خلق الإثارة.
الفصل 39 — خلق الإثارة.
أنذر فم الثعبان بقوةٍ عظيمة؛ شاطفاً ماحوله من رياحٍ وثلوج منزلاً درجة الحرارة لأدنى مايكون في نقطة وحدة. في تلك اللحظة، بدا وكأن الوقت قد توقف. كان مصاص الدماء على وشك إكمال سحره، عندما شعر بشيءٍ يرتفع من حلقه.
فوق ركُام الرمال السحيقة، فتح أغاريس قرمزي الشعر عينيه، متمتماً:”… لقد دخلت؟” مباشرةً بعد ثانية، أعاد التفكير في آخر ما رآه — في تلك الساحرة السماوية عشبية الشعر؛ في ذلك المشهد الأثيري حيث إستخدمت سحرها.
كان صوته مدوياً غير مناسب لبنيته الهزيلة المجرّحة، ولم يبدو وكأنه مدركٌ لما يقوله. في الواقع، لم يكن عقل أليتاليس سليماً تماماً، لكن بطريقةٍ ما، لم يجن بعد. كان حقاً صلباً.
ثم متذكراً ذلك، إندفع الأدرلينالين بداخله!
‘ تسك، ياللغبر. كم من ألفية قد مضت هنا.’
” نعم! نعم!”
بعد مرور عدة دقائق، تمكّن أليتاليس متنهداً من الهدوء وإخماد أفكاره. قبل أن يستعيد التحكم بجسده المنهك والمصاب قليلاً.
إنتصب شعر جسده بفعل رعشةٍ إنتشرت فيه، ما دفعه إلى تشكيل إبتسامة مثارة ومجنونة، مع إحمرار بشرته وعينيه بوضوح، وظهور طبقة من الدموع الخفيفة حول مجحظيه. بدأ بالقفز؛ كأرنبٍ مجنون. رافعاً يديه بنشوة.
“شا!!”
” أجل! دماءٌ طازجة!”
لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.
” نخبة من الدرجة العليا!”
بعد أيام، نوى أليتاليس الهرب، لإحساسه بالخطر يشتد حول رقبته لسببٍ ما، وسرعان ماكان ليبدأ أثناء تقييم الوضع حوله، لكن فجأة، شعر بعينين حادتين تنظران إليه؛ عينا فارسٍ مدجج فضي اللون.
” كاسرٌ للعنة!”
“فووهـ…”
” مفتاحي…وخصمي!”
بعد مرور عدة دقائق، تمكّن أليتاليس متنهداً من الهدوء وإخماد أفكاره. قبل أن يستعيد التحكم بجسده المنهك والمصاب قليلاً.
كيف لأغاريس ألّا يكون مثاراً ومتحمساً؛ للقاء عدوٍ محتمل — كتلك الساحرة؟ ربما كانت هذه هي أول مرة يشعر بها بهذا القدر من الإثارة منذ وصوله إلى هذا العالم. كان سعيداً!
السحر المطلق — سالانغرينسلاند!
بعد دقائق من التهليل والقفز كالقرود المثارة، هدأ. فكر بالعديد من الأمور؛ مثل كيف سيواجه خصماً شديداً مثلها، وأين سيلقاها مجدداً. ثم إنزعج بشدة صافعاً وجهه. كان التفكير أمراً متعباً، وتعقيداً لا لزوم له.
رنّ ناقوس الخطر لدى مصاص الدماء، حينما رأى فجأةً — نصف رجل تنين قرمزي بازغاً من الأبخرة!
رفع رأسه ثم عبس محدقاً بالسقف النيلي الداجي ذا خيوط الأشفاق الملونة، بأعين أظهرت شرراً وعداءاً صريحين. أطلق نفساً، قبل أن يهز كتفيه، ويضع يديه في جيبيه — مع نسيان أفكاره. ثم بدأ بمغادرة تلك النقطة، عبر البدأ في النظر حوله والسير.
“سوو!!”
على طريقه، رأى أغاريس أشياءاً مختلفة؛ بقايا المبان المندثرة، آثار أقدام متنوعة، و مختلف بقايا الأجهزة السحرية؛ والتي كانت في حالة تعذر فيها التعرُّف عليها. وما إلى ذلك. لم يكن لديه أي مصلحة أو إهتمام فيها. لذلك غض طرفه عنها، باحثاً عن ما يستحق إهتمامه؛ ما كان ليجلب المتعة له.
‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’
‘ تسك، ياللغبر. كم من ألفية قد مضت هنا.’
كانت هذه تجربةً مثيرةً للإهتمام. إعتاد أليتاليس على مثل هذه الأحاسيس المذلّة والمخدرة للروح في العشر أعوامٍ الماضية؛ كان هذا حداً يستطيع تحمله؛ مؤقتاً آمن بذلك.
في الواقع، كان هذا البعد السري قديماً للغاية! حتى هو إستطاع معرفة ذلك.
“سووش!!”
تكّونت المنطقة حوله من بيئة عشوائية؛ فتارةً كان يرى مبانٍ هالكة، وتارةً أخرى كثباناً متراكمة، أشجارٍ حجرية، وبقاياً خالية.
“جوغغ…”
في مرحلةٍ ما توقف فجأة، ثم نظر إلى الشرق. تعاقد حاجباه، ثم أمال رأسه قليلاً متمتماً:”…أمعقولٌ هذا؟ إنه خافت، لكن بإمكاني إستشعاره، بشرتي تقشعر يارجل…يالقوة هذه النيران.”ضحك في نهاية كلامه، ثم إبتسم. شعر بلسعة بسيطة تنتشر على كفه.
تكّونت المنطقة حوله من بيئة عشوائية؛ فتارةً كان يرى مبانٍ هالكة، وتارةً أخرى كثباناً متراكمة، أشجارٍ حجرية، وبقاياً خالية.
“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”
كان مصاص الدماء الذي كاد يقتل أغاريس!
بدأ أغاريس في السير مجدداً.
أقنع أليتاليس نفسه بذلك.
لم يعلم كم قد مرّ من الوقت.
ضاق بؤبؤه قليلاً عند رؤية آثار أقدام حديثة، تحركت المثلثات داخل عينيه، كصخورٍ عائمة فوق البحر. أكمل سيره لفترة غير طويلة؛ بين الركام؛ حتى توقف في النهاية لدى بقعةٍ ما. حيث وجِد أمامه رجلٌ ما، مختبئ فوق بقاياً مهدومة.
كان جائعاً. شعر وكأنه يستطيع إبتلاع ثلاث ثيران لوحده؛ لكن هل وجد شيءٌ كهذا هنا؟ للأسف، لم يرى أي كائنٍ حي. لكن ذلك لم يفرق كثيراً معه؛ فلم يحتج للأكل منذ الأساس؛ لكن بجانب القتال والبحث عن الفوضى، كان الأكل هوايةً أساسيةً له.
لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.
بعد مدة مجهولة من السير والتعثر في الأطلال، وجد أغاريس أخيراً ما قد يثير إهتمامه، بالأحرى أحد أهدافه!
كان هذا هو المهم للآن.
ضاق بؤبؤه قليلاً عند رؤية آثار أقدام حديثة، تحركت المثلثات داخل عينيه، كصخورٍ عائمة فوق البحر. أكمل سيره لفترة غير طويلة؛ بين الركام؛ حتى توقف في النهاية لدى بقعةٍ ما. حيث وجِد أمامه رجلٌ ما، مختبئ فوق بقاياً مهدومة.
“كفى!!”
كان رجلاً كبيراً في السن، بتجاعيد على وجهه، وشعرٍ أشيب. بدا أكبر بكثيرٍ منذُ آخر مرة، بهالاته السوداء أسفل عينيه، ولون بشرته الشاحب والقبيح. ناهيك عن زيادة الشيب على رأسه. بدا وكأنه قد عانى الأمرّين مؤخراً.
“بقدر مايبدو وكأنه من العالم الخارجي، إلا أننا لا نستطيع إستبعاد كونه ساكناً أصلياً. ربما قد يكون متسللاً قد نوى أخذ الميراث قبل إنتشاره.”
