نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

التناسخ اللعين 242

مولون الشجاع (2)

مولون الشجاع (2)

الفصل 242: مولون الشجاع (2)

 

وقف يوجين وانيسيه بهدوء أمام جثة نـور لبضع لحظات. فقط ماذا حدث لتتحول جثة هذا الوحش إلى أشلاء هكذا؟ إمتلك الإثنين نفس الشك في رأسيهما، لكنهما لم يستطيعا تحمل التعبير عن أفكارهما بصوتٍ عال.

بدأ يتحدث عن الحلم الذي ظهر من خلال السيف المقدس في غابة سمر.

 

تساءل يوجين هل ذلك أمر مهم. هذا المكان أشبه بمكب للقمامة أكثر من كونه قبرًا، لذلك من الأدق القول أن الجثث الممزقة هنا قد أُلقيت بعيدا مثل القمامة بدلًا من أن تكون ملقاةً داخل قبر.

بدلًا من ذلك، أخذ الإثنان بضع لحظات فقط لفرز عواطفهم.

“ماذا تقصد؟” سأل يوجين.

 

توقفت الضوضاء المزدهرة فجأة. تجمد جسد مولون، الذي كان يضرب رأسه على الأرض مثل الآلة، في مكانه.

لا يزال من الممكن سماع صوت التحطم بشكل متقطع.

 

 

صار الصوت يأتي الآن من أمامهم مباشرة.

خائفة من إخراج رأسها من العباءة، تجعدت مير داخل العباءة فقط. في ظل الظروف المعتادة، سَـيُرَبِتُ يوجين على رأس مير أو يمسك بيدها حتى لا تكون قلقة للغاية، لكن في الوقت الحالي، لم يستطِع ببساطة حمل نفسه على القيام بذلك. فَـهو يشعر بالقلق بنفسه، ولم يمتلك حقًا الوقت للإهتمام بتهدئتها.

“أنت، قلت شيئًا بينما كنت تبكي على قبري، أليس كذلك؟ قُلتَ أنك تريد القتال معي يومًا ما. أردت أن تعرف، بيني وبينك، من هو المحارب الأعظم، صحيح؟” ضغط يوجين على مولون.

 

 

بعد الوقوف هناك شارد الذهن لبعض الوقت، نقر يوجين على لسانه وهز رأسه.

“ماذا في ذلك.” سخر يوجين. “إنها مجرد مسألة وقت. في نهاية المطاف، كنا سنراك هكذا سواء عاجلًا أم آجلًا. هل نسيت عن ذلك؟ لقد وافقت على أن ترينا هذا المكان بمجرد إنتهاء مسيرة الفرسان.”

 

ظهر مولون، الكبير والواسع جدًا عادة، بدا صغيرًا بشكل غريب الآن.

“أحمق.” لم يرغب في التفكير بالأمر، لكنه لم يستطِع منع نفسه.

– جثث النـور التي تراكمت حتى هذه النقطة ستكون بمثابة دليل على حياتي كمحارب وبطل.

 

عرف يوجين وانيسيه جيدًا هذا النوع من البيئات. في هذا الوقت، تعتبر هيلموث واحدة من الإمبراطوريات. دولة طبيعية ترحب بالمهاجرين من جميع أنحاء القارة، وفقدت كل آثار مظهرها السابق منذ ثلاثمائة عام. ومع ذلك، كان شكل هيلموث في الماضي مشهدًا فظيعًا يستحق أن يطلق عليه الجحيم.

سار يوجين عبر جثة نـور. كما أطلقت انيسيه تنهيدة هادئة وتبعته.

ومع ذلك، مولون مختلف. لم يتمكن من إختيار الموت. لا أحد يستطيع مساعدته، ولا من يمكنه إنقاذه.

 

هذا الرجل هو نفسه كما كان عندما إجتمعوا لأول مرة في وادي المطرقة العظيمة. عيناه باردتان، دون أي أثر للعاطفة. العيون التي بدت وكأنها مجوفة على مر السنين. تماما مثل عيون فيرموث في الغرفة المظلمة — متعب، بلا حياة وذابلة.

من الصعب السير عبر الأرض التي إرتفعت وسقطت في موجات كما لو أن الحمم المتدفقة قد تصلبت على ما يبدو في مكانها. بعض الأماكن صعبة بما يكفي للمشي، لكن أماكن أخرى هشة، وأقدامهم تغرق في الأرض عندما يعبرون تلك المناطق.

 

 

“أنت، قلت شيئًا بينما كنت تبكي على قبري، أليس كذلك؟ قُلتَ أنك تريد القتال معي يومًا ما. أردت أن تعرف، بيني وبينك، من هو المحارب الأعظم، صحيح؟” ضغط يوجين على مولون.

بالإضافة إلى ذلك، ليهينجار هو جبل ثلجي، الثلج يتساقط بشكل طبيعي على جانبه الآخر، ولكن هنا، لا يوجد حتى أثر للثلج، ناهيك عن المناظر الطبيعية الشتوية. بدلًا من ذلك، بدا كل شيء هنا وكأنه لوحة تم رسمها بعشوائية عن طريق أصابع طفل صغير. شكلت الأشكال الغريبة بدون أنماط متماسكة المناظر الطبيعية.

نظر يوجين إلى الأمعاء المتدلية من شجرة ملتوية.

 

تم إرسال رأس نـور المجعد يحلق من ركلة يوجين.

عرف يوجين وانيسيه جيدًا هذا النوع من البيئات. في هذا الوقت، تعتبر هيلموث واحدة من الإمبراطوريات. دولة طبيعية ترحب بالمهاجرين من جميع أنحاء القارة، وفقدت كل آثار مظهرها السابق منذ ثلاثمائة عام. ومع ذلك، كان شكل هيلموث في الماضي مشهدًا فظيعًا يستحق أن يطلق عليه الجحيم.

– كمحارب، أحتاج أن أعيش حياة جديرة. أثناء إتباع طلب صديق قديم، أقوم بحماية الجبال الثلجية وحقل الثلج الذي أحبه، والبلد الذي أنشأته بيدي، وحتى العالم كله.

“هذا يذكرني بالأيام الخوالي.” تمتم يوجين وهو يتسلق المنحدر المنحني.

حاولت انيسيه التدخل، “هامل، مولون هو—”

 

 

“هل تشتاق إلى تلك الأيام؟” سألت انيسيه من خلفه.

قام شخص ما بسحب الجثة هنا، وطرقها بشكل عشوائي على الأرض، ثم مزقها بقوة القبضة وحدها قبل رمي القطع بعيدًا. في حين أنه من المستحيل تخيل المظهر الأصلي للجثة، إلا أنهما يستطيعان تخيل سبب تحول الجثة إلى هذا الشكل.

 

“أنا لا أفعل هذا فقط بسبب طلب فيرموث، هامل. كما قلت من قبل، أي واحد منا سيفعل نفس الشيء الذي أفعله.” جادل مولون مرة أخرى.

“لأكون صادقًا، سيكون كذبًا لو قلت انني لا أفتقدها.” إعترف يوجين: “في ذلك الوقت، كنتُ لا أزال على قيد الحياة ولم أمُت بعد، وكنتِ أيضًا على قيد الحياة في ذلك الوقت.”

“هامل!” صاح مولون مُحَذِرًا.

ضحكت انيسيه بسخرية وأومأت برأسها.

 

 

بالإضافة إلى ذلك، ليهينجار هو جبل ثلجي، الثلج يتساقط بشكل طبيعي على جانبه الآخر، ولكن هنا، لا يوجد حتى أثر للثلج، ناهيك عن المناظر الطبيعية الشتوية. بدلًا من ذلك، بدا كل شيء هنا وكأنه لوحة تم رسمها بعشوائية عن طريق أصابع طفل صغير. شكلت الأشكال الغريبة بدون أنماط متماسكة المناظر الطبيعية.

