز المانا الشفاف الذي أغلق الغرفة تم تقييد إمرأة شابة بالسلاسل إلى الحائط، من اللون البرتقالي الناري لعينيها والطريقة التي يتساقط بها شعرها الأحمر مثل الريش ولون بشرتها الرمادي والأرجواني عرفت أنه لابد أن تكون أزوراس من سلالة طائر العنقاء.
إعتقدت أن معظم هذه الذكريات القديمة قد دفنت، لقد قمت بتطهيرهم. كان هدف إيلايجا هو الإقتراب من آرثر لكنه كان ضعيفًا، هو أداة خدمت الغرض منها وتم إهمالها. لم يكن هذا أنا. لم يكن أنا. هذه لم تكن ذكرياتي.
“يا لها من فوضى” قالها أحد الأضواء بينما يومض بعصبية.
بإمكاني سماع غراي وسيسيليا يتقاتلان من بعيد. دقت أصوات شفراتهم ضد بعضها البعض، كل رنين مدوي لضربة قاتلة دق في ذهني المكهرب.
ولكن بعد ذلك كنت نادمًا على التوقف للتحدث معها، لقد أدت محاولاتها للمقايضة بحريتها على الفور إلى الإخلال بالتوازن الهش لمشاعري وشعرت بأن الفراغ المبارك يتآكل بسبب غضبي، الإعتراف بهذا فقط سرع العملية.
بدأت في الجري مرة أخرى.
وجدت نفسي في ممر عريض عالي السقف، إستطعت أن أشعر بثقل سمة الأرض التي تضغط المانا حولي أينما كنت لا بد أني في مكان عميق تحت الأرض.
ظهرت المزيد من ذكريات الحياة القصيرة لـ إيلايجا نايت على كلا الجانبين: القبور الرهيبة، أكاديمية زيروس، علاقته المتزايدة مع أرثر، اللطف من ليوين وهيلستي وتيسيا إيراليث…
أستطيع سماع الحمقى في الحشد وهم يهتفون، كما لو أن عالمي بأكمله لم يكن على وشك الزوال، كما لو أنه لن يقتلها.
“كفى من هذه الأشياء’ أمرت.
منذ متى تتكلم الأضواء؟.
أنا لا أهتم. لا أريد هذه الذكريات.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
“يا لها من فوضى” قالها أحد الأضواء بينما يومض بعصبية.
تباطأت مرة أخرى محدقا فيه.
تباطأت مرة أخرى محدقا فيه.
“لن أدعك تجعلني أكرهها أيضًا” قلت في صمت بينما أنظر إلى السقف كما لو أن بإمكاني رؤية الأطنان من الحجارة التي فصلتنا في تلك اللحظة.
منذ متى تتكلم الأضواء؟.
بدأت في الجري مرة أخرى.
“هذا؟ إعتقدت أنه تم تنظيفه بشكل جيد. فبعد بضع ساعات أخرى لن يعرف حتى أنه قد جُرح” قال رجل جاء صوته من شاشة بعيدة في الزاوية بين السقف الضحل والجدار غير المزخرف في الرواق اللانهائي.
هذا هو المكان الذي جاءت منه قوة فريترا الحقيقية. لم يقبلوا أي عائق أمام سعيهم للمعرفة، لم يكن هناك شيء قاسٍ للغاية وغير إنساني بالنسبة لهم طالما أنه يطور فهمهم للعالم.
“ألم تسمع؟ تمت مهاجمة فيكور. تم محو منطقة إنطلاق الحرب في ديكاثين تمامًا من الخريطة” إستجاب الضوء بنبض من السطوع.
“أنت تعلمين أنني كنت هنا منذ أيام ولم أسمع أي شيء. ما هو الوقت حتى؟” نظر الرجل في الشاشة حوله بتعبير كوميدي مرهق على وجهه “لقد كنا الوحيدين هنا لساعات، أنا متعب مثل خنزير ووغارت بعد موسم التكاثر”
أطلقت المرأة شهيقًا مذهولًا ولعن الصوت الآخر عندما قعقع شيء معدني على الأرض.
“السيادة العظيم أنت مقزز في بعض الأحيان هل تعرف ذلك؟”.
توقفت وإستيقظت على الفور.
أسفل الشاشة أظهرت النافذة ذاكرة أخرى للشاب آرثر يدخل الغرفة التي تشاركناها في أكاديمية زيروس.
“كفى من هذه الأشياء’ أمرت.
“آرثر!” صرخ إيلايجا وأمسك آرثر بحزم.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
“هنا هنا نعم ما زلت على قيد الحياة لا يمكنك التخلص مني بهذه السهولة” جاء الرد الساخر.
بحذر شديد مددت يدي وضغطت بإصبع واحد على النواة لكن لم يحدث شيء. الرؤية لم تتكرر. لا جزيئات أرجوانية ولا رؤية متموجة، بعناية إلتقطت النواة وقلبتها في يدي.
“أعلم” قال إيلايجا بشهيق رطب “أنت مثل الصرصور”.
بدأت قدماي في التحرك من تلقاء نفسها متبعة الممر بينما تشتبك أفكاري في جمجمتي.
لقد شعرت بسعادة غامرة لعودة أعز أصدقائي، إرتفعت المرارة في حلقي. أفضل صديق لي قتل حبي الحقيقي الوحيد.
لقد كانت نواة. نواة التنين. نواة سيلفيا إندراث.
“لا” خرجت من خلال الأسنان المشدودة بينما الدموع تنهمر من زوايا عيني “أنا لا أهتم بأي من هذا. أين سيسيل؟ أرني سيسيليا!”.
ضغطت أصابعي على علامات الشق مرة أخرى، لقد فتح هذان الشخصان جرحي وبحثا هناك بفضول داخل جسدي، لم يسألوا ولم يخططوا حتى لإخباري.
شعرت أن الضوء يزداد سطوعًا تقريبًا كما لو أنه يميل نحوي.
الغضب الدائم إلتف داخلي مثل ثعبان الهاوية لكنني دفعته للأسفل مرة أخرى وسحبت رداء اللامبالاة الثقيل من حولي، بدلاً من إثارة نفسي أكثر من خلال مجادلة طائر العنقاء أدرت ظهري لها وإبتعدت.
“هل قال شيئًا؟” سأل.
إضطررت إلى أن أرمش مرتين للتأكد من أنني أرى الأشياء بشكل صحيح.
“اللعنة فلننتهي من تنظيفه وإعادته إلى غرفته” قال الرجل في الشاشة “لن يكون أغرونا سعيدًا إذا إستيقظ على الطاولة وأنا متأكد من أنني لا أريد أن أكون الشخص الذي يشرح له ما حدث”.
لم أشعر بأي غضب من هذا الأمر والذي بدا في حد ذاته رائعًا. كنت دائما غاضبا الآن، أعصابي تحترق مثل النار تحت بشرتي مباشرة وأي عاصفة من الشدائد تجعلها مشرقة وساخنة.
‘إستيقظ؟’ فكرت مرددا الكلمات في نفسي ‘لماذا…’
إعتقدت أن معظم هذه الذكريات القديمة قد دفنت، لقد قمت بتطهيرهم. كان هدف إيلايجا هو الإقتراب من آرثر لكنه كان ضعيفًا، هو أداة خدمت الغرض منها وتم إهمالها. لم يكن هذا أنا. لم يكن أنا. هذه لم تكن ذكرياتي.
‘حلم’ أدركت بصدمة ‘فقط حلم غبي’.
كانت حازمة ولكنها ليست غير لطيفة، إمرأة مجتهدة ساعدتني في تدريبي عندما كنت صغيرا. خادمة لدى ريديز.
‘إستيقظ!’ فتحت عيني.
الباب الثاني مغلق، سحبت الشريط من غلاف الكتاب وتركته يسقط بشدة على الأرض ثم فتحت الباب.
غطى الحجر المظلم والرطب لسقف منخفض رؤيتي، هناك قطعتان من القطع الأثرية المضيئة الساطعة على حوامل متحركة تضيء جذعي العاري المغطى بالدم.