كان مصاص الدماء الذي كاد يقتل أغاريس!
“أنا أليتاليس ليون فيدالم، لن أُذّل على أي البشر!!”
ضاق بؤبؤه حين رأى أغاريس متجهاً نحوه هو — الذي من المفترض ألا يستشعره أحد، قبل أن يرى إبتسامةً على وجهه، والذي قال فجأة:”كنت مصاباً آخر مرة…مرحباً، و وداعاً.” دون الإسهاب في الكلام، إشتعلت النيران القرمزية فوق كفه المرفوع. والذي بدوره قد إنتشر إلى كونه عاصفةً نارية، ثم ألقى بها نحو الركام الصخري بلا تردد!!
” كاسرٌ للعنة!”
” سووش!!”
في تلك اللحظة، وصلت حرارة الجو لأقصاها فجأة، شعر مصاص الدماء بذلك قبل حدوثه — وإستعد.
“ووش.”
” نعم! نعم!”
“إنفجار!!”
“بذكر ذلك، أي معلوماتٍ أخرى؟”
” كاككا!!”
” نعم! نعم!”
تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!
لم يستطع فتح فمه للصراخ، للتعبير عن غضبه و يأسه. رغم إرتفاع صدى صرخات روحه. زادت بشرته بالإرتعاش والتدهور. حتى إنزلاق بضع خيوط من الدم الجاف من شفتيه، ثم…
“شا!!”
إشتد وجهه مع بروز أوردته وإحمرار عينيه بالدموع، كان إعتاد أليتاليس على الذُّل والإهانة، كان قد صبر عليها…
“إنفجار!!”
” إنفجار!!”
تحطمّت أسطح الجليد المتفرعة كالزجاج، ومما لاشك فيه أن هذه كانت البداية؛ بدأت الأشجار الجليدية بالنبوت من على الأرض الرمالية سريعاً.
‘أنا حي.’
” همف! باغتتني في ألمي سابقاً، لكن ليس الآن!”شخر أغاريس، مستخدماً فنه الخاص — التنين المدمر. ظهرت حراشف دموية على جلده متحولةً إلى لونٍ كميتي؛ كالجمر الموقد. مشتعلة بأوشمٍ كالجحيم. في تلك اللحظة، إنتشرت موجةٌ هائلة من البخار الأبيض!
لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—
“سووش!!”
“ووش.”
إختفت عشرات الأشجار الجليدية على الفور!
“ووش.”
” إنفجار!!”
لم يتفاجئ أليتاليس من ذلك.
“شاا!!”
في الواقع، كان هذا البعد السري قديماً للغاية! حتى هو إستطاع معرفة ذلك.
“إنفجار!!”
“أنا أليتاليس ليون فيدالم، لن أُذّل على أي البشر!!”
رقص أغاريس في الجو قافزاً عبر الفروع الجليدية البازغة، كان جسده رشيقاً. محطماً أياً ما أعاق طريقه من جليد؛ تبعته الفروع البلورية الحادة من الأسفل محاولةً إختراقه. لكن بدا وكأنها أضعف من حراشفه المدرعة، لتحطمها عند ملامستها له؛ ولإنصهار بعضها حتى قبل الوصول له. ما بدوره قد جعل مصاص الدماء يعبس.
“إنفجارر!!”
لم يتوقع مصاص الدماء لقاء أغاريس هنا، لكن هذا لم يغير شيئاً أو يصدمه كثيراً. سبق وأن حاول صيد أغاريس ذات مرة، لكنه فشل لتدخلٍ طفيلي ساعده. كان ينوي الإمساك به في كل الأحوال؛ لذلك إيجاد أغاريس له دون تعب أو بحثٍ منه قد أسعده إلى حدٍ ما.
“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”
لم يكن ليدعه هذه المرة!
“سوو!!”
لكن…
‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’
بدا وكأن خصمه قد كان أقوى مما ظن.
‘ أنا…’
فبصرف النظر عن إستخدامه لكمٍ هائلٍ من المانا لصُنع مجالٍ مزيف من الرتبة الرابعة، كان قد إستخدم إستراتجية “البيئة ضد العدو” صانعاً غابة صغيرة لدحر و إعاقة أغاريس وعدم إعطاءه أي فرصة؛ جسداً وبصراً. فلم يكن ضامناً ألّا تحرقه نيران الأخير أولاً.
بصق جرعة من الدم.
كانت هذا عراكاً للنار ضد الجليد. إستخدم سحرة عنصري الماء والجليد هذه الإستراتجية ضد سحرة اللهب في غالبية المعارك تقريباً.
عند هذه الفكرة، شعر أليتاليس بخطأ. وبحكمته قرر عدم فتح عينيه، فقد كان جسده يتحرك دون إرادته!
ولا مناص من قول…
كان هذا هو المهم للآن.
“سووش!!”
“هذا متعب وممل خلاف إعتقادي…لم أُستنزف هكذا منذ فترة.”
“إنفجار!!!”
تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.
“هيه، ها أنت ذا!”
لم يتفاجئ أليتاليس من ذلك.
أنّ أغاريس قد شقّ طريقه إليه غير متأثرٍ بذلك!
“…هاه؟ حقاً؟ ممل. باه! مزعج، يالها من ترهات ميتٍ حمقاء!”
إنتشر البخار بكثّافة حارقة، بإستثناء بعض الأضواء المومضة؛ لم يُرى أي شيء سوى البياض الناصع الذي كان ليحرق أي مخلوق قد يقترب من هذه المنطقة. تحولت الأرض الرملية الجرداء، إلى غابةٍ من الثلج والبخار.
رنّ ناقوس الخطر لدى مصاص الدماء، حينما رأى فجأةً — نصف رجل تنين قرمزي بازغاً من الأبخرة!
‘أوه، لا!’
بعد أيام، نوى أليتاليس الهرب، لإحساسه بالخطر يشتد حول رقبته لسببٍ ما، وسرعان ماكان ليبدأ أثناء تقييم الوضع حوله، لكن فجأة، شعر بعينين حادتين تنظران إليه؛ عينا فارسٍ مدجج فضي اللون.
رنّ ناقوس الخطر لدى مصاص الدماء، حينما رأى فجأةً — نصف رجل تنين قرمزي بازغاً من الأبخرة!
“جوغغ…”
لاطفت رائحة الدم الحلوة أنفه، كان سيتحرك هارباً، ولكن فجأة—
لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟
“إنفجار!!”
“سووش!!”
كان الهرب من سحرة البلاط الإمبراطوري في العالم الخارجي إزعاجاً كافياً، فكيف لهم بأن يسمحول لمصاص دماء أجنبي بالتجول عبثاً في أرضهم؟ بالأخص مع رتبته هذه؟ حتى رُمِي هنا وصادف وحشاً مرعباً لم يذكر سوى في السجلات التاريخية، ثم بعد الهرب بالكاد، لقي وحشاً من نوعٍ آخر…
شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.
رفع رأس مصاص الدماء من الأرض، شاداً شعره بلا رحمة، صرخ:”أتهرب من نتائج أفعالك؟ جبانٌ لعين، تعال، واجهني من جديد!”
“سوو!!”
“سوو!!”
تدارك مصاص الدماء نفسه بأقل من ثانية، فلم يكُ بالضعيف. خطط لحركته القادمة على الفور في الجو، عندما ربّت أغاريس — الذي ظهر قربه في مرحلةٍ ما على كتفه بخفة، بعينيه اللامعتين كالتوباز تحت الضوء، إبتسم ببرود وهمس:”قاتل بجد، فلن أمنحك فرصة أخرى. هيا هيا!”
“غانغ!”
إقشعر مصاص الدماء رعباً، ظهرت دوائر سحرية حوله، وإنفجر بالجليد. فور أن هبطا، تجمّدت قدما أغاريس بشدة، إمتدت كرمات زهورٌ بلورية بسرعة من كل مكان، وإلتفت حول أغاريس مقيّدة إياه، في كُل مرة كانت تنصهر فيها، عادت الكرمات بكثافة؛ بأعدادٍ أكبر. حتى أخفته تماماً؛ كشرنقة.