نظرت إلى أسفل نحو كتلة اللحم تحت قدميها. جزء من جثة تم تمزيقها إلى أجزاء دقيقة لدرجة أنه من المستحيل تخيل شكلها الأصلي. هناك أجزاء مماثلة من اللحم مبعثرة في جميع أنحاء مجال رؤيتهم.

 

 

أدار مولون رأسه مرة أخرى للنظر إلى يوجين.

قام شخص ما بسحب الجثة هنا، وطرقها بشكل عشوائي على الأرض، ثم مزقها بقوة القبضة وحدها قبل رمي القطع بعيدًا. في حين أنه من المستحيل تخيل المظهر الأصلي للجثة، إلا أنهما يستطيعان تخيل سبب تحول الجثة إلى هذا الشكل.

 

 

وضع يوجين يده اليمنى داخل عباءته ورفع نظرته لينظر إلى أعلى الجبل. لا يزال هناك بعض المسافة التي يمكنهم تسلقها.

نظر يوجين إلى الأمعاء المتدلية من شجرة ملتوية.

 

 

من الصعب السير عبر الأرض التي إرتفعت وسقطت في موجات كما لو أن الحمم المتدفقة قد تصلبت على ما يبدو في مكانها. بعض الأماكن صعبة بما يكفي للمشي، لكن أماكن أخرى هشة، وأقدامهم تغرق في الأرض عندما يعبرون تلك المناطق.

هل هم متعفنون بالفعل؟

 

لم يستطع أن يعرف حقًا. الرائحةُ كريهةٌ والألوانُ غريبة، لذلك بدت الجثث بالتأكيد متعفنة….أو ربما تبدو أعضاء نـور الداخلية هكذا منذ البداية.

 

 

 

تساءل يوجين هل ذلك أمر مهم. هذا المكان أشبه بمكب للقمامة أكثر من كونه قبرًا، لذلك من الأدق القول أن الجثث الممزقة هنا قد أُلقيت بعيدا مثل القمامة بدلًا من أن تكون ملقاةً داخل قبر.

 

 

“أنت، قلت شيئًا بينما كنت تبكي على قبري، أليس كذلك؟ قُلتَ أنك تريد القتال معي يومًا ما. أردت أن تعرف، بيني وبينك، من هو المحارب الأعظم، صحيح؟” ضغط يوجين على مولون.

إلى جانب كتل اللحم، الأمعاء، الدماء والعظام، هناك عدة آثار أخرى مرئية. هناك علامات خدش واضحة على المنحدرات والصخور — على الأقل، من الواضح أنها صُنِعَتْ عمدًا، على الرغم من أنه يصعب معرفة هل من المفترض أن تكون صورًا أو كلمات.

 

 

“هامل، قلت إنك تريد رؤية هذا المكان. انيسيه، قلتِ أيضًا أنكِ تريدين أن تري الشيء الذي لم أرغب في إظهاره لأي شخص. في النهاية، لقد رأيت كل ما تريدين رؤيته.” ذكَّرهما مولون.

من بين كل هذه الآثار، تلك الأكثر شيوعًا والأكثر بروزًا…..هي آثار العنف التي خلفها على ما يبدو شيء سحق ودمر عشوائيًا كل ما حوله.

“مولون، ألم أقُل لك أنه إذا كان هناك شيء لا تريدني أن أراه، فَـهذا سَـيجعلني فقط أُريد أن أراه أكثر، بغض النظر عَمَّا قد تكون التكلفة؟ منذ الوقت الذي ولدتُ فيه إلى الوقت الذي مِتُّ فيه، لم يكن لدي الكثير من الأمنيات التي تحققت، لكن بفضلك، تمكنت من الإستمتاع بهذه التجربة النادرة.”

 

واصل يوجين دون توقف، “تعال للتفكير في الأمر، أنا أيضًا فضولي جدًا. أثناء السفر مع فيرموث، واجهتهُ عدة مرات، لكنني لم أحصل على قتال مناسب معك من قبل.”

سار يوجين وانيسيه عبر هذه الآثار، إستمر الإثنان في الصعود لِـأعلى. كلما صعدا أعلى، نمت هذه الآثار أكثر عنفًا، وضوحًا وتكرارًا. الأمر كما لو أن الشخص الذي تركهم وراءه أراد التأكد من ألا يتسلق أحد هذا الجبل. أو ربما لم يرغب في أن يعود أي شيء من هنا إلى العالم الخارجي.

ظهره لا يزال يتجه نحوهم. حدق يوجين في العضلات المنتفخة المصطفة على ظهر مولون — بشرته الخالية من العيوب، مع عدم وجود ندبة واحدة.

 

“ماذا تقصد؟” سأل يوجين.

“أحمق.”

 

هذه المرة، انيسيه، وليس يوجين، من تمتم بهذه الكلمة. أثناء تحركها إلى الأمام أرجحت الفركل في يدها لإسقاط الأنقاض التي تعرقل طريقهم.

 

 

بينما هو سليمٌ جسديًا، قال تعبيره شيئًا مختلفًا تمامًا عن حالته العقلية. الانطباع عن مولون الذي تحدثا معه قبل أيام قليلة فقط هو أنه نفس المولون الذي عرفاه في الأيام الخوالي، لكن الرجل الذي يريانه أمام أعينهما الآن…

بوم، بوم!

 

لم يعد الصوت قادمًا من بعيد جدًا. أعاد يوجين سيف المون لايت، الذي كان يحمله في يده، إلى عباءته.

“عيناك تخبرانني أنك لا تعتقد ذلك حقًا.” لاحظ يوجين بينما يده داخل عباءته تمسك بآكاشا.

 

نظر يوجين إلى الأمعاء المتدلية من شجرة ملتوية.

للحظة، تردد. هل يجب أن يسحب شيئًا آخر ويبقيه على أهبة الاستعداد؟ فكر في الأمر لثانية واحدة. هل هناك حقًا شيء يضطره لحمل سلاح؟ في النهاية، قرر عدم القلق بشأن ذلك. لم يسحب سلاحًا آخر، ولم يقلص حتى قبضتيه.

 

 

عند سماع هذه الكلمات، إبتسم مولون فقط.

انيسيه، التي تتبعه الآن مرة أخرى، علَّقتْ أيضًا الفركل عند خصرها. بعد هذا، وضعت يديها على المسبحة المعلقة حول رقبتها. بصوت منخفض، بدأت انيسيه في الصلاة.

 

 

 

بوم، بوم!

 

صار الصوت يأتي الآن من أمامهم مباشرة.

 

 

“هذا يذكرني بالأيام الخوالي.” تمتم يوجين وهو يتسلق المنحدر المنحني.

بعد لحظات قليلة، ظهر مولون.

 

 

 

لقد بدا تمامًا مثل ما تخيلوه منذ اللحظة التي دخلوا فيها هذا الجانب من ليهينجار وسمعوا لأول مرة تلك الانفجارات المدوية.

 

 

قال مولون: “يجب ألَّا أسقط.”

مولون جالسُ على ركبتيه، بكلتا يديه تمسك بالأرض، يحطم رأسه في الأرض. في كل مرة يحدث هذا، تهتز الأرض كما لو أن زلزالًا قد حدث.

 

 

صار الصوت يأتي الآن من أمامهم مباشرة.

داخل العباءة، إبتلعت مير لعابها بخوف. لم يظهر يوجين وانيسيه أي رد فعل فوري. بينما كان الإثنان يتسلقان إلى هنا—لا، منذ اللحظة التي كشف فيها مولون أن هناك شيئًا هنا لا يريد إظهاره لهم….بدأ الشك في رؤية شيء كهذا يراودهما.

 

 

بدأ يتحدث عن الحلم الذي ظهر من خلال السيف المقدس في غابة سمر.