كشط المعدن على الأرض وإستدرت لأرى رجلاً يرتدي نفس الرداء الأبيض، أعاد ببطء عدة دبابيس معدنية إلى صينية لابد أنه قد أسقطها عندما إستيقظت.
هناك شق على شكل صليب فوق عظمة قفصي الصدري، الحواف منزوعة بينما الجسد يتماسك ببطء مع بعضه البعض والجرح كله يلمع بمرهم ذو رائحة كيميائية.
“هذا؟ إعتقدت أنه تم تنظيفه بشكل جيد. فبعد بضع ساعات أخرى لن يعرف حتى أنه قد جُرح” قال رجل جاء صوته من شاشة بعيدة في الزاوية بين السقف الضحل والجدار غير المزخرف في الرواق اللانهائي.
إقتربت إمرأة برداء أحمر وركزت على تبليل قطعة قماش مربعة من وعاء على طاولة بجواري، ثم قابلت عيني وتجمدت. فتحت فمها ولكن لم يخرج أي صوت.
“وإذا لم يكن الأمر كذلك” قلت بصوت عالٍ لكنني توقفت متفاجئًا أن الخدر الذي شعرت به قد تم إلتقاطه بوضوح في صوتي، كنت على يقين من أن ضعف نواتي وسحري سيثير حفيظتي لاحقًا لكن الآن في الوقت الحالي وفي هذا المكان ضمن آثار ما فعله هؤلاء الباحثون بي شعرت بالهدوء فقط.
حاولت أن أتحرك لكني أدركت أن معصماي مقيدان إلى الطاولة، قمت بالركل وأكدت أن ساقي كذلك. توترت، صر الجلد السميك المنهك بينما يتمزق. نشأ في داخلي شعور بالذعر عندما تبلورت قوتي ثم إنقطعت الأسلاك أخيرًا وسمع صوت عالٍ عندما إرتد المسمار من الحائط.
لكني شعرت بأنها فارغة وبلا حياة كما لو أن أي تلميح من المانا الذي من الممكن إحتوائه في يوم من الأيام قد تم التخلص منه، عرفت أن إرادة التنين قد أعطيت لآرثر قبل وفاتها مباشرة . إذن ما هذا؟ هل يمكن أن يكون مجرد عضو ميت وفارغ مثل القلب يمر الدم منه؟.
أطلقت المرأة شهيقًا مذهولًا ولعن الصوت الآخر عندما قعقع شيء معدني على الأرض.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
“المنجل نيكو!” غمغمت المرأة ثم أخذت خطوة إلى الوراء وإنحنت.
لأنهم بالطبع لن يفعلوا ذلك. قتل كاديل تنينًا عجوزًا نصف ميت وهذا جعله “قاتل التنانين” لمدة خمسة عشر عامًا أخرى لكن إذا فعلت الشيء نفسه؟.. لا أغرونا سيعاقبني فقط على أفعالي، حتى لو ركضت إليه الآن وأخبرته أن سجينته الأزوراس تحاول الهرب فسوف يوبخني فقط لوجودي هنا أو يخبرني كيف أن ذلك لا يهم لأنه لا ينطوي على إرثه الثمين.
بيدي الحرة فتحت معصمي الآخر وجلست.
لقد أنقذتني سيسيليا. إستخدمت قوتها كإرث – سيطرتها المطلقة على المانا – لشفاء نواتي بعد أن دمرها غراي لكنها لم تكن قوية كما كانت من قبل، مع مرور الوقت ربما يمكنني إستعادة ما إمتلكته سابقا.
كنت أستريح على طاولة معدنية باردة في وسط غرفة معقمة وخالية إلى حد كبير، ضغط الهواء من حولي مثقلًا بالرطوبة. أنزلت المرأة قطعة القماش ببطء إلى الوعاء الموضوع على مقعد صغير بجوار صينية أدوات بعضها لا يزال ملطخًا بالدماء، تم ضغط طاولة أكبر على أحد الجدران ووضع العديد من الأدوات التي لم أتعرف عليها على الفور جنبًا إلى جنب مع دفتر ملاحظات مفتوح.
كانت خفيفًة جدًا لكن السطح قاس وغير مرن. لم أضغط عليها ومع ذلك أخشى أنه قد تكون هشة، لم أستطع حقًا أن أشرح لنفسي السبب لكنني لم أرغب في كسرها.
كشط المعدن على الأرض وإستدرت لأرى رجلاً يرتدي نفس الرداء الأبيض، أعاد ببطء عدة دبابيس معدنية إلى صينية لابد أنه قد أسقطها عندما إستيقظت.
كانت علامة من القماش تشير إلى بقعة على بعد حوالي ثلث الطريق إلى المجلد، عندما سحبت العلامة سقطت المخطوطة الثقيلة على صفحة ثانية بعنوان : “ملاحظات على فسيولوجيا التنين، النواة والتلاعب بالأثير”.
“ماذا قلت؟” سألته لكن عندما بدا الرجل مرتبكًا أدركت أنه قد مضى بعض الوقت منذ أن تحدث أي شخص “ما الذي لا تريد شرحه؟”.
كانت حازمة ولكنها ليست غير لطيفة، إمرأة مجتهدة ساعدتني في تدريبي عندما كنت صغيرا. خادمة لدى ريديز.
لم أكن متأكدًا مما يحدث أو أين أنا. آخر شيء أتذكره هو أنني كنت في فيكور و… غراي!.
إلى يميني إنفتح الممر على مساحة كبيرة بدت وكأنها تقاطع بين مختبر علمي وزنزانة، لقد كنت في العديد من المرافق المماثلة في تاغرين كالوم حيث تم حثي وإختباري.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
إقتربت إمرأة برداء أحمر وركزت على تبليل قطعة قماش مربعة من وعاء على طاولة بجواري، ثم قابلت عيني وتجمدت. فتحت فمها ولكن لم يخرج أي صوت.
أشعر بغرابة في نواتي، كما بة أنها ملكي ولكن ليست ملكي. تمامًا مثل ذكريات إيلايجا . شددت أسناني بسبب هذه الأفكار.
بسبب فضولي صعدت إلى حاجز المانا وأرحت يدي عليه، ضغطت بقوة أكبر وشبعت يدي بنار الروح على الرغم من الألم. تمزق الحاجز وإنسحب بعيدًا عن النيران، دخلت من خلاله وأغلقت الفتحة التي صنعتها.
إرتفع رمح حديدي ودموي من الظل تحت الطاولة وغرق في صدر الرجل، إنتفخت عيناه بجنون بينما يخدش الرمح لكن حركاته سرعان ما أصبحت خاملة وفي غضون ثوانٍ سقط جسده.
هزت رأسها وهي الحركة الحقيقية الوحيدة التي سمحت بها السلاسل السوداء السميكة التي ربطتها.
جرى دمه على طول المعدن الأسود والأملس كالأنهار الصغيرة قبل أن يقطر على الأرض الرطبة.
“كفى من هذه الأشياء’ أمرت.
مزقت المخالب الجليدية بداخلي، أصبحت نواتي مثل كرة ثقيلة من الألم في عظمة القفص الصدري، هذا كل ما يمكنني فعله للتمسك بالسحر.
تجمع مجموعة من المغامرين في مساحة صغيرة داخل الغابة. تذكرت غابات الوحوش، كان يتم تقديم صبي صغير يرتدي قناعًا أبيض يغطي وجهه ولكن ليس الشعر البني المحمر الملتف حوله.
“ماذا حدث لي…” أعدت نظري إلى المرأة ممسكًا مرفقي من الإرتجاف “ماذا كنتم تفعلون بي؟”.
لم أكن مستعدًا لمواجهة أيٍّ من ذلك حتى الآن، لا خيبة أمل أغرونا أو قلق سيسيليا. في الأسفل هنا في الزنزانات الرائعة شعرت بالوحدة كما في المنزل. من الصعب أن أعترف بذلك حتى لنفسي لكنني أستمتع بالهدوء اللامبالي الذي حل محل الغضب المستمر دائمًا في صدري.
تراجعت خطوة إلى الوراء لكنها أصيبت بالشلل بسبب نظرتي “السيادة العليا… هو… هو… “.