‘ كيف ذلك؟’
السحر المركب — إينيسايغل!
كان صوته مدوياً غير مناسب لبنيته الهزيلة المجرّحة، ولم يبدو وكأنه مدركٌ لما يقوله. في الواقع، لم يكن عقل أليتاليس سليماً تماماً، لكن بطريقةٍ ما، لم يجن بعد. كان حقاً صلباً.
“فووهـ…”
أنّ أغاريس قد شقّ طريقه إليه غير متأثرٍ بذلك!
مطلقاً نفساً، تكثّف الصقيع على وجه مصاص الدماء، ناظراً إلى كتلة الجليد الضخمة أمامه، لم يرتح بختم خصمه، وقفز للخلف. فجأة، ظهرت دائرة سحرية أمامه؛ وتوسعّت لثلاث دوائر أخرى. بدأ بتلاوة تعويذة طويلة.
“إنفجار!!!”
“سوو!!”
داس بقدمه على وجه مصاص الدماء، ثم تنهد:
من تلك الدوائر الثلاث، ظهرت ثلاث كرماتٍ بلورية لامعة، ذات جذورٍ سميكة بحجم رجلٍ بالغ، إندمجت معاً؛ وكونوا زهرة بديعة. خماسية البتلات، ذات وسطٍ برأس ثعبانٍ مفخّم مفتوح الفم. إزدادت المنطقة حولها جموداً؛ ولم يبقى من الرمال السابقة إلا الصقيع والثلج.
في الواقع، كان هذا البعد السري قديماً للغاية! حتى هو إستطاع معرفة ذلك.
فجأة، برق فم الثعبان بضوءٍ أزرق كالنجوم، توقفت الرياح الباردة؛ وبدأ الصقيع بالتجمُّع في وسط الزهرة.
“أنا أليتاليس ليون فيدالم، لن أُذّل على أي البشر!!”
“سووش!!”
“جوغغ…”
أنذر فم الثعبان بقوةٍ عظيمة؛ شاطفاً ماحوله من رياحٍ وثلوج منزلاً درجة الحرارة لأدنى مايكون في نقطة وحدة. في تلك اللحظة، بدا وكأن الوقت قد توقف. كان مصاص الدماء على وشك إكمال سحره، عندما شعر بشيءٍ يرتفع من حلقه.
تحطمّت أسطح الجليد المتفرعة كالزجاج، ومما لاشك فيه أن هذه كانت البداية؛ بدأت الأشجار الجليدية بالنبوت من على الأرض الرمالية سريعاً.
“جوغغ…”
“إنفجارر!!”
بصق جرعة من الدم.
“هيه، ها أنت ذا!”
“اللعنة…”
بعد مدة قصيرة، سرعان ما توصل أليتاليس لفهم تجاه وضعه.
كان مصاص الدماء مستنفزاً بشدة. لم يكن في أفضل حالاته منذ البداية؛ وزاده القتال الحالي سوءاً فوق سوءه؛ فحتى الرتبة الرابعة إمتلكت حدودها.
رنّ ناقوس الخطر لدى مصاص الدماء، حينما رأى فجأةً — نصف رجل تنين قرمزي بازغاً من الأبخرة!
كان الهرب من سحرة البلاط الإمبراطوري في العالم الخارجي إزعاجاً كافياً، فكيف لهم بأن يسمحول لمصاص دماء أجنبي بالتجول عبثاً في أرضهم؟ بالأخص مع رتبته هذه؟ حتى رُمِي هنا وصادف وحشاً مرعباً لم يذكر سوى في السجلات التاريخية، ثم بعد الهرب بالكاد، لقي وحشاً من نوعٍ آخر…
‘ لماذا!’
لحسن الحظ، لم يُقاطع إنتباهه من الدم أو أنه لم يكن ليحمد عقبا ذلك. وبعد نصف الوقت المطلوب، أنهى سحره—
بدا وكأنه قد إستهان بخصمه زيادةً عن اللزوم؛ فقد كاد أن يُقتل منه. في النهاية، لم تبدو مهمته بالسهولة التي إعتقدها في الأول. كان عليه الحذر والتواري مؤقتاً حتى يتشافى.
السحر المطلق — سالانغرينسلاند!
“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”
وصل سطوع الدائرة السحرية إلى ذروته؛ في تلك اللحظة، ومن فم الثعبان؛ إندفعت عددٌ لايحصى من الأفاعي المتنوعة، لقد غطوا الأرض والسماء حوله، مطلقين رماحاً جليدية مسودة الرأس، قبل أن تتناثر في الهواء.
كان أغاريس واقفاً كما كان، بشعره القرمزي، وجسد الفتى ذو سن الخامسة عشرة. إحترقت ملابسه، مبرزةً حروقاً فظيعة حول صدره، وعشرات الحفر المتنوعة، بخلاف ذلك، كانت يده اليمنى — غير موجودة!
“سو!!”
“إنفجارر!!”
“سوو!!”
داس بقدمه على وجه مصاص الدماء، ثم تنهد:
“سوو!!”
“تستطيع التحدث، هاه؟”ماكان للفارس الفضي أولتير، إلا أن يرد عليه معيداً إياه إلى الواقع:”جيدٌ إذن، لأريد أن أرى كيف ستفعل ذلك — أيها العبد المأسور.”أخرج أداةً سحرية كطوق، ورماها عليه.
إخترقت الرماح الهواء، منتشرة في كُل البقاع، وبالذات نحو حيث الشرنقة. إخترقتها عددٌ لا يعد ولايحصى من الرماح الثعبانية مسننة الرأس، من كل الجهات غير تاركةٍ لأي فراغ.
“أوه، جميل. أطامحٌ أنت لأجلهم؟”
“غوه!”
بعد هذا الإدراك، شعر أليتاليس فجأةً وكأن الحياة مؤخراً كانت لا تطاق.
فجأة، ظهر أغاريس خلف مصاص الدماء مبتسماً، كان جسده محفّراً بالرماح الجليدية وعلق بعضها عليه بعد، قبل أن يتصرف؛ شعر بالبرودة، حين إختُرِقَ ظهره من خمس ثعابين!
الفصل 39 — خلق الإثارة.
“لن أقع في ذات الخطأ مرتين.”في تلك اللحظة، هز مصاص الدماء رأسه، مديراً رأسه:”إتباع دمك يخدع حواسي…لم أؤمن قطّ أن هذا سيفلح معك.”لم يكمل كلامه، ونظر لخصمه الذي بدا وكأنه قد هزم — ببرود.
لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.
“أحسنت…”
فبصرف النظر عن إستخدامه لكمٍ هائلٍ من المانا لصُنع مجالٍ مزيف من الرتبة الرابعة، كان قد إستخدم إستراتجية “البيئة ضد العدو” صانعاً غابة صغيرة لدحر و إعاقة أغاريس وعدم إعطاءه أي فرصة؛ جسداً وبصراً. فلم يكن ضامناً ألّا تحرقه نيران الأخير أولاً.
توقف أغاريس، وإبتسم بثناء، سالت قطرات الدم الكثيفة من فمه، وشعر بكتل الجليد المسننة تنشر بردها فيه، كجذورٍ صغيرة سامة. كان يعلم أنه على هذه الحال، سينتهي به المطاف بالتجمد حتى الموت.
السحر المطلق — سالانغرينسلاند!
“لكنك إرتكبتَ خطأً الآن؛ تأكد من التعلُّم منه. ويالذكاءك، لقد تفاديت الخطأ الثاني.”رفع أغاريس يده المحرشفة ذات اللون القرمزي، ثم أمسك بأحد الرماح الجليدية التي بزغت من صدره. وقال:”إختراق قلبي لن يقتلني.”سعل دماً، وضحك:” فَلستُ بإنسي!”
لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.
في تلك اللحظة، وصلت حرارة الجو لأقصاها فجأة، شعر مصاص الدماء بذلك قبل حدوثه — وإستعد.
لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟
“إنفجارر!!”
فوق ركُام الرمال السحيقة، فتح أغاريس قرمزي الشعر عينيه، متمتماً:”… لقد دخلت؟” مباشرةً بعد ثانية، أعاد التفكير في آخر ما رآه — في تلك الساحرة السماوية عشبية الشعر؛ في ذلك المشهد الأثيري حيث إستخدمت سحرها.