يعرف يوجين وانيسيه مولون جيدًا. منذ ثلاثمائة عام وحتى الآن، لطالما كان مولون محاربًا شجاعًا لن يهرب أبدًا من تحدي. أي شخص آخر سَـيبدأ بالإنهيار والإستسلام لليأس عندما يواجه مثل هذا الواجب، لكنهم لم يتمكنوا حتى من تخيل مشهد إستسلام مولون بهذه الطريقة.

تعاطفت انيسيه مع مولون. آلمها قلبها، وشعرت أنها قد تبكي. ومع ذلك، فهي بالتأكيد لا تستطيع السماح لنفسها بالكشف عن هذه المشاعر. شعرت أن مولون لا يريد أن يراها هكذا، وانيسيه نفسها لا تريد أن تتصرف هكذا.

 

“أفترض ذلك.” وافق يوجين بسخرية. “جسمك صلب بلا فائدة، وإذا انهار جسمك بسبب إيذاء النفس المفرط، فلن تكون قادرًا على الإستمرار في تلبية طلب فيرموث.”

ظل مولون يقف دائمًا في طليعة ساحة المعركة. لقد إعتبر ذلك واجبه، وعهد الجميع بالطليعة إلى مولون كما لو أن ذلك طبيعيٌّ فقط. وحقًا، في تلك الأيام، كان الشيء الطبيعي للقيام به. لأن مولون هو شخص شجاع لا يتراجع أبدًا؛ محاربٌ حقيقي قوي لن يتعثر أبدًا.

“لو أُصيب رأسك….ولو قليلا، فيمكنني على الأقل أن أشفيك. لكن رأسك صلب جدًا يا مولون. وأنا أعلم أنك لا تملك حتى خدشًا. حسنًا، إنه لطيف نوعًا ما عدم وجود أي شيء للقيام به.”

 

 

“أوي….” نادى يوجين مولون بصوت هادئ.

 

 

 

لم يختبر يوجين بشكل مباشر الثلاثمائة عام التي مرت منذ أن إلتقيا آخر مرة. الشيء نفسه ينطبق على انيسيه. ماتت انيسيه وأصبحت ملاكًا، لكن بعد وفاتها، أمضت معظم ذلك الوقت نائمة. وهكذا، لم يختبر الإثنان أبدا ما يمكن أن تكون عليه فترة طويلة ورهيبة من الزمن مثل ثلاثمائة عام بالنسبة للإنسان.

“….كانتْ مليئة بالوحوش التي كانت أسوأ بكثير من هذا. بما أنك بقيت متورطًا في التعامل مع شيء مثل هذا لأكثر من مائة عام، ثم شخص مثلك، من هو بربري بطبيعته ويفيض بالقوة، لن يكون راضيًا عن ذلك تمامًا. قد يؤدي ذلك إلى غليان دمك، لكنه لن يكون كافيًا لتهدئتك.”

 

هذه المرة، انيسيه، وليس يوجين، من تمتم بهذه الكلمة. أثناء تحركها إلى الأمام أرجحت الفركل في يدها لإسقاط الأنقاض التي تعرقل طريقهم.

ومع ذلك، الأمرُ مختلفٌ بالنسبة لمولون. لقد عاش طوال تلك الثلاثمائة عام. بصرف النظر عن نفسه، مات جميع رفاقه، وبعد إختفائهم، تحمل كل هذا الوقت بمفرده. لقد أتيحت له الفرصة ليختار الموت بسلام وسعادة، ببركات الجميع على كل ما فعله.

عندما رأى مولون هذا المظهر، شد قبضتيه.

 

لقد بدا تمامًا مثل ما تخيلوه منذ اللحظة التي دخلوا فيها هذا الجانب من ليهينجار وسمعوا لأول مرة تلك الانفجارات المدوية.

ومع ذلك، لم يتخذ مولون هذا الإختيار.

بدلًا من ذلك، أخذ الإثنان بضع لحظات فقط لفرز عواطفهم.

 

صار الصوت يأتي الآن من أمامهم مباشرة.

ليس الأمر أنه لم يرغب في الموت. لا، أراد مولون أن يموت، لكنه أراد موت محارب. في رأيه، مات جميع أصدقائه كمحاربين، وهو يرغب في نفس الشيء لنفسه.

 

 

ضحكت انيسيه بسخرية وأومأت برأسها.

بعد ذلك، عهد فيرموث بهذه المهمة إلى مولون تمامًا كما وقع الأخير في هذه المحنة. بطبيعة الحال، قَبِلَ مولون المهمة بسعادة.

 

 

بينما هو سليمٌ جسديًا، قال تعبيره شيئًا مختلفًا تمامًا عن حالته العقلية. الانطباع عن مولون الذي تحدثا معه قبل أيام قليلة فقط هو أنه نفس المولون الذي عرفاه في الأيام الخوالي، لكن الرجل الذي يريانه أمام أعينهما الآن…

لأكثر من مائة عام، ظل وحده يمنع ظهور هذا العرق من الوحوش المشؤومة التي من المستحيل تأكيد أصلها. لقد أصدر مرسومًا لمنع أي شخص من عبور وادي المطرقة العظيمة والتسلق إلى قمة الجبل الثلجي. هذا بسبب القلق من أن الناس سيواجهون النـور، حيث يستحيل عمليًا التنبؤ بموعد ومكان ظهورهم مرة أخرى. وهكذا، إضطر مولون لمراقبة هذه الأرض القاحلة المهجورة بشكل دائم في نهاية العالم.

بالإضافة إلى ذلك، ليهينجار هو جبل ثلجي، الثلج يتساقط بشكل طبيعي على جانبه الآخر، ولكن هنا، لا يوجد حتى أثر للثلج، ناهيك عن المناظر الطبيعية الشتوية. بدلًا من ذلك، بدا كل شيء هنا وكأنه لوحة تم رسمها بعشوائية عن طريق أصابع طفل صغير. شكلت الأشكال الغريبة بدون أنماط متماسكة المناظر الطبيعية.

 

 

مولون قوي. مولون شجاع. مولون لا يتراجع أبدًا، مولون لا يعرف اليأس. مولون لن ينهار أبدًا.

 

 

حاولت انيسيه التدخل، “هامل، مولون هو—”

لكنه لا يزال يمكن أن يتعب.

“أنت….أنتما لم تتغيرا. أنتما تمامًا كما كُنتما في الأيام الخوالي.” تمتم مولون قائلًا لِـيوجين وانيسيه، وهو ينظر إليهما بتلك العيون التي لا حياة فيها.

 

 

لقد أثر وزن مئات السنين على قوة مولون العقلية. جسده لا يزال قويًا كما كان دائما، ولكن هناك مئات وآلاف الجثث مكدسة في هذا المكان وجميع الجثث تنبعث منها هالة سامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرار إلى المشاهدة من الجانب حيث غادر جميع رفاقه المحبوبين الذين يمكن الإعتماد عليهم، وكذلك نسله، هذا العالم، وتركوه وحيدًا، أكل مولون من الداخل.

“أحمق.” لم يرغب في التفكير بالأمر، لكنه لم يستطِع منع نفسه.

 

بدلًا من ذلك، أخذ الإثنان بضع لحظات فقط لفرز عواطفهم.

الآن، عاد رفاقه المتوفون إلى الظهور أمام مولون. مظاهرهم مختلفة عما كانت عليه قبل مئات السنين، لكن مولون لا يزال قادرًا على التعرف عليهم.

 

 

“مولون، ألم أقُل لك أنه إذا كان هناك شيء لا تريدني أن أراه، فَـهذا سَـيجعلني فقط أُريد أن أراه أكثر، بغض النظر عَمَّا قد تكون التكلفة؟ منذ الوقت الذي ولدتُ فيه إلى الوقت الذي مِتُّ فيه، لم يكن لدي الكثير من الأمنيات التي تحققت، لكن بفضلك، تمكنت من الإستمتاع بهذه التجربة النادرة.”