لقد فهمت قوته وعرفت أنه إذا إستخدمتها عدة مرات لظل هذا الشعور الجيد دائما. لم أتناول الكحول أبدًا لكنني رأيت أشخاصًا يسلمون أنفسهم بالكامل ويغرقون في زجاجة من أجل تهدئة ألم الماضي والنسيان.
رفعت كلتا يديها فظهر بيننا درع ضعيف من اللون الأزرق الفاتح الشفاف، إستدارت للركض لكنها إصطدمت برمح أخر، من زاويتي خرج الرمح الحاد من أسفل ظهرها وبدت حلقة قرمزية تلطخ رداءها الأبيض.
غطى الحجر المظلم والرطب لسقف منخفض رؤيتي، هناك قطعتان من القطع الأثرية المضيئة الساطعة على حوامل متحركة تضيء جذعي العاري المغطى بالدم.
إندلع العرق البارد عبر جبيني بسبب الجهد المبذول في الإلقاء بالإضافة إلى الألم الذي سببه لي، إرتجفت ذراعي عندما كسرت قيود الكاحل وإضطررت إلى دعم نفسي على الطاولة الجانبية أثناء تحركي نحو مقدمة المرأة.
لذا إتبعت المدخل – فضولي – لمعرفة الأسرار التي قد تكون مدفونة تحت تاغرين كالوم.
دخل الرمح فوق وركها مباشرة وثبتها في مكانها لكنها رفيعة وشكلها ضعيف ويرتجف مثلي تمامًا.
“هل تعرفينني؟” سألت متفاجئًا حقًا.
على الرغم من الألم والإرهاق أمسكت بذقنها وأجبرتها على مواجهتي.
كنت أريدها أن تثق بي بشدة لدرجة أنني توسلت من أغرونا أن يزرع تلك الثقة في عقلها حتى أنه غير ذكريات حياتنا الماضية معًا، كل ما أردته هو أن أكون معها لأحافظ على سلامتها وأمنحها حياة خالية من الألم والتعذيب الذي عانته بسبب حوض الكي التي كانت عليه – لأن بعض الحمقى إعتقدوا أنها شيء يسمى الإرث – لكنني لم أثق بها، لم أثق بها أبدًا لتتمكن من الإعتناء بنفسها ومعرفة ما هو الأفضل لها.
“ماذا كنتم تفعلون بي؟”.
في ذكريات إيلايجا التي لا تزال تظهر على السطح وجدت وصفًا مألوفًا لهذه الأزوراس، أخبرني آرثر كل شيء عن التنين الجريح الذي أنقذ حياته وأعطاه البيضة التي فقست وأصبحت سيلفي.
“أردنا أن نفهم… فحصنا نواتك… “إنها” تلتئم لكنها… ليست مثالية…”.
“ماذا تعرفين عن التناسخ؟”.
ضغطت أصابعي على علامات الشق مرة أخرى، لقد فتح هذان الشخصان جرحي وبحثا هناك بفضول داخل جسدي، لم يسألوا ولم يخططوا حتى لإخباري.
أطلقت المرأة شهيقًا مذهولًا ولعن الصوت الآخر عندما قعقع شيء معدني على الأرض.
لم أشعر بأي غضب من هذا الأمر والذي بدا في حد ذاته رائعًا. كنت دائما غاضبا الآن، أعصابي تحترق مثل النار تحت بشرتي مباشرة وأي عاصفة من الشدائد تجعلها مشرقة وساخنة.
بدأت قدماي في التحرك من تلقاء نفسها متبعة الممر بينما تشتبك أفكاري في جمجمتي.
بإستثناء…
ترجمة : ozy تدقيق: NERO -+-
نظرت إلى المرأة، حقا نظرت إليها. كانت ذات عيون بنية باهتة غير ملحوظة وشعر يشبه الفأر يلائمها تمامًا. ظلت خطوط القلق محفورة على وجهها ولديها بقع من الجلد الممضوغ على شفتيها، يمكنني أن أتخيلها وهي تقضم بفضول عصبي بينما تنظر إلى داخلي كما لو كنت ضفدعًا مثبتًا على الطاولة.
قفزت نيران الروح إلى الحياة فوق معدن الرمح ثم تحرك على درب دمها وصولاً إلى جسدها، تدحرجت عيناها البنيتان في رأسها وصرخت لكن للحظة فقط، إشتعلت النيران في رئتيها وأصبحت ميتة، ليس لأنني كنت غاضبًا ولكن ببساطة لأنها لم تكن مهمة.
“ماذا حدث في فيكتورياد؟ هل أمسكنا غراي؟ قمنا بقتله؟”.
‘حلم’ أدركت بصدمة ‘فقط حلم غبي’.
قرأت الجواب في وجه المرأة، إتسعت عيناها وتسربت دموع الخوف مختلطة مع قطرات المخاط من أنفها، فتحت شفتاها ثم إنقبضتا وعملت عضلات فكها بصمت.
بإستثناء…
شعرت… بلا شيء.
كان صوتها مثل الجمر الدافئ، الذي إشتعلت فيه النيران سابقا، شعرت باليقين أن خذه لأزوراس مستنزفة.
قفزت نيران الروح إلى الحياة فوق معدن الرمح ثم تحرك على درب دمها وصولاً إلى جسدها، تدحرجت عيناها البنيتان في رأسها وصرخت لكن للحظة فقط، إشتعلت النيران في رئتيها وأصبحت ميتة، ليس لأنني كنت غاضبًا ولكن ببساطة لأنها لم تكن مهمة.
إقتربت إمرأة برداء أحمر وركزت على تبليل قطعة قماش مربعة من وعاء على طاولة بجواري، ثم قابلت عيني وتجمدت. فتحت فمها ولكن لم يخرج أي صوت.
قمت بإلغاء الرماح الحديدية الدموية التي إستدعيتها وتركت الجثث تسقط على الأرض بشكل غير رسمي ثم عدت مرة أخرى إلى الحائط وجلست، هنا بإمكاني فقط إنتظار زوال الألم والضعف.
“السيادة كيروس؟” سألت بذهول.
عاد إنتباهي إلى الغرفة.
على الرغم من الألم والإرهاق أمسكت بذقنها وأجبرتها على مواجهتي.
هناك مخرجان. من خلال باب مفتوح بإمكاني رؤية غرفة صغيرة بها مكتب ورفوف مليئة باللفائف والمجلات، بعد بضع دقائق من الراحة دفعت بنفسي على الحائط وتحركت للتحقق من المحتويات لكن لم يكن هناك شيء يثير إهتمامي، ومع ذلك فقد تحركت مرة أخرى إلى الكتاب المفتوح على الطاولة في غرفة الفحص.
كنت أريدها أن تثق بي بشدة لدرجة أنني توسلت من أغرونا أن يزرع تلك الثقة في عقلها حتى أنه غير ذكريات حياتنا الماضية معًا، كل ما أردته هو أن أكون معها لأحافظ على سلامتها وأمنحها حياة خالية من الألم والتعذيب الذي عانته بسبب حوض الكي التي كانت عليه – لأن بعض الحمقى إعتقدوا أنها شيء يسمى الإرث – لكنني لم أثق بها، لم أثق بها أبدًا لتتمكن من الإعتناء بنفسها ومعرفة ما هو الأفضل لها.
الملاحظات مختزلة بالرونية. قلبت خلال عدة صفحات حتى فهمت ذلك ثم قضيت بضع دقائق أخرى في الإطلاع على المحتويات.
تزحلقت حتى توقفت. تنفست بصعوبة.
أكدت فقط ما خمنته بالفعل.
“ستقول له أليس كذلك؟” ومضت عيناه الحمراوان وضيقت إلى شقوق، إنتشرت قشور ذهبية على جلده “قل له!”.
لقد أنقذتني سيسيليا. إستخدمت قوتها كإرث – سيطرتها المطلقة على المانا – لشفاء نواتي بعد أن دمرها غراي لكنها لم تكن قوية كما كانت من قبل، مع مرور الوقت ربما يمكنني إستعادة ما إمتلكته سابقا.
بحذر شديد مددت يدي وضغطت بإصبع واحد على النواة لكن لم يحدث شيء. الرؤية لم تتكرر. لا جزيئات أرجوانية ولا رؤية متموجة، بعناية إلتقطت النواة وقلبتها في يدي.