” إنفجارر!!”
“…”
“إنفجارر!!”
“إنفجار!!”
حصلت ثلاث إنفجارات من جسد أغاريس على التوالي؛ لم تكن كبيرة جداً، لكّنها قد كانت فتاكة — بالأخص مع قوة لهيب الأخير، إحترقت النيران القرمزية، لكنها صُديت بالجليد. تبخرّت آلاف الرماح الجليدية في ثوان. وبعد دقائق، ظهر مشهدٌ آخر.
فوق ركُام الرمال السحيقة، فتح أغاريس قرمزي الشعر عينيه، متمتماً:”… لقد دخلت؟” مباشرةً بعد ثانية، أعاد التفكير في آخر ما رآه — في تلك الساحرة السماوية عشبية الشعر؛ في ذلك المشهد الأثيري حيث إستخدمت سحرها.
كان أغاريس واقفاً كما كان، بشعره القرمزي، وجسد الفتى ذو سن الخامسة عشرة. إحترقت ملابسه، مبرزةً حروقاً فظيعة حول صدره، وعشرات الحفر المتنوعة، بخلاف ذلك، كانت يده اليمنى — غير موجودة!
بعد مرور عدة دقائق، تمكّن أليتاليس متنهداً من الهدوء وإخماد أفكاره. قبل أن يستعيد التحكم بجسده المنهك والمصاب قليلاً.
داس بقدمه على وجه مصاص الدماء، ثم تنهد:
إقشعر مصاص الدماء رعباً، ظهرت دوائر سحرية حوله، وإنفجر بالجليد. فور أن هبطا، تجمّدت قدما أغاريس بشدة، إمتدت كرمات زهورٌ بلورية بسرعة من كل مكان، وإلتفت حول أغاريس مقيّدة إياه، في كُل مرة كانت تنصهر فيها، عادت الكرمات بكثافة؛ بأعدادٍ أكبر. حتى أخفته تماماً؛ كشرنقة.
“هذا متعب وممل خلاف إعتقادي…لم أُستنزف هكذا منذ فترة.”
“عش ضعيفاً مشلولاً كما أنت الآن، وتلذذ بعجزك. أجل! ألا تعد حياةٌ كهذه أكثر إمتاعاً؟ دعك من الآخرين؛ لاتتقيد بالغير، وعش لنفسك.”
“هاه…ذهبت طاقتي في شفاء نفسي، لا بالسحر. هذا مخيب!”
“كفى!!”
إستنشق أغاريس خائباً. لم يشعر بالنصر، بل وأنه كمن إبتلع ذبابة. طقطق بكتفه الأيسر، قبل أن تنتشر طبقةٌ من الدماء المشتعلة على نصفه الأيسر وصدره؛ بادئةً بشفاءه، تطاير البخار منه.
لكن المانا خاصته قد نفدت!
“لقد فقدت ذراعاً فقط؛ كلّ هذا…”نظر أغاريس إلى الأرض الباردة المثلجة حوله، وجدت العديد من برك المياه، ناهيك عن الأراضي المدمرة.”لأجل ذراع. نعم، لم أستخدم أكثر من ثلاث تعاويذ، لم تحفزّني كفاية! من المفترض أنّك أقوى، لكن أتعلم لما خسرت؟”
“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”
إستلقى مصاص الدماء على الأرض ككلبٍ ميت، محاولاً الزحف بعيداً بلا وعي. كان جلده متبخراً، متجمداً في أماكن، ومنسلخاً في أخرى. أطلق طبقةً من الدُخان الحار؛ بينما إعتلى الرعب والألم وجهه. كان أسلم حالاً من أغاريس بكثير الذي كان كزومبي عائد من القبر؛ في النهاية، كان لايزال في الرتبة الرابعة.
تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!
لكن المانا خاصته قد نفدت!
عندما إستيقظ، لم يعد يائساً كما كان.
ماعنى أنه لم يختلف عن أي بشريٍ طبيعيٍ الآن — مع إصاباته هذه، كان أقل من ذلك.
‘ هاه!’
“لأنّك إتخذتني أنا — الدمار القرمزي أغاريس بريمتيفيا خصماً لك!”
إستنشق أغاريس خائباً. لم يشعر بالنصر، بل وأنه كمن إبتلع ذبابة. طقطق بكتفه الأيسر، قبل أن تنتشر طبقةٌ من الدماء المشتعلة على نصفه الأيسر وصدره؛ بادئةً بشفاءه، تطاير البخار منه.
إبتسم أغاريس، حتى في هذه الحالة — لم ينسى التبجُّح بنفسه، كان هذا محفوراً فيه. كاد أن يدخل يده المتبقية في جيبه بلا وعي، ملاحظاً بأن ملابسه قد إحترقت هذه المرة أيضاً. لم يتبقى إلا بضع أقمشة مجعّدة. هز كتفيه. ثم ضحك رافعاً صدره. لكنه عبس سريعاً — ملاحظاً شيئاً غير مفهوم له.
شعر بدماغه يهتز، تشوّش مجال بصره، وإنتشر ألم حارقٌ من خده. شعر بنفسه يشق الهواء كقذيفة، لكن سرعان ما إستعاد نفسه بإدراكه لكونه ملكوماً لا أكثر.
“في المقام الأول، لما تزحف بعيداً؟ آنذاك حاولت قتلي، أليس كذلك؟ وأنا أقتلك الآن؛ لضعفك — فقد إنعكست الآية!” بدا أغاريس غاضباً بصدق، بحاجييه المتعاقدين بعمق وعينيه المضيئتين. متذكراً كيف كان ليُقتل من مثل هذا الجبان حين إلتقيا أول مرة.
لم يكن الملك ألوكاغين الأول في نفس حالته؛ بل كان أسوأ منه. لكنه لم ييأس أبداً وتقدّم إلى الأمام دائماً. فكيف له أن يسمح لنفسه باليأس؟ مادام لديه هدفٌ ثابر لأجله، كان عليه المثابرة.
أكان ليفجر نفسه منتحراً أمام مثل هذا الأبله الجبان؟ وافضيحتاه!
“إنفجار!!!”
رفع رأس مصاص الدماء من الأرض، شاداً شعره بلا رحمة، صرخ:”أتهرب من نتائج أفعالك؟ جبانٌ لعين، تعال، واجهني من جديد!”
“…”
“…”
أنّ أغاريس قد شقّ طريقه إليه غير متأثرٍ بذلك!
بعد ثلاث ثوان من الصمت، تنهد أغاريس لنفسه قائلاً برقة:”أفصح أيها الجبان، لما قد تخشى الموت؟ إستعد دائماً، وعش على المحكّ متلذذاً بكل لحظاتك! فهذه متعة الحياة!”
تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.
صمت مصاص الدماء الخاسر محاولاً إستعادة وضوح عقله. طنّ دماغه بشدة. نظر بعينين يائستين إلى أغاريس. لم يفهم أي نوعٍ من الهراء كان يقوله، لكن علم بأن فرصته في النجاة تكمن هنا.
” سووش!!”
“…”
إقشعر مصاص الدماء رعباً، ظهرت دوائر سحرية حوله، وإنفجر بالجليد. فور أن هبطا، تجمّدت قدما أغاريس بشدة، إمتدت كرمات زهورٌ بلورية بسرعة من كل مكان، وإلتفت حول أغاريس مقيّدة إياه، في كُل مرة كانت تنصهر فيها، عادت الكرمات بكثافة؛ بأعدادٍ أكبر. حتى أخفته تماماً؛ كشرنقة.
تحركت شفتاه المتشققتان، وبدأ بالتحدث مخنوقاً بعد مرور شيءٍ من الوقت. بصوتٍ كالبعوض؛ هامساً. فلم يملك خياراً آخراً، كان عليه النجاة والعيش.
فجأة، ظهر أغاريس خلف مصاص الدماء مبتسماً، كان جسده محفّراً بالرماح الجليدية وعلق بعضها عليه بعد، قبل أن يتصرف؛ شعر بالبرودة، حين إختُرِقَ ظهره من خمس ثعابين!