لم يعرف يوجين هل لا يزال مولون يعتقد شخصيًا أنه مولون الشجاع ذاته الذي كان عليه قبل ثلاثمائة عام. ومع ذلك، الآن بعد أن تمكن من الحصول على لَمِّ شملٍ مع رفاقه المتوفين، ربما قرر مولون أنه يريد أن يتمكن الجميع من مخاطبته كما فعلوا في ذلك اليوم، ورؤيته على أنه نفس الشخصية العظيمة التي تذكروها بدلًا من شخص مثيرٍ للشفقة، نسخة مدمرة من نفسه.

“هامل.” قال مولون بهدوء.

 

بينما هو سليمٌ جسديًا، قال تعبيره شيئًا مختلفًا تمامًا عن حالته العقلية. الانطباع عن مولون الذي تحدثا معه قبل أيام قليلة فقط هو أنه نفس المولون الذي عرفاه في الأيام الخوالي، لكن الرجل الذي يريانه أمام أعينهما الآن…

مولون الذي يتذكره يوجين هو بالضبط من هذا النوع من الحمقى. أحمق لا يعرف كيف يستخدم الحيل والأشياء المعقدة، ولا يمكنه التفكير إلا بطريقة بربرية وبسيطة.

 

 

 

وهكذا، لم يستطع يوجين إلا أن يصف مولون بأنه أحمق مرة أخرى.

أضاف يوجين: “أيضًا، أظهرت لي انيسيه شيئًا مثيرًا للإهتمام.”

 

 

“أوي، أيها الأحمق.”

أدار مولون رأسه مرة أخرى للنظر إلى يوجين.

توقفت الضوضاء المزدهرة فجأة. تجمد جسد مولون، الذي كان يضرب رأسه على الأرض مثل الآلة، في مكانه.

 

 

الفصل 242: مولون الشجاع (2)

رفع مولون رأسه من الحفرة العميقة التي حفرها. لم يستدِر لينظر خلفه على الفور. بدلًا من ذلك، بقي على حاله لبضع لحظات، ثم أدار رأسه ببطء.

 

 

“أنا لا أفعل هذا فقط بسبب طلب فيرموث، هامل. كما قلت من قبل، أي واحد منا سيفعل نفس الشيء الذي أفعله.” جادل مولون مرة أخرى.

قال مولون وهو يقف: “لم أرغب في أن أريك هذا الجانب مني.”

“أنت….أنتما لم تتغيرا. أنتما تمامًا كما كُنتما في الأيام الخوالي.” تمتم مولون قائلًا لِـيوجين وانيسيه، وهو ينظر إليهما بتلك العيون التي لا حياة فيها.

 

 

ظهره لا يزال يتجه نحوهم. حدق يوجين في العضلات المنتفخة المصطفة على ظهر مولون — بشرته الخالية من العيوب، مع عدم وجود ندبة واحدة.

“أنا أعلم.” تنهد مولون. “ثلاثمائة عام هي فترة طويلةٌ حقًا. ومع ذلك، ما زلت لا أريد التغيُّر. قلتُ لنفسي أنني لا أستطيع، وإعتقدتُ أنني لن أتمكن من إنجاز مهمتي إلا من خلال الحفاظ على عقل ثابت.”

 

انيسيه، التي تتبعه الآن مرة أخرى، علَّقتْ أيضًا الفركل عند خصرها. بعد هذا، وضعت يديها على المسبحة المعلقة حول رقبتها. بصوت منخفض، بدأت انيسيه في الصلاة.

ظهر مولون، الكبير والواسع جدًا عادة، بدا صغيرًا بشكل غريب الآن.

إلى جانب كتل اللحم، الأمعاء، الدماء والعظام، هناك عدة آثار أخرى مرئية. هناك علامات خدش واضحة على المنحدرات والصخور — على الأقل، من الواضح أنها صُنِعَتْ عمدًا، على الرغم من أنه يصعب معرفة هل من المفترض أن تكون صورًا أو كلمات.

 

 

“ماذا في ذلك.” سخر يوجين. “إنها مجرد مسألة وقت. في نهاية المطاف، كنا سنراك هكذا سواء عاجلًا أم آجلًا. هل نسيت عن ذلك؟ لقد وافقت على أن ترينا هذا المكان بمجرد إنتهاء مسيرة الفرسان.”

 

جادل مولون مرة أخرى. “ما وعدت بإظهاره لك هو هذا المكان، وليس أنا أتصرف هكذا.”

أدار مولون رأسه مرة أخرى للنظر إلى يوجين.

“هل نسيت ما قلته؟” تحدثت انيسيه، صوتها يرتجف قليلًا في البداية. ومع ذلك، سرعان ما تمالكت نفسها وأجبرت إبتسامتها المعتادة على الظهور.

 

 

بوم، بوم!

“مولون، ألم أقُل لك أنه إذا كان هناك شيء لا تريدني أن أراه، فَـهذا سَـيجعلني فقط أُريد أن أراه أكثر، بغض النظر عَمَّا قد تكون التكلفة؟ منذ الوقت الذي ولدتُ فيه إلى الوقت الذي مِتُّ فيه، لم يكن لدي الكثير من الأمنيات التي تحققت، لكن بفضلك، تمكنت من الإستمتاع بهذه التجربة النادرة.”

 

ليس الأمر أن انيسيه لم تستطع تخيل وجود مولون في مثل هذه الحالة. كقديسة، لقد شَفَتَ وأنقذت عددًا لا يحصى من الناس. في أثناء هذا، رأت عددًا لا يحصى من الناس يموتون أمامها دون أن تكون قادرة على فعل أي شيء، وفي النهاية، لم تتمكن حتى من إنقاذ نفسها.

“هامل.”

 

 

وهكذا، تدرك انيسيه جيدًا كيف يمكن للناس أن تنهار وتسقط. لقد واجهت خيار الإستسلام لليأس والهروب من كل شيء. لكن في النهاية، لم تستطِع الهرب. أشياء مثل معتقداتها وواجبها أمسكت ظهرها مثل لعنة في آخر لحظة لها.

سار يوجين وانيسيه عبر هذه الآثار، إستمر الإثنان في الصعود لِـأعلى. كلما صعدا أعلى، نمت هذه الآثار أكثر عنفًا، وضوحًا وتكرارًا. الأمر كما لو أن الشخص الذي تركهم وراءه أراد التأكد من ألا يتسلق أحد هذا الجبل. أو ربما لم يرغب في أن يعود أي شيء من هنا إلى العالم الخارجي.

 

“هذا لن يحدث يا هامل. أنت لم تكن مثل هذا المحارب الضعيف. لن ينتحر أحد منا أبدًا دون الوفاء بمهمته.”

ومع ذلك، لم تندم انيسيه على الموت بهذه الطريقة. في النهاية، إستطاعت إختيار الموت بدلًا من إجبارها على ذلك.

أجاب يوجين ضاحكًا: “لا تجمعيني معه.”

 

“أوي….” نادى يوجين مولون بصوت هادئ.

ومع ذلك، مولون مختلف. لم يتمكن من إختيار الموت. لا أحد يستطيع مساعدته، ولا من يمكنه إنقاذه.

“أوي، أيها الأحمق.”

 

 

“لو أُصيب رأسك….ولو قليلا، فيمكنني على الأقل أن أشفيك. لكن رأسك صلب جدًا يا مولون. وأنا أعلم أنك لا تملك حتى خدشًا. حسنًا، إنه لطيف نوعًا ما عدم وجود أي شيء للقيام به.”

