الهجوم المضاد النهائي
الفصل 426 “الهجوم المضاد النهائي”
وفي خضم هذه الفوضى، وصل همس بحار ناعم إلى أذن لورانس، “إنهم يختفون!”
في أعمق الممرات، ترددت همهمة خافتة مثل همسات شبحية لا يمكن للمرء أن يفهمها تمامًا. بدا الأمر كما لو أن الريح تتنهد بهدوء، وأن الأصوات الخافتة تناقش أمورًا سرية، وأن هناك خطوات ثابتة مثل روح مضطربة تتحرك ذهابًا وإيابًا، وفي بعض الأحيان، يخترق صوت إطلاق النار الحاد الهدوء.
وكانت كل إعادة لاحقة مجرد تذكير حزين بتلك الهزيمة المصيرية.
امتزجت هذه الأصوات ببعضها البعض، وفقدت فرديتها. بدا الأمر كما لو أن كل شيء يندمج في وجود فريد، دون الإحساس التقليدي بالاتجاه، وخاليًا من الزمان أو المكان. كان الممر نفسه شبيه بهذا الشعور، محاطًا بضباب كثيف، جاهز لابتلاع أي شيء أو أي شخص شجاع بما يكفي للسير عبره.
لم يستطع لورانس إلا أن يحبس أنفاسه. وعلى الرغم من أنه يدرك أن ما يشهده قد يكون مجرد وهم لا يتأثر بالعوامل الخارجية، إلا أن جسده استجاب بشكل غريزي.
تحرك رجل عجوز، محدب الظهر من ثقل سنوات عديدة، بحذر عبر هذا الممر المتعرج الذي يشبه المتاهة. أمسك في قبضته مفتاحًا ثقيلًا كان يطرق أحيانًا الأنابيب العديدة التي تزين جدران هذا الممر تحت الأرض.
ماذا من المفترض أن يفعل هنا؟
من كانت هذه الروح العجوزة؟ لماذا كان في مثل هذا المكان؟ وأين كان متجها ولأي سبب؟
من جميع أنحاء ساحة المعركة، رن وابل من إطلاق النار. واهتز جسد الشاب بعنف قبل أن يسقط مرة أخرى. ومع ذلك، في تسلسل غامض تقريبًا، ظهر كائن آخر – شخصية مسنة منحنية – على ما يبدو من ظل الرجل الساقط.
لقد كان هناك هجوم. ومع حلول منتصف الليل، حُشد حرس الملكة. ولكن يبقى السؤال، ماذا أو من يهاجمون؟ وأين هي ساحة المعركة؟
شعر لورانس بوخزة اليأس، لكن حركة مفاجئة لفتت انتباهه وأخرجته من أفكاره. وكان هناك شخصية أخرى تدخل ساحة المعركة من زاوية بعيدة من القاعة.
كانت تظهر في بعض الأحيان قصاصات عشوائية من الذكريات والأفكار العابرة في عقل الرجل العجوز الغائم، لتختفي بنفس السرعة. في بعض الأحيان، يشعر وكأنه عالق بين حقيقتين، وحواسه المشوشة وذكرياته متشابكة بداخله. وفي لحظات أخرى، يشعر بأنه عالق في مكان واحد، ينتظر التعليمات لعقود من الزمن.
“المهندس ويلسون يرد!”
نظر الرجل العجوز إلى الأسفل، ولاحظ أن مفتاح الربط الخاص به قد اصطدم بشيء ما. كانت خوذة سوداء اللون ذات حافة رفيعة وتحمل شعار حرس الملكة. إنها قطعة من التاريخ، لم تعد شائعة بعد الآن.
بقوة لا مثيل لها، أطلق حرس الملكة العنان لترسانتهم الكاملة على الحراس المتوحشين المتمركزين في نهاية الممر. تردد صدى هذا الانتقام عبر الممر المائي الثاني بأكمله. وفي الفوضى التي تلت ذلك، تكبد الجانبان خسائر فادحة، مما أدى إلى انخفاض أعدادهم بأكثر من النصف. أُجبر لورانس والبحارة القلائل المرافقون له على الاحتماء في ضواحي هذا المشهد المروع.
حدق بذهول بينما سقطت الخوذة وتدحرجت في نهاية المطاف إلى الصرف القريب. من زاوية عينه، ظن أنه رأى شخصية غامضة تحاول الخروج من المصرف، لكنها تلاشت في الظلام المحيط بنفس السرعة.
رُصد الفريق المسؤول عن تفجير العبوات الناسفة، الذي كان يحاول الاقتراب من الباب المغطى بالكروم على طول حافة ساحة المعركة.
مع عقله الغارق في الارتباك، واصل المضي قدمًا، وبدت البيئة المحيطة به أكثر فأكثر مثل القطران السميك والغامر. بدا الأمر وكأنه أبدية، لكنه وصل أخيرًا إلى نهاية هذا الممر الغامض.
مشهد المهندس الشاب، وهو ملقى مهزومًا على الأرض، ترك لورانس عاجزًا عن الكلام تمامًا.
وهنا كان ينتظره مشهد فوضوي. فوضى من الأنابيب، والحطام من الانهيار، والدخان المخيف المتصاعد من الأنقاض سدت طريقه. نظر حوله وهو يحاول أن يفهم أين هو. إنه متأكد من أنه لم يسبق له أن صادف مثل هذا المكان في طرقه المعتادة في المجاري، لكنه شعر أنه كان من المفترض أن يكون هنا لغرض ما.
ظلت المتفجرات، التي لم تُحرك لمدة خمسة عقود طويلة، غير متأثرة بجهود لورانس المتأخرة لإشعالها، وكانت بمثابة تذكير مؤثر بعدم جدوى هذه المعركة الخالدة. تمامًا مثل حرس الملكة الأثيري الذي أحاط به، لم يكن صندوق المتفجرات سوى سرابًا، لم تمسه محاولاته المحمومة.