أغرونا سيسمح لي برون أو رونين آخرين أنا على يقين، هذا من شأنه أن يجبر نواتي على النقاء بسرعة.
لقد كانت نواة. نواة التنين. نواة سيلفيا إندراث.
“وإذا لم يكن الأمر كذلك” قلت بصوت عالٍ لكنني توقفت متفاجئًا أن الخدر الذي شعرت به قد تم إلتقاطه بوضوح في صوتي، كنت على يقين من أن ضعف نواتي وسحري سيثير حفيظتي لاحقًا لكن الآن في الوقت الحالي وفي هذا المكان ضمن آثار ما فعله هؤلاء الباحثون بي شعرت بالهدوء فقط.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
لا ولا حتى الهدوء. لم أشعر بشيء. ربما بإستثناء شعور خفيف بالفضول.
إحتوت كل زنزانة في الممرات على مشهد مشابه: جثث رجال ونساء من بشر وجان وألكريان ووحوش مانا وحتى رجل ذو قرن أعتقد أنه يجب أن يكون بازيليسك نصف متحول.
الباب الثاني مغلق، سحبت الشريط من غلاف الكتاب وتركته يسقط بشدة على الأرض ثم فتحت الباب.
شعرت أن الضوء يزداد سطوعًا تقريبًا كما لو أنه يميل نحوي.
وجدت نفسي في ممر عريض عالي السقف، إستطعت أن أشعر بثقل سمة الأرض التي تضغط المانا حولي أينما كنت لا بد أني في مكان عميق تحت الأرض.
إمتدت يدي إلى الجرح على شكل الصليب على عظمة قفصي الصدري، لقد وصلت إلى المانا. أتذكر كابوس عن نواتي وهي تتدمر في حواف عقلي.
إلى يميني إنفتح الممر على مساحة كبيرة بدت وكأنها تقاطع بين مختبر علمي وزنزانة، لقد كنت في العديد من المرافق المماثلة في تاغرين كالوم حيث تم حثي وإختباري.
“لا لكني أشم رائحة ولادة جديدة في خلاياك، أنت متناسخ”.
أحرقت العصارة المرة مؤخرة حلقي وبصقت على الأرض.
إرتفعت حواجبي بينما أقترب خطوة من حاجز المانا.
لم يكن المختبر مشغولاً حاليًا ولم أشعر بأي شيء مثير للإهتمام في هذا الإتجاه لذا إستدرت يسارًا بدلاً من ذلك، العديد من مصادر المانا تشع بضعف في أسفل القاعة ولم أكن في عجلة من أمري للعودة إلى القلعة أعلاه، الجروح في صدري العاري تتسبب في حكة ووجع في قلبي.
مررت بالزنازين القليلة التالية دون أن أركز عليها أو حتى من معرفة إحتوائها على مزيد من السجناء، لا أحد مثير للإهتمام مثل طائر العنقاء أزوراس…
لم أكن مستعدًا لمواجهة أيٍّ من ذلك حتى الآن، لا خيبة أمل أغرونا أو قلق سيسيليا. في الأسفل هنا في الزنزانات الرائعة شعرت بالوحدة كما في المنزل. من الصعب أن أعترف بذلك حتى لنفسي لكنني أستمتع بالهدوء اللامبالي الذي حل محل الغضب المستمر دائمًا في صدري.
الفصل 395 : أسفل تاغرين كالوم.
لذا إتبعت المدخل – فضولي – لمعرفة الأسرار التي قد تكون مدفونة تحت تاغرين كالوم.
إحتوت كل زنزانة في الممرات على مشهد مشابه: جثث رجال ونساء من بشر وجان وألكريان ووحوش مانا وحتى رجل ذو قرن أعتقد أنه يجب أن يكون بازيليسك نصف متحول.
حجر الأرضية والجدران تشوبهم أحيانًا حفر مثل علامات المخالب والدم القديم الذي تغير لونه، تم فتح المعامل والمكاتب وغرف الجراحة من كلا الجانبين بعضها مغلق والبعض الآخر مفتوح لكن جميعها فارغة وغير مثيرة للإهتمام.
قرأت الجواب في وجه المرأة، إتسعت عيناها وتسربت دموع الخوف مختلطة مع قطرات المخاط من أنفها، فتحت شفتاها ثم إنقبضتا وعملت عضلات فكها بصمت.
أخيرا وصلت إلى الزنزانة الأولى.
جرى دمه على طول المعدن الأسود والأملس كالأنهار الصغيرة قبل أن يقطر على الأرض الرطبة.
يفصل حاجز إهتزازي لقوة طاردة الزنزانة عن الردهة. داخل المربع الذي يبلغ مساحته 10 على 10 هناك ثلاث جثث عارية لأقزام معلقين بواسطة خطافات في أرجلهم، فتحت أجسادهم بشكل غريب ولحم بطونهم مثبت بمسامير ومشابك على جوانبهم. الفراغ في جذعهم قد تم تجويفه وإزالة جميع الأعضاء.
قمت بإلغاء الرماح الحديدية الدموية التي إستدعيتها وتركت الجثث تسقط على الأرض بشكل غير رسمي ثم عدت مرة أخرى إلى الحائط وجلست، هنا بإمكاني فقط إنتظار زوال الألم والضعف.
قمت بمسح تفاصيل وجوههم بحثًا في ذكريات إيلايجا المغمورة عن بعض الصلة بهذه الجثث.
شعرت أن الضوء يزداد سطوعًا تقريبًا كما لو أنه يميل نحوي.
الرجلين لم أجد ذاكرة لهما لكن هناك شيء مألوف في الخطوط الممتلئة لوجه الشخصية الثالثة. معلقة مثل لوح من اللحم المفروم وفكها مفكوك ولسانها المنتفخ يملأ فمها بدت وحشية وغير واقعية لكن ذكرياتي عنها مختلفة.
“هل تعرفينني؟” سألت متفاجئًا حقًا.
كانت حازمة ولكنها ليست غير لطيفة، إمرأة مجتهدة ساعدتني في تدريبي عندما كنت صغيرا. خادمة لدى ريديز.
لقد كانت نواة. نواة التنين. نواة سيلفيا إندراث.
على الرغم من أنها معلمة قاسية إلا أنها لم تضربني أو تقوم بالتجارب علي أبدًا على عكس الكثيرين في تاغرين كالوم. يجب أن أتذكر إسمها.
متبلد الإحساس، أزاحت المرض الذي إجتاح أحشائي.
لكني لم أفعل.
كانت خفيفًة جدًا لكن السطح قاس وغير مرن. لم أضغط عليها ومع ذلك أخشى أنه قد تكون هشة، لم أستطع حقًا أن أشرح لنفسي السبب لكنني لم أرغب في كسرها.
إبتعدت عن الجثث والإرتباك المزعج الذي أحدثته في أحشائي ولم أكن مستعدًا بعد للتخلي عن الجمود الذي يلف نفسه من حولي مثل بطانية من الصوف الثقيل.
ظهرت المزيد من ذكريات الحياة القصيرة لـ إيلايجا نايت على كلا الجانبين: القبور الرهيبة، أكاديمية زيروس، علاقته المتزايدة مع أرثر، اللطف من ليوين وهيلستي وتيسيا إيراليث…
إحتوت كل زنزانة في الممرات على مشهد مشابه: جثث رجال ونساء من بشر وجان وألكريان ووحوش مانا وحتى رجل ذو قرن أعتقد أنه يجب أن يكون بازيليسك نصف متحول.
“هذا؟ إعتقدت أنه تم تنظيفه بشكل جيد. فبعد بضع ساعات أخرى لن يعرف حتى أنه قد جُرح” قال رجل جاء صوته من شاشة بعيدة في الزاوية بين السقف الضحل والجدار غير المزخرف في الرواق اللانهائي.
تم تبطين جدران الزنازين بطاولات تحتوي على أكوام من الملاحظات والصواني بها عظام ومخلفات مكدسة ومرقمة وبقع من اللحم وأي أدوات ترقيم لغرض حصاد هذه الأشياء.
منذ متى تتكلم الأضواء؟.