لم يعرف يوجين هل لا يزال مولون يعتقد شخصيًا أنه مولون الشجاع ذاته الذي كان عليه قبل ثلاثمائة عام. ومع ذلك، الآن بعد أن تمكن من الحصول على لَمِّ شملٍ مع رفاقه المتوفين، ربما قرر مولون أنه يريد أن يتمكن الجميع من مخاطبته كما فعلوا في ذلك اليوم، ورؤيته على أنه نفس الشخصية العظيمة التي تذكروها بدلًا من شخص مثيرٍ للشفقة، نسخة مدمرة من نفسه.

تعاطفت انيسيه مع مولون. آلمها قلبها، وشعرت أنها قد تبكي. ومع ذلك، فهي بالتأكيد لا تستطيع السماح لنفسها بالكشف عن هذه المشاعر. شعرت أن مولون لا يريد أن يراها هكذا، وانيسيه نفسها لا تريد أن تتصرف هكذا.

 

 

“ومع ذلك، سوف أستخدم السحر. نظرًا لأن مهاراتك ليستْ كما كانت في حياتي الماضية، يجب أن يكون من الجيد بالنسبة لي إستخدام السحر الذي لم أكن أستطيع من إستخدامه في ذلك الوقت.” برر يوجين نفسه.

“….أنتما الإثنان.” قال مولون وهو يضحك.

 

 

 

بعد التحديق بهدوء في السماء لبضع لحظات، إستدار مولون ببطء، وتمكنوا أخيرا من رؤية وجهه.

لم يعرف يوجين هل لا يزال مولون يعتقد شخصيًا أنه مولون الشجاع ذاته الذي كان عليه قبل ثلاثمائة عام. ومع ذلك، الآن بعد أن تمكن من الحصول على لَمِّ شملٍ مع رفاقه المتوفين، ربما قرر مولون أنه يريد أن يتمكن الجميع من مخاطبته كما فعلوا في ذلك اليوم، ورؤيته على أنه نفس الشخصية العظيمة التي تذكروها بدلًا من شخص مثيرٍ للشفقة، نسخة مدمرة من نفسه.

 

رفع مولون رأسه من الحفرة العميقة التي حفرها. لم يستدِر لينظر خلفه على الفور. بدلًا من ذلك، بقي على حاله لبضع لحظات، ثم أدار رأسه ببطء.

تماما كما قالت انيسيه. على الرغم من أنه ضرب وجهه بالأرض بقوة كافية لدرجة أن الجبل نفسه قد إهتز بالقوة، إلا أن جبين مولون لم يحمل خدشًا واحدًا، ناهيك عن أي إصابة أو دم.

 

 

 

بينما هو سليمٌ جسديًا، قال تعبيره شيئًا مختلفًا تمامًا عن حالته العقلية. الانطباع عن مولون الذي تحدثا معه قبل أيام قليلة فقط هو أنه نفس المولون الذي عرفاه في الأيام الخوالي، لكن الرجل الذي يريانه أمام أعينهما الآن…

 

هذا الرجل هو نفسه كما كان عندما إجتمعوا لأول مرة في وادي المطرقة العظيمة. عيناه باردتان، دون أي أثر للعاطفة. العيون التي بدت وكأنها مجوفة على مر السنين. تماما مثل عيون فيرموث في الغرفة المظلمة — متعب، بلا حياة وذابلة.

—لا أريد أن أموت موتًا قبيحًا من الشيخوخة. أريد أن أموت كمحارب، كبطل. حاليا، يبدو الموت شيئا بعيدًا بالنسبة لي، لكن إذا فقدت قوتي في النهاية وإنتهى بي الأمر بالموت….

 

 

“أنت….أنتما لم تتغيرا. أنتما تمامًا كما كُنتما في الأيام الخوالي.” تمتم مولون قائلًا لِـيوجين وانيسيه، وهو ينظر إليهما بتلك العيون التي لا حياة فيها.

“أنا….” تأخرت كلمات مولون. “لقد بذلت قصارى جهدي لعدم التغيُّر. إعتقدتُ أنني لا أستطيع أن أسمح لنفسي بالقيام بذلك. ومع ذلك، ضد إرادتي، لا يسعني إلا أن أتغير ببطء.”

 

لقد أثر وزن مئات السنين على قوة مولون العقلية. جسده لا يزال قويًا كما كان دائما، ولكن هناك مئات وآلاف الجثث مكدسة في هذا المكان وجميع الجثث تنبعث منها هالة سامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرار إلى المشاهدة من الجانب حيث غادر جميع رفاقه المحبوبين الذين يمكن الإعتماد عليهم، وكذلك نسله، هذا العالم، وتركوه وحيدًا، أكل مولون من الداخل.

عند سماع هذه الكلمات، شخر يوجين وهز رأسه. “هذا لأن كلانا قد مات مرة. هذا ينطبق عليَّ بشكل خاص، منذ أن توفيت في أبكر وقت ممكن. من الطبيعي أنني لن أتغير.”

قدم فيرموث الطلب، وإختار مولون قبوله. لأن هذا ما أراده مولون.

“هذا ينطبق علي أيضًا.” وافقته انيسيه. “كانت حياتي أيضًا مأساوية للغاية، لكنني كنت لا أزال قادرة على إنهاء حياتي بعد القيام بكل الأشياء التي أردت القيام بها والشرب حتى يشبع قلبي.”

 

“أنا….” تأخرت كلمات مولون. “لقد بذلت قصارى جهدي لعدم التغيُّر. إعتقدتُ أنني لا أستطيع أن أسمح لنفسي بالقيام بذلك. ومع ذلك، ضد إرادتي، لا يسعني إلا أن أتغير ببطء.”

أشار يوجين “ثلاثمائة عام هي فترة طويلة بالنسبة للإنسان.”

أشار يوجين “ثلاثمائة عام هي فترة طويلة بالنسبة للإنسان.”

“هامل، قلت إنك تريد رؤية هذا المكان. انيسيه، قلتِ أيضًا أنكِ تريدين أن تري الشيء الذي لم أرغب في إظهاره لأي شخص. في النهاية، لقد رأيت كل ما تريدين رؤيته.” ذكَّرهما مولون.

“أنا أعلم.” تنهد مولون. “ثلاثمائة عام هي فترة طويلةٌ حقًا. ومع ذلك، ما زلت لا أريد التغيُّر. قلتُ لنفسي أنني لا أستطيع، وإعتقدتُ أنني لن أتمكن من إنجاز مهمتي إلا من خلال الحفاظ على عقل ثابت.”

“أنا أعلم.” تنهد مولون. “ثلاثمائة عام هي فترة طويلةٌ حقًا. ومع ذلك، ما زلت لا أريد التغيُّر. قلتُ لنفسي أنني لا أستطيع، وإعتقدتُ أنني لن أتمكن من إنجاز مهمتي إلا من خلال الحفاظ على عقل ثابت.”

 

 

قبل بضعة أيام….

“أوي….” نادى يوجين مولون بصوت هادئ.

 

رفع مولون رأسه من الحفرة العميقة التي حفرها. لم يستدِر لينظر خلفه على الفور. بدلًا من ذلك، بقي على حاله لبضع لحظات، ثم أدار رأسه ببطء.

– هل هو بسبب طلب فيرموث أنك غير قادر على الموت؟

“أوي….” نادى يوجين مولون بصوت هادئ.

عندما طرح يوجين هذا السؤال، أجاب مولون بإبتسامة.

 

 

“أوي، أيها الأحمق.”

– لن أموت لأنني لا أريد ذلك.

بعد الوقوف هناك شارد الذهن لبعض الوقت، نقر يوجين على لسانه وهز رأسه.

 

لم يعرف يوجين هل لا يزال مولون يعتقد شخصيًا أنه مولون الشجاع ذاته الذي كان عليه قبل ثلاثمائة عام. ومع ذلك، الآن بعد أن تمكن من الحصول على لَمِّ شملٍ مع رفاقه المتوفين، ربما قرر مولون أنه يريد أن يتمكن الجميع من مخاطبته كما فعلوا في ذلك اليوم، ورؤيته على أنه نفس الشخصية العظيمة التي تذكروها بدلًا من شخص مثيرٍ للشفقة، نسخة مدمرة من نفسه.