نظر إلى الأسفل، ولاحظ انعكاس صورته في بركة صغيرة من الماء بجوار الحطام. نظرت إليه عيناه، المليئتان بالارتباك وعدم اليقين.
تردد صدى إعلانه في القاعة، وكانت ضحكته تتناقض بشكل صارخ مع المحيط الكئيب. أمسك الصندوق المتفجر بإحكام، وأشعل عود ثقاب وأشعل الفتيل. وبحماسة تتحدى عمره، اندفع بتهور نحو المدخل المشؤوم، وهو يصرخ مرارًا وتكرارًا،
ماذا من المفترض أن يفعل هنا؟
شعر لورانس بوخزة اليأس، لكن حركة مفاجئة لفتت انتباهه وأخرجته من أفكاره. وكان هناك شخصية أخرى تدخل ساحة المعركة من زاوية بعيدة من القاعة.
وفجأة، عرضت بركة المياه أمامه مشهدًا غريبًا..
“المهندس ويلسون هنا!”
اشتبك جنود من حرس الملكة مع الكائنات الوحشية في الممر. وتمكنوا بأسلحتهم من تحويل هذه المخلوقات المروعة إلى طين بارد لا حياة فيه. الجدران ذاتها، التي بدت وكأنها تتسرب بمادة قذرة، أصبحت جافة أينما ذهب هؤلاء الجنود، وبدأ الظلام الذي كان يستهلك في السابق في التلاشي، مما أفسح المجال لمسار أكثر وضوحًا.
ومع ذلك، يبدو أن الشاب كان في نشوة. تحركت شفتاه بسرعة، وبعد أن بذل جهدًا للاستماع، التقط لورانس مقتطفات من تمتماته…
لقد حدث كل شيء تمامًا كما توقع لورانس. وكان مجرد وجود حرس الملكة بمثابة قمع “للفساد” الغريب الذي ابتلي انعكاس مرآة الدولة المدينة.
ومع ذلك، قطعت رحلته الحازمة.
إذا أردنا وصف الأحداث التي تجري في هذه الدولة المدينة المعكوسة، فسيكون ذلك بمثابة معركة ضخمة بين قوتين عظميين. من جهة كانت وحوش الطين، ومن جهة أخرى، حرس الملكة. ربما استمر صراعهم العنيف ومصائرهم المتشابكة لمدة خمسين عامًا.
ربما هذا هو خاتمة التسلسل الذي كان يعيد نفسه منذ عقود.
بتوجيه من لورانس، تحركت فرقته البحرية بسرعة عبر الممرات المعقدة، متتبعة المسار الذي طُهّر مسبقًا من قبل حرس الملكة الشبحي. ما كان في السابق رحلة طويلة تستغرق ساعات طويلة اختصر الآن بشكل كبير إلى مجرد دقائق. طوال هذه الرحلة الاستكشافية السريعة، كان لورانس شديد الاستبطان وشديد الملاحظة.
لقد حاول فك الألغاز المحيطة بحرس الملكة وكان يأمل في إقامة علاقة بطريقة أو بأخرى مع هؤلاء المحاربين الأشباح. إلا أن كل محاولاته باءت بالفشل.
لم يتمكنوا من التغلب على العقبة الأخيرة؟
كان الأمر كما لو أن حرس الملكة لم يلاحظ حتى لورنس وفريقه. بدا هؤلاء الجنود الطيفيون أشبه ببقايا حقبة ماضية، حيث يعيدون إلى ما لا نهاية معركة تاريخية. لقد ساروا، وأطلقوا النار بأسلحتهم، واشتبكوا مع العدو، ثم هُزِموا، كل ذلك في حلقة ربما كانت مستمرة لسنوات لا حصر لها.
وفي الوقت نفسه، وصل الاضطراب داخل الممر إلى درجة محمومة. كان حرس الملكة يستعد لهجومهم الأخير. انطلق المحاربون الطيفيون، المكونون من جوهر الظلال، إلى المعركة، وأسلحتهم تعيث فسادًا في الوحوش التي تعيق طريقهم. عندما تفكك الجنود في مسارات شبحية عابرة، طمست الوحوش، وذوبت في الوحل الذي تسرب بعد ذلك بعيدًا. ومع استمرار هذا الاشتباك الملحمي، انجذب جميع المقاتلين بلا هوادة إلى نهاية الممر.
كانت المعلومات التي قدمتها مارثا عن حرس الملكة دقيقة، لكنها لم تكن القصة بأكملها.
ومع ذلك، قطعت رحلته الحازمة.
كانت محاولة العمل جنبًا إلى جنب مع هؤلاء “الحلفاء” الأشباح لغزًا استمر في مراوغة لورانس.
“لقد نجحت!”
“قبطان! يبدو أنهم لا يلاحظوننا أو يعترفون بنا. ماذا علينا ان نفعل؟” اقترب أحد البحارة من لورانس وأخبره باعتقاله. “متابعتهم بهذه الطريقة، ألسنا مجرد وزن ثقيل؟”
لم يستطع لورانس إلا أن يحبس أنفاسه. وعلى الرغم من أنه يدرك أن ما يشهده قد يكون مجرد وهم لا يتأثر بالعوامل الخارجية، إلا أن جسده استجاب بشكل غريزي.
كان وجه لورانس مزيجًا من الإحباط والتصميم. انجرفت عيناه بشكل لا إرادي إلى مرآة صغيرة مثبتة على زيه العسكري. وقبل أن يتمكن من جمع أفكاره، خرج صوت مارثا من المرآة، “أنا أجهل مثلك تمامًا بشأن هذا الموقف. كنت أعلم بوجودهم، لكنني لم أجد أبدًا طريقة للتواصل معهم.”