هذا هو المكان الذي جاءت منه قوة فريترا الحقيقية. لم يقبلوا أي عائق أمام سعيهم للمعرفة، لم يكن هناك شيء قاسٍ للغاية وغير إنساني بالنسبة لهم طالما أنه يطور فهمهم للعالم.
هناك شق على شكل صليب فوق عظمة قفصي الصدري، الحواف منزوعة بينما الجسد يتماسك ببطء مع بعضه البعض والجرح كله يلمع بمرهم ذو رائحة كيميائية.
إنتهى هذا المدخل عند التقاطع بممر عمودي مليء بالزنازين مرة أخرى. لم أشعر بأي إهتمام على يميني لذا إتبعت توقيعات المانا الغامضة إلى اليسار.
بدا العالم وكأنه يستقر في مكانه من حولي. الخوف والقلق والإحباط والإشمئزاز من الذات جميعًا لا يزالون موجودين ويتشبثون بي مثل مليون عنكبوت صغير لكن كل نفس دفعت المزيد من الذعر إلى جسدي وتحولت الرغبة في الفرار إلى إرهاق عميق، لولا ما كنت أراه لإستلقيت وأغمضت عيني على الأرض لكنني لم أستطع رفع عيني عن محتويات الزنزانة أمامي.
لقد نشأت من الزنزانة الأولى التي أتيت إليها.
أنا بحاجة للعثور على سيسيليا.
في الداخل من خلال حاجز المانا الشفاف الذي أغلق الغرفة تم تقييد إمرأة شابة بالسلاسل إلى الحائط، من اللون البرتقالي الناري لعينيها والطريقة التي يتساقط بها شعرها الأحمر مثل الريش ولون بشرتها الرمادي والأرجواني عرفت أنه لابد أن تكون أزوراس من سلالة طائر العنقاء.
لمحت الزنازين على جانبي، شعرت وكأن الممر يتجلى من حولي ويتقشر بينما يتركني مكشوفًا، وملاذ ظلامه البارد أصبح فجأة فخًا لم أستطع الهروب منه.
“لست شابة إذن” قلت لنفسي بصوت عالٍ في الأروقة الصامتة للزنزانة.
إلتفتت طائر العنقاء وبدا أن عيناها المحترقة تبتلعني “لا أقارن بك، الطفل من عالم آخر”
متبلد الإحساس، أزاحت المرض الذي إجتاح أحشائي.
كان صوتها مثل الجمر الدافئ، الذي إشتعلت فيه النيران سابقا، شعرت باليقين أن خذه لأزوراس مستنزفة.
“هل تعرفينني؟” سألت متفاجئًا حقًا.
“هل تعرفينني؟” سألت متفاجئًا حقًا.
“الجدة سيلفيا” إنزلق الإسم من شفتي دون نية ولكن بمجرد أن سمعته كنت متأكدًا من صحته.
هزت رأسها وهي الحركة الحقيقية الوحيدة التي سمحت بها السلاسل السوداء السميكة التي ربطتها.
إضطررت إلى أن أرمش مرتين للتأكد من أنني أرى الأشياء بشكل صحيح.
“لا لكني أشم رائحة ولادة جديدة في خلاياك، أنت متناسخ”.
إندلع العرق البارد عبر جبيني بسبب الجهد المبذول في الإلقاء بالإضافة إلى الألم الذي سببه لي، إرتجفت ذراعي عندما كسرت قيود الكاحل وإضطررت إلى دعم نفسي على الطاولة الجانبية أثناء تحركي نحو مقدمة المرأة.
إرتفعت حواجبي بينما أقترب خطوة من حاجز المانا.
أحرقت العصارة المرة مؤخرة حلقي وبصقت على الأرض.
“ماذا تعرفين عن التناسخ؟”.
مزقت المخالب الجليدية بداخلي، أصبحت نواتي مثل كرة ثقيلة من الألم في عظمة القفص الصدري، هذا كل ما يمكنني فعله للتمسك بالسحر.
حركت رأسها قليلاً بينما تنظر إلي فجأة ذكرتني كثيرًا بالصورة الشبيهة بالطيور التي غالبًا ما تستخدم لتمثيل طائر العنقاء.
لكني لم أفعل.
“نوعي يعرف الكثير عن إعادة البعث. هل ترغب في فهم ما أنت عليه بشكل كامل؟ سأتبادل المعرفة بالحرية، حررني وساعدني في الهروب من هذا المكان وسأخذك إلى أحكم أفراد عشيرتي أولئك الذين سلكوا طريق الموت وعادوا”
الفصل 395 : أسفل تاغرين كالوم.
شعلة من غضبي القديم احترقت تحت بشرتي. إبتعدت خطوة عن الزنزانة فقد ذبل فضولي.
كل ما فعلته من أجل أغرونا في هذه الحياة هو لتأمين تناسخ سيسيليا، كل شىء. لا شيء مهم سوى أن لدينا فرصة في الحياة معًا خارج هذا العالم. أغرونا سوف يتعامل مع ذلك.
“أنا غير مهتم بالمفاوضة معك أيتها الأزوراس وبالتأكيد لن أعمل ضد أغرونا لمساعدتك، إذا كنت لا تريدين محادثتي يمكنك العودة إلى الصمت الذي يبتلعك ببطء”.
ضغطت أصابعي على علامات الشق مرة أخرى، لقد فتح هذان الشخصان جرحي وبحثا هناك بفضول داخل جسدي، لم يسألوا ولم يخططوا حتى لإخباري.
سقط رأسها على صدرها لأنها أطلقت تنهيدة إنهزام ثم رفعته ببطء مرة أخرى حتى تتمكن من النظر في عيني “إذهب إذا بحثًا عن موافقة البازيليسك المجنون أيها الحيوان الأحمق الصغير الباكي عندما ينتهي بك الأمر إلى حيث أنا ربما ستفهم”.
“إيلايجا نايت الرتبة A ساحر ذو نواة برتقالية غامقة. تخصص واحد في الأرض”
الغضب الدائم إلتف داخلي مثل ثعبان الهاوية لكنني دفعته للأسفل مرة أخرى وسحبت رداء اللامبالاة الثقيل من حولي، بدلاً من إثارة نفسي أكثر من خلال مجادلة طائر العنقاء أدرت ظهري لها وإبتعدت.
إهتز جسدي بالكامل وشعرت بالدوار، تمايلت إلى الأمام وألقيت نفسي على أنف جثة التنين الباردة.
مررت بالزنازين القليلة التالية دون أن أركز عليها أو حتى من معرفة إحتوائها على مزيد من السجناء، لا أحد مثير للإهتمام مثل طائر العنقاء أزوراس…
كنت أريدها أن تثق بي بشدة لدرجة أنني توسلت من أغرونا أن يزرع تلك الثقة في عقلها حتى أنه غير ذكريات حياتنا الماضية معًا، كل ما أردته هو أن أكون معها لأحافظ على سلامتها وأمنحها حياة خالية من الألم والتعذيب الذي عانته بسبب حوض الكي التي كانت عليه – لأن بعض الحمقى إعتقدوا أنها شيء يسمى الإرث – لكنني لم أثق بها، لم أثق بها أبدًا لتتمكن من الإعتناء بنفسها ومعرفة ما هو الأفضل لها.
ولكن بعد ذلك كنت نادمًا على التوقف للتحدث معها، لقد أدت محاولاتها للمقايضة بحريتها على الفور إلى الإخلال بالتوازن الهش لمشاعري وشعرت بأن الفراغ المبارك يتآكل بسبب غضبي، الإعتراف بهذا فقط سرع العملية.
“هل قال شيئًا؟” سأل.
سمعت « الحيوان الأحمق الصغير الباكي في رأسي » مرارًا وتكرارًا. فكرت ببساطة في العودة إلى الوراء وقتلها حيث أنها مقيدة بالسلاسل إلى الحائط، تساءلت هل سيطلقون عليّ إسم “قاتل الأزوراس” إذا فعلت ذلك؟ إن الفكرة لا تؤدي إلا إلى إثارة غضب أعصابي.
“ستقول له أليس كذلك؟” ومضت عيناه الحمراوان وضيقت إلى شقوق، إنتشرت قشور ذهبية على جلده “قل له!”.