– كمحارب، أحتاج أن أعيش حياة جديرة. أثناء إتباع طلب صديق قديم، أقوم بحماية الجبال الثلجية وحقل الثلج الذي أحبه، والبلد الذي أنشأته بيدي، وحتى العالم كله.

رأى يوجين ضوءًا خافتًا يبدأ في الوميض داخل عيون مولون. وأصدر وعدًا، “لن أستخدم أي أسلحة، لأنك صديق، بعد كل شيء.”

 

ظل مولون يقف دائمًا في طليعة ساحة المعركة. لقد إعتبر ذلك واجبه، وعهد الجميع بالطليعة إلى مولون كما لو أن ذلك طبيعيٌّ فقط. وحقًا، في تلك الأيام، كان الشيء الطبيعي للقيام به. لأن مولون هو شخص شجاع لا يتراجع أبدًا؛ محاربٌ حقيقي قوي لن يتعثر أبدًا.

—لا أريد أن أموت موتًا قبيحًا من الشيخوخة. أريد أن أموت كمحارب، كبطل. حاليا، يبدو الموت شيئا بعيدًا بالنسبة لي، لكن إذا فقدت قوتي في النهاية وإنتهى بي الأمر بالموت….

 

 

هل هم متعفنون بالفعل؟

قال مولون: “يجب ألَّا أسقط.”

“هل نسيت ما قلته؟” تحدثت انيسيه، صوتها يرتجف قليلًا في البداية. ومع ذلك، سرعان ما تمالكت نفسها وأجبرت إبتسامتها المعتادة على الظهور.

 

 

– جثث النـور التي تراكمت حتى هذه النقطة ستكون بمثابة دليل على حياتي كمحارب وبطل.

مع آكاشا، بدأ يوجين في إعداد توقيعه.

 

 

أعلن مولون بفخر، “هذه هي المهمة التي عهد بها إلي فيرموث. بصفتي الشخص الوحيد الذي بقي على قيد الحياة، قبلت طلبه.”

من بين كل هذه الآثار، تلك الأكثر شيوعًا والأكثر بروزًا…..هي آثار العنف التي خلفها على ما يبدو شيء سحق ودمر عشوائيًا كل ما حوله.

قدم فيرموث الطلب، وإختار مولون قبوله. لأن هذا ما أراده مولون.

بعد ذلك، عهد فيرموث بهذه المهمة إلى مولون تمامًا كما وقع الأخير في هذه المحنة. بطبيعة الحال، قَبِلَ مولون المهمة بسعادة.

 

“إرجِعا إلى حصن ليهاين. يمكن أن يظهر النـور مرة أخرى. سأعود في غضون يومين.” وعد مولون.

لم ينزعج مولون من فيرموث. لم يقدم له فيرموث أي تفسير. لم يقل ما هو النـور، ولا لماذا إستمروا في الظهور. لم يشرح حتى لماذا يطلب هذه الخدمة.

 

 

 

ومع ذلك، لم ينزعج مولون من فيرموث. ذلك لأنه يعرف جيدًا أنه هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يثق به فيرموث في هذا النوع من المهام — مولون الشجاع.

هذا الرجل هو نفسه كما كان عندما إجتمعوا لأول مرة في وادي المطرقة العظيمة. عيناه باردتان، دون أي أثر للعاطفة. العيون التي بدت وكأنها مجوفة على مر السنين. تماما مثل عيون فيرموث في الغرفة المظلمة — متعب، بلا حياة وذابلة.

 

 

“….أنا بخير.” قال مولون بعد هز رأسه بقوة: “أنا فقط أشعر بالدوار قليلًا. كما قد تكون شعرت بالفعل، فإن مستنقع النـور جهنمي. من المستحيل أن تعتاد على ذلك. خاصة بالنسبة لي، لأنني قتلت الكثير منهم خلال هذه الفترة الطويلة من الزمن. وهكذا، هناك أوقات لا أستطيع فيها التحكم في كل الأشياء بداخلي.”

 

“إذن؟ عندما لا تستطيع التحكم في نفسك، تحاول حل مشاكلك هكذا؟” سأل يوجين بسخرية.

ومع ذلك، الأمرُ مختلفٌ بالنسبة لمولون. لقد عاش طوال تلك الثلاثمائة عام. بصرف النظر عن نفسه، مات جميع رفاقه، وبعد إختفائهم، تحمل كل هذا الوقت بمفرده. لقد أتيحت له الفرصة ليختار الموت بسلام وسعادة، ببركات الجميع على كل ما فعله.

 

بوم، بوم!

“أعلم أنه أمر محرج وقبيح. أنا أدرك تمامًا أن مثل هذا السلوك لا يليق بالمحارب، لذلك لم أرغب في أن أريكما هذا. كلما فكرت في الأمر أكثر، زاد غضبي من نفسي. لهذا السبب كنت أحطم رأسي في الأرض.” إعترف مون بخجل.

 

 

 

“أحمق. هل تعتقد حقًا أنه يمكنك التخلي عن غضبك عن طريق تحطيم رأسك في الأرض.” تمتم يوجين وهو يشد ويفتح قبضتاه.

قدم فيرموث الطلب، وإختار مولون قبوله. لأن هذا ما أراده مولون.

 

 

عند سماع هذه الكلمات، إبتسم مولون فقط.

“أحمق.” لم يرغب في التفكير بالأمر، لكنه لم يستطِع منع نفسه.

 

 

“هامل، انيسيه.” تحدث مولون بعد صمت قصير. مثل عيناه المرهقتان، بدا صوته مهترئًا تمامًا، “أليس هذا كافيًا الآن؟”

إقترح يوجين: “أوي، مولون، أريد أن ألقي نظرة على قمة هذا الجبل.”

“ماذا تقصد؟” سأل يوجين.

“لو أُصيب رأسك….ولو قليلا، فيمكنني على الأقل أن أشفيك. لكن رأسك صلب جدًا يا مولون. وأنا أعلم أنك لا تملك حتى خدشًا. حسنًا، إنه لطيف نوعًا ما عدم وجود أي شيء للقيام به.”

 

 

“هامل، قلت إنك تريد رؤية هذا المكان. انيسيه، قلتِ أيضًا أنكِ تريدين أن تري الشيء الذي لم أرغب في إظهاره لأي شخص. في النهاية، لقد رأيت كل ما تريدين رؤيته.” ذكَّرهما مولون.

“لو أُصيب رأسك….ولو قليلا، فيمكنني على الأقل أن أشفيك. لكن رأسك صلب جدًا يا مولون. وأنا أعلم أنك لا تملك حتى خدشًا. حسنًا، إنه لطيف نوعًا ما عدم وجود أي شيء للقيام به.”

 

 

لاحظ يوجين أن أطراف أصابع مولون ترتجف قليلا.

 

 

 

حاول مولون إقناعهم. “لا أعرف كيف دخلتما إلى هنا. حتى لو أجبرتكما على المغادرة، فَـقد تتمكنان من العودة. ولكن من فضلكما، لا تفعلا. ما زلت….أحتاج الى بعض الوقت للهدوء بشكل صحيح. لا أريدكما أن ترياني في تلك الحالة بعد الآن.”

 

يمكن أن يشعر مولون بنظرة يوجين. قام بتجميع يداه المرتجفتين معًا لإخفاء الإهتزاز وإستدار للخلف.

إلى جانب كتل اللحم، الأمعاء، الدماء والعظام، هناك عدة آثار أخرى مرئية. هناك علامات خدش واضحة على المنحدرات والصخور — على الأقل، من الواضح أنها صُنِعَتْ عمدًا، على الرغم من أنه يصعب معرفة هل من المفترض أن تكون صورًا أو كلمات.