لم يعتقد أبداً أن الأمر كان لينتهي هكذا. فب الواقع، من كان ليعتقد ذلك؟
— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!
“…”
كان مصاباً لحد التخدّر من الألم! كانت حالته فظيعة!
“أنت لا تستطيع الموت بعد؟ لنسل أخيك؟ أها، أتبغي مساعدتهم؟”
ضاق بؤبؤه قليلاً عند رؤية آثار أقدام حديثة، تحركت المثلثات داخل عينيه، كصخورٍ عائمة فوق البحر. أكمل سيره لفترة غير طويلة؛ بين الركام؛ حتى توقف في النهاية لدى بقعةٍ ما. حيث وجِد أمامه رجلٌ ما، مختبئ فوق بقاياً مهدومة.
“…”
“لأردت إخفاء المكان لكن هذا مستحيل، من حسن حظنا أننا أول من أتى.”
“أوه، جميل. أطامحٌ أنت لأجلهم؟”
أخفضت الأميرة عائشة حاجبيها قليلاً، كانت صامتة لمدة قصيرة. ثم فتحت شفتيها:”ألم تقل أنه مطيع؟”
“…هاه؟ حقاً؟ ممل. باه! مزعج، يالها من ترهات ميتٍ حمقاء!”
‘…ماذا يحدث؟’
“إنفجار!!”
“سووش!!”
مع مرور كل ثانية، كان الملل والبرود يخيمان على وجهه. في النهاية، فقد إهتمامه بالإستماع لمصاص الدماء اليائس. بدلاً من ذلك، شدد أغاريس من قبضته على شعره مما دفع بشرته إلى الشحوب، ورميه بقوةٍ على الأرض — والذي جعله يبصق دماً أكثر. قبل أن يعطيه ظهره ويبدأ بالسير ضاحكاً — دون قتله.
كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.
“عش ضعيفاً مشلولاً كما أنت الآن، وتلذذ بعجزك. أجل! ألا تعد حياةٌ كهذه أكثر إمتاعاً؟ دعك من الآخرين؛ لاتتقيد بالغير، وعش لنفسك.”
ولا مناص من قول…
“هيه.”توقف قليلاً، ثم إرتفعت ضحكاته:”إمتن، سأضيف الإثارة لحياتك؛ بألوانٍ جديدة!”
“سوو!!”
” هاهاهاهاهاهاهاها~”
“بذكر ذلك، أي معلوماتٍ أخرى؟”
بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.
إنحنى الفارس أولتير بأدب، قبل أن يلقي نظرةً باردة على أليتاليس المقيّد والمطروح أرضاً، ويتبعها خارجاً من الخيمة.
‘…لم أمت؟ لم يقتلني؟’
شعر فجأةً وكأنه مُراقِب؛ كطرف ثالث يشاهد حياته من بعيد؛ وكأن مايحصل لايعنيه، إنمّا هي حياة شخصٍ آخر. كان من المفترض أن يكون هذا مذلاً؛ لكنّه تحمّل ذلك.
كان مصاص الدماء هذا يُدعى بـ أليتاليس.
” إنفجار!!”
‘…أنا حي؟’
“في المقام الأول، لما تزحف بعيداً؟ آنذاك حاولت قتلي، أليس كذلك؟ وأنا أقتلك الآن؛ لضعفك — فقد إنعكست الآية!” بدا أغاريس غاضباً بصدق، بحاجييه المتعاقدين بعمق وعينيه المضيئتين. متذكراً كيف كان ليُقتل من مثل هذا الجبان حين إلتقيا أول مرة.
بعد هذا الإدراك، شعر أليتاليس فجأةً وكأن الحياة مؤخراً كانت لا تطاق.
في تلك اللحظة، وصلت حرارة الجو لأقصاها فجأة، شعر مصاص الدماء بذلك قبل حدوثه — وإستعد.
رغم إمتلاك أفعاله وحظه السيء لتفاسير وأسباب معقولة، إلا أن هذا لم يمنعه من الشعور بالغبطة والسخط. كانت الحياة هكذا.
ثم متذكراً ذلك، إندفع الأدرلينالين بداخله!
‘أنا حي.’
رقص أغاريس في الجو قافزاً عبر الفروع الجليدية البازغة، كان جسده رشيقاً. محطماً أياً ما أعاق طريقه من جليد؛ تبعته الفروع البلورية الحادة من الأسفل محاولةً إختراقه. لكن بدا وكأنها أضعف من حراشفه المدرعة، لتحطمها عند ملامستها له؛ ولإنصهار بعضها حتى قبل الوصول له. ما بدوره قد جعل مصاص الدماء يعبس.
بدا وكأنه قد إستهان بخصمه زيادةً عن اللزوم؛ فقد كاد أن يُقتل منه. في النهاية، لم تبدو مهمته بالسهولة التي إعتقدها في الأول. كان عليه الحذر والتواري مؤقتاً حتى يتشافى.
تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.
كان قد نجى!
‘ لماذا!!’
كان هذا هو المهم للآن.
في منامه، عاش أليتاليس حياةً من السقوط والذلّ، حتى الإزدهار والمجد. رأى عدة مشاهد؛ كحياةٍ أخرى. في البداية، زاده ذلك يأساً، لكن مع مرور الوقت، بدأت بذرة الأمل بالنبوت قليلاً.
بعد مرور عدة دقائق، تمكّن أليتاليس متنهداً من الهدوء وإخماد أفكاره. قبل أن يستعيد التحكم بجسده المنهك والمصاب قليلاً.
ولا مناص من قول…
‘ هاه!’
“سووش!!”
عندما كان سيدًُور المانا في نواته، شعر فجأةً وكأنه عارٍ. كان شعوراً مقيتاً، بشكلٍ لايطاق. إنتشرت الرياح الباردة حوله، مما جعله يرتجف برداً؛ بنحوٍ معنوي. رغم إعتياده على ذلك، إلا أنه صُدم هذه المرة. أطلق سعالاً حاداً، وتعمق الإحمرار حول عينيه، مع إزدياد البرودة في قلبه.
كان الهرب من سحرة البلاط الإمبراطوري في العالم الخارجي إزعاجاً كافياً، فكيف لهم بأن يسمحول لمصاص دماء أجنبي بالتجول عبثاً في أرضهم؟ بالأخص مع رتبته هذه؟ حتى رُمِي هنا وصادف وحشاً مرعباً لم يذكر سوى في السجلات التاريخية، ثم بعد الهرب بالكاد، لقي وحشاً من نوعٍ آخر…
‘ أنا…’
‘أوه، لا!’
في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.
‘ كيف ذلك؟’
‘…شُللت!’
“إنفجارر!!”
كان الإنكار هو رده الأولي، لم يُصدق ذلك، وحاول مرةً أخرى.
‘جذبت المعركة الكثير من الإهتمام، وخطفت بينما كنت هائماً في أفكاري وأحلامي دون أشعر؟ تسببت إصاباتي في تخدري…نعم، لقد فقدت الوعي لمدة وحملت أثناء ذلك.’
‘ لقد شُللت!!’
‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’
كان هذا الإكتشاف المقيت بأن نواة المانا خاصته — والتي إستغرق منه الأمر عمراً وثروة عائلته كلها — قد دُمرت. كافياً لـ أليتاليس بالوقوع في هاويةٍ من الظلمة. دوامةٌ من العواطف السلبية قد إنهالت عليه.
حسبما ما رآه حتى الآن — لم توجد مصادر مياهٍ طبيعية هنا، أو حيوانات برية. كانت كمية المانا في الهواء زهيدة، لذلك كان من الأحكم توفيرها مع البلورات السحرية.
‘ لماذا!’
“لقد فقدت ذراعاً فقط؛ كلّ هذا…”نظر أغاريس إلى الأرض الباردة المثلجة حوله، وجدت العديد من برك المياه، ناهيك عن الأراضي المدمرة.”لأجل ذراع. نعم، لم أستخدم أكثر من ثلاث تعاويذ، لم تحفزّني كفاية! من المفترض أنّك أقوى، لكن أتعلم لما خسرت؟”
‘ كيف ذلك؟’
“غانغ!”
‘ لماذا!’
الفصل 39 — خلق الإثارة.
‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’
“كاكا!”
” همف! باغتتني في ألمي سابقاً، لكن ليس الآن!”شخر أغاريس، مستخدماً فنه الخاص — التنين المدمر. ظهرت حراشف دموية على جلده متحولةً إلى لونٍ كميتي؛ كالجمر الموقد. مشتعلة بأوشمٍ كالجحيم. في تلك اللحظة، إنتشرت موجةٌ هائلة من البخار الأبيض!
‘ لماذا!’
” نخبة من الدرجة العليا!”
‘ لماذا!!’
إشتد وجهه مع بروز أوردته وإحمرار عينيه بالدموع، كان إعتاد أليتاليس على الذُّل والإهانة، كان قد صبر عليها…
لم يستطع فتح فمه للصراخ، للتعبير عن غضبه و يأسه. رغم إرتفاع صدى صرخات روحه. زادت بشرته بالإرتعاش والتدهور. حتى إنزلاق بضع خيوط من الدم الجاف من شفتيه، ثم…
كان هذا هو المهم للآن.
“…سقوط.”
فبصرف النظر عن إستخدامه لكمٍ هائلٍ من المانا لصُنع مجالٍ مزيف من الرتبة الرابعة، كان قد إستخدم إستراتجية “البيئة ضد العدو” صانعاً غابة صغيرة لدحر و إعاقة أغاريس وعدم إعطاءه أي فرصة؛ جسداً وبصراً. فلم يكن ضامناً ألّا تحرقه نيران الأخير أولاً.
تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.
كانت هذا عراكاً للنار ضد الجليد. إستخدم سحرة عنصري الماء والجليد هذه الإستراتجية ضد سحرة اللهب في غالبية المعارك تقريباً.
لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟
كان جائعاً. شعر وكأنه يستطيع إبتلاع ثلاث ثيران لوحده؛ لكن هل وجد شيءٌ كهذا هنا؟ للأسف، لم يرى أي كائنٍ حي. لكن ذلك لم يفرق كثيراً معه؛ فلم يحتج للأكل منذ الأساس؛ لكن بجانب القتال والبحث عن الفوضى، كان الأكل هوايةً أساسيةً له.
لجريمةٍ لم يرتكبها؛ حُرّم عليه ضوء الشمس لعشر سنوات. طورد كالكلب، ذُلَّ بشدة، ولم يعامل كشخص. لكنه قد ثابر و صبر، وإستمر بالمناضلة، بالعيش.
“إنفجار!!”
والآن — عانى من هذه الطامة، لتحقيق نبوءته، للتقدم!
لم يفهم لما كانت حياته بهذا السوء؛ لما كُل هذا النحس، أكُتبت له المعاناة حقاً؟
كان أليتاليس محطماً. لم يكُن فتىً شاباً، بل كان رجلاً قد تخطى الثلاثينات، أم أنه قد وصل للأربعين بالفعل؟ بقدر ما كان عمره مسألةً جانبية، كان قد تحمّل بما يكفي. وبدأ ضوء الأمل فوق رأسه بالتداعي.
تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.
أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.
“كفى سحقاً لكم!!”
طفت صورٌ من الماضي في ذهنه؛ لفتاةٍ شابة قد إبتسمت بحنان رغم صعاب ما عانوه؛ لطفلٍ لم ينشأ في كفن والديه، لكنه لم يشتكي أو يبحث عن الدفأ أبداً؛ لنفسه الشابة المفعمة بالأمل رغم اليأس؛ لرجلٍ ضحك بفخر دون خوف رغم إرتفاع ظل الموت فوق رأسه!
رفع رأسه ثم عبس محدقاً بالسقف النيلي الداجي ذا خيوط الأشفاق الملونة، بأعين أظهرت شرراً وعداءاً صريحين. أطلق نفساً، قبل أن يهز كتفيه، ويضع يديه في جيبيه — مع نسيان أفكاره. ثم بدأ بمغادرة تلك النقطة، عبر البدأ في النظر حوله والسير.
‘…كينغرال، لقد لعنتني.’
السحر المركب — إينيسايغل!
متذكراً هذه الصور، بكى أليتاليس بمرارة.
“سووش!!”
كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.
فبصرف النظر عن إستخدامه لكمٍ هائلٍ من المانا لصُنع مجالٍ مزيف من الرتبة الرابعة، كان قد إستخدم إستراتجية “البيئة ضد العدو” صانعاً غابة صغيرة لدحر و إعاقة أغاريس وعدم إعطاءه أي فرصة؛ جسداً وبصراً. فلم يكن ضامناً ألّا تحرقه نيران الأخير أولاً.
في منامه، عاش أليتاليس حياةً من السقوط والذلّ، حتى الإزدهار والمجد. رأى عدة مشاهد؛ كحياةٍ أخرى. في البداية، زاده ذلك يأساً، لكن مع مرور الوقت، بدأت بذرة الأمل بالنبوت قليلاً.
‘جذبت المعركة الكثير من الإهتمام، وخطفت بينما كنت هائماً في أفكاري وأحلامي دون أشعر؟ تسببت إصاباتي في تخدري…نعم، لقد فقدت الوعي لمدة وحملت أثناء ذلك.’
عندما إستيقظ، لم يعد يائساً كما كان.
“شاا!!”
شعر وكأن هذا وحيٌ له؛ لئلا ينطفئ أمله.
على طريقه، رأى أغاريس أشياءاً مختلفة؛ بقايا المبان المندثرة، آثار أقدام متنوعة، و مختلف بقايا الأجهزة السحرية؛ والتي كانت في حالة تعذر فيها التعرُّف عليها. وما إلى ذلك. لم يكن لديه أي مصلحة أو إهتمام فيها. لذلك غض طرفه عنها، باحثاً عن ما يستحق إهتمامه؛ ما كان ليجلب المتعة له.
لقد تذكر رحلة الملك ألوكاغين الأول؛ نضاله ضد مجتمع مصاصي الدماء لتغييره، ومدى إستحالة أهدافه ودربه الوعر. ورغم كُل ماعاناه من خيانات إلا أنه قد نجح في النهاية.
إنتشر البخار بكثّافة حارقة، بإستثناء بعض الأضواء المومضة؛ لم يُرى أي شيء سوى البياض الناصع الذي كان ليحرق أي مخلوق قد يقترب من هذه المنطقة. تحولت الأرض الرملية الجرداء، إلى غابةٍ من الثلج والبخار.
لم يكن الملك ألوكاغين الأول في نفس حالته؛ بل كان أسوأ منه. لكنه لم ييأس أبداً وتقدّم إلى الأمام دائماً. فكيف له أن يسمح لنفسه باليأس؟ مادام لديه هدفٌ ثابر لأجله، كان عليه المثابرة.
فجأة، ظهر أغاريس خلف مصاص الدماء مبتسماً، كان جسده محفّراً بالرماح الجليدية وعلق بعضها عليه بعد، قبل أن يتصرف؛ شعر بالبرودة، حين إختُرِقَ ظهره من خمس ثعابين!
قال الملك ألوكاغين ذات مرة: في الأزمات وجدت الفرص. وما النضال إلا صبرٌ وإستغلال لذلك.
تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.
شعر أليتاليس بالأمل من جديد. كان الضوء لايزال موجوداً، كان كُل شيءٍ ممكناً. مادام حياً، مادام يتنفس في هذا العالم؛ حتى وإن كان مجرد شخصيةٍ جانبية سيئة الحظ؛ فقد عنى هذا وجود إمكانية ضئيلة لقلب الموازين. للعيش!
‘علي بالمثابرة.’
عزّى أليتاليس نفسه.
شعر وكأن حياته ستكون عديمة الفائدة إن تغاضى عنها، غلى دمه في عروقه، وصرخ:
‘ علي مغادرة هذا المكان أولاً.’
“سوو!!”
عند هذه الفكرة، شعر أليتاليس بخطأ. وبحكمته قرر عدم فتح عينيه، فقد كان جسده يتحرك دون إرادته!
لم يعتقد أبداً أن الأمر كان لينتهي هكذا. فب الواقع، من كان ليعتقد ذلك؟
‘…ماذا يحدث؟’
‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’
ثم أدرك على الفور: كان محمولاً.
بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.
“اللعنة، يالبرودة الجو. ما نوع المعركة التي حصلت هنا؟ لحسن الحظ، نستطيع إكتساب الماء الآن!”
“لابأس، ناهيك عن الماء، قد نحظى ببعض الأحجار السحرية مقابل بيع هذا الدخيل. هيه، يالحظنا.”
ولا مناص من قول…
“لأردت إخفاء المكان لكن هذا مستحيل، من حسن حظنا أننا أول من أتى.”
“آه، أعتقد أنني سأنهي ماهو عالقٌ أولاً.”
بعد مدة قصيرة، سرعان ما توصل أليتاليس لفهم تجاه وضعه.
إستلقى مصاص الدماء على الأرض ككلبٍ ميت، محاولاً الزحف بعيداً بلا وعي. كان جلده متبخراً، متجمداً في أماكن، ومنسلخاً في أخرى. أطلق طبقةً من الدُخان الحار؛ بينما إعتلى الرعب والألم وجهه. كان أسلم حالاً من أغاريس بكثير الذي كان كزومبي عائد من القبر؛ في النهاية، كان لايزال في الرتبة الرابعة.
‘جذبت المعركة الكثير من الإهتمام، وخطفت بينما كنت هائماً في أفكاري وأحلامي دون أشعر؟ تسببت إصاباتي في تخدري…نعم، لقد فقدت الوعي لمدة وحملت أثناء ذلك.’
‘ كيف ذلك؟’
‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’
في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.
لم يتفاجئ أليتاليس من ذلك.
“اللعنة، يالبرودة الجو. ما نوع المعركة التي حصلت هنا؟ لحسن الحظ، نستطيع إكتساب الماء الآن!”
حسبما ما رآه حتى الآن — لم توجد مصادر مياهٍ طبيعية هنا، أو حيوانات برية. كانت كمية المانا في الهواء زهيدة، لذلك كان من الأحكم توفيرها مع البلورات السحرية.
لم يتوقع مصاص الدماء لقاء أغاريس هنا، لكن هذا لم يغير شيئاً أو يصدمه كثيراً. سبق وأن حاول صيد أغاريس ذات مرة، لكنه فشل لتدخلٍ طفيلي ساعده. كان ينوي الإمساك به في كل الأحوال؛ لذلك إيجاد أغاريس له دون تعب أو بحثٍ منه قد أسعده إلى حدٍ ما.
لذلك كانت ساحة معركة النار والجليد هذه قد إعتُبرت جنة مياه.
“…”
‘التحرّك الآن ليس خياراً حكيماً.’
“كفى سحقاً لكم!!”
كان مصاباً لحد التخدّر من الألم! كانت حالته فظيعة!
تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!
ما جعله يقرر الصبر. فلم يستطع التشافي من ضرار أغاريس؛ ناهيك عن شلل نواته.
لم يتحدث أيٌ من منهما لإنبهارهما بمرآهما، مكتفيين بالصمت. أإعتقد أن حياته لازالت ملكاً له؟
— بذلك، مرات عدة أيام.
“سوو!!”
وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.
أطلق أليتاليس ضحكةً ساخرة، لم يخفى ألمها ومراراتها.
بعد أيام، نوى أليتاليس الهرب، لإحساسه بالخطر يشتد حول رقبته لسببٍ ما، وسرعان ماكان ليبدأ أثناء تقييم الوضع حوله، لكن فجأة، شعر بعينين حادتين تنظران إليه؛ عينا فارسٍ مدجج فضي اللون.
في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.
أخفض أليتاليس عينيه وعلم سبب إحساسه بالخطر، وبعد لحظات رأى نفسه يُباع بثمنٍ بخس؛ 50 بلورةً سحرية وعشر أكياس صغيرة من المؤن المختلفة، لم يقاوم وبقدر ما كان هذا المشهد كافياً لدفع المرء للجنون، إلا أنه قد أطبق شفتيه ولم ينطق شيئا. مكتفياً بوجهٍ خالٍ من التعابير.
‘ أنا…’
شعر فجأةً وكأنه مُراقِب؛ كطرف ثالث يشاهد حياته من بعيد؛ وكأن مايحصل لايعنيه، إنمّا هي حياة شخصٍ آخر. كان من المفترض أن يكون هذا مذلاً؛ لكنّه تحمّل ذلك.
“بقدر مايبدو وكأنه من العالم الخارجي، إلا أننا لا نستطيع إستبعاد كونه ساكناً أصلياً. ربما قد يكون متسللاً قد نوى أخذ الميراث قبل إنتشاره.”
‘علي الصبر.’
بعد مدةٍ غير معروفة، لم يتبقى سوى صدى نعق الغربان الراعدة — ضحكات الفتى قرمزي الشعر، في أذني مصاص الدماء فاقد الوعي. عندما إستيقظ في مرحلةٍ ما، مدركاً بأن عدوه الذي كاد أن يفتك به قد إختفى.
‘علي بالمثابرة.’
كان يائساً. لم يعلم ماكان عليه فعله. نظر إلى الأشفاق الملونة في السماء، أثناء تدفق الدموع من عينيه. لم يتألم من إصاباته بقدر فقدان نواته. ومع مرور الوقت، نام دون أن يدرك.
‘أنا لم أمُت بعد، مازلت أستطيع العودة.’
صمت مصاص الدماء الخاسر محاولاً إستعادة وضوح عقله. طنّ دماغه بشدة. نظر بعينين يائستين إلى أغاريس. لم يفهم أي نوعٍ من الهراء كان يقوله، لكن علم بأن فرصته في النجاة تكمن هنا.
أقنع أليتاليس نفسه بذلك.
” مع المصاعب تأتي الثروات؛ هذه محاكمة! فماذا لو شللت؟ لن يثنيني هذا، بل لأولدن من جديد؛ مستخدماً هذا كمسندٍ لي!”
كانت هذه تجربةً مثيرةً للإهتمام. إعتاد أليتاليس على مثل هذه الأحاسيس المذلّة والمخدرة للروح في العشر أعوامٍ الماضية؛ كان هذا حداً يستطيع تحمله؛ مؤقتاً آمن بذلك.
شعر فجأةً وكأنه مُراقِب؛ كطرف ثالث يشاهد حياته من بعيد؛ وكأن مايحصل لايعنيه، إنمّا هي حياة شخصٍ آخر. كان من المفترض أن يكون هذا مذلاً؛ لكنّه تحمّل ذلك.
بعد فترة، إلتقى أليتاليس بسيدة مشتريه.
متذكراً هذه الصور، بكى أليتاليس بمرارة.
كانت شابةً كالقمر ليلة بدره، في هذه الأرض حيث لاضوء شمس، أضفى شحوب بشرتها نوعاً من الجمال لها. لم يتأمل أليتاليس فيها ولم يبال بمدى جمالها، وصمت مشيحاً عينيه.
“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”
تبادل مشتريه — الفارس الفضي وسيدته — الأميرة الحديث لفترة.
“إنفجار!!”
“بذكر ذلك، أي معلوماتٍ أخرى؟”
وضع أليتاليس في سوقٍ مؤقت صنعه المغامرون للتبادل كعبد، وشافا المغامرون شيئاً من إصاباته لا فضلاً منهم، بل لرفع سعره.
“وجدنا علاماتٍ تشير لوجود عرقٍ حي بخلاف تلك الوحوش المتحورة. ويبدو أنها تسكُن في مخبئ مخفي. لسوء الحظ، لاتوجد العديد من الدلائل بهذا الشأن.”
تدفق قطرات اليأس والمرارة من عينيه؛ معبرةً عن عجزه.
إكتسب أليتاليس العديد من المعلومات من حديثهما، وإستفاد عالماً عن وضع وحالة النّاس بداخل هذا البعد السري. وفي مرحلةٍ ما، أصبح هو محور حديثهما.