لأنهم بالطبع لن يفعلوا ذلك. قتل كاديل تنينًا عجوزًا نصف ميت وهذا جعله “قاتل التنانين” لمدة خمسة عشر عامًا أخرى لكن إذا فعلت الشيء نفسه؟.. لا أغرونا سيعاقبني فقط على أفعالي، حتى لو ركضت إليه الآن وأخبرته أن سجينته الأزوراس تحاول الهرب فسوف يوبخني فقط لوجودي هنا أو يخبرني كيف أن ذلك لا يهم لأنه لا ينطوي على إرثه الثمين.
لكني لم أفعل.
توقفت وإستيقظت على الفور.
إهتز جسدي بالكامل وشعرت بالدوار، تمايلت إلى الأمام وألقيت نفسي على أنف جثة التنين الباردة.
“لن أدعك تجعلني أكرهها أيضًا” قلت في صمت بينما أنظر إلى السقف كما لو أن بإمكاني رؤية الأطنان من الحجارة التي فصلتنا في تلك اللحظة.
شعلة من غضبي القديم احترقت تحت بشرتي. إبتعدت خطوة عن الزنزانة فقد ذبل فضولي.
كل ما فعلته من أجل أغرونا في هذه الحياة هو لتأمين تناسخ سيسيليا، كل شىء. لا شيء مهم سوى أن لدينا فرصة في الحياة معًا خارج هذا العالم. أغرونا سوف يتعامل مع ذلك.
“هنا هنا نعم ما زلت على قيد الحياة لا يمكنك التخلص مني بهذه السهولة” جاء الرد الساخر.
سوف تفهم.
حاولت أن أتحرك لكني أدركت أن معصماي مقيدان إلى الطاولة، قمت بالركل وأكدت أن ساقي كذلك. توترت، صر الجلد السميك المنهك بينما يتمزق. نشأ في داخلي شعور بالذعر عندما تبلورت قوتي ثم إنقطعت الأسلاك أخيرًا وسمع صوت عالٍ عندما إرتد المسمار من الحائط.
بدأت قدماي في التحرك من تلقاء نفسها متبعة الممر بينما تشتبك أفكاري في جمجمتي.
الرجلين لم أجد ذاكرة لهما لكن هناك شيء مألوف في الخطوط الممتلئة لوجه الشخصية الثالثة. معلقة مثل لوح من اللحم المفروم وفكها مفكوك ولسانها المنتفخ يملأ فمها بدت وحشية وغير واقعية لكن ذكرياتي عنها مختلفة.
هناك شيء مختلف بداخلي. إنجرفت يدي إلى عظمة القفص الصدري وضغطت أصابعي على الجسد الذي لا يزال يتعافى لكنه لم يكن قلبي الذي كنت أشعر به.
هناك شق على شكل صليب فوق عظمة قفصي الصدري، الحواف منزوعة بينما الجسد يتماسك ببطء مع بعضه البعض والجرح كله يلمع بمرهم ذو رائحة كيميائية.
الأمر كما لو أن بابًا قد إنفتح مما ترك نسيمًا حارًا يتدفق عبر الزوايا المظلمة من عقلي، تمامًا كما هو الحال مع ذكريات إيلايجا – الذكريات المدفونة والمكبوتة لسنوات حتى الآن – كنت أشعر وأتذكر الأشياء بشكل مختلف عما كانت عليه قبل فيكتورياد.
نظرت إلى المرأة، حقا نظرت إليها. كانت ذات عيون بنية باهتة غير ملحوظة وشعر يشبه الفأر يلائمها تمامًا. ظلت خطوط القلق محفورة على وجهها ولديها بقع من الجلد الممضوغ على شفتيها، يمكنني أن أتخيلها وهي تقضم بفضول عصبي بينما تنظر إلى داخلي كما لو كنت ضفدعًا مثبتًا على الطاولة.
أيا ما فعلته سيسيليا فقد غيرت أكثر من مجرد نواتي.
“هل تعرفينني؟” سألت متفاجئًا حقًا.
لقد كسرت تعويذات أغرونا في ذهني.
متى أصيب صديقي بالعمى بسبب رغبته في الحكم؟. من بعيد بإمكاني رؤية قوس صغير لضوء شاحب في نهاية هذا النفق الذي بدا وكأنه يمتد من بداية حياتي إلى نهايتها.
متبلد الإحساس، أزاحت المرض الذي إجتاح أحشائي.
كنت أريدها أن تثق بي بشدة لدرجة أنني توسلت من أغرونا أن يزرع تلك الثقة في عقلها حتى أنه غير ذكريات حياتنا الماضية معًا، كل ما أردته هو أن أكون معها لأحافظ على سلامتها وأمنحها حياة خالية من الألم والتعذيب الذي عانته بسبب حوض الكي التي كانت عليه – لأن بعض الحمقى إعتقدوا أنها شيء يسمى الإرث – لكنني لم أثق بها، لم أثق بها أبدًا لتتمكن من الإعتناء بنفسها ومعرفة ما هو الأفضل لها.
كم من ما في رأسي هو أنا؟ وكم هو أغرونا؟.
لقد جعلني هذا التمرد البسيط أشعر بالضوء بشكل غير متوقع مما ساعدني على صد الفيضان الهائل من المشاعر التي شعرت بها منذ دقائق فقط.
لقد فهمت قوته وعرفت أنه إذا إستخدمتها عدة مرات لظل هذا الشعور الجيد دائما. لم أتناول الكحول أبدًا لكنني رأيت أشخاصًا يسلمون أنفسهم بالكامل ويغرقون في زجاجة من أجل تهدئة ألم الماضي والنسيان.
وجدت نفسي في ممر عريض عالي السقف، إستطعت أن أشعر بثقل سمة الأرض التي تضغط المانا حولي أينما كنت لا بد أني في مكان عميق تحت الأرض.
قوة أغرونا شيء من هذا القبيل لكن الآن بالنظر إلى الوراء برأس واضح… سيسيليا.
إنتشر صوت قدمي على طول الأرضية العارية للرواق الطويل، كان طويلا جدا… هل كان بهذا الطول من قبل؟ الأضواء الشاحبة تومض وتنطفئ تومض وتنطفئ.
لقد فعلت ذلك لسيسيليا. لقد تركت أغرونا يتلاعب بعقلها – ساعدته وقدمت إقتراحات ومطالب – تفاقم شعور المرض إلى غثيان وإرتخيت على الجدار بين زنزانتين.
بإمكاني سماع غراي وسيسيليا يتقاتلان من بعيد. دقت أصوات شفراتهم ضد بعضها البعض، كل رنين مدوي لضربة قاتلة دق في ذهني المكهرب.
كنت أريدها أن تثق بي بشدة لدرجة أنني توسلت من أغرونا أن يزرع تلك الثقة في عقلها حتى أنه غير ذكريات حياتنا الماضية معًا، كل ما أردته هو أن أكون معها لأحافظ على سلامتها وأمنحها حياة خالية من الألم والتعذيب الذي عانته بسبب حوض الكي التي كانت عليه – لأن بعض الحمقى إعتقدوا أنها شيء يسمى الإرث – لكنني لم أثق بها، لم أثق بها أبدًا لتتمكن من الإعتناء بنفسها ومعرفة ما هو الأفضل لها.
لقد فهمت قوته وعرفت أنه إذا إستخدمتها عدة مرات لظل هذا الشعور الجيد دائما. لم أتناول الكحول أبدًا لكنني رأيت أشخاصًا يسلمون أنفسهم بالكامل ويغرقون في زجاجة من أجل تهدئة ألم الماضي والنسيان.
كانت تريد أن تعرف. كان علي أن أخبرها.
في ذكريات إيلايجا التي لا تزال تظهر على السطح وجدت وصفًا مألوفًا لهذه الأزوراس، أخبرني آرثر كل شيء عن التنين الجريح الذي أنقذ حياته وأعطاه البيضة التي فقست وأصبحت سيلفي.
صدى أقرب درع مانا بشكل فظيع عندما ضغط أحد مساجين الزنزانة عليه. قفزت للخلف وقلبي يدق بسرعة.