وعلى الرغم من إصاباته الواضحة، ثابر الشاب.
وخلف صوتها، انبعثت أصوات طلقات نارية خافتة من المرآة، مما يشير إلى أن مارثا كانت أيضًا في خضم تحدياتها الخاصة، والتي ربما تكون معقدة مثل تلك الموجودة في المجاري.
امتلأت القاعة التي كانت صامتة ذات مرة بالضجة. عادت الوحوش المتبقية، التي كانت نائمة سابقًا، إلى الحياة، وأطلقت العنان لأسلحتها، التي تردد صداها بشكل يصم الآذان.
“هل كان حرس الملكة يعيد هذه المعركة نفسها مرارًا وتكرارًا لسنوات؟” فكر لورانس بصوت عال. “هل النتيجة هي نفسها دائمًا في كل مرة؟”
كان وجه لورانس مزيجًا من الإحباط والتصميم. انجرفت عيناه بشكل لا إرادي إلى مرآة صغيرة مثبتة على زيه العسكري. وقبل أن يتمكن من جمع أفكاره، خرج صوت مارثا من المرآة، “أنا أجهل مثلك تمامًا بشأن هذا الموقف. كنت أعلم بوجودهم، لكنني لم أجد أبدًا طريقة للتواصل معهم.”
“نعم، دائمًا ما ينتهي الأمر بنفس الطريقة. يبدأون هجومهم عند منتصف الليل، ثم ينسحبون بعد ساعة. في كل مرة، يوقفوا عند العقبة الأخيرة!”
“أنا… لقد وصلت أخيرًا…”
لم يتمكنوا من التغلب على العقبة الأخيرة؟
“فريق التفجير! تابع!”
مع هذه المعرفة المكتشفة حديثًا، نظر لورانس بشكل غريزي في الاتجاه الذي يتجه إليه الجنود الأشباح.
“قبطان! يبدو أنهم لا يلاحظوننا أو يعترفون بنا. ماذا علينا ان نفعل؟” اقترب أحد البحارة من لورانس وأخبره باعتقاله. “متابعتهم بهذه الطريقة، ألسنا مجرد وزن ثقيل؟”
إنهم يتحركون نحو نهاية الممر. في تلك المنطقة المظلمة والمضطربة، بدا أن قوة ملموسة وخبيثة تلوح في الأفق، وتبدو بأنها خانقة وسميكة مثل القطران المنصهر.
انفصل فريق صغير عن المجموعة الرئيسية وانزلق إلى قنوات الصرف عند حواف القاعة، بعيدًا عن نطاق رؤية الوحوش. لقد انتقلوا خلسة نحو منطقة مخفية، تحيط بالباب الشائك.
صاح لورانس فجأة، “لقد قمت بتجميعها معًا!”
ارتجف الرجل، الذي لا يزال ممسكًا بالمفتاح الكبير بجانبه، دون حسيب ولا رقيب. تمكن من رفع رأسه وعيناه متسعتين ويحدق مباشرة في عيني لورانس. كان هناك وهج أثيري حول لورانس، لهب أخضر غريب بدا وكأنه يفتن الشاب.
انطلق من المرآة صوت مارثا الفضولي، “ماذا فهمت؟”
وسقطت مقذوفات معدنية على قناة الصرف، وفي لمح البصر احترق الجنود المجهزون بالمتفجرات في انفجار ناري.
لكن لورانس لم يستطع أن يشبع فضول مارثا من خلال المرآة. وبعد أن أدرك دوره الحاسم في هذه الملحمة التي تتكشف، قام بسرعة بتنظيم رجاله وتسريع تقدمه.
وسرعان ما تأكدت أسوأ شكوكه.
وفي الوقت نفسه، وصل الاضطراب داخل الممر إلى درجة محمومة. كان حرس الملكة يستعد لهجومهم الأخير. انطلق المحاربون الطيفيون، المكونون من جوهر الظلال، إلى المعركة، وأسلحتهم تعيث فسادًا في الوحوش التي تعيق طريقهم. عندما تفكك الجنود في مسارات شبحية عابرة، طمست الوحوش، وذوبت في الوحل الذي تسرب بعد ذلك بعيدًا. ومع استمرار هذا الاشتباك الملحمي، انجذب جميع المقاتلين بلا هوادة إلى نهاية الممر.
كانت محاولة العمل جنبًا إلى جنب مع هؤلاء “الحلفاء” الأشباح لغزًا استمر في مراوغة لورانس.
أخيرًا، واجه لورانس ذروة هذا الصراع العنيف والحاجز الشاق الذي أحبط حرس الملكة لعقود من الزمن.
شعر لورانس بوخزة اليأس، لكن حركة مفاجئة لفتت انتباهه وأخرجته من أفكاره. وكان هناك شخصية أخرى تدخل ساحة المعركة من زاوية بعيدة من القاعة.
قبع أمامهم باب ضخم، محاصر بشبكة معقدة من العليق الشائك وملطخ بالطين الداكن البغيض. كانت هالته المهددة أقرب إلى كابوس ملموس، مما أرسل البرد على طول العمود الفقري.
كانت تظهر في بعض الأحيان قصاصات عشوائية من الذكريات والأفكار العابرة في عقل الرجل العجوز الغائم، لتختفي بنفس السرعة. في بعض الأحيان، يشعر وكأنه عالق بين حقيقتين، وحواسه المشوشة وذكرياته متشابكة بداخله. وفي لحظات أخرى، يشعر بأنه عالق في مكان واحد، ينتظر التعليمات لعقود من الزمن.
يبدو أن الباب نفسه قد نُحتَ ومُيّز بأشواك شائكة، شبيه بشكل مخيف بتاج ملتوي مصنوع من أغصان شجرة ملتوية. في أعماق هذه الشبكة من الأشواك، تلوت الأضواء الخافتة ورفرفت، على غرار عدد لا يحصى من العيون الساهرة المخبأة داخل غابة كثيفة. مجرد نظرة يمكن أن تغمر النفس بالخوف والجنون الساحقين.
شعر لورانس بوخزة اليأس، لكن حركة مفاجئة لفتت انتباهه وأخرجته من أفكاره. وكان هناك شخصية أخرى تدخل ساحة المعركة من زاوية بعيدة من القاعة.
حتى لورانس، المحصن بقوة النار الروحية، تفاجأ للحظات بهذا المنظر المنذر بالخطر. تسابقت الشكوك والقلق في ذهنه.
تردد صوت مارثا في وقت سابق في ذهن لورانس، “… لم يتمكنوا أبدًا من اختراق الحاجز الأخير…”
كان هذا إذن هدف حرس الملكة.
كان حرس الملكة يتبدد.
مباشرة أمام هذا المدخل المهدد، تحركت رواسب سميكة من الطين الأسود، مما أدى إلى ظهور حشد حقيقي من الكائنات المروعة. يبدو أن هذه المخلوقات الغريبة عبارة عن نسخ مشوهة من البشر، وتحمل تشابهات غامضة مع حراس المدينة، وضباط البحرية، والقراصنة، والمدنيين الذين يحملون الأسلحة، وحتى الاندماجات السريالية والوحشية للمدافع القديمة والحطام الهيكلي.
نظر لورانس وهو يتعثر بطريقة خرقاء، مذهولًا تمامًا.
هذه الكيانات الملتوية، المحمية بدفاعات مؤقتة أقيمت داخل القاعة، تحرس الباب المتشابك بحماسة كما لو كان من بقايا مقدسة.
انفصل فريق صغير عن المجموعة الرئيسية وانزلق إلى قنوات الصرف عند حواف القاعة، بعيدًا عن نطاق رؤية الوحوش. لقد انتقلوا خلسة نحو منطقة مخفية، تحيط بالباب الشائك.
كانت المعركة النهائية جارية.
“نيمو… الأدميرال تيريان… الغراب…”
بقوة لا مثيل لها، أطلق حرس الملكة العنان لترسانتهم الكاملة على الحراس المتوحشين المتمركزين في نهاية الممر. تردد صدى هذا الانتقام عبر الممر المائي الثاني بأكمله. وفي الفوضى التي تلت ذلك، تكبد الجانبان خسائر فادحة، مما أدى إلى انخفاض أعدادهم بأكثر من النصف. أُجبر لورانس والبحارة القلائل المرافقون له على الاحتماء في ضواحي هذا المشهد المروع.
ماذا من المفترض أن يفعل هنا؟
على الرغم من كونه محميًا بالنار الروحية، لم يتمكن لورانس من التأكيد بثقة على أنه سيخرج سالمًا من ساحة المعركة هذه.
“المهندس ويلسون يرد!”
لكنه لم يكن يختبئ فقط. لقد كان يدقق ويقيم بشدة حرس الملكة وهم يتنافسون بشراسة في هذه المواجهة الوجودية.
وفجأة، عرضت بركة المياه أمامه مشهدًا غريبًا..
ومع احتدام المعركة وتضاءل القوات على الجانبين، بدأت الدفاعات المواجهة للباب في التردد. لقد تحولت تلك المدافع الهائلة والمخلوقات الشيطانية إلى حطام، وبدأت الشقوق تظهر في طليعة الأشواك.
“فريق التفجير! تابع!”
“المهندس ويلسون يرد!”
مختبئًا بجوار موقع حرس الملكة، سجل لورانس صوتًا فجأة. لقد كانت النغمة الآمرة لقائد الحرس.
“هل كان حرس الملكة يعيد هذه المعركة نفسها مرارًا وتكرارًا لسنوات؟” فكر لورانس بصوت عال. “هل النتيجة هي نفسها دائمًا في كل مرة؟”
وفي اللحظة التالية، رأى حركة على محيط رؤيته.
لقد كان هناك هجوم. ومع حلول منتصف الليل، حُشد حرس الملكة. ولكن يبقى السؤال، ماذا أو من يهاجمون؟ وأين هي ساحة المعركة؟
انفصل فريق صغير عن المجموعة الرئيسية وانزلق إلى قنوات الصرف عند حواف القاعة، بعيدًا عن نطاق رؤية الوحوش. لقد انتقلوا خلسة نحو منطقة مخفية، تحيط بالباب الشائك.
امتلأ الهواء برائحة البارود النتنة، حيث اخترقته الرصاصات، وكادت أن تفقد أثرها. مع كل طلقة، ارتفعت وتطايرت شظايا من الأرض. ارتفع صوت هدير الوحوش الطينية، وبدا وكأنه حلقة موت، وكان البعض منهم قد شقوا طريقهم بالفعل إلى الخندق، وتشير عيونهم المتوعدة إلى الرغبة في تمزيق أطراف لورانس.
في الوقت نفسه، تصاعدت القوة النارية للخط الأمامي مع هطول وابل من المقذوفات، بهدف إخضاع وتشتيت الوحوش التي تحرس الباب.
كانت المعلومات التي قدمتها مارثا عن حرس الملكة دقيقة، لكنها لم تكن القصة بأكملها.
لم يستطع لورانس إلا أن يحبس أنفاسه. وعلى الرغم من أنه يدرك أن ما يشهده قد يكون مجرد وهم لا يتأثر بالعوامل الخارجية، إلا أن جسده استجاب بشكل غريزي.