 

للحظة، تردد. هل يجب أن يسحب شيئًا آخر ويبقيه على أهبة الاستعداد؟ فكر في الأمر لثانية واحدة. هل هناك حقًا شيء يضطره لحمل سلاح؟ في النهاية، قرر عدم القلق بشأن ذلك. لم يسحب سلاحًا آخر، ولم يقلص حتى قبضتيه.

“إرجِعا إلى حصن ليهاين. يمكن أن يظهر النـور مرة أخرى. سأعود في غضون يومين.” وعد مولون.

“إرجِعا إلى حصن ليهاين. يمكن أن يظهر النـور مرة أخرى. سأعود في غضون يومين.” وعد مولون.

 

 

“وماذا لو لم يظهر النـور مرة أخرى خلال هذين اليومين.” رد يوجين: “هل ستستمر في ضرب رأسك على الأرض كما كنت تفعل من قبل؟”

 

دافع مولون عن نفسه، “ليس الأمر كما لو أنه من المؤلم حقا أن أفعل ذلك.”

سار يوجين وانيسيه عبر هذه الآثار، إستمر الإثنان في الصعود لِـأعلى. كلما صعدا أعلى، نمت هذه الآثار أكثر عنفًا، وضوحًا وتكرارًا. الأمر كما لو أن الشخص الذي تركهم وراءه أراد التأكد من ألا يتسلق أحد هذا الجبل. أو ربما لم يرغب في أن يعود أي شيء من هنا إلى العالم الخارجي.

“أفترض ذلك.” وافق يوجين بسخرية. “جسمك صلب بلا فائدة، وإذا انهار جسمك بسبب إيذاء النفس المفرط، فلن تكون قادرًا على الإستمرار في تلبية طلب فيرموث.”

 

“أنا لا أفعل هذا فقط بسبب طلب فيرموث، هامل. كما قلت من قبل، أي واحد منا سيفعل نفس الشيء الذي أفعله.” جادل مولون مرة أخرى.

“….أنا بخير.” قال مولون بعد هز رأسه بقوة: “أنا فقط أشعر بالدوار قليلًا. كما قد تكون شعرت بالفعل، فإن مستنقع النـور جهنمي. من المستحيل أن تعتاد على ذلك. خاصة بالنسبة لي، لأنني قتلت الكثير منهم خلال هذه الفترة الطويلة من الزمن. وهكذا، هناك أوقات لا أستطيع فيها التحكم في كل الأشياء بداخلي.”

 

 

“أنا أعلم. يستحيل ترك وحوش مثل نـور أو أي شيء لوحدها، لذلك حتى لو كنتُ في مكانك، لَـكُنتُ عِشتُ هنا من أجل الإستمرار في قتل نـور. بعد ذلك، عندما أعتقد أخيرًا أنني لا أستطيع الإستمرار في القيام بذلك بعد الآن، سأقتل نفسي.” صَرَّحَ يوجين دون أي تردد.

 

 

عندما طرح يوجين هذا السؤال، أجاب مولون بإبتسامة.

“هذا لن يحدث يا هامل. أنت لم تكن مثل هذا المحارب الضعيف. لن ينتحر أحد منا أبدًا دون الوفاء بمهمته.”

رأى يوجين ضوءًا خافتًا يبدأ في الوميض داخل عيون مولون. وأصدر وعدًا، “لن أستخدم أي أسلحة، لأنك صديق، بعد كل شيء.”

“ثم كنتُ سَـأُصاب بالجنون وأنهار.” تمتم يوجين وهو ينظر إلى مولون. “تمامًا مثلك.”

ليس الأمر أنه لم يرغب في الموت. لا، أراد مولون أن يموت، لكنه أراد موت محارب. في رأيه، مات جميع أصدقائه كمحاربين، وهو يرغب في نفس الشيء لنفسه.

“….أنا لستُ مجنونًا.” نفى مولون ذلك. “أنا لست مدمرًا أيضًا. أنا فقط أواجه مشكلة في الحفاظ على الهدوء.”

“لا يوجد شيء هناك.” أخبره مولون: “المنظر لا يستحق الكثير أيضًا.”

“آمل أن يكون هذا هو الحال. بالنسبة لك، يجب أن تكون مدة طويلة جدًا، لكن ساحة المعركة التي قاتلنا فيها….” إبتسم يوجين وهو يركل شيئًا أمامه.

“….أنا لستُ مجنونًا.” نفى مولون ذلك. “أنا لست مدمرًا أيضًا. أنا فقط أواجه مشكلة في الحفاظ على الهدوء.”

 

 

بااو!

 

تم إرسال رأس نـور المجعد يحلق من ركلة يوجين.

 

 

هذا الرجل هو نفسه كما كان عندما إجتمعوا لأول مرة في وادي المطرقة العظيمة. عيناه باردتان، دون أي أثر للعاطفة. العيون التي بدت وكأنها مجوفة على مر السنين. تماما مثل عيون فيرموث في الغرفة المظلمة — متعب، بلا حياة وذابلة.

“….كانتْ مليئة بالوحوش التي كانت أسوأ بكثير من هذا. بما أنك بقيت متورطًا في التعامل مع شيء مثل هذا لأكثر من مائة عام، ثم شخص مثلك، من هو بربري بطبيعته ويفيض بالقوة، لن يكون راضيًا عن ذلك تمامًا. قد يؤدي ذلك إلى غليان دمك، لكنه لن يكون كافيًا لتهدئتك.”

بينما هو سليمٌ جسديًا، قال تعبيره شيئًا مختلفًا تمامًا عن حالته العقلية. الانطباع عن مولون الذي تحدثا معه قبل أيام قليلة فقط هو أنه نفس المولون الذي عرفاه في الأيام الخوالي، لكن الرجل الذي يريانه أمام أعينهما الآن…

حاولت انيسيه التدخل، “هامل، مولون هو—”

 

“إبقَي هادئة، انيسيه.” قطعها يوجين.

 

 

“أوي، أيها الأحمق.”

في مواجهة نظرة يوجين الحادة، تنهدت انيسيه فقط وتراجعت بضع خطوات إلى الوراء.

لقد أثر وزن مئات السنين على قوة مولون العقلية. جسده لا يزال قويًا كما كان دائما، ولكن هناك مئات وآلاف الجثث مكدسة في هذا المكان وجميع الجثث تنبعث منها هالة سامة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الاضطرار إلى المشاهدة من الجانب حيث غادر جميع رفاقه المحبوبين الذين يمكن الإعتماد عليهم، وكذلك نسله، هذا العالم، وتركوه وحيدًا، أكل مولون من الداخل.

 

عندما طرح يوجين هذا السؤال، أجاب مولون بإبتسامة.

“أحمقان.” تمتمت انيسيه.

 

 

عند سماع هذه الكلمات، إبتسم مولون فقط.

أجاب يوجين ضاحكًا: “لا تجمعيني معه.”

 

 

 

وضع يوجين يده اليمنى داخل عباءته ورفع نظرته لينظر إلى أعلى الجبل. لا يزال هناك بعض المسافة التي يمكنهم تسلقها.

“هامل!” صاح مولون مُحَذِرًا.

 

 

إقترح يوجين: “أوي، مولون، أريد أن ألقي نظرة على قمة هذا الجبل.”

“وماذا لو لم يظهر النـور مرة أخرى خلال هذين اليومين.” رد يوجين: “هل ستستمر في ضرب رأسك على الأرض كما كنت تفعل من قبل؟”

 

 

“لا يوجد شيء هناك.” أخبره مولون: “المنظر لا يستحق الكثير أيضًا.”

 

“هذا شيء سَـأقرره أنا.”

“….أنتما الإثنان.” قال مولون وهو يضحك.

“هامل.”