الغضب الدائم إلتف داخلي مثل ثعبان الهاوية لكنني دفعته للأسفل مرة أخرى وسحبت رداء اللامبالاة الثقيل من حولي، بدلاً من إثارة نفسي أكثر من خلال مجادلة طائر العنقاء أدرت ظهري لها وإبتعدت.
إضطررت إلى أن أرمش مرتين للتأكد من أنني أرى الأشياء بشكل صحيح.
على الرغم من أنها معلمة قاسية إلا أنها لم تضربني أو تقوم بالتجارب علي أبدًا على عكس الكثيرين في تاغرين كالوم. يجب أن أتذكر إسمها.
“من فضلك قل لأغرونا أنني آسف. المنجل نيكو أخبره أنني سأعوضه. أنا أقسم!”.
“الجدة سيلفيا” إنزلق الإسم من شفتي دون نية ولكن بمجرد أن سمعته كنت متأكدًا من صحته.
“السيادة كيروس؟” سألت بذهول.
أسفل الشاشة أظهرت النافذة ذاكرة أخرى للشاب آرثر يدخل الغرفة التي تشاركناها في أكاديمية زيروس.
الأزوراس الكبير يرتدي خرقًا ممزقة وشعره ملتصق بأقفال متسخة ومتعرجة حول قرنيه، النقاط تتلألأ بالطاقة حيث لامس حاجز المانا الذي يحتويه.
‘حلم’ أدركت بصدمة ‘فقط حلم غبي’.
“ستقول له أليس كذلك؟” ومضت عيناه الحمراوان وضيقت إلى شقوق، إنتشرت قشور ذهبية على جلده “قل له!”.
لا بد أنني تجاوزت تقاطع الممرات السابقة وسرت في الطريق الصحيح دون أن أدرك. في نهايتها هناك زنزانة ضخمة لا تقل عن سبعين قدمًا مربعة.
كل شيء حدث مبالغ فيه. إن ثقل الذكريات وهو إضطراب متضارب – نيكو وإيلايجا وحياتي في ألاكريا – من الذنب والغضب والرعب، الأزوراس هدد بتمزيقي إلى أشلاء لذا إستدرت وركضت، عدت على طول الممر بشكل أعمى وركضت كما لو كنت طفلاً في الشوارع مرة أخرى حيث يلاحقني صاحب متجر غاضب أو حارس المدينة لأنني قمت بسرقة كتاب أو حفنة من التوت…
نحن بحاجة للتحدث.
لمحت الزنازين على جانبي، شعرت وكأن الممر يتجلى من حولي ويتقشر بينما يتركني مكشوفًا، وملاذ ظلامه البارد أصبح فجأة فخًا لم أستطع الهروب منه.
كشط المعدن على الأرض وإستدرت لأرى رجلاً يرتدي نفس الرداء الأبيض، أعاد ببطء عدة دبابيس معدنية إلى صينية لابد أنه قد أسقطها عندما إستيقظت.
تزحلقت حتى توقفت. تنفست بصعوبة.
لقد نشأت من الزنزانة الأولى التي أتيت إليها.
لقد وصلت إلى نهاية الرواق.
لقد كسرت تعويذات أغرونا في ذهني.
بدا العالم وكأنه يستقر في مكانه من حولي. الخوف والقلق والإحباط والإشمئزاز من الذات جميعًا لا يزالون موجودين ويتشبثون بي مثل مليون عنكبوت صغير لكن كل نفس دفعت المزيد من الذعر إلى جسدي وتحولت الرغبة في الفرار إلى إرهاق عميق، لولا ما كنت أراه لإستلقيت وأغمضت عيني على الأرض لكنني لم أستطع رفع عيني عن محتويات الزنزانة أمامي.
“هذا؟ إعتقدت أنه تم تنظيفه بشكل جيد. فبعد بضع ساعات أخرى لن يعرف حتى أنه قد جُرح” قال رجل جاء صوته من شاشة بعيدة في الزاوية بين السقف الضحل والجدار غير المزخرف في الرواق اللانهائي.
لا بد أنني تجاوزت تقاطع الممرات السابقة وسرت في الطريق الصحيح دون أن أدرك. في نهايتها هناك زنزانة ضخمة لا تقل عن سبعين قدمًا مربعة.
بدأت قدماي في التحرك من تلقاء نفسها متبعة الممر بينما تشتبك أفكاري في جمجمتي.
ملأ الشكل الملفوف لتنين كامل النمو تلك المساحة. لمعت قشورها البيضاء في الضوء الخافت الذي يخنق الزنزانة والطريقة التي إستقر بها رأسها الضخم على ذراعيها الأماميتين جعلها تبدو وكأنها نائمة.
شعلة من غضبي القديم احترقت تحت بشرتي. إبتعدت خطوة عن الزنزانة فقد ذبل فضولي.
لكنني لم أستطع الشعور بأي مانا أو نية منها، ولم يكن جسدها يرتفع ويهبط بثبات وتصدر لا أنفاس تمدد وإنقباض حتى لو كانت ضحلة. ظلت ساكنة تماما.
الأمر كما لو أن بابًا قد إنفتح مما ترك نسيمًا حارًا يتدفق عبر الزوايا المظلمة من عقلي، تمامًا كما هو الحال مع ذكريات إيلايجا – الذكريات المدفونة والمكبوتة لسنوات حتى الآن – كنت أشعر وأتذكر الأشياء بشكل مختلف عما كانت عليه قبل فيكتورياد.
في ذكريات إيلايجا التي لا تزال تظهر على السطح وجدت وصفًا مألوفًا لهذه الأزوراس، أخبرني آرثر كل شيء عن التنين الجريح الذي أنقذ حياته وأعطاه البيضة التي فقست وأصبحت سيلفي.
“أنا غير مهتم بالمفاوضة معك أيتها الأزوراس وبالتأكيد لن أعمل ضد أغرونا لمساعدتك، إذا كنت لا تريدين محادثتي يمكنك العودة إلى الصمت الذي يبتلعك ببطء”.
خطوت إلى الجانب بإمكاني رؤية الجرح القديم الذي شوه صدر التنين، حولها تمت إزالة الحراشف لكنني لم أستطع الرؤية جيدًا بما يكفي لتخمين ما قد يفعله باحثوا أغرونا بالجسم.
“المنجل نيكو!” غمغمت المرأة ثم أخذت خطوة إلى الوراء وإنحنت.
“الجدة سيلفيا” إنزلق الإسم من شفتي دون نية ولكن بمجرد أن سمعته كنت متأكدًا من صحته.
“كفى من هذه الأشياء’ أمرت.
بسبب فضولي صعدت إلى حاجز المانا وأرحت يدي عليه، ضغطت بقوة أكبر وشبعت يدي بنار الروح على الرغم من الألم. تمزق الحاجز وإنسحب بعيدًا عن النيران، دخلت من خلاله وأغلقت الفتحة التي صنعتها.
لقد فعلت ذلك لسيسيليا. لقد تركت أغرونا يتلاعب بعقلها – ساعدته وقدمت إقتراحات ومطالب – تفاقم شعور المرض إلى غثيان وإرتخيت على الجدار بين زنزانتين.
إهتز جسدي بالكامل وشعرت بالدوار، تمايلت إلى الأمام وألقيت نفسي على أنف جثة التنين الباردة.
بسبب فضولي صعدت إلى حاجز المانا وأرحت يدي عليه، ضغطت بقوة أكبر وشبعت يدي بنار الروح على الرغم من الألم. تمزق الحاجز وإنسحب بعيدًا عن النيران، دخلت من خلاله وأغلقت الفتحة التي صنعتها.
كان هناك نوع من السحر القوي في الغرفة. أغمضت عيناي بشدة مقاوما الدوار في إنتظار مروره وعندما حدث ذلك في النهاية مشيت بشكل دائري بطيئ حول الجسم الهائل.
تم تبطين جدران الزنازين بطاولات تحتوي على أكوام من الملاحظات والصواني بها عظام ومخلفات مكدسة ومرقمة وبقع من اللحم وأي أدوات ترقيم لغرض حصاد هذه الأشياء.