لقد أصاب ثقل هذا الكشف لورنس بشدة. لقد أدرك أخيرًا عمق كلمات مارثا وفهم النتيجة الحتمية لهذا الصدام المتكرر – حُكم على حرس الملكة بالفشل. وبغض النظر عن جهودهم الدؤوبة وعدد المرات التي عايشوا فيها هذه المعركة، فإن الحقيقة الصارخة هي أنهم لم يتمكنوا أبدًا من التغلب على “المواجهة الأخيرة” في مهمتهم الحاسمة.
وسرعان ما تأكدت أسوأ شكوكه.
هذه الكيانات الملتوية، المحمية بدفاعات مؤقتة أقيمت داخل القاعة، تحرس الباب المتشابك بحماسة كما لو كان من بقايا مقدسة.
رُصد الفريق المسؤول عن تفجير العبوات الناسفة، الذي كان يحاول الاقتراب من الباب المغطى بالكروم على طول حافة ساحة المعركة.
أمسك بالصندوق الخشبي المليء بالمتفجرات، واندفع بشكل محموم نحو الباب المهيب المحاصر بالأشواك.
وسقطت مقذوفات معدنية على قناة الصرف، وفي لمح البصر احترق الجنود المجهزون بالمتفجرات في انفجار ناري.
حتى لورانس، المحصن بقوة النار الروحية، تفاجأ للحظات بهذا المنظر المنذر بالخطر. تسابقت الشكوك والقلق في ذهنه.
وفي الوقت نفسه تقريبًا، شق فريق متفجرات آخر طريقه إلى الخندق الغامض على الجانب الآخر من القاعة، محاولًا الاقتراب سراً من الباب المربوط بالأشواك.
مثّلَ هذا الرجل الأمل الأخير لحرس الملكة، والمنارة الأخيرة في صراعهم الدوري، وسقوطه يرمز إلى نقطة الذروة في هذه المعركة المستمرة.
لكن جهودهم ذهبت سدى. اكتشفوا أيضًا، ولقي الفريق الثاني حتفهم على بعد مسافة قصيرة من المدخل المليء بالكروم.
وكانت كل إعادة لاحقة مجرد تذكير حزين بتلك الهزيمة المصيرية.
وفي خضم هذه الفوضى، وصل همس بحار ناعم إلى أذن لورانس، “إنهم يختفون!”
إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.
رفع لورانس رأسه إلى أعلى، وشاهد في حالة صدمة المشهد في الممر.
أمسك بالصندوق الخشبي المليء بالمتفجرات، واندفع بشكل محموم نحو الباب المهيب المحاصر بالأشواك.
كان حرس الملكة يتبدد.
صاح لورانس فجأة، “لقد قمت بتجميعها معًا!”
بعد الفشل المثبط للفريق المتفجر الثاني، توقف حرس الملكة بشكل مفاجئ. بدأت صورهم الظلية الشبحية في التلاشي، وأصبحت شفافة بشكل متزايد. وفي غضون لحظات، كان حوالي ثلثها قد تلاشى تمامًا، وأصبح يشبه الأشباح الخافتة!
نظر إلى الأسفل، ولاحظ انعكاس صورته في بركة صغيرة من الماء بجوار الحطام. نظرت إليه عيناه، المليئتان بالارتباك وعدم اليقين.
تردد صوت مارثا في وقت سابق في ذهن لورانس، “… لم يتمكنوا أبدًا من اختراق الحاجز الأخير…”
مع عقله الغارق في الارتباك، واصل المضي قدمًا، وبدت البيئة المحيطة به أكثر فأكثر مثل القطران السميك والغامر. بدا الأمر وكأنه أبدية، لكنه وصل أخيرًا إلى نهاية هذا الممر الغامض.
لقد أصاب ثقل هذا الكشف لورنس بشدة. لقد أدرك أخيرًا عمق كلمات مارثا وفهم النتيجة الحتمية لهذا الصدام المتكرر – حُكم على حرس الملكة بالفشل. وبغض النظر عن جهودهم الدؤوبة وعدد المرات التي عايشوا فيها هذه المعركة، فإن الحقيقة الصارخة هي أنهم لم يتمكنوا أبدًا من التغلب على “المواجهة الأخيرة” في مهمتهم الحاسمة.
بدا المشهد سرياليًا بالنسبة للورانس. لقد لاحظ النقطة المحددة التي ارتفع فيها هذا الشخص المسن – مباشرة من بركة الدم التي تعكس الجندي الشاب.
وقد لاقت هذه الحملة نهايتها المأساوية قبل خمسين عامًا.
وفي اللحظة التالية، رأى حركة على محيط رؤيته.
وكانت كل إعادة لاحقة مجرد تذكير حزين بتلك الهزيمة المصيرية.
ثم أعاد اندفاع الأدرينالين لورانس إلى الحاضر.
شعر لورانس بوخزة اليأس، لكن حركة مفاجئة لفتت انتباهه وأخرجته من أفكاره. وكان هناك شخصية أخرى تدخل ساحة المعركة من زاوية بعيدة من القاعة.
لكن لورانس لم يستطع أن يشبع فضول مارثا من خلال المرآة. وبعد أن أدرك دوره الحاسم في هذه الملحمة التي تتكشف، قام بسرعة بتنظيم رجاله وتسريع تقدمه.
مثل بقية أفراد طاقمه، وجد لورانس نفسه مذهولًا بهذا الظهور الغامض.
لكن لورانس لم يستطع أن يشبع فضول مارثا من خلال المرآة. وبعد أن أدرك دوره الحاسم في هذه الملحمة التي تتكشف، قام بسرعة بتنظيم رجاله وتسريع تقدمه.
ومن الواضح أنه لم يكن جنديًا. وبدلًا من ذلك، كان شابًا يحمل مظهرًا لا لبس فيه لمهندس ربما عُين في الجيش. كانت ملابسه عبارة عن زي عمل متين باللون الأزرق الداكن تكمله قبعة ذات زاوية ناعمة على رأسه، مما يستحضر أسلوب الموضة الذي كان رائجًا منذ نصف قرن. تحرك الشاب بسرعة نحو الخندق، وكان يتدلى من حزامه مفتاح ربط ثقيل ومسدس، وينظر إلى المتفجرات التي خلفها فريق الهدم الثاني. [**: الشبح العجوز!!]
تردد صوت مارثا في وقت سابق في ذهن لورانس، “… لم يتمكنوا أبدًا من اختراق الحاجز الأخير…”
أمسك بالصندوق الخشبي المليء بالمتفجرات، واندفع بشكل محموم نحو الباب المهيب المحاصر بالأشواك.
للحظة عابرة، وجد لورانس نفسه مفتونًا بالأمل في أن يحقق الشاب ما لم يتمكن الآخرون من تحقيقه.
“نيران؟ عن ماذا تتحدث؟” كان ارتباك لورانس واضحًا، وكان صوته مليئًا باليأس.
لكن هذا الأمل تحطم عندما اخترقت رصاصة الهواء وأصابت كتف المهندس الشاب بشكل مباشر. ارتد جسده من الاصطدام، وتشنج من الألم، وسقط بشكل مؤلم بالقرب من وجهته – على بعد خطوات قليلة من المدخل المتشابك.
كان الأمر كما لو أن حرس الملكة لم يلاحظ حتى لورنس وفريقه. بدا هؤلاء الجنود الطيفيون أشبه ببقايا حقبة ماضية، حيث يعيدون إلى ما لا نهاية معركة تاريخية. لقد ساروا، وأطلقوا النار بأسلحتهم، واشتبكوا مع العدو، ثم هُزِموا، كل ذلك في حلقة ربما كانت مستمرة لسنوات لا حصر لها.
يبدو أن القاعة بأكملها تقع تحت موجة من الصمت، حيث يعكس اتساعها المأساة العميقة للهجوم الأخير لحرس الملكة.
وفي اللحظة التالية، رأى حركة على محيط رؤيته.
ربما هذا هو خاتمة التسلسل الذي كان يعيد نفسه منذ عقود.
امتزجت هذه الأصوات ببعضها البعض، وفقدت فرديتها. بدا الأمر كما لو أن كل شيء يندمج في وجود فريد، دون الإحساس التقليدي بالاتجاه، وخاليًا من الزمان أو المكان. كان الممر نفسه شبيه بهذا الشعور، محاطًا بضباب كثيف، جاهز لابتلاع أي شيء أو أي شخص شجاع بما يكفي للسير عبره.
مشهد المهندس الشاب، وهو ملقى مهزومًا على الأرض، ترك لورانس عاجزًا عن الكلام تمامًا.
نظر إلى الأسفل، ولاحظ انعكاس صورته في بركة صغيرة من الماء بجوار الحطام. نظرت إليه عيناه، المليئتان بالارتباك وعدم اليقين.
مثّلَ هذا الرجل الأمل الأخير لحرس الملكة، والمنارة الأخيرة في صراعهم الدوري، وسقوطه يرمز إلى نقطة الذروة في هذه المعركة المستمرة.
امتزجت هذه الأصوات ببعضها البعض، وفقدت فرديتها. بدا الأمر كما لو أن كل شيء يندمج في وجود فريد، دون الإحساس التقليدي بالاتجاه، وخاليًا من الزمان أو المكان. كان الممر نفسه شبيه بهذا الشعور، محاطًا بضباب كثيف، جاهز لابتلاع أي شيء أو أي شخص شجاع بما يكفي للسير عبره.
ثم أعاد اندفاع الأدرينالين لورانس إلى الحاضر.
إنهم يتحركون نحو نهاية الممر. في تلك المنطقة المظلمة والمضطربة، بدا أن قوة ملموسة وخبيثة تلوح في الأفق، وتبدو بأنها خانقة وسميكة مثل القطران المنصهر.
خرج لورانس من مكان اختبائه، واندفع للأمام. راقب البحارة في حالة من عدم التصديق بينما اندفع قبطانهم بإلحاح لم يشهدوه من قبل، وهو في طريقه إلى الشاب الذي سقط.
كان حرس الملكة يتبدد.
امتلأت القاعة التي كانت صامتة ذات مرة بالضجة. عادت الوحوش المتبقية، التي كانت نائمة سابقًا، إلى الحياة، وأطلقت العنان لأسلحتها، التي تردد صداها بشكل يصم الآذان.
ماذا من المفترض أن يفعل هنا؟
“حماية القبطان!” اخترق صوت صراخ الطاقم الفوضى.
تحرك رجل عجوز، محدب الظهر من ثقل سنوات عديدة، بحذر عبر هذا الممر المتعرج الذي يشبه المتاهة. أمسك في قبضته مفتاحًا ثقيلًا كان يطرق أحيانًا الأنابيب العديدة التي تزين جدران هذا الممر تحت الأرض.
ومع ذلك، بدا لورانس منيعًا لكل من حوله. كان تركيزه فرديًا – الوصول إلى المتفجرات. وعلى الرغم من تعرضه للضرب عدة مرات، إلا أن تصميمه تغلب على إحساسه بالألم. وبعد أن عبر القاعة الفسيحة، غاص في الخندق، وقام باندفاع يائس بحثًا عن المتفجرات. ولكن عندما مد يده، مرت يده عبر الصندوق الخشبي.
امتزجت هذه الأصوات ببعضها البعض، وفقدت فرديتها. بدا الأمر كما لو أن كل شيء يندمج في وجود فريد، دون الإحساس التقليدي بالاتجاه، وخاليًا من الزمان أو المكان. كان الممر نفسه شبيه بهذا الشعور، محاطًا بضباب كثيف، جاهز لابتلاع أي شيء أو أي شخص شجاع بما يكفي للسير عبره.
نظر لورانس وهو يتعثر بطريقة خرقاء، مذهولًا تمامًا.
إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.
ظلت المتفجرات، التي لم تُحرك لمدة خمسة عقود طويلة، غير متأثرة بجهود لورانس المتأخرة لإشعالها، وكانت بمثابة تذكير مؤثر بعدم جدوى هذه المعركة الخالدة. تمامًا مثل حرس الملكة الأثيري الذي أحاط به، لم يكن صندوق المتفجرات سوى سرابًا، لم تمسه محاولاته المحمومة.
أمسك بالصندوق الخشبي المليء بالمتفجرات، واندفع بشكل محموم نحو الباب المهيب المحاصر بالأشواك.
امتلأ الهواء برائحة البارود النتنة، حيث اخترقته الرصاصات، وكادت أن تفقد أثرها. مع كل طلقة، ارتفعت وتطايرت شظايا من الأرض. ارتفع صوت هدير الوحوش الطينية، وبدا وكأنه حلقة موت، وكان البعض منهم قد شقوا طريقهم بالفعل إلى الخندق، وتشير عيونهم المتوعدة إلى الرغبة في تمزيق أطراف لورانس.
ومن الواضح أنه لم يكن جنديًا. وبدلًا من ذلك، كان شابًا يحمل مظهرًا لا لبس فيه لمهندس ربما عُين في الجيش. كانت ملابسه عبارة عن زي عمل متين باللون الأزرق الداكن تكمله قبعة ذات زاوية ناعمة على رأسه، مما يستحضر أسلوب الموضة الذي كان رائجًا منذ نصف قرن. تحرك الشاب بسرعة نحو الخندق، وكان يتدلى من حزامه مفتاح ربط ثقيل ومسدس، وينظر إلى المتفجرات التي خلفها فريق الهدم الثاني. [**: الشبح العجوز!!]
ومع ذلك، ظل لورانس ساكنًا، وعيناه مثبتتان على الصندوق الطيفي للمتفجرات. كان يدور بداخله عدد لا يحصى من المشاعر – مزيج من الحيرة والسخرية والشعور بأن قوة غير مرئية كانت تبتهج في مأزقه.
نظر لورانس وهو يتعثر بطريقة خرقاء، مذهولًا تمامًا.
ثم أعادته حركة بالكاد ملحوظة على محيطه إلى الحاضر.
اشتبك جنود من حرس الملكة مع الكائنات الوحشية في الممر. وتمكنوا بأسلحتهم من تحويل هذه المخلوقات المروعة إلى طين بارد لا حياة فيه. الجدران ذاتها، التي بدت وكأنها تتسرب بمادة قذرة، أصبحت جافة أينما ذهب هؤلاء الجنود، وبدأ الظلام الذي كان يستهلك في السابق في التلاشي، مما أفسح المجال لمسار أكثر وضوحًا.
نظر إليه، والدهشة تخيم على وجهه، حيث بدأ الشاب الذي سقط سابقًا في إظهار علامات الحياة.
اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.
ارتجف الرجل، الذي لا يزال ممسكًا بالمفتاح الكبير بجانبه، دون حسيب ولا رقيب. تمكن من رفع رأسه وعيناه متسعتين ويحدق مباشرة في عيني لورانس. كان هناك وهج أثيري حول لورانس، لهب أخضر غريب بدا وكأنه يفتن الشاب.
لكن لورانس لم يستطع أن يشبع فضول مارثا من خلال المرآة. وبعد أن أدرك دوره الحاسم في هذه الملحمة التي تتكشف، قام بسرعة بتنظيم رجاله وتسريع تقدمه.
في دهشة شديدة، تلعثم لورانس، “هل… هل تستطيع رؤيتي؟”
إذا أردنا وصف الأحداث التي تجري في هذه الدولة المدينة المعكوسة، فسيكون ذلك بمثابة معركة ضخمة بين قوتين عظميين. من جهة كانت وحوش الطين، ومن جهة أخرى، حرس الملكة. ربما استمر صراعهم العنيف ومصائرهم المتشابكة لمدة خمسين عامًا.
ومع ذلك، يبدو أن الشاب كان في نشوة. تحركت شفتاه بسرعة، وبعد أن بذل جهدًا للاستماع، التقط لورانس مقتطفات من تمتماته…
“انفجار!!!”
“…لقد واجهتهم من قبل، تلك النيران… نعم، لقد رأيتهم… مرارًا وتكرارًا…”
امتلأ الهواء برائحة البارود النتنة، حيث اخترقته الرصاصات، وكادت أن تفقد أثرها. مع كل طلقة، ارتفعت وتطايرت شظايا من الأرض. ارتفع صوت هدير الوحوش الطينية، وبدا وكأنه حلقة موت، وكان البعض منهم قد شقوا طريقهم بالفعل إلى الخندق، وتشير عيونهم المتوعدة إلى الرغبة في تمزيق أطراف لورانس.
“نيران؟ عن ماذا تتحدث؟” كان ارتباك لورانس واضحًا، وكان صوته مليئًا باليأس.
في الوقت نفسه، تصاعدت القوة النارية للخط الأمامي مع هطول وابل من المقذوفات، بهدف إخضاع وتشتيت الوحوش التي تحرس الباب.
ومع ذلك، لم يعيره الشاب أي اهتمام. وبجهد كبير، بدأ في النهوض والدماء تلطخ ملابسه. تعثر، وشق طريقه نحو الباب الهائل المليء بالأشواك، بينما يتمتم بشيء لم يتمكن لورانس من فهمه تمامًا. وسط كلماته المشوشة، استطاع لورنس تمييز أسماء معينة…
بيدين مرتعشتين، مدّ الرجل العجوز يده ليمسك بالجهاز المتفجر، وقد ارتسمت ابتسامة مبهجة على وجهه المتجعد.
“نيمو… الأدميرال تيريان… الغراب…”
وفي الوقت نفسه تقريبًا، شق فريق متفجرات آخر طريقه إلى الخندق الغامض على الجانب الآخر من القاعة، محاولًا الاقتراب سراً من الباب المربوط بالأشواك.
وعلى الرغم من إصاباته الواضحة، ثابر الشاب.
نظر إليه، والدهشة تخيم على وجهه، حيث بدأ الشاب الذي سقط سابقًا في إظهار علامات الحياة.
ومع ذلك، قطعت رحلته الحازمة.
ومع احتدام المعركة وتضاءل القوات على الجانبين، بدأت الدفاعات المواجهة للباب في التردد. لقد تحولت تلك المدافع الهائلة والمخلوقات الشيطانية إلى حطام، وبدأت الشقوق تظهر في طليعة الأشواك.
من جميع أنحاء ساحة المعركة، رن وابل من إطلاق النار. واهتز جسد الشاب بعنف قبل أن يسقط مرة أخرى. ومع ذلك، في تسلسل غامض تقريبًا، ظهر كائن آخر – شخصية مسنة منحنية – على ما يبدو من ظل الرجل الساقط.
لكنه لم يكن يختبئ فقط. لقد كان يدقق ويقيم بشدة حرس الملكة وهم يتنافسون بشراسة في هذه المواجهة الوجودية.
بدا المشهد سرياليًا بالنسبة للورانس. لقد لاحظ النقطة المحددة التي ارتفع فيها هذا الشخص المسن – مباشرة من بركة الدم التي تعكس الجندي الشاب.
في دهشة شديدة، تلعثم لورانس، “هل… هل تستطيع رؤيتي؟”
“أنا… لقد وصلت أخيرًا…”
كان حرس الملكة يتبدد.
بيدين مرتعشتين، مدّ الرجل العجوز يده ليمسك بالجهاز المتفجر، وقد ارتسمت ابتسامة مبهجة على وجهه المتجعد.
مع هذه المعرفة المكتشفة حديثًا، نظر لورانس بشكل غريزي في الاتجاه الذي يتجه إليه الجنود الأشباح.
“لقد فعلت ذلك!”
كانت محاولة العمل جنبًا إلى جنب مع هؤلاء “الحلفاء” الأشباح لغزًا استمر في مراوغة لورانس.
تردد صدى إعلانه في القاعة، وكانت ضحكته تتناقض بشكل صارخ مع المحيط الكئيب. أمسك الصندوق المتفجر بإحكام، وأشعل عود ثقاب وأشعل الفتيل. وبحماسة تتحدى عمره، اندفع بتهور نحو المدخل المشؤوم، وهو يصرخ مرارًا وتكرارًا،
“لقد فعلت ذلك!”
“لقد نجحت!”
ظلت المتفجرات، التي لم تُحرك لمدة خمسة عقود طويلة، غير متأثرة بجهود لورانس المتأخرة لإشعالها، وكانت بمثابة تذكير مؤثر بعدم جدوى هذه المعركة الخالدة. تمامًا مثل حرس الملكة الأثيري الذي أحاط به، لم يكن صندوق المتفجرات سوى سرابًا، لم تمسه محاولاته المحمومة.
“المهندس ويلسون هنا!”
ماذا من المفترض أن يفعل هنا؟
“المهندس ويلسون يرد!”
وفي الوقت نفسه تقريبًا، شق فريق متفجرات آخر طريقه إلى الخندق الغامض على الجانب الآخر من القاعة، محاولًا الاقتراب سراً من الباب المربوط بالأشواك.
“لقد نجوت!”
امتزجت هذه الأصوات ببعضها البعض، وفقدت فرديتها. بدا الأمر كما لو أن كل شيء يندمج في وجود فريد، دون الإحساس التقليدي بالاتجاه، وخاليًا من الزمان أو المكان. كان الممر نفسه شبيه بهذا الشعور، محاطًا بضباب كثيف، جاهز لابتلاع أي شيء أو أي شخص شجاع بما يكفي للسير عبره.
“انفجار!!!”
ومع ذلك، يبدو أن الشاب كان في نشوة. تحركت شفتاه بسرعة، وبعد أن بذل جهدًا للاستماع، التقط لورانس مقتطفات من تمتماته…
أرسل الانفجار الذي يصم الآذان موجات صادمة امتدت عبر القاعة الكهفية، وكان صدى ذلك محسوسًا في كل زاوية وركن من الممرات المحيطة.
ومع احتدام المعركة وتضاءل القوات على الجانبين، بدأت الدفاعات المواجهة للباب في التردد. لقد تحولت تلك المدافع الهائلة والمخلوقات الشيطانية إلى حطام، وبدأت الشقوق تظهر في طليعة الأشواك.
ويلسون الشبح غوت! كل كبار السن في الروايات غوت!
لكن جهودهم ذهبت سدى. اكتشفوا أيضًا، ولقي الفريق الثاني حتفهم على بعد مسافة قصيرة من المدخل المليء بالكروم.
اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.
اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.
إن وُجدت أخطاء نحوية، إملائية، لغوية، فأخبروني في التعليقات. لا تبخلوا بتعليق جميل تحت.
لقد حدث كل شيء تمامًا كما توقع لورانس. وكان مجرد وجود حرس الملكة بمثابة قمع “للفساد” الغريب الذي ابتلي انعكاس مرآة الدولة المدينة.
اللهم أنت الله الواحد الأحد، نشكو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا، اللهم إنا مغلوبون فانتصر. اللهم انصر اخواننا في فلسطين وارحم شهداءهم.
نظر لورانس وهو يتعثر بطريقة خرقاء، مذهولًا تمامًا.
---
ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن
أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