تراقصت العاصفة النارية الضخمة، قبل أن تلمع ألسنتها برذاذٍ مبرق، تلته أصوات تشققٍ باردة، متجمدةً بالكامل!
“بقدر مايبدو وكأنه من العالم الخارجي، إلا أننا لا نستطيع إستبعاد كونه ساكناً أصلياً. ربما قد يكون متسللاً قد نوى أخذ الميراث قبل إنتشاره.”
“سووش!!”
“أوه، حقاً؟ لكنني قد أُخبرت بأنّ…هؤلاء الساكنون الأصليون من الغوبلنز والمسوخ؟”بتفوهها بذلك، لم يسع أليتاليس إلّا النظر إليهما، رأى أليتاليس ذلك بالتأكيد. حدقّت به أربع أعين كالبلّور المتجمد، بالأخص عينا الأميرة اللامعتان بألوان قوس قزح. نضحتا بالإنعزال. نظرا إليه كجنسٍ دنيء، بإزدراءٍ لم يخفى. وإحتقارٍ تام.
” إنفجار!!”
لم يختلف الفارس عنها، شعر أليتاليس مصاص الدماء المثابر وكأن شيئاً ما قد علق في حلقه، تجمّد جسده لوهلة، وبدأ بالإرتجاف.
‘ لقد شُللت!!’
في تلك اللحظة، طفح كيل أليتاليس!
في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.
إشتد وجهه مع بروز أوردته وإحمرار عينيه بالدموع، كان إعتاد أليتاليس على الذُّل والإهانة، كان قد صبر عليها…
‘يبدو أنهم مجموعة من المغامرين الفقراء، أيخططون لبيعي مقابل الغذاء؟’
“كفى!!”
“كفى!!”
“كفى سحقاً لكم!!”
“إنفجار!!”
“أنا أليتاليس ليون فيدالم، لن أُذّل على أي البشر!!”
“سوو!!”
لكن على أيدي بني عرقه. حتى لو بيع كعبد، فقد كان لذلك أسباب، وقد أقنع نفسه مراراً وتكراراً بأنه سيصبر، وأنّ هذا مجرد واقع عليه تغييره. لكن أمام هاته الأعين المحتقرة، أمام من إستعلى عليه…
“ووش.”
شعر وكأن حياته ستكون عديمة الفائدة إن تغاضى عنها، غلى دمه في عروقه، وصرخ:
‘ مالذي فعلته لأستحق ذلك…؟؟’
“لكما الخيار في قتلي، لكنني سأعيد مجد عائلتنا بيدي!”
في تلك اللحظة، طفح كيل أليتاليس!
كان صوته مدوياً غير مناسب لبنيته الهزيلة المجرّحة، ولم يبدو وكأنه مدركٌ لما يقوله. في الواقع، لم يكن عقل أليتاليس سليماً تماماً، لكن بطريقةٍ ما، لم يجن بعد. كان حقاً صلباً.
على طريقه، رأى أغاريس أشياءاً مختلفة؛ بقايا المبان المندثرة، آثار أقدام متنوعة، و مختلف بقايا الأجهزة السحرية؛ والتي كانت في حالة تعذر فيها التعرُّف عليها. وما إلى ذلك. لم يكن لديه أي مصلحة أو إهتمام فيها. لذلك غض طرفه عنها، باحثاً عن ما يستحق إهتمامه؛ ما كان ليجلب المتعة له.
” مع المصاعب تأتي الثروات؛ هذه محاكمة! فماذا لو شللت؟ لن يثنيني هذا، بل لأولدن من جديد؛ مستخدماً هذا كمسندٍ لي!”
في تلك اللحظة، دب اليأس في صدره، لإدراكه مالم يكن يحمد عقباه.
دبت القشعريرة في الأميرة عائشة و أولتير مع النظر إلى مصاص الدماء المهزوم. رأيا فيه مالم يشهداه من قبل؛ شيئاً حقيقياً. أشع كالنجوم.
“…”
— كان عزماً، إرادةً للعيش، رغبةً بالحياة، وأعين متقدةً بالطموح!
أخفضت الأميرة عائشة حاجبيها قليلاً، كانت صامتة لمدة قصيرة. ثم فتحت شفتيها:”ألم تقل أنه مطيع؟”
“…”
كان مصاص الدماء الذي كاد يقتل أغاريس!
لم يتحدث أيٌ من منهما لإنبهارهما بمرآهما، مكتفيين بالصمت. أإعتقد أن حياته لازالت ملكاً له؟
رقص أغاريس في الجو قافزاً عبر الفروع الجليدية البازغة، كان جسده رشيقاً. محطماً أياً ما أعاق طريقه من جليد؛ تبعته الفروع البلورية الحادة من الأسفل محاولةً إختراقه. لكن بدا وكأنها أضعف من حراشفه المدرعة، لتحطمها عند ملامستها له؛ ولإنصهار بعضها حتى قبل الوصول له. ما بدوره قد جعل مصاص الدماء يعبس.
كان حقاً مثيراً للإعجاب، فلم يبدو كمتعصب أبله قد يتفوه بالهراء. على الأقل، كان كذلك للأميرة.
“غوه!”
“تستطيع التحدث، هاه؟”ماكان للفارس الفضي أولتير، إلا أن يرد عليه معيداً إياه إلى الواقع:”جيدٌ إذن، لأريد أن أرى كيف ستفعل ذلك — أيها العبد المأسور.”أخرج أداةً سحرية كطوق، ورماها عليه.
كان قد نجى!
“كاكا!”
شعر أليتاليس بالأمل من جديد. كان الضوء لايزال موجوداً، كان كُل شيءٍ ممكناً. مادام حياً، مادام يتنفس في هذا العالم؛ حتى وإن كان مجرد شخصيةٍ جانبية سيئة الحظ؛ فقد عنى هذا وجود إمكانية ضئيلة لقلب الموازين. للعيش!
“غانغ!”
لم يتوقع مصاص الدماء لقاء أغاريس هنا، لكن هذا لم يغير شيئاً أو يصدمه كثيراً. سبق وأن حاول صيد أغاريس ذات مرة، لكنه فشل لتدخلٍ طفيلي ساعده. كان ينوي الإمساك به في كل الأحوال؛ لذلك إيجاد أغاريس له دون تعب أو بحثٍ منه قد أسعده إلى حدٍ ما.
إنتشرت الأداة كالشباك، وزادت وثاق أليتاليس حاجبةً فمه وعينيه.
لم يتحدث أيٌ من منهما لإنبهارهما بمرآهما، مكتفيين بالصمت. أإعتقد أن حياته لازالت ملكاً له؟
أخفضت الأميرة عائشة حاجبيها قليلاً، كانت صامتة لمدة قصيرة. ثم فتحت شفتيها:”ألم تقل أنه مطيع؟”
أخفض أليتاليس عينيه وعلم سبب إحساسه بالخطر، وبعد لحظات رأى نفسه يُباع بثمنٍ بخس؛ 50 بلورةً سحرية وعشر أكياس صغيرة من المؤن المختلفة، لم يقاوم وبقدر ما كان هذا المشهد كافياً لدفع المرء للجنون، إلا أنه قد أطبق شفتيه ولم ينطق شيئا. مكتفياً بوجهٍ خالٍ من التعابير.
“كان كذلك حتى بضع ثوانٍ مضت.” تعاقد حاجبا الفارس الفضي أولتير، وقال مخفياً ثقل صوته:”يبدو أنّه قد جُّن.”
“غوه!”
لم تقل الأميرة شيئاً. بعد دقائق، هزت رأسها، لم تبدو أفكارها واضحة على وجهها خالي التعبير. أدارت ظهرها وأمرت بهدوء:”إعتنِ به وإشفِ شيئاً من إصاباته، إنه مفيد كفايةً لئلا أدعه يموت.”
” كاككا!!”
“سمعاً وطاعة.”
“إنفجار!!!”
إنحنى الفارس أولتير بأدب، قبل أن يلقي نظرةً باردة على أليتاليس المقيّد والمطروح أرضاً، ويتبعها خارجاً من الخيمة.
“إنفجار!!”
” نخبة من الدرجة العليا!”
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