حول الحاجز داخل الزنزانة وفي اللحامات بين الجدار والأرض والسقف تم حفر الأحرف الرونية الجميلة في الحجر، تم نسج بنية معقدة من التعويذات للحفاظ على الحاجز ولكن الأحرف الرونية معقدة للغاية لدرجة أنني لم أستطع متابعة كل ما فعلوه، على الرغم من ذلك فقد حافظ جزء من التعويذة على نوع من الركود داخل الغرفة مما منع محتوياتها من التحلل بمرور الوقت.
لقد فعلت ذلك لسيسيليا. لقد تركت أغرونا يتلاعب بعقلها – ساعدته وقدمت إقتراحات ومطالب – تفاقم شعور المرض إلى غثيان وإرتخيت على الجدار بين زنزانتين.
تركت عدة طاولات على الحائط الخلفي رغم أنها فارغة في الغالب، تم فتح مجلد كبير من المخطوطات المُجلدة على الصفحة الأولى والتي نصت على ما يلي: “بقايا التنين سيلفيا إندراث”.
لا بد أنني تجاوزت تقاطع الممرات السابقة وسرت في الطريق الصحيح دون أن أدرك. في نهايتها هناك زنزانة ضخمة لا تقل عن سبعين قدمًا مربعة.
كانت علامة من القماش تشير إلى بقعة على بعد حوالي ثلث الطريق إلى المجلد، عندما سحبت العلامة سقطت المخطوطة الثقيلة على صفحة ثانية بعنوان : “ملاحظات على فسيولوجيا التنين، النواة والتلاعب بالأثير”.
“السيادة كيروس؟” سألت بذهول.
بجانب الكتاب، يرتكز على إطار معدني هناك جسم دائري بحجم قبضتاي معًا.
هناك مخرجان. من خلال باب مفتوح بإمكاني رؤية غرفة صغيرة بها مكتب ورفوف مليئة باللفائف والمجلات، بعد بضع دقائق من الراحة دفعت بنفسي على الحائط وتحركت للتحقق من المحتويات لكن لم يكن هناك شيء يثير إهتمامي، ومع ذلك فقد تحركت مرة أخرى إلى الكتاب المفتوح على الطاولة في غرفة الفحص.
للكرة البيضاء نسيج عضوي خشن قليلًا على سطحها وشفافة بعض الشيء كاشفة عن مسحة أرجوانية باهتة من الداخل.
“لا” خرجت من خلال الأسنان المشدودة بينما الدموع تنهمر من زوايا عيني “أنا لا أهتم بأي من هذا. أين سيسيل؟ أرني سيسيليا!”.
لقد كانت نواة. نواة التنين. نواة سيلفيا إندراث.
“الجدة سيلفيا” إنزلق الإسم من شفتي دون نية ولكن بمجرد أن سمعته كنت متأكدًا من صحته.
لكني شعرت بأنها فارغة وبلا حياة كما لو أن أي تلميح من المانا الذي من الممكن إحتوائه في يوم من الأيام قد تم التخلص منه، عرفت أن إرادة التنين قد أعطيت لآرثر قبل وفاتها مباشرة . إذن ما هذا؟ هل يمكن أن يكون مجرد عضو ميت وفارغ مثل القلب يمر الدم منه؟.
لقد شعرت بسعادة غامرة لعودة أعز أصدقائي، إرتفعت المرارة في حلقي. أفضل صديق لي قتل حبي الحقيقي الوحيد.
تركت أصابعي تتنقل عبر سطح النواة وضربت صدمة كهربائية لامعة ذراعي.
الأمر كما لو أن بابًا قد إنفتح مما ترك نسيمًا حارًا يتدفق عبر الزوايا المظلمة من عقلي، تمامًا كما هو الحال مع ذكريات إيلايجا – الذكريات المدفونة والمكبوتة لسنوات حتى الآن – كنت أشعر وأتذكر الأشياء بشكل مختلف عما كانت عليه قبل فيكتورياد.
تحولت رؤيتي وكشفت عن جزيئات الطاقة المتدفقة التي تتحرك داخل وحول النواة مثل اليراعات الأرجوانية اللامعة.
قرأت الجواب في وجه المرأة، إتسعت عيناها وتسربت دموع الخوف مختلطة مع قطرات المخاط من أنفها، فتحت شفتاها ثم إنقبضتا وعملت عضلات فكها بصمت.
سحبت يدي إلى الوراء فإختفت الجسيمات.
لقد جعلني هذا التمرد البسيط أشعر بالضوء بشكل غير متوقع مما ساعدني على صد الفيضان الهائل من المشاعر التي شعرت بها منذ دقائق فقط.
بحذر شديد مددت يدي وضغطت بإصبع واحد على النواة لكن لم يحدث شيء. الرؤية لم تتكرر. لا جزيئات أرجوانية ولا رؤية متموجة، بعناية إلتقطت النواة وقلبتها في يدي.
لا ولا حتى الهدوء. لم أشعر بشيء. ربما بإستثناء شعور خفيف بالفضول.
كانت خفيفًة جدًا لكن السطح قاس وغير مرن. لم أضغط عليها ومع ذلك أخشى أنه قد تكون هشة، لم أستطع حقًا أن أشرح لنفسي السبب لكنني لم أرغب في كسرها.
“لا لكني أشم رائحة ولادة جديدة في خلاياك، أنت متناسخ”.
إعتقدت أنني لم أرغب في تركها هنا في هذا المكان البارد منسي ومهجور
أخيرا وصلت إلى الزنزانة الأولى.
على الرغم من أنه لم يكن لدي أي فكرة عما سأفعله بالنواة إلا أنني إتخذت القرار المتهور لأخذها لنفسي، بنبضة مانا قمت بتنشيط حلقة الأبعاد الخاصة بي وأخفيت النواة بداخلها.
سوف تفهم.
لقد جعلني هذا التمرد البسيط أشعر بالضوء بشكل غير متوقع مما ساعدني على صد الفيضان الهائل من المشاعر التي شعرت بها منذ دقائق فقط.
كانت علامة من القماش تشير إلى بقعة على بعد حوالي ثلث الطريق إلى المجلد، عندما سحبت العلامة سقطت المخطوطة الثقيلة على صفحة ثانية بعنوان : “ملاحظات على فسيولوجيا التنين، النواة والتلاعب بالأثير”.
بإبتسامة تآمرية على بقايا التنين أحرقت طريقي بعيدًا عن الزنزانة وشعرت بإجهاد أقل هذه المرة، بدأت في البحث عن طريقي للخروج من الزنزانة والعودة إلى تاغرين كالوم.
“نوعي يعرف الكثير عن إعادة البعث. هل ترغب في فهم ما أنت عليه بشكل كامل؟ سأتبادل المعرفة بالحرية، حررني وساعدني في الهروب من هذا المكان وسأخذك إلى أحكم أفراد عشيرتي أولئك الذين سلكوا طريق الموت وعادوا”
أنا بحاجة للعثور على سيسيليا.
كل شيء حدث مبالغ فيه. إن ثقل الذكريات وهو إضطراب متضارب – نيكو وإيلايجا وحياتي في ألاكريا – من الذنب والغضب والرعب، الأزوراس هدد بتمزيقي إلى أشلاء لذا إستدرت وركضت، عدت على طول الممر بشكل أعمى وركضت كما لو كنت طفلاً في الشوارع مرة أخرى حيث يلاحقني صاحب متجر غاضب أو حارس المدينة لأنني قمت بسرقة كتاب أو حفنة من التوت…
نحن بحاجة للتحدث.
لمحت الزنازين على جانبي، شعرت وكأن الممر يتجلى من حولي ويتقشر بينما يتركني مكشوفًا، وملاذ ظلامه البارد أصبح فجأة فخًا لم أستطع الهروب منه.
—+—
لذا إتبعت المدخل – فضولي – لمعرفة الأسرار التي قد تكون مدفونة تحت تاغرين كالوم.
ترجمة : ozy
تدقيق: NERO
-+-
شعلة من غضبي القديم احترقت تحت بشرتي. إبتعدت خطوة عن الزنزانة فقد ذبل فضولي.
أغرونا سيسمح لي برون أو رونين آخرين أنا على يقين، هذا من شأنه أن يجبر نواتي على النقاء بسرعة.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