 

غير يوجين الموضوع. “تعال للتفكير في الأمر، أخبرَني سليلك قصة مثيرة للإهتمام.”

 

بالعودة إلى هاملون، عاصمة الرور، قابلهم أمان الرور أمام تمثال هامل ومولون، ثم قال شيئًا لِـيوجين بإبتسامة متكلفة.

– هل هو بسبب طلب فيرموث أنك غير قادر على الموت؟

 

 

متذكرًا تلك اللحظة، قال يوجين، “لقد سمعت أنك قلتها بنفسك. قبل ثلاثمائة عام، كُنتَ أقوى رفاق فيرموث. بعبارة أخرى، كُنتَ تقول إنك أقوى مني.”

 

“هامل.” قال مولون بهدوء.

يعرف يوجين وانيسيه مولون جيدًا. منذ ثلاثمائة عام وحتى الآن، لطالما كان مولون محاربًا شجاعًا لن يهرب أبدًا من تحدي. أي شخص آخر سَـيبدأ بالإنهيار والإستسلام لليأس عندما يواجه مثل هذا الواجب، لكنهم لم يتمكنوا حتى من تخيل مشهد إستسلام مولون بهذه الطريقة.

 

ضحكت انيسيه بسخرية وأومأت برأسها.

واصل يوجين دون توقف، “تعال للتفكير في الأمر، أنا أيضًا فضولي جدًا. أثناء السفر مع فيرموث، واجهتهُ عدة مرات، لكنني لم أحصل على قتال مناسب معك من قبل.”

“أنا أعلم.” تنهد مولون. “ثلاثمائة عام هي فترة طويلةٌ حقًا. ومع ذلك، ما زلت لا أريد التغيُّر. قلتُ لنفسي أنني لا أستطيع، وإعتقدتُ أنني لن أتمكن من إنجاز مهمتي إلا من خلال الحفاظ على عقل ثابت.”

أدار مولون رأسه مرة أخرى للنظر إلى يوجين.

ظهر مولون، الكبير والواسع جدًا عادة، بدا صغيرًا بشكل غريب الآن.

 

“مولون، ألم أقُل لك أنه إذا كان هناك شيء لا تريدني أن أراه، فَـهذا سَـيجعلني فقط أُريد أن أراه أكثر، بغض النظر عَمَّا قد تكون التكلفة؟ منذ الوقت الذي ولدتُ فيه إلى الوقت الذي مِتُّ فيه، لم يكن لدي الكثير من الأمنيات التي تحققت، لكن بفضلك، تمكنت من الإستمتاع بهذه التجربة النادرة.”

أضاف يوجين: “أيضًا، أظهرت لي انيسيه شيئًا مثيرًا للإهتمام.”

بوم، بوم!

 

– لن أموت لأنني لا أريد ذلك.

بدأ يتحدث عن الحلم الذي ظهر من خلال السيف المقدس في غابة سمر.

 

 

“هامل، قلت إنك تريد رؤية هذا المكان. انيسيه، قلتِ أيضًا أنكِ تريدين أن تري الشيء الذي لم أرغب في إظهاره لأي شخص. في النهاية، لقد رأيت كل ما تريدين رؤيته.” ذكَّرهما مولون.

“أنت، قلت شيئًا بينما كنت تبكي على قبري، أليس كذلك؟ قُلتَ أنك تريد القتال معي يومًا ما. أردت أن تعرف، بيني وبينك، من هو المحارب الأعظم، صحيح؟” ضغط يوجين على مولون.

 

 

 

حاول مولون بتردد نزع فتيل الوضع. “…أنا، أنا لست بحاجة للقتال معك، هامل. أنا أعرفك جيدا. أنا أدرك قدرتك. أنت أكبر وأشجع وأقوى—”

“أنت….أنتما لم تتغيرا. أنتما تمامًا كما كُنتما في الأيام الخوالي.” تمتم مولون قائلًا لِـيوجين وانيسيه، وهو ينظر إليهما بتلك العيون التي لا حياة فيها.

“هل تعتقد حقًا بما تقوله؟” سأل يوجين أثناء إمالة رأسه إلى الجانب.

حاول مولون بتردد نزع فتيل الوضع. “…أنا، أنا لست بحاجة للقتال معك، هامل. أنا أعرفك جيدا. أنا أدرك قدرتك. أنت أكبر وأشجع وأقوى—”

 

 

غير قادرٍ على الرد، نظر مولون فقط إلى يوجين. عند رؤية هذه النظرة، إبتسم يوجين وأومأ برأسه.

عندما طرح يوجين هذا السؤال، أجاب مولون بإبتسامة.

 

من بين كل هذه الآثار، تلك الأكثر شيوعًا والأكثر بروزًا…..هي آثار العنف التي خلفها على ما يبدو شيء سحق ودمر عشوائيًا كل ما حوله.

“عيناك تخبرانني أنك لا تعتقد ذلك حقًا.” لاحظ يوجين بينما يده داخل عباءته تمسك بآكاشا.

ومع ذلك، الأمرُ مختلفٌ بالنسبة لمولون. لقد عاش طوال تلك الثلاثمائة عام. بصرف النظر عن نفسه، مات جميع رفاقه، وبعد إختفائهم، تحمل كل هذا الوقت بمفرده. لقد أتيحت له الفرصة ليختار الموت بسلام وسعادة، ببركات الجميع على كل ما فعله.

 

بدلًا من ذلك، أخذ الإثنان بضع لحظات فقط لفرز عواطفهم.

حذَّره مولون، “لا تفعل أي شيء أحمق، هامل.”

إقترح يوجين: “أوي، مولون، أريد أن ألقي نظرة على قمة هذا الجبل.”

“من كان يظن أن مثل هذه الكلمات ستأتي من شفتيك.” تعجب يوجين بسخرية وبدأت صيغة اللهب الأبيض تطلق شرارات من اللهب الأرجواني.

 

 

 

عندما رأى مولون هذا المظهر، شد قبضتيه.

حاولت انيسيه التدخل، “هامل، مولون هو—”

 

 

رأى يوجين ضوءًا خافتًا يبدأ في الوميض داخل عيون مولون. وأصدر وعدًا، “لن أستخدم أي أسلحة، لأنك صديق، بعد كل شيء.”

 

“هامل!” صاح مولون مُحَذِرًا.

رأى يوجين ضوءًا خافتًا يبدأ في الوميض داخل عيون مولون. وأصدر وعدًا، “لن أستخدم أي أسلحة، لأنك صديق، بعد كل شيء.”

 

“هل تعتقد حقًا بما تقوله؟” سأل يوجين أثناء إمالة رأسه إلى الجانب.

“ومع ذلك، سوف أستخدم السحر. نظرًا لأن مهاراتك ليستْ كما كانت في حياتي الماضية، يجب أن يكون من الجيد بالنسبة لي إستخدام السحر الذي لم أكن أستطيع من إستخدامه في ذلك الوقت.” برر يوجين نفسه.

ومع ذلك، لم ينزعج مولون من فيرموث. ذلك لأنه يعرف جيدًا أنه هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يثق به فيرموث في هذا النوع من المهام — مولون الشجاع.

 

لا يزال من الممكن سماع صوت التحطم بشكل متقطع.

مع آكاشا، بدأ يوجين في إعداد توقيعه.

 

 

نظرت إلى أسفل نحو كتلة اللحم تحت قدميها. جزء من جثة تم تمزيقها إلى أجزاء دقيقة لدرجة أنه من المستحيل تخيل شكلها الأصلي. هناك أجزاء مماثلة من اللحم مبعثرة في جميع أنحاء مجال رؤيتهم.

هزت انيسيه، التي تراجعت بالفعل، رأسها.

“أحمق.”

 

 

“أحمقان.”

 

“لا يوجد شيء هناك.” أخبره مولون: “المنظر لا يستحق الكثير أيضًا.”

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط