نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

ري زيرو: بدء الحياة في عالم أخر من الصفر 2

2 - الطريق إلى الملجأ.

2 - الطريق إلى الملجأ.

الفصل الثاني:

“إن نسينا هذا وركزنا في الأهم، نجد أنك شخص غامض بالفعل، وقوفك بلا تأثر أمامي هكذا وحده دليل كافٍ”

الطريق إلى الملجأ

إذا لم تكن تعرف شيئًا عن مطران، فإنها لا تعرف شيئًا عن سلطاتهم، أو الأضرار التي لحقت بهم، أو طرق إصلاحها.

 

عندما وصل سوبارو إلى نهاية الطريق، ثنى ركبتيه وهو يلتقط أنفاسه، ثم مسح العرق الذي كان يغزو جبينه، وعندما رفع وجهه المتألم والمتجهم ، وجد أمامه أنقاض بناية غريبة.

1

على الرغم من أنه كان حذرًا بشدة في البداية ، إلا أنها كانت طريقة لطيفة لإنهاء حفل شاي بذكاء—

نتيجة لمحادثتهم مع فريدريكا، انطلق الجميع إلى الملجأ في صباح اليوم التالي.

“… تجدر الإشارة إلى أنني فقير مقارنة بأفضل من فيهم، لا يتم دفع تعويضات للسحرة بالعملة المعدنية. ما أطلبه منك هو ميثاق ليس إلا، تنص شروط هذا الميثاق على أنك ممنوع من التحدث للآخرين عما حدث في حفل الشاي هذا، أنت ملزم باتفاقية مماثلة، لذا فهي مسألة بسيطة بالنسبة لك ، أليس كذلك؟ ”

“لأكون صريحًا ، الإنتظار وحده يشعرني بالقلق، ولكن …”

“إذا لم يكن هناك شيء خطير فيه، يمكننا التقاطه لاحقًا، لكن حالياً سأقوم برميـ-…!! مااا…؟!!!”

عقد سوبارو ذراعيه مصدرًا صوت غمهمة من فمه دلالة على نفاذ صبره الذي لم يستطع إخفاءه أكثر، وفقًا لفريدريكا، يأخذ التجهيز للذهاب إلى الملجأ يومين من الإستعداد، ولم تستطع سوبارو الإعتراض على رأيها.

“هي أيضًا امرأة رائعة في ريعان شبابها … ولكن في تناقض كبير مع قدرتها كخادمة.”

“الملجأ محمي بدرعٍ خاص … ألا وهو غابات كليمالدي المفقودة، يحافظ هذا الدرع على إخفاء الملجأ عن الأنظار في الظلال، يطلق على هذه الغابة اسم(غابة الضياع)، ويستغرق إلغاء هذا الدرع يومين كاملين”

“إذن تعلمتِ المثابرة من والدتكِ، صحيح؟ رغم أن الرجل المقصود يبدو أنه لم يدرك مغزاها”

هكذا أوضحت فريدريكا الوضع لهم محاولة جعل سوبارو يهدأ، حيث كان يصعب على هذا الآخر ترك التسرع وإهدار وقته وطاقته.

في اللحظة التي تقدم فيها للأمام، انبعث من الوهج الأزرق اللامع ضوءًا أقوى وقام بالإحاطة بجسد سوبارو بالكامل، لم يعطهِ ذلك الوميض حتى وقتًا للندم على اختياره لأوليته، حيث اختفى العالم في غمضة عين.

على الرغم من أن سوبارو وجد أن موضوع “الحاجز” مثيرًا للريبة إلى حد ما ، إلا أن تفسير فريدريكا جعله يتقبل الأمر.

“تبًا! حاليًا عليّ الاحتفاظ بهذه الأفكار لوقتٍ لاحق، إن كان بإمكاني على الأقل معرفة الاتجاهات من موقع الشمس…”

“لذلك الملجأ تاريخ في قبول أشباه البشر … هاه.”

أومأ سوبارو بإيماءة راضية عندما تذكر المشهد الرجولي للمبارز الذي تخيله ممزوجًا بالحكاية البطولية داخل رأسه.

خدش سوبارو رأسه بقوة وهو يعبر عن الموضوع بطريقته الخاصة.

قام سوبارو بعقد حاجبيه عند سماعه كلمات إيكيدنا، ووجه عينيه إلى التل مرة أخرى.

لطالما كان احتكاك الأجناس البشرية وأشباه البشرية مع بعضها قاعدة أساسية في القصص الخيالية، ولا يبدو أن العالم الذي هو فيه الآن مستثنى من تلك القاعدة، حتى في مملكة لوغونيكا، كان ازدراء أشباه البشر أمرًا معتادًا عند أغلبية الناس، جعلت التجارب التي خاضها سوبارو في هذا الخصوص يصل إلى نتيجة معينة.

“بالنسبة لموضوع <بغض النظر عمّا يحدث> … فقد حذرتنا فريديريكا من شيء، صحيح؟”

قد يكون التحيز ضد أشباه البشر وازدرائهم ما هو إلا إمتداد للعداء القديم ضد أنصاف العفاريت، ومع ذلك، قد يكون للسياسة التصالحية في العاصمة دور في انتشار أشباه البشر، إذ أن سوبارو قد رأى عددًا غير قليل منهم في منطقطة التجار والأحياء الفقيرة، لكنه لم يرَ أيًا منهم في منطقة النبلاء-

“…….”

“مما قرأته في كتاب التاريخ، كانت هناك حرب أهلية تسمى حرب نصف البشرية في القرن الماضي، بالتفكير في الأمر، سمعت من ليليانا أغنية متعلقة بذلك ، أليس كذلك …؟ ”

“عن ماذا تتحدثين؟”

كانت ليليانا شاعرة توقفت عند قصر روزوال خلال إحدى رحلاتها، كان كان على يقين من أن إحدى الأغاني التي غنتها أثناء إقامتها في القصر تطرقت إلى ذلك الحدث التاريخي.

“كلا، غالبًا ما يتقيأ الأشخاص العادييون عند رؤيتي، ممتع، أليس كذلك؟ ”

“قد يكون إدراك ذلك متأخرًا نوعًا ما، ولكن … (أغنية شيطان السيف) تشبه لقب ويلهلم، قد تكوت هذه الأغنية هي سبب تسميته بشيطان السيف في المقام الأول … ”

” بماذا…؟”

أومأ سوبارو بإيماءة راضية عندما تذكر المشهد الرجولي للمبارز الذي تخيله ممزوجًا بالحكاية البطولية داخل رأسه.

“همم… فور أن عدنا إلى القصر، أردت التحدث معه عن موضوع الملجأ، لكني لا أشعر أن صوتي يصل إليه”

في واقع الأمر ، كان ويلهلم بالفعل الشخصية الرئيسية في “أغنية شيطان السيف” ، لكن سوبارو، نظرًا لصغر سنه، كان يرفض فكرة أنه يعرف شخصًا معرفوفًا كتب اسمه في الأغاني وكتب التاريخ.

قام سوبارو بعقد حاجبيه عند سماعه كلمات إيكيدنا، ووجه عينيه إلى التل مرة أخرى.

“آه ، السيد سوبارو! ها أنت ذا!”

“… لدي خبرة قليلة في الأمور الرومنسية، لذا لا يمكنني تحديد ما إذا كان تصرفك شجاعة أم مجرد وقاحة”

قطع حبل أفكار سوبارو ذلك الباب الذي فتح بهدوء وذلك الصوت الذي تحدث إليه من خلاله، وعندما نظر إليه، قابل عيني الفتاة التي كانت تنظر من خلال فتحة الباب.

“- الآن ، بما أنك عائد من حفلة شاي مع ساحرة، فقد حان الوقت لآخذ التعويض المستحق.”

كانت فتاة ذات شعر بني محمر، ذو شريطة على رأسها متزينة بابتسامتها الأخذاة وهي تخاطبه.

“وتتجاهلني؟ لا بأس، لكن هذا يجرحني على المستوى الشخصي فكما كما ترى لست أكثر من فتاة بريئة لا يسعها إلا التساءل عن السبب الذي يجعل صبيًا يحدق بها بتلك النظرات”

“لقد حان وقت المغادرة تقريبًا، لذلك أدركت أنه إذا لم تكن في غرفتك ، فقد تكون هنا …”

“لكن أولًا … هل أنت حقا ساحرة؟ وفقًا لما سمعته، باستثناء ساحرة الحسد ، قُتلت كل ساحرة أخرى في العالم … ”

“أسلوب حياة الخدم جعلني معتادًا على الاستيقاظ مبكرًا وأنا مفعم بالطاقة… مهلًا، بالحديث عن ذلك، فأنا ما أزال أصنف خادمًا، لذا من الأفضل أن أتوقف عن الحديث هكذا… ”

“آخخ”

“لكن برأيي … أن تلك الملابس الغريبة تناسبك أفضل من زي الخدم يا سيد سوبارو.”

“بالمقابل، أكدت علينا أن ننتبه من غارفيل عدة مرات… بما في ذلك قبيل مغادرتنا مباشرة، ألدى أفراد القصر شفرة أو بيانات مشتركة؟”

“بالرعم من أنكِ تبذلين جهدًا في انتقاء مفرداتك، إلا أنكِ ما تزالين بحاجة إلى تدريب أكثر على كيفية اختيارها، صحيح؟”

لم يستطع تحديد سبب تأكده من ذلك، ولكن – “أشعر أن أحدهم قال ذلك لي…”

ابتسمت الفتاة ابتسامة متألمة لأنها سرعان ما صححت كلماتها بينما نهض سوبارو من كرسيه وقام بتمطيط ظهره. حدقت الفتاة الصغيرة – بيترا ليتي – التي كانت ترتدي زي الخادمة في سوبارو بعينيها المستديرتين.

ولكن إيكيدنا وضعت كوعها على الطاولة عندما تلقت سؤال سوبارو، ثم قالت:

كانت بيترا إحدى الأطفال الذين يعيشون في قرية إيرلهام والذين أقاموا صداقة مع سوبارو منذ فترة طويلة. كان هناك سبب لارتدائها ملابس الخادمة في تلك اللحظة بالذات.

5

“يجب أن أقول أنه لم يمر سوى يومين منذ أن تم إعلان الحاجة إلى خادمات في القرية، ويوم واحد فقط منذ أن أصبحتِ تعملين في القصر… أنا متفاجئ من كونكِ قد عثرتي علي دون أن تضيعي. هذا أمر مبهر بالنسبة لفتاة في سنك وبعيدة عن والديها.

“… حسنًا، هنالك مدخل…”

“أنا في 12 من عمري، أي أنني كبيرة بما يكفي ليسمح لي بالعمل – أعني أنا أعتبر فتاة راشدة يا سيد سوبارو، لذا من فضلك عاملني على هذا النحو”.

وبالحديث عن حاسة التذوق لديه، فكل ما كان يشعر به هو الهوء الممزوج بطعم التراب والغبار، وبالرغم من ذلك، لم يشعر بطعم أي شيء، لقد اعتمد سوبارو أكثر على حاسة سمعه، حيث كان صوت كانت حذائه ودقات قلبه وتنفسه هي الأشياء الوحيدة التي يمكنه الاعتماد عليها.

“سأفكر في الأمر عندما تتقنين الحديث المنمق وتحصلين على ختم الموافقة من فريدريكا، حتى ذلك الحين أنت تعتبرين خادمة تخضع للتدريب أثناء العمل، لذا سأعاملك بلطف كلما شعرت برغبة في ذلك! ”

“أوه، ما ردة الفعل المفاجئة هذه؟ تصرفات أولئك الذين هم في السن المحير تحيرني بالفعل~”

ابتسم سوبارو لبيترا الصغيرة وهو يربت على شعرها براحة يده، لتطلق تلك الفتاة صرختها المستمتعة “كياه~” يدى ذلك الصوت أشبه بصرخة سنجاب، والأرجح أنها أصدرت ذلك الصوت لتتهرب من الوضع.

“أجل، الأمر كذلك، أنا مستخدمه سيئة للغاية، ألا ترى؟ ”

على كل حال، كان إدخال بيترا إلى القصر كخادمة أمرًا سهلًا، كانت فريدريكا تشعر بالإنهاك، إذ أنها كانت واثقة أن العناية بهذا القصر الضخم يتخطى حدود مقدرة شخص واحد، لذا، عندما أعلنت عن حاجة القصر للخدم في القرية، كانت بيترا هي من استجاب لها.

“أن تشرب شيئًا تقدمه ساحرة في جرعة واحدة … لديك روح شجاعة حقًا.

في البداية كان هناك قلق بشأن صغر سنها، لكن شخصية بيترا ومدى ملاءمتها للوظيفة أثبتا أنها فتاة استثنائية.

بالرغم مما قالته لسوبارو، فهي لم تكن تعني ما فهمه سوبارو فحسب، بل كانت تشير إلى تصرفات ذلك الثنائي

“مقارنة بك يا سيد سوبارو، فهي بارعة للغاية وأمامها مستقبل مشرق، إنها أكثر فتاة مميزة أقوم بتدريبها من بين كل الفتيات السابقات … آه ، سيد سوبارو من فضلك اجلس واسترخي”

“من فضلك لا تسيء الفهم … لم أجعلك تشربه بسوء نية مني، إن كان لدي أية نوايا، فلن تكون سوى شعور اعتزاز بك … من المحرج بعض الشيء أن أقول هذا بصوت عالٍ “.

كان هذا هو نتيجة التقييم الذي قدمته فريدريكا بعد أن قامت بتوجيه الأوامر والتعليمات لبيترا خلال اليومين الماضيين، الحقيقة أنه كان من الصعب تجنيد شخص مثل بيترا وجعله يفهم تفاصيل القصر ومحيطه في مثل هذا الوقت القصير.

“هل أنت جاد في سؤالك هذا؟”

لذا كان كافيًا بالنسبة لها أن تعرف أين يضع سوبارو قدمية المسببتان للفوضى فحسب-

“لمَ خرج هذا الاسم من فمك؟”

“جئت لتوديع الآنسة ريم ، أليس كذلك؟”

فبالأساس، كانت إيميليا هي التي سيتم نقلها إلى هنـا بما أن الكريستالة كانت بالأصل معها.

“… حسنًا، شيء من هذا القبيل، لا أخطط للإبتعاد مدة طويلة، لكني أردت رؤية وجهها، أعتمد عليكِ في رعايتها أثناء غيابي يا بيترا “.

لسبب غريب، لم يستطع سوبارو تجنب أو إبعاد الإصبع الذي بدا وكأنه ينزلق نحوه.

قال سوبارو كلامه الأخير بنبرة مازحة وهو يحدق داخل غرفة النوم على فراشها، لم يتغير مظهرها بغض النظر عن عدد المرات التي حضر فيها لرؤيتها أو عدد الساعات التي قضاها بجانبها. ومع ذلك ، كان يزورها كلما سنحت له الفرصة.

“فهمت، إذن فهذه هي الرغبة التي تدفعك للاستمرار، يا له من أمر مثير للفضول <عليَ القول>”

“… سيد سوبارو، حان وقت الانطلاق تقريبًا ، لذا …”

“مهلًا! هيه! أنت ، استمع إلينا أولًا- – ”

بعد أن صمت سوبارو ، شدت بيترا كمه مشيرة إلى أن وقت انفاصله عن بيترا ومغادرته قد حان، بثقة في طيبتها، قال سوبارو شيئًا أخيرًا:

“حسنًا إذن، لا بأس، لقد سامحتك… رغم أني لا أعلم ما تقصده بالفضاء الخارجي”

“… حسنًا، سأغادر الآن، كوني فتاة جيدة وانتظريني، حسنًا؟”

“أليس هذا وصفًا مريعًا لي ؟!”

بعد توديع وجه ريم النائمه، أعاد شعره للخلف بيده وهو يغادر الغرفة.

لم تكن هناك أي علامة على وجود بشر، أو حضارة بشرية، أو حتى أن مخلوقًا حيًا يسكن هنـاك:

“سيد سوبارو، لابد أن التفكير في عدة أشخاص في الآن ذاته صعب عليك…”

“بعد موتي ، أصبحت روحي أسيرة في هذا المكان -قبر الساحرات-، ليس جسدي بل روحي هي التي دعتك إلى قلتعي، بعبارة أخرى، أنت داخل حلمي”.

“أشعر أن هذا الكلام يقال لوصف الناس اللعوبين … آه ، حسنًا ، ليس الأمر كما لو أنني أقسم مشاعري إلى نصفين أو ما شابه، لكن علي الإعتراف بما قلته …”

في الواقع ، لم تقل فريدريكا الكثير عن الملجأ، ما أخبرت به سوبارو والآخرين اقتصر على المميزات والمخاطر الخاصة بالمكان الذي يقع فيه، واسم شخص خطير هنـاك، وساعدتهم على عبور الحاجز، لكن تعاونها انتهى عند ذلك الحد.

تمالك سوبارو -المتجه إلى نقطة الإلتقاء عند بوابة القصر- غضبه الناجم عن وصف بيترا له بغض النظر عن قولها لذلك الكلام بشكل غير مباشر.

متجاهلين ردة فعل أوتو لوحت فريدريكا وبيترا بيديهما معطيتان سوبارو والآخرين توديعًا مهذبًا.

بالرغم مما قالته لسوبارو، فهي لم تكن تعني ما فهمه سوبارو فحسب، بل كانت تشير إلى تصرفات ذلك الثنائي

رضخ سوبارو بصمت بينما ظلت إيكيدنا جالسة وهي تنطق تعكس شخصيتها، ومع ذلك لم يكن هنالك دلالة واضحية أن سوباو كان يفكر بالأمر حتى، وبقي الحاجز اللاممرئي فاصل بينهما.

“نوعًا ما، توقعت ألا أجد شيئًا هنا، ولكن ليس لي حظ هنا، صحيح؟”

كانت كيفية حدوث ذلك غير واضحة،  لكن سوبارو -الذي تم نقله باستعمال تعويذات مشابهة في الماضي- اسنتنج ذلك، لقد جرب مثل هذا الوضع عدة مرات عن طريق تتعرضه لقدرة الممر التي تتمتع بها بياتريس.

 

“… إيه؟ أنت تمزح، صحيح؟ لا يمكن لذلك ان يكون صحيحًا، أعني… أنا ساحرة الجشع ، ألا تعلم ذلك؟ كل الناس من كل أنحاء العالم يسعون للحصول على معرفتي بما في الفرسان، الأشخاص المتميزون، وأنت الآن تجلس أمامي، حيث سمح لك أن تسأل عن أي شيء تريد معرفته، وهذا ردك؟!”

 

كانت إيميليا تشارك المخاوف ذاتها مع سوبارو، حيث خفضت صوتها عندما نطقت بذلك الإسم.

“لقد تحققت من كل الغرف الموجودة… أهناك حقًا غرفة غامضة هنا؟ ألست تتلاعب بي أو ما شابه؟ ”

في البداية كان هناك قلق بشأن صغر سنها، لكن شخصية بيترا ومدى ملاءمتها للوظيفة أثبتا أنها فتاة استثنائية.

“لا ألومك على الشك بي، لكنك تعلمين أن بياتريس موجودة بالفعل، أليس كذلك؟ تلك التي تلعب بلولي وترتدي ثوبًا قطنيًا”

“لأكون صريحًا ، الإنتظار وحده يشعرني بالقلق، ولكن …”

“لقد كانت ترتدي فستانًأ وليس ثوبًا قطنيًا”

أصبح سوبارو منهكًا ذهنيًا من إيكيدنا التي تقذف بعباراتها السامة طوال الوقت، حتى تساءل في النهاية عن سبب تحدثها معه، أو قد يكون في الواقع ليس أكثر من استجابة الساحرة الطبيعية عند قدوم ضيف –

“…”

“أنا أمنحك الأهلية للطعن في محاكمة هذا الملجأ.”

أظهرت بياتريس وجهًا صارمًا وهي تصحح معلومة سوبارو الذي أغلق باب آخر غرفة تفقدوها، بإغلاق ذلك الباب يكونون قد انتهوا من تفقد كل الغرف والأبواب في ذلك الطابق، ولسوء الحظ ، لم يعثروا على مدخل يدخلهم إلى أرشيف الكتب الممنوعة.

إذا وضعنا مفهوم التناسخ جانبًا، فقد كان سوبارو الآن في عالم مختلف تمامًا، لذلك لم يكن من المحتمل أن يكون لحياته السابقة أي علاقة بهذا، قد يكون الأمر مجرد توافق ليس إلا، وهو التفسير الراجح في نظر سوبارو، لذا ترك الأمر عند هذا الحد، فالأرجح أنها إحدى ضربات الحظ الجيد الذي ارتد لسوبارو وهو في طريقه.

“عندما تتعمد تلك الفتاة الإختباء، يصبح الأمر صعبًا للغاية … ماذا بها! تبــًا.”

كان من الواضح أن الوضع كان مختلفًا قبل تعاقد إيميليا مع باك، أما الآن، فقد كان سوبارو يرى الإثنين دائمًا معًا، لذا فإن تخيلهما منفصلان عن بعضيهما لم يدخل رأس سوبارو، ولكن-

شعر سوبارو بطعم مرير في فمه، لقد استخف بتلك الفتاة التي لم تظهر وجهها على الإطلاق، بالرغم من أنه و إميليا قررا الانطلاق إلى الملجأ، إلا أن سلوك بياتريس في لقاءهما الأخير كان مختلفًا تمامًا عن عادتها. لقد تجول سوبارو في القصر بحثًا خلال اليومين الماضيين باحثًا عن غرفتها قدر استطاعته لكنه لم يجد شيئًا.

“كلا، غالبًا ما يتقيأ الأشخاص العادييون عند رؤيتي، ممتع، أليس كذلك؟ ”

ظلت علاقتها بالملجأ وسبب زنها أمرًا مجهولًا حتى تلك اللحظة-

كانت سوبارو يتحدث إلى إميليا حول إمكانية لقاء نصف عفريت قبل لحظات فقط، ولكنه تخلص من تلك الأفكار بعد أن تفاجأ بمواجهة قزم بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى-

“لا يمكنني التحدث إلى ريم، ولا يمكنني مقابلة بياتريس … ماذا سأفعله يا ترى!!”

 

“سيد سوبارو؟”

“-! أتعرفين شيئًا عن الملجأ ؟! ”

“حسنًا، أريدكِ أن تترقبي ظهور بياتريس قليلًا، موافقة؟ قد تقابلينها بشكل عشوائي خلال فتح إحدى هذه الأبواب بين الحينة والأخرى”

اتسعت عينا أوتو فور عودته إثر سماعه كلام سوبارو الذي كان يستمع إلى صوت نسيم الصباح اللطيف وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول معلنًا:

تجهمت بيترا من طلب سوبارو غير المقبول، لقد كان عندها الكثير لتتعلمه في بيئة عملها الجديدة. شعرت سوبارو بالذنب تجاه زيادة مهامها، ولكن …

كان تلك الأنقاض مشيدة من الحجارة المتكدسة فوق بعضها البعض، بعبارة أوضح كانت أنقاضًا لعمارة بدائية للغاية.

“آسف، أعلم وضعكِ، ولكنكِ الشخص الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه يا بيترا، أعتذر عن هذا بحق!”

“مما قرأته في كتاب التاريخ، كانت هناك حرب أهلية تسمى حرب نصف البشرية في القرن الماضي، بالتفكير في الأمر، سمعت من ليليانا أغنية متعلقة بذلك ، أليس كذلك …؟ ”

“أنـا الوحيدة التي يمكنك الإعتماد عليها؟”

“من…أنت؟”

“أجل، هذا صحيح”

شعر ناتسكي سوبارو بهالة الموت القوية تتشكل في جسد فتاة جالسة أمام عينيه.

كانت فريدريكا مكرسة لرعاية ريم، لكن جعلها تولي اهتمامًا إضافيًا لبياتريس كان أمرًا مبالغًا فيه، لم يسعه إلا أن يعتقد أنها كانت شخصًا غير مناسب لتكليفها بمراقبة بياتريس في الوقت الحالي. لكن بدت بيترا مقاربة لبياتريس في العمر، وينبغي ألا يسبب أسلوب حديثها المهذب أي مشاكل في التواصل بينهما.

“إذا لم يكن هناك شيء خطير فيه، يمكننا التقاطه لاحقًا، لكن حالياً سأقوم برميـ-…!! مااا…؟!!!”

كانت تلك هي العوامل المختلفة التي أخذها سوبارو في الاعتبار عندما عهد بياتريس إلى ببترا، لكن –

كان لذلك الرجل سمة خارجية تميزه عن أي شخص آخر، والتي هي-

“تي-هي-هي، لا يمكنني الرفض بعد أن طلبت ذلك مني بهذه الطريقة … اعتمد علي”

نتيجة لمحادثتهم مع فريدريكا، انطلق الجميع إلى الملجأ في صباح اليوم التالي.

“أوه حقًا؟ حقًا!! هذه خدمة كبيرة منكِ يا بيترا! يالك من فتاة جميلة وطيبة!!”

“هل من عادة باك أن يختفي من حين لآخر؟”

أصبح تصرف بيترا لطيفًا فجأة مما جعل سوبارو يربت على رأس الفتاة المبستمة وهو يتنفس الصعداء، هكذا لن تمر أي ليلة بلا مراقبة لبياتريس، بالرغم من أن سوبارو كان يتمنى أن يحصل على فرصة أخرى للحديث معها،

لقد أدرك الطبيعة الحقيقية للتوعك الذي شعر به من الشخص المسمى إيكيدنا فور وصوله، ذلك الشعور الغريب القمعي الذي استمر دون أي إشارة للتراجع.

“سيد سوبارو، بيترا، من هنـا رجاءً”

“الدعوة إلى حفل الشاي ، وعلاقة ذلك بعنصر الساحرة… مقابل المعلومات التي اكتسبتَها، فقد استفدت أنا أيضًا الكثير من التعرف على شخص مثير للاهتمام  مثلك، صحيح ، سأمنحك تذكارًا أخيرًا … ”

بينما كان يتحدثان، كان كلٌ من إميليا فريدريكا ينتظران في الصالة التي عند بوابة الدخول الأمامية، وبمجرد أن انحنت فريدريكا لهم، أسرعت بيترا لتقف بجوارها.

“كونك عذراء من الداخل ما هو إلا أشبه بورقة عليها علم الموت من الخلف، لعلمكِ فإن ناقوس الخطر الداخلي لدي يرن بجنون”.

“بيترا، أحسنتِ صنعًا بالعثور على السيد سوبارو، عمل متقن!”

“سأبدأ بـقول <ألديك أي فكرة عما عانتيه بسبب عدم وجودك> وبعد ذلك سأجعله يخبرني بكل شيء! لدي الحق في هذا، صحيح يا إميليا؟ ”

“شكرًا لكِ يا آنسة فريدريكا، دعيني أتولى أي مهمة متعلقة بالسيد سوبارو رجاءً”

نظر الرجل إلى سوبارو بنظرة حادة وازدراء قبل أن يصدر صوتًا من خلال أنيابه ويدير ظهره. وفور أن غادر عربة التنين ، اندفعس وبارو فجأة ، وأمسك بالباب وأجبره على إغلاقه.

“متعلق بي أنـا؟ إنها واثقة حقًأ من نفسها”

كانت المشكلة أن مثل هذه الاستعدادات -سواءً اكتملت أم لا- كانت على الأرجح بلا فائدة عند قتال إيكيدنا.

نفخت بيترا صدرها بفخر مما جعل إميليا وفريدريكا ينظران بعضهما البعض بابتسامة، عندها أمالت إميليا رأسها قليلًا وألقت التحية على سوبارو:

“بعد موتي ، أصبحت روحي أسيرة في هذا المكان -قبر الساحرات-، ليس جسدي بل روحي هي التي دعتك إلى قلتعي، بعبارة أخرى، أنت داخل حلمي”.

“صباح الخير يا سوبارو، هل نمت بشكل جيدًا؟ ”

“تبًا، لا يمكنني تقيؤه…! هيه، هذا لن يجعلني أمرض، أليس كذلك؟”

“أنا سعيد أنك لم تتعمقي بالنوم كي لا تفوتكِ كمية المرح في تلك النزهة يا إميليا تان، أشعر أن ذلك الرجل قد فعل شيئًا غبيًا بالرغم من كل شيء…”

“إذن تعلمتِ المثابرة من والدتكِ، صحيح؟ رغم أن الرجل المقصود يبدو أنه لم يدرك مغزاها”

“آه، تعني أوتو؟ كل شيء على ما يرام، لقد استيقظ أوتو منذ فترة طويلة وكان يجهز عربة التنين أمام القصر “.

الأشياء الوحيدة التي كان يسمعها في الظلام هي أنفاسه وخفقان قلبه وخطوات حذاءه.

“حقًا؟ لم يكن هنـالك داعٍ للقلق إذن، لكن بالتفكير في الأمر، أجل… فحياته تعتمد على رحلتنا هذه”

أصبح سوبارو منهكًا ذهنيًا من إيكيدنا التي تقذف بعباراتها السامة طوال الوقت، حتى تساءل في النهاية عن سبب تحدثها معه، أو قد يكون في الواقع ليس أكثر من استجابة الساحرة الطبيعية عند قدوم ضيف –

التحدث عن التجارة مع روزوال من شأنه أن يحدث فرقًا هائلاً في حياة أوتو كتاجر، سواء كان ذلك للخير أو الشر، فإن ذهابة لذلك الرجل فرصة العمر التي عليه إنتهازها، هذا الوضع أشعر سوبارو بطمأنينة كبيرة.

“العقدة … ماذا؟”

“بالإضافة إلى ذلك، علي التفكير بكلمات أواسيه بها بعد أن يفشل في مهمته التي أتى لأجلها…”

بالتفكير في الفتاة التي رافقت سيدها، وقدمت حياتها له، تنهدت فريدريكا بطريقة حزينة، لمست يدها بشكل انعكاسي جيب صدر زي خادمتها.

“ألا يمكنك التوقف عن قول أِشياء فضيعة عني في اللحظة التي أدخل فيها لمناداتك؟”

“حسنًا، سيكون كل شيء على ما يرام، أي نوعٍ من الأماكن هو الملجأ، و… ”

اتسعت عينا أوتو فور عودته إثر سماعه كلام سوبارو الذي كان يستمع إلى صوت نسيم الصباح اللطيف وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يقول معلنًا:

ظهرت ابتسامة على وجه سوبارو بعدما رآى أنه حطم إيكيدنا – مما أخفى الألم في صدره.

“حسنًا، علينا التوقف الآن قبل أن يصبح مزاحنا مبتذلًا!”

“أجل، هذا صحيح”

“ألا تشعر بذرة ذنب واحدة؟! حسنًا… أوه، هذا ليس مهمًا أصلًا!”

“لا يمكنني التحدث إلى ريم، ولا يمكنني مقابلة بياتريس … ماذا سأفعله يا ترى!!”

تراجع أوتو وانضم للبقية وهم منتجهون جميعًا إلى فناء القصر، كانت عربة التنين موقوفة بالفعل أمام المدخل، مربوطة بتنين أرض أسود نفاث وتنين أرض أزرق وقفا بشكل المثالي.

“ادخل ذلك الباب، وسوف تستيقظ في الخارج، يا إلهي ، لم أحضَ بحفل شاي هكذا من قبل”

على وجه الخصوص، قامت تنينة الأرض السوداء – باتلاش – بمد طرف أنفها فور أن رأت سوبارو.

“بالنسبة لي، يبدو أنها تعني بحركتها تلك (يمكنك مداعبتي إن رغبت بذلك)…”

“كالعادة، تتصرفين بودية معي، أليس كذلك؟”

“أتعرفين أين يذهب باك عندما لا يكون معكِ؟”

“بالنسبة لي، يبدو أنها تعني بحركتها تلك (يمكنك مداعبتي إن رغبت بذلك)…”

قام سوبارو بالأنين يئن بصوت نصف نائم ليدرك بعدها أنه كان مستلقيًا. رمش عدة مرات لتتضح رؤيته ويستيقظ في غضون ثوانٍ معدودة.

“ألا يفترض أن تتمتع سلالتها بكبرياء شديد؟ أهذا هو الشيء الوحيد الذي ورثته من أسلافها…؟”

قلة الضوء حرمته من حاسة بصره، كما حرمه الهواء البارد من استخدام أنفه، أما إحساسه بالسمع فقد كان يحوم في أذنه، وفي مرحلة ما، فقد حتى حاسة اللمس حيث أُضاع الجدار الذي كان يتحسسه براحة يده.

وضع سوبارو وجهًا متشككًا في ترجمة أوتو لحركتها بفضل موهبته في فهم اللغات.

“أنت حقا ساحرة ، أليس كذلك؟”

لطالما تحدث الجميع عن بتلاش بالإشارة لها على أنها مزاجية، ولكن الحقيقة أن سوبارو لم يشعر بشيء من هذا منذ اللحظة التي التقى بها أول مرة، لطالما تصرفت بودية معه، حتى في هذه اللحظة وهو يمد راحة يده ويفرك رقبتها، كان طرفا فمها مسترخيان، مما أشار إلى محبتها للناس على حسب تفسيره الشخصي.

في تلك اللحظة، رفع كلٌ من سوبارو وإميليا أصواتهما في نفس الوقت عند حدوث شيء غريب داخل العربة.

“أنـا حقًا لا أفهم السبب، ماذا؟ هل أنقذتكِ في حياتي السابقة أو ما شابه؟”

“ألا يمكنكِ فعل شيء حيال إحساسي بالتوتر؟ السيد الجاد لا يستطيع التنفس هكذا، فهمتِ؟ ”

إذا وضعنا مفهوم التناسخ جانبًا، فقد كان سوبارو الآن في عالم مختلف تمامًا، لذلك لم يكن من المحتمل أن يكون لحياته السابقة أي علاقة بهذا، قد يكون الأمر مجرد توافق ليس إلا، وهو التفسير الراجح في نظر سوبارو، لذا ترك الأمر عند هذا الحد، فالأرجح أنها إحدى ضربات الحظ الجيد الذي ارتد لسوبارو وهو في طريقه.

“تم إنشاؤه في قلعتي. أفترض أنه يمكنك القول أنها مستخلصة من  سوائل جسدي “.

“أكيد~ بالنسبة لي، كانت ضربة حظي الأولى هي مقابلة إيميليا تان!”

“… لم أقابل أبدًا أي أنصاف عفاريت غيري، لم أفكر… في الأمر كثيرا من قبل، ولكن قد يكون في الملجأ … ”

“إيه؟ المعذرة! لم أكن منصتة، هلا تعيد ما قلته؟”

بدا وأن التغير في المشهد ما كان إلا علامة على اقترابهم، قيل لهم سابقًا أن الملجأ محمي بواسطة حاجز خاص داخل الغابة الخضراء العميقة.

“إنه أمر محرج للغاية، لذا لا يمكنني إخراج الكلمات تلك مرة أخرى! سأقولها غدًا!”

بينما كان سوبارو يودع إيكيدنا بجدية، تهلهلت دموعها غير الراضية، لقد انقلب الطاولة، حيث أصبح سوبارو يستفز الساحرة التي كانت تُشعره بالقمع سابقًا.

بمجرد أن هز سوبارو رأسه لاعبًا دور الغبي كنوع من الدفاع عن النفس، ردت عليه إيميليا بقولها “حقـًا؟” مصحوبة بنظرة يطغى عليها الحيرة. التفتت بعدها إلى الجهة الأخرى مواجهة فريدريكا:

“أو..آآآهه”

“حسنًا ، من فضلك اعتني بالقصر … بما في ذلك ريم وبيترا وبياتريس.”

 

“اعتمدي عليّ يا سيدة إميليا، توخي الحذر في رحلتك، أوه، وأيضًا خذي هذا معكِ…”

“لكن أولًا … هل أنت حقا ساحرة؟ وفقًا لما سمعته، باستثناء ساحرة الحسد ، قُتلت كل ساحرة أخرى في العالم … ”

تمامًا كما فعلت إيميليا، أوصى سوبارو فريدريكا بالإهتمام بالقصر، قبلت فريدريكا المسؤولية بانحناءة قبل أن تخرج شيئًا من جيبها.

“…….”

كان عقدًا – عقدًا مزين بكريستال أزرق لامع وشفاف.

تمالك سوبارو -المتجه إلى نقطة الإلتقاء عند بوابة القصر- غضبه الناجم عن وصف بيترا له بغض النظر عن قولها لذلك الكلام بشكل غير مباشر.

“بهذا ، ستكونون قادرين على اختراق حاجز الغابة والدخول إلى الملجأ، لقد ألقيت بتعليماتي على تنانين الأرض بشأن الموقع، لذلك سيقودون الطريق “.

“حسنًا ، لقد ركب الجميع! أوتو ، نعتمد عليك! ”

“إذن هذه الكريستالة هي مفتاح عبور الحاجز ، هاه …؟ أهذا ما استغرقكِ يومين لتجهيزه؟ ”

“لم يكن طعمه جيدًا أو سيئًا تحديدًا. أي نوع الشاي هذا …؟”

أطل سوبارو على الكريستالة المتلألئة في يد فريدريكا، ثم لوى رقبته قليلاً في شك، بدت الكريستالة نادرة، ولم تغادر فريدريكا القصر في هذين اليومين فكيف حصلت عليها؟

خدش سوبارو رأسه بقوة وهو يعبر عن الموضوع بطريقته الخاصة.

غطت فريدريكا فمها وضحكت ردًا على شكوك سوبارو.

“ليست لا حاجة للتفكير بعمق في ذلك، كل ما تتطلبه الأسئلة والأجوبة هو وجود شخصين”

“بعبارة أدق، لم أقضِ اليومين بأكملهما لأجهز هذه الكريستالة فقط… لكني قمت بمهمة أخرى مع هذه، لا تنسَ ترتيب المكان وتجهيز القصر، لم أكن قادرة على فعل ذلك كله لولا العزم والإرادة القوية.”

وبالحديث عن حاسة التذوق لديه، فكل ما كان يشعر به هو الهوء الممزوج بطعم التراب والغبار، وبالرغم من ذلك، لم يشعر بطعم أي شيء، لقد اعتمد سوبارو أكثر على حاسة سمعه، حيث كان صوت كانت حذائه ودقات قلبه وتنفسه هي الأشياء الوحيدة التي يمكنه الاعتماد عليها.

“بالمعنى الدقيق للكلمة ، لم يكن يوم الاستعداد لهذا اليوم وحده … لكن الاثنين ليسا منفصلين. على أي حال ، المكان والمؤهلات مرتبة. الباقي يأتي من أجل العزم وإرادة قوية “.

بهذه الكلمات، عرضت إيكيدنا على سوبارو المقعد الفارغ المقابل لها. على الطاولة البيضاء بين الكرسيين، استراح كوب من الشاي المزين بالبخار، والذي على الأرجح تم سكبه لأجل سوبارو.

“قد تكون طريقة الكلام هذه مبالغ فيها إلى حد ما” قالت فريدريكا بجدية.

“متعلق بي أنـا؟ إنها واثقة حقًأ من نفسها”

“مم ، أعلم أنه ثمين بالنسبة لك، سأحرص على عدم إضاعته … فريديريكا؟ ” قالت إميليا وهي تعقد حاجبيها وتومئ برأسها.

“ماذا؟ هل أنت جمالكِ آخّاذ لدرجة أن الناس عادة ما يغلقون أعينهم عندما يرونك؟ فقط لتوضيح الأمر لكِ، أخشى أن عينيّ تتغذى بشكل دائم على منظر أجمل فتاة في المنطقة، لعلمكِ، عندما أنظر إليك لا يمكنني إلا أن أقول <واو ، إنها لطيفة> عدة مرات فقط”

عندما أخذت يد إميليا الكريستالة المقدم لها أمسكت فريدريكا تلك اليد بقوة.

“هل أنت جاد في سؤالك هذا؟”

“…”

“-آه؟ هييه؟!”

على الفور تلاقت العينين الزمردية بالبنفسجي، ليتصلب خذا فريدريكا فجأة، ولكنها تبعت إحساسها الداخلي وأغلقت عينيها لتترك يد إيميليا بهدوء وهي تتحدث:

 

“سيدة إميليا، من فضلكِ اعتني بأمر الملجأ، ولا تنسي ما تحدثنا به”.

لطالما كان احتكاك الأجناس البشرية وأشباه البشرية مع بعضها قاعدة أساسية في القصص الخيالية، ولا يبدو أن العالم الذي هو فيه الآن مستثنى من تلك القاعدة، حتى في مملكة لوغونيكا، كان ازدراء أشباه البشر أمرًا معتادًا عند أغلبية الناس، جعلت التجارب التي خاضها سوبارو في هذا الخصوص يصل إلى نتيجة معينة.

“حسنًا، سيكون كل شيء على ما يرام، أي نوعٍ من الأماكن هو الملجأ، و… ”

بالرغم من أن نداءه وصل إلى داخل تلك الأنقاض والغابة المحيطة به، إلا أن أحدًا لم يجب عليه، تنهد بعمق بعد أن فشل في تلقي الإستجابة المأمولة، ثم سار على مضض حول الأنقاض:

“من فضلكِ… انتبهي من غارفيل”

“إذن أنت غارفيل…؟!”

“همم، فهمت، سأنتبه منه… اعتمدي علي”

هبت ريح خافتة دغدغت مؤخرة رقبة سوبارو ، وأعادت إحياء قشعريرة البرد الذي تحرك عبر عموده الفقري، كان ظهره رطبًا من كمية كبيرة من العرق البارد، ولم يخف الضغط الهائل الذي كان يتعرض له على الإطلاق.

قبلت إميليا تلك التحذيرات المتكررة ووضعت الكريستالة التي تم إعطاؤها إياها في جيبها، كان سوبارو يراقب محادثتهما حتى النهاية، وكادوا أن يخرجوا من القصر قبل أن-

بالتفكير في الفتاة التي رافقت سيدها، وقدمت حياتها له، تنهدت فريدريكا بطريقة حزينة، لمست يدها بشكل انعكاسي جيب صدر زي خادمتها.

”أم! سيد سوبارو … أ يمكنك أن تأخذ هذا معك؟ ”

لأول مرة اتسعت عينا إيكيدنا متفاجأة من تصرفات سوبارو المحتقرة.

بوجه محمر، رفعت بيترا يدها وهي تقدم شيئًا لسوبارو، كانت تحاول تقليد فريدريكا وهي تقدم بيدها منديلًا أبيض بسيطًا.

بينما اعتلى وجه سوبارو نظرة مثيرة للشفقة، أومأت له إميليا وابتسمت بسرور وهي تلمس شفتيها بإحدى أصابعها، لم يتحمل سوبارو تلك الابتسامة الساحرة بعد نوبة الغضب، لذا ظهر الإرتياح ملاحه على الفور.

قال سوبارو -الذي كان ينظر نظرة متشككة في سلوك فريدريكا- “إررر؟” إذ أن تصرفها فاجأه للغاية.

هبت ريح خافتة دغدغت مؤخرة رقبة سوبارو ، وأعادت إحياء قشعريرة البرد الذي تحرك عبر عموده الفقري، كان ظهره رطبًا من كمية كبيرة من العرق البارد، ولم يخف الضغط الهائل الذي كان يتعرض له على الإطلاق.

“هذا منديل أبيض ليساعدك في رحلتك، يمكنك تنظيف نفسك به خلال طريقك وإعادته لي عند عودتك- أعلم أن المرأ لم يعد يستفيد من المنديل كثيرًا ههذه الأيام، لكنها عادة قديمة عندنا مغزاها أن تتمنى عودة شخص بأمان من رحلة ما”

“أنا في 12 من عمري، أي أنني كبيرة بما يكفي ليسمح لي بالعمل – أعني أنا أعتبر فتاة راشدة يا سيد سوبارو، لذا من فضلك عاملني على هذا النحو”.

“أوه، إذن فهنالك بعض العادات هنا، فهمت، شكرًا لكِ يا بيترا، سأعيد لكِ إياه بعد أن أعود وأنا بكامل صحتي وعافيتي”

“سأفكر في الأمر عندما تتقنين الحديث المنمق وتحصلين على ختم الموافقة من فريدريكا، حتى ذلك الحين أنت تعتبرين خادمة تخضع للتدريب أثناء العمل، لذا سأعاملك بلطف كلما شعرت برغبة في ذلك! ”

بعد أن علم دلالة المنديل الذي تم إعطاءه له، لفه سوبارو حول معصمه، ردة فعله جعلت بيترا تنزل وجهها المحمر إلى الأرض وتتراجع بخفة خلف ظهر فريدريكا.

لم يخطر بباله شيء، ولكن، لماذا كان هناك تردد غريب في قلبه؟

“أوه، ما ردة الفعل المفاجئة هذه؟ تصرفات أولئك الذين هم في السن المحير تحيرني بالفعل~”

“لا أقول أنه على المرء نقض تعهداته أيًا كانت… ولكن… هنالك استثناءات لكل شيء، أعني أوقاتًا يضطر فيها المرء لذلك، صحيح؟”

“بالنظر لما حدث يا سيدة إميليا، لا يحق للسيد سوبارو انتقادك أبدًا”

عندما طرحت سوبارو سؤاله، بقي تعبير الفتاة الذي يشبه الدمى كما هو حيث لم تقل شيئًا، ومع ذلك أخبرت ردة فعلها سوبارو أن الإجابة سؤاله كانت (نعم) بلا شك.

“أنـا؟ هل قلت شيئًا غريبًا”

سمع ناتسكي سوبارو صوت ساحرة مستمتعة بما تراه.

تنهدت فريدريكا بعمق بينما قام كل من سوبارو وإميليا بإمالة رأسيهما متسائلين ما الخطب؟ في النهاية غادرا دون أن يعرفا الإجابة على تساؤلهما حيث قامت فريدريكا بإرغامهما على دخول عربة التنين حيث اكتملت جميع الاستعدادات للمغادرة.

تسبب ذلك الضوء بإذهال إيميليا مما دفعها لإدخال يدها في جيبها وسحب الكريستال الأزرق اللامع الذي ينبعث منه هذا الضوء.

“أجل، أجل، يجب أن تستعجلا بالمغادرة الآن، فالغابة المفقودة في كليمالدي التي توجد فيها الملجأ تصبح مكانًا خطيرًا في الليل” .

عند سماعها تتحدث باسم ساحرة تلو الأخرى ، كان سوبارو عاجزًا عن الكلام. ابتسمت إيكيدنا أكثر وهي تتابع.

 

“تلك الآذان الطويلة … هل أنت من الأقزام؟”

“فهمنا، فهمنا، تبًا، وأنتِ اعتني بالقصر من جانبكِ، حسنًأ؟ تأكدي أيضًا من التخلص من المايونيز الموجود في المخزن قبل أن يفسد “.

“حسنًا ، من فضلك اعتني بالقصر … بما في ذلك ريم وبيترا وبياتريس.”

“أتساءل حقًا لمَ جمعت هذين المموضوعين بالذات في جملة واحدة …”

“النقل الفضائي … آه، تقصد تلك التعويذة المظلمة… لسوء الحظ ، لقد أسأت فهم الوضع، ما تعرضت له لم يكن النقل، لقد دعوتك ببساطة إلى قلعتي لتناول الشاي “.

بصوت غاضب قامت فريدريكا بدفعهما من ظهريهما ليصعد كل سوبارو وإيميليا في عربة التنين، وعندما نظر سوبارو للخلف من النافذة كانت كل من الخادمتان -القصيرة والطويلة- وواقفتان بجوار بعضيهما وأنظارهما متجهة نحو العربة.

للحظة، تردد سوبارو في تحديد ما إذا كان سيعطي الأولوية لإميليا أو الكريستال، ليقرر بسرعة الخيار الأول وبحاول الاندفاع إلى جانبها عندما –

“أرجوا لكم رحلة آمنة، من فضلكم أوصلوا أطيب تحياتي للسيد ولـِرام “.

“….؟ إيميليا تان، وجهكِ لطيف عندما تسرحين في أفكاركِ، أتسمحين لي باحتضانكِ؟”

“سيد سوبارو ، اعتني جيدًا بـأختنا الكبيرة، حسنًا؟ واعتنِ أيضًأ بذلك الرجل الصاخب، حظا موفقًا”.

“ألقى باتلاش… ؟!”

“أليس هذا وصفًا مريعًا لي ؟!”

أدت الصدمة التي شعر بها سوبارو إثر التقاء عينيه بالعينين القاسيتين لذلك الكيان إلى توقف كل عمليات التفكير التي كانت داخل عقله، لو كان الطرف الأخر يضمر السوء له، كان قادرًا على قتله في غمضة عين.

متجاهلين ردة فعل أوتو لوحت فريدريكا وبيترا بيديهما معطيتان سوبارو والآخرين توديعًا مهذبًا.

تمامًا كما فعلت إيميليا، أوصى سوبارو فريدريكا بالإهتمام بالقصر، قبلت فريدريكا المسؤولية بانحناءة قبل أن تخرج شيئًا من جيبها.

بهذا الوداع الذي ضعط عليهم، انطلقت عربة التنين سرعة.

“همم… فور أن عدنا إلى القصر، أردت التحدث معه عن موضوع الملجأ، لكني لا أشعر أن صوتي يصل إليه”

“حسنًا ، لقد ركب الجميع! أوتو ، نعتمد عليك! ”

كانت فتاة ذات شعر بني محمر، ذو شريطة على رأسها متزينة بابتسامتها الأخذاة وهي تخاطبه.

“لا يمكنني السكوت عن هذه المعاملة …!”

بينما اعتلى وجه سوبارو نظرة مثيرة للشفقة، أومأت له إميليا وابتسمت بسرور وهي تلمس شفتيها بإحدى أصابعها، لم يتحمل سوبارو تلك الابتسامة الساحرة بعد نوبة الغضب، لذا ظهر الإرتياح ملاحه على الفور.

واصل أوتو نياحه على المعاملة القاسية التي تلقاها حتى النهاية إلى أن غادروا القصر.

الجلوس وشرب الشاي والتحدث معها- هذا ما طلبته إيكيدنا، لن يتحسن شيء حتى إن رفض عرضها، بل على العكس، احتمالية أن تسوء الأمور كانت أعلى في الواقع، لذا لم يكن أمام سوبارو خيار سوى القبول باقتراحها.

 

لذا كان كافيًا بالنسبة لها أن تعرف أين يضع سوبارو قدمية المسببتان للفوضى فحسب-

2

إلى جانب هذه الكلمات ، استخدمت إيكيدنا اصبعها ذاتخ لإعطاء دفعة خفيفة لجبين سوبارو.

“ومن علمكِ تلك العادة القديمة؟”

بمجرد أن كان سوبارو على وشك رمي ذلك الشيء الخطير بعيدًا، جعله الأنين الخافت يلتفت إلى الوراء بذعر

عندما اختفت عربة التنين المغادرة عن الأنظار، طرحت فريدريكا هذا السؤال على بيترا ، التي لا تزال بجانبها.

“تبـا!!! تبًا لكل شيء…!!!”

دارت عينا الفتاة الكبيرة ردًا على السؤال وهي تقول بخجل:

“كل ما نحتاجه هي الكلمات… فضولك وتعطشك للمعرفة – أنا أعترف بجشعك”

“سمعت عنها من أمس، قالت أنها الطريقة التي فازت بها بأبي”.

في اللحظة التالية ، رفع سوبارو رأسه تتلاقى عينيه مع عيني ذلك الكيان الذي ظهر أمامه مباشرةً.

“إذن تعلمتِ المثابرة من والدتكِ، صحيح؟ رغم أن الرجل المقصود يبدو أنه لم يدرك مغزاها”

تلك الحركة جعلت سوبارو يستعد لاتقاط أنفاسه، وقبل أن يدرك ذلك، أمسكه أحد ما من ياقته، عندما أدار رأسه إلى الجانب في صدمة، كان الوهج الشرس للرجل بجواره تمامًا ، قريبًا بما يكفي ليتشاركا أنفاسهما- وفجأة أصبحت قدماه ترتفعان في الهواء.

“لا بأس، حتى إن لم يصله المعنى، إن كان سيفكر بي كلما نظر إلى معصمه… ”

تمالك سوبارو -المتجه إلى نقطة الإلتقاء عند بوابة القصر- غضبه الناجم عن وصف بيترا له بغض النظر عن قولها لذلك الكلام بشكل غير مباشر.

كان ردها أقوى مما هو متوقع، ابتسمت فريدريكا ابتسامة متوترة مجيبة بها بيترا.

تلك الفتاة كانت ناضجة حقًا وهي في الثانية عشرة من عمرها فقط! وهو الأمر الذي جعل فريدريكا تفكر في رام.

بشكل غير لائق ، كان ذلك مطلبًا تم إلقاؤه عاليه في النهاية.

“هي أيضًا امرأة رائعة في ريعان شبابها … ولكن في تناقض كبير مع قدرتها كخادمة.”

“الآن، ما الذي تريد أن تسألني عنه؟ عن دافني (ساحرة الشراهة) التي صنعت الوحوش في تحد لإرادة السماء لإنقاذ العالم من الجوع؟ أم كارميلا (ساحرة الشهوة) المحبة للعالم والتي تمنع المشاعر لمن هم غير إنسانيين؟ أو ربما مينيرفا (ساحرة الغضب) التي تبكي على عالم مليء بالصراع وتصحح مسار الناس بيديها رغمًا عنهم؟ أم عن سيكميت (ساحرة الكسل) التي أرادت لحظة هدوء وسلام فقادت التنانين إلى ما وراء الشلالات العظيمة لهذا السبب وحده؟ أو تايفون (ساحرة الكبرياء)، الفتاة البرية التي لا ترحم، والتي استمرت في الحكم على المذنبين؟”

”آنسة فريدريكا؟ أهنالك ما يزعجكِ؟”

“الملجأ محمي بدرعٍ خاص … ألا وهو غابات كليمالدي المفقودة، يحافظ هذا الدرع على إخفاء الملجأ عن الأنظار في الظلال، يطلق على هذه الغابة اسم(غابة الضياع)، ويستغرق إلغاء هذا الدرع يومين كاملين”

“مُطْلَقاً، كنت ببساطة أفكر برام، لابد أنها في الملجأ الآن تتعامل مع مشكلة طفل معين “.

على الرغم من أن الرجل فرد ذراعيه على نطاق واسع مؤكداً أنه ليس لديه نية للقتال، إلا أن سوبارو لم يقلل من حذره. مثل هذا السلوك جعل الرجل يغوص في التفكير لفترة وجيزة ، وأخيراً أحدث ضوضاء وإيماءة كما لو أنه فهم أخيرًا قبل أن يتحدث.

بالتفكير في الفتاة التي رافقت سيدها، وقدمت حياتها له، تنهدت فريدريكا بطريقة حزينة، لمست يدها بشكل انعكاسي جيب صدر زي خادمتها.

“ولذا قررت أن تسألني عن طبيعة معرفتي؟ أنت شخص مسلٍ بحق”

“الآن، حتى لو غابت السيدة إميليا وآخرون فإن السيدة بياتريس لا تزال هنا في القصر، سأجعلك تتعلمين كل الأساسيات في غضون أسبوع “.

“مُطْلَقاً، كنت ببساطة أفكر برام، لابد أنها في الملجأ الآن تتعامل مع مشكلة طفل معين “.

“حاضر! أنـا على أتم الإستعداد! ”

أمام الخراب كانت هناك عربة تنين واحدة، وسائق شاب تعلوا وجهه نظرة مثيرة للشفقة.

“يا له من رد رائع قادم منكِ أيتها الفتاة …”

رفع نفسه ببطء عن ططريق دفعه الأرض بكلتها يديه –

بنظرة نشطة ، رفعت بترا يدها وركضت بسعادة إلى القصر. ابتسمت فريدريكا ولاحظت سلوكها الإيجابي قبل أن تستدير أخيرًا في اتجاه عربة التنين للمرة الأخيرة.

“أتعرف … اسم إميليا؟”

تذبذبت عينا فريدريكا الزمرديتان الجميلتان بشكل خافت وكأنهما تقاومان المشاعر التي ملأت صدرها بينما أخرجت أصابعها النحيلة ورقة من جيب صدرها. ثم-

 

“بهذا أكون فعلت ما أوصى به السيد، الأمر يعتمد على قدرة السيدة إميليا على التغلب على الملجأ، ليس أمامي سوى الدعاء لها”.

علاوة على ذلك ، لم يكن يعرف نوايا فريدريكا عندما أعطتهم الكريستالة.

تتبعت أصابعها حواف الرسالة التي قرأتها عدة مرات، أخيرًا ، تحولت تلك الأصابع نحو رقبتها. ومع ذلك ، فإن الإحساس الذي سعت إليه لم تجده في أي مكان …

“أخبرتك من قبل أني لا أعلم سوى القليل عن العالم الخارجي، وبطبيعة الحال أنا لا أعرف موقع الملجأ أيضًا “.

“أرجوكِ يا سيدة إيميليا … كوني حذرة من غارف.”

 

 

“عن ماذا تتحدثين؟”

 

“الآن، ما الذي تريد أن تسألني عنه؟ عن دافني (ساحرة الشراهة) التي صنعت الوحوش في تحد لإرادة السماء لإنقاذ العالم من الجوع؟ أم كارميلا (ساحرة الشهوة) المحبة للعالم والتي تمنع المشاعر لمن هم غير إنسانيين؟ أو ربما مينيرفا (ساحرة الغضب) التي تبكي على عالم مليء بالصراع وتصحح مسار الناس بيديها رغمًا عنهم؟ أم عن سيكميت (ساحرة الكسل) التي أرادت لحظة هدوء وسلام فقادت التنانين إلى ما وراء الشلالات العظيمة لهذا السبب وحده؟ أو تايفون (ساحرة الكبرياء)، الفتاة البرية التي لا ترحم، والتي استمرت في الحكم على المذنبين؟”

______________________________________________

“أنـا حقًا لا أفهم السبب، ماذا؟ هل أنقذتكِ في حياتي السابقة أو ما شابه؟”

 

دفع سوبارو إعجابه الأنقاض جانباً، وعاد في عجل للبحث عن أي علامة للفتاة التي كان يلاحقها، لقد وصل إلى هنا باتباع تلك الفتاة، لذا فإن أولى أولوياته كانت العثور عليها.

3

كانت الأشجار الواقفة بشموخ توحي بوجود غابة عميقة على يمينه وشماله، أما في الوسط -عند قدميه- فقد امتدت الأعشاب والطاحلب والتي كانت أشبه بدليل على عدم وجود أي بشري قد مر من هنا”.

“إذن ، فذلك الفتى باك لم يُظهر وجهه طوال هذا الوقت؟”

بينما عقد سوبارو حاجبية لدى سماعه العبارة الغامضة الممزوجة برده، اتخذ الطرف الآخر خطوة للأمام. بأسلوب فظ في الكلام وبريق عدائي في عينيه، لم يخن المظهر الخارجي للمتحدث بأي حال انطباع سوبارو المعادي عنه.

“أجل، صحيح، ناديته مراراً وتكرارًا، ويمكنني الشعور به عن طريق الرابط الروحي… لكنني أشعر بقلق شدييد، نادرًا ما لا يظهر لي وجهه لمثل هذه الفترة الطويلة”

“بالمعنى الدقيق للكلمة ، لم يكن يوم الاستعداد لهذا اليوم وحده … لكن الاثنين ليسا منفصلين. على أي حال ، المكان والمؤهلات مرتبة. الباقي يأتي من أجل العزم وإرادة قوية “.

كان الصوت داخل عربة التنين التي تسابق الرياح نحو الملجأ معزولًا عن العالم الخارجي، مما جعل محادثة سوبارو وإميليا واضحة ومريحة، وبفضل خاصية صد الرياح، لم تدخل الأصوات الخارجية العالية أو الإهتزازات إلى داخل العربة، في هذا الجو الهادئ، لم يتبادلوا أحاديث متعلقة باقترابهم من الملجأ، بل ناقشوا حالة غريبة حدثت خلال الأيام الماضية، ألا وهي اختفاء باك.

“إذن تعلمتِ المثابرة من والدتكِ، صحيح؟ رغم أن الرجل المقصود يبدو أنه لم يدرك مغزاها”

في الأيام الأخيرة الماضية، لم يرَ سوبارو أي أثر له، أما روح إميليا المتعاقدة معه لم تستطع إظهاره، صحيح أن خطة بياتريس كانن إخفاء نفسها باستعمال الممرات السرية، إلا أن هذا الوضع كان مختلفًا.

“أليس هذا وصفًا مريعًا لي ؟!”

“همم، بذكر هذا، لم أره قبل العودة إلى القصر أيضًا، الحقيقة أنني لم أره منذ أن… تركنا كروش تقريبًا؟”

“لا بأس، حتى إن لم يصله المعنى، إن كان سيفكر بي كلما نظر إلى معصمه… ”

“همم… فور أن عدنا إلى القصر، أردت التحدث معه عن موضوع الملجأ، لكني لا أشعر أن صوتي يصل إليه”

بدا وأن التغير في المشهد ما كان إلا علامة على اقترابهم، قيل لهم سابقًا أن الملجأ محمي بواسطة حاجز خاص داخل الغابة الخضراء العميقة.

“هل من عادة باك أن يختفي من حين لآخر؟”

عند سماعها تتحدث باسم ساحرة تلو الأخرى ، كان سوبارو عاجزًا عن الكلام. ابتسمت إيكيدنا أكثر وهي تتابع.

“كلا، كان هذا يحدث قبل أن أتعاقد معه فقط… وقلت اختفاءاته تدريجًا بعد التعاقد، عدم مقابلته لعدة أيام تشعرني بالقلق”

اشتدت نظرة سوبارو عندما صدمه بيان إيكيدنا الخالي من المشاعر.

عقد سوبارو ذراعيه فور أن تحدثت إيميليا عن باك قبل التعاقد.

كان الكريستال الأزرق يتوهج بشدة وبدا أشبه ببلورة سحرية على وشك الانفجار، انتزع سوبارو الكريستال بسرعة ليبعده عن إميليا، ثم هرع إلى نافذة عربة التنين –

كان من الواضح أن الوضع كان مختلفًا قبل تعاقد إيميليا مع باك، أما الآن، فقد كان سوبارو يرى الإثنين دائمًا معًا، لذا فإن تخيلهما منفصلان عن بعضيهما لم يدخل رأس سوبارو، ولكن-

“بالنسبة لموضوع <بغض النظر عمّا يحدث> … فقد حذرتنا فريديريكا من شيء، صحيح؟”

“أتعرفين أين يذهب باك عندما لا يكون معكِ؟”

لقد كان ممتنًا للغاية لابتسامة إيميليا وتسامحها، بالإضافة لعفوها عن تلك الطريقة التي افترقا بها في العاصمة، في الوقت ذاته، أدرك أن عليه الاعتذار عن سلوكه ذاك لأشخاص آخرين غير إيميليا.

“أظنه يفل شيئًا لتحقيق السلام العالمي”

“هاء ، آه؟”

“تتحدثين كفتاة صغيرة لديها تطلعات عالية عن عمل والدها، ولكن عدم وجوده هنا معنا هو في الواقع هو آخر اهتماماتنا حاليًا”

سحبت إيكيدنا إصبعها الذي لامس صدره، وعقت طرفه برق،  كانت تلك الحركة كفيلة بجعل القشعريرة تجتاح جسد سوبارو وتذكير عقله بحقية كونها ساحرة.

إن وضعنا توقعات إيميليا العالية جانبًا، فقد كانت إيميليا نفسها أثمن شيء بالنسبة لباك، لذا بدت فكرة تخليه عنها والقيام بأشياء أخرى في مكان ما غريبة للغاية.

“حسنًا، سيكون كل شيء على ما يرام، أي نوعٍ من الأماكن هو الملجأ، و… ”

“بالإضافة لموضوع عدم وجود باك هنا، فأنـا قلقلة أكثر على موضوع قواتنا القتالية، لا يمكننا أن نقول أن أوتو محترف في القتال، لذا كل ما أفكر فيه حاليًا هو قوتي وقوتكِ القتالية، سيكون من الصعب عليكِ عدم القتال بدون وجود باك، صحيح؟”

– لو اردتهم زيادة سرعة نشر الفصول ادعموا الرواية.

“سوبارو، من الصعب حقًا سماع أفكارك الداخلية هكذا، ولكن …”

كان أوتو مرهق، لكنه أغمي عليه من الألم بمجرد أن حرك الرجل جبهته بإصبعه، كانت ضربة إصبع أقل من وكزة الجبين، ولكن قوتها كانت لدرجة أن أوتو انهار في غمضة عين دون أن يتأوه.

عندما أعطته إميليا نظرة مبالغ فيها رد عليها سوبارو بابتسامة غامضة ولوح لها بيد.

“تي-هي-هي، لا يمكنني الرفض بعد أن طلبت ذلك مني بهذه الطريقة … اعتمد علي”

“يا إلهي…! اهدأ… حتى لو لم يكن باك معي، لدي عقود مع الأرواح البسيطة، يمكن لهؤلاء الأطفال القتال أيضًا ، لذلك سأحميك بغض النظر عما يحدث “.

كان الكريستال اللامع ما يزال في يده، أما الضوء القوي الذي منه من قبل فقد اختفى تمامًا، كان ارتباط الكريستالة بالوضع الذي هو فيه أمرًا محتمًا، وقد تكون تلك الكريستالة هي السبب أصلًا.

“توقفي، هنا تكونين تعديتي على رجولتي…! انتظري فقط يومًا ما.. سأقول هذا الكلام بكل ثقة”

“اتفاقية ممثالة …”

“أعلم ذلك، لذا سأكون في الإنتظار، أتطلع حقًا لذلك اليوم!”

“من…أنت؟”

 

“آه ، آه … ما هذا … ؟!”

ررفعت إيميليا إصبعها لتتوهج أرواح طفيفة بأصوات خافتة حولها.

“محاكمة … الملجأ؟”

أدرك سوبارو بمجرد أن استشعر قوتهم أن الفرق بينهم وبين باك هو كالفرق بين الثرى والثريا، ومع ذلك، كانت قوتهم جيدة نوعًا ما، من جهة أخرى، كان من المثير للشفقة الاعتماد على الفتاة الوحيدة في المجموعة -والتي يضع عينه عليها- في القتال.

انقلبت منظر العالم الذي أمامه ليصبح رأسًا على عقب، عندها شعر بأنه يطيره، وفهم لحظتها أنه على وشك الإصطدام بالأرض. طار سوبارو بشكل مستحقيم نحو عربة التنين، إن اصدم بها يتعرض لإصابة، سواءً كانت خفيفة أم بالغة، ولكن-

“بالنسبة لموضوع <بغض النظر عمّا يحدث> … فقد حذرتنا فريديريكا من شيء، صحيح؟”

“… لدي خبرة قليلة في الأمور الرومنسية، لذا لا يمكنني تحديد ما إذا كان تصرفك شجاعة أم مجرد وقاحة”

“أجل، حذرتنا من غارفيل”

“يا له من رد رائع قادم منكِ أيتها الفتاة …”

كانت إيميليا تشارك المخاوف ذاتها مع سوبارو، حيث خفضت صوتها عندما نطقت بذلك الإسم.

“ألا تشعر بذرة ذنب واحدة؟! حسنًا… أوه، هذا ليس مهمًا أصلًا!”

كان “غارفيل” هو الاسم الذي سمعاه مرارًا وتكرارًا من فريدريكا خلال اليومين الماضيين، وهو الشخص الذي عليهم توخي الحذر منه، في الواقع، سمع سوبارو باسمه عدة مرات من قبل.

“إنه أمر محرج للغاية، لذا لا يمكنني إخراج الكلمات تلك مرة أخرى! سأقولها غدًا!”

“سمعت روزوال خارجًا للتحدث مع هذا الرجل عدة مرات، وعلاوة على ذلك، ذكرت رام اسمه عندما ظهرت خطة الإخلاء إلى الملجأ… آنذاك، ألم تكن رام…؟”

للحظة، تردد سوبارو في تحديد ما إذا كان سيعطي الأولوية لإميليا أو الكريستال، ليقرر بسرعة الخيار الأول وبحاول الاندفاع إلى جانبها عندما –

ذكرت رام اسمه كما لو كان شخصًا تثق به، ولكن تناقض تصرفها مع تحذيرات فريدريكا جعل سوبارو يشكك في استنتاجاته الخاصة، لم تكن المسألة أي شخص يرغب في تصديقه -رام أم فريدريكا-، ولكن….

جعلت كلمة <الملجأ> سوبارو يشق طريقه بسرعة حتى قلص المسافة بينهما وأمسك كتفا إيكيدنا بيديه، عندما لمست سوبارو كتفيها النحيفتين ووجه وجهه لوجهها تجنبت الساحرة الجميلة نظرته.

“قضيت وقتًا أطول مع رام، لكن موقفها المعتاد يجعل من الصعب علي تكذيبها…!”

انقلبت منظر العالم الذي أمامه ليصبح رأسًا على عقب، عندها شعر بأنه يطيره، وفهم لحظتها أنه على وشك الإصطدام بالأرض. طار سوبارو بشكل مستحقيم نحو عربة التنين، إن اصدم بها يتعرض لإصابة، سواءً كانت خفيفة أم بالغة، ولكن-

“أتمنى لو أخبرتنا فريدريكا عن ذلك بمزيد من التفاصيل ، لكن … قالت أنها قطعت نذرًا بعدم التحدث عن الملجأ، الأمر ليس بيدها”

الأشياء الوحيدة التي كان يسمعها في الظلام هي أنفاسه وخفقان قلبه وخطوات حذاءه.

“سمعت كثيرًا عن النذور وما إلى ذلك…”

بالرغم من ذلك، شعر سوبارو بضغط شديد، والذي لم يدل إلا على أنها ليست كائنًا طبيعيًا.

عاد سوبارو بظهره إلى الوراء، مصدرًا أصواتًا تعبر عن استياءه.

“أسلوب حياة الخدم جعلني معتادًا على الاستيقاظ مبكرًا وأنا مفعم بالطاقة… مهلًا، بالحديث عن ذلك، فأنا ما أزال أصنف خادمًا، لذا من الأفضل أن أتوقف عن الحديث هكذا… ”

في الواقع ، لم تقل فريدريكا الكثير عن الملجأ، ما أخبرت به سوبارو والآخرين اقتصر على المميزات والمخاطر الخاصة بالمكان الذي يقع فيه، واسم شخص خطير هنـاك، وساعدتهم على عبور الحاجز، لكن تعاونها انتهى عند ذلك الحد.

“أنـا الوحيدة التي يمكنك الإعتماد عليها؟”

“بالمقابل، أكدت علينا أن ننتبه من غارفيل عدة مرات… بما في ذلك قبيل مغادرتنا مباشرة، ألدى أفراد القصر شفرة أو بيانات مشتركة؟”

“حسنًا، أريدكِ أن تترقبي ظهور بياتريس قليلًا، موافقة؟ قد تقابلينها بشكل عشوائي خلال فتح إحدى هذه الأبواب بين الحينة والأخرى”

“لا أظن أن هناك شيء من هذا القبيل، ولكن فريدريكا بذلت كل ما بوسعها، يجب أن نكون شاكرين لأنها حذرتنا بتلك الطريقة دون أن تنقض نذرها”

“الكريستال يتوهج … سوبارو!”

“سأكون أكثر امتنانًا لها لو لم تلتزم بهذا النذر…”

“أنـا حقًا لا أفهم السبب، ماذا؟ هل أنقذتكِ في حياتي السابقة أو ما شابه؟”

“لا تقل هذا، النذر شيء مقدس لا ينتهك، لا ينبغي لأحد انتهاكه لأي سبب من الأسباب، قد تكون العهود والمواثيق مختلفة عن النذر، ولكن يجب على المرء إحترامها والوفاء بها “.

لم يستطع تحديد سبب تأكده من ذلك، ولكن – “أشعر أن أحدهم قال ذلك لي…”

هزت إميليا بإصبعها إلى اليسار واليمين وهي تقول تلك الكلمات كما لو كانت تنصح سوبارو سوبارو.

“روحكِ فقط، أهذا ممكن؟ أيعني هذا أن جسدكِ يرقد في مكان ما في الخارج؟”

أدرك سوبارو أن إميليا كانت عنيدة ومخلصة عندما يتعلق الأمر بالقسم أيًا كان نوعه، أما بالنسبة لسوبارو، فقد كانت الوعود والمواثيق والنذور مجرد تلاعب بسيطًا بالألفاظ، لذا فإن تقدير الإثنان لمثل هذه الأمور مختلف تمامًا.

“بهذا ، ستكونون قادرين على اختراق حاجز الغابة والدخول إلى الملجأ، لقد ألقيت بتعليماتي على تنانين الأرض بشأن الموقع، لذلك سيقودون الطريق “.

“لا أقول أنه على المرء نقض تعهداته أيًا كانت… ولكن… هنالك استثناءات لكل شيء، أعني أوقاتًا يضطر فيها المرء لذلك، صحيح؟”

“هي أيضًا امرأة رائعة في ريعان شبابها … ولكن في تناقض كبير مع قدرتها كخادمة.”

“أبدًا، لا يمكن للمرء ذلك… القسم بأنواعه مهم للغاية، صحيح أنه لا يوجد شيء يجبرك على الوفاء به، لكن على الناس الإلتزام به، عليهم بذل قصارى جهدهم للوفاء به، صحيح؟ حتى لو لم يكون هنالك من يراهم، حتى إن لم يلاحظهم أحد، عليهم الحفاظ عليه، لأن الطرف الآخر يتوقع منهم ذلك!”

بسبب رد سوبارو غير المتوقع، تغيرت تعابير إيكيدنا بوضوح لأول مرة، كادت الساحرة تنهار بسبب استنفاذ كل الكلمات التي من شأنها منع سوبارو من المغادرة.

لمست إميليا صدرها ، محدقة في سوبارو بفزع من كلماته، كانت نبرة صوتها لطيفة، لا تحمل شيئًا من اللوم، بل كانت كلماتها متألمة أكثر.

“هاااه؟ مهلًا، أتقول تلك الفتاة النائمة هي السيدة إميليا؟”

“هذا لأن الناس يثقون أنك تسعى جاهدًا للوفاء بالوعود التي قطعتها، الوعد أشبه بالطقوس التي تربط شخصين معًا من خلال الثقة المتبادلة، أليس كذلك؟ ”

لقد تم محو العالم – كلا، بالأحرى ، تم طمسه مؤقتًا من خلال الاستحمام في ضوء قوي جدًا لا يحتمله بصره، رمش سوبارو بعينيه مرارًا وتكرارًا ليدرك أخيرًا أن الصورة بدأت تتشكل تدريجياً خلال رؤيته غير الواضحة.

نزل سوبارو على أرضية العربة التي بدت ثابتة كالصخر، وأحنى رأسه لأسفل حتى لمست جبهته على الأرض اعتذارًا لإيميليا، لتقول هذه الأخرى:”آه” ، وهي تلمس يدها بشفتيها ثم تابعت:”اممم، لا أحاول انتقادك يا سوبارو، صحيح أنك لم تفِ بوعدك معي، وأني سأنزعج إن فعلت ذلك مرة أخرى، لكن … ”

“هذا لأن السيد الجاد لا يقف أمامي -على عكسك- بل على الأرجح سيتقيأ خلف شجرة؟ ”

“مؤلم، مؤلم!! أذني تؤلمني!! ”

“قضيت وقتًا أطول مع رام، لكن موقفها المعتاد يجعل من الصعب علي تكذيبها…!”

“أيضًا، عندما فكرت بالأمر، استنتجت أني عاطفية للغابة حيال ذلك، كنت بحاجة لتعويضك على الفور ، سوبارو ، لكنني كنت عنيدًا. آسف.”

لطالما كان احتكاك الأجناس البشرية وأشباه البشرية مع بعضها قاعدة أساسية في القصص الخيالية، ولا يبدو أن العالم الذي هو فيه الآن مستثنى من تلك القاعدة، حتى في مملكة لوغونيكا، كان ازدراء أشباه البشر أمرًا معتادًا عند أغلبية الناس، جعلت التجارب التي خاضها سوبارو في هذا الخصوص يصل إلى نتيجة معينة.

” مؤلم، مؤلم!! صدري يؤلمني !!”

عندما قالت ذلك ، فهم سوبارو مشاعره للمرة الأولى.

“هيه، أمم، لا تنسَ أني ساحرة روحية، لذا فإن القسم يعني لي الكثييير، فبالنسبة لسحرة الأرواح، تعتبر المواثيق مع الأرواح الأخرى مهمة للغاية… لذا، أجل، العهود بأنواعها مهمة للغاية يا سوبارو، يجب أن تضع اعتبارًا أكبر لهذا الموضوع بعد كل شيء!”

“لا يمكنني التحدث إلى ريم، ولا يمكنني مقابلة بياتريس … ماذا سأفعله يا ترى!!”

” مؤلم، مؤلم!! قلبي يؤلمني !!”

“لا يمكنني السكوت عن هذه المعاملة …!”

عندما بدأت إميليا عتابها -والذي كان ناتجًا عن حزنها العميق- بقي سوبارو خافضًا رأسه على الأرض أمامها، إذ أنه فهم سبب انفعالها في تلك اللحظة، فقد تجاهل حساسية هذا الموضوع وداس على أهم أجزاء نفسية إميليا تمامًا مثلما فعل في القصر.

عندما طرحت سوبارو سؤاله، بقي تعبير الفتاة الذي يشبه الدمى كما هو حيث لم تقل شيئًا، ومع ذلك أخبرت ردة فعلها سوبارو أن الإجابة سؤاله كانت (نعم) بلا شك.

“هل فكرت في الخطأ الذي ارتكبته؟”

عندما نظر إلى الوراء ، ظهر باب واحد في عالم الظلام اللامتناهي والسماء المكسورة.

“لقد فكرت بعمق كعمق البحار، واستغرق الأمر وقتًا أطول من الجبال، ففتحت مداركي لتصبح أوسع من السماء، بل من الفضاء الخارجي!”

بينما اعتلى وجه سوبارو نظرة مثيرة للشفقة، أومأت له إميليا وابتسمت بسرور وهي تلمس شفتيها بإحدى أصابعها، لم يتحمل سوبارو تلك الابتسامة الساحرة بعد نوبة الغضب، لذا ظهر الإرتياح ملاحه على الفور.

“حسنًا إذن، لا بأس، لقد سامحتك… رغم أني لا أعلم ما تقصده بالفضاء الخارجي”

 

بينما اعتلى وجه سوبارو نظرة مثيرة للشفقة، أومأت له إميليا وابتسمت بسرور وهي تلمس شفتيها بإحدى أصابعها، لم يتحمل سوبارو تلك الابتسامة الساحرة بعد نوبة الغضب، لذا ظهر الإرتياح ملاحه على الفور.

فتح سوبارو عينيه بحذر شديد وجلس على الكرسي المقابل وهو يحدق في الساحرة، إن  استثنينا تلك والكرسي الأبيض فسنجد أنه قد تم تجريد العالم ليعود إلى أدنى مستوياته، ومع عدم وجود شيء سوى الظلام الراكد القاتم المنتشر في المكان الذي كانت فيه المراعي. أصبح الشيء الوحيد الذي كان سوبارو على يقين منه هو أنه إذا وقع الآن، فلن تكون هناك عودة.

لقد كان ممتنًا للغاية لابتسامة إيميليا وتسامحها، بالإضافة لعفوها عن تلك الطريقة التي افترقا بها في العاصمة، في الوقت ذاته، أدرك أن عليه الاعتذار عن سلوكه ذاك لأشخاص آخرين غير إيميليا.

“… لدي خبرة قليلة في الأمور الرومنسية، لذا لا يمكنني تحديد ما إذا كان تصرفك شجاعة أم مجرد وقاحة”

“يبدو أننا دخلنا الغابة”

“آه ، السيد سوبارو! ها أنت ذا!”

فور أن سرح سوبارو في التفكير، أعاده صوت إميليا إلى الواقع فجأة، لينظر إلى النافذة على الفور.

أطل سوبارو على الكريستالة المتلألئة في يد فريدريكا، ثم لوى رقبته قليلاً في شك، بدت الكريستالة نادرة، ولم تغادر فريدريكا القصر في هذين اليومين فكيف حصلت عليها؟

بدا وأن التغير في المشهد ما كان إلا علامة على اقترابهم، قيل لهم سابقًا أن الملجأ محمي بواسطة حاجز خاص داخل الغابة الخضراء العميقة.

“لا-لا تستهن بقوتي!! قد لا أبدو كذلك، ولكني تاجر!! لدي طرقي في التعامل مع قطاع الطرق في منتصف رحلاتي! تعلمت الخوف من القوة وصد العنف في مدرسة سوين <أورررااه>”

كان كل من ريم وروزوال موجودان في ذلك المكان، وهما شخصان آخران يبغي على سوبارو الاعتذار لهما,

” مؤلم، مؤلم!! صدري يؤلمني !!”

“حسنًا، إن وضعنا موضوع رام جانبًا، فقد يكون من واجبي الاعتذار لهما، لكن في الآن ذاته أظن أن لدي الحق في ضرب روزوال على وجه.”

لأول مرة اتسعت عينا إيكيدنا متفاجأة من تصرفات سوبارو المحتقرة.

“… أجل، أظن ذلك”

دفع سوبارو إعجابه الأنقاض جانباً، وعاد في عجل للبحث عن أي علامة للفتاة التي كان يلاحقها، لقد وصل إلى هنا باتباع تلك الفتاة، لذا فإن أولى أولوياته كانت العثور عليها.

“سأبدأ بـقول <ألديك أي فكرة عما عانتيه بسبب عدم وجودك> وبعد ذلك سأجعله يخبرني بكل شيء! لدي الحق في هذا، صحيح يا إميليا؟ ”

“مم ، أعلم أنه ثمين بالنسبة لك، سأحرص على عدم إضاعته … فريديريكا؟ ” قالت إميليا وهي تعقد حاجبيها وتومئ برأسها.

“… أجل، أظن ذلك”

بدت تلك الخرابة -الصامدة في الغابة الهادئة- أشبه بالمعبد أو ربما-

“….؟ إيميليا تان، وجهكِ لطيف عندما تسرحين في أفكاركِ، أتسمحين لي باحتضانكِ؟”

“أتعرف … اسم إميليا؟”

“… أجل، أظن ذلك”

“- أنا ، أنا غارفيل. ألم تسمع بي؟ ”

لم يكن لدى سوبارو الشجاعة الكافية لقول: <اسمحي لي إذن> عدة مرات، لكن لفت انتباهه تصلب خدي إيميليا، ناهيك عن التوتر الذي ظهر في عينيها.

“آه، تعني أوتو؟ كل شيء على ما يرام، لقد استيقظ أوتو منذ فترة طويلة وكان يجهز عربة التنين أمام القصر “.

“إيميليا تان، هل أنتِ متوترة أو ما شابه؟”

“أنتِ لا تعرفين ما في الخارج، أليس كذلك؟ من الصعب قول هذا بعد كل هذا بعد الصراخ والغضب، ولكن لأكون صريحًا معكِ، لا يوجد أي شيء أريد أن أسألكِ عنه … ”

“!! هذا مذهل!! كيف عرفت ذلك؟”

كانت الطبيعة الحقيقية لهذا الشعور السيئ هي فضول إيكيدنا الذي لا ينضب.

“كم أود القول أن بإمكاني فهمكِ تمامًا، لكن الواقع أن أي شخص يمكنه ذلك”

أدى ذلك إلى ظهور قشعريرة في العمود الفقري لسوبارو بينما صفقت إيكيدنا -بمعنويات عالية- يديها بفرح تجاهه.

فاجأ سوبارو إيميليا التي كانت تبتسم بتوتر بضغطه بإصبعه على خده، اتبعت إيميليا حذوه ووضعت يدها على خدها لتدرك متى توتر تعابير وجهها.

أشعر تصريح إيكيدنا الغريب سوبارو بالكئآبة، الخوف الذي ذاقه جعل جسده يتجمد، لكن إيكيدنا أمالت رأسها حيث دلت عيناها السوداوتين التي حدقت بها بسوبارو تشير إلى توقع من نوع ما.

“أعتذر عن التسبب بالقلق لك، كنت أفكر فحسب… سنكون في الملجأ قريبًا… عند قرية مخصصة لأنصاف البشر”

عندما اختفت عربة التنين المغادرة عن الأنظار، طرحت فريدريكا هذا السؤال على بيترا ، التي لا تزال بجانبها.

“آه… هكذا إذن؟ أعتذر أنـا بدوري، لم أفكر بالأمر”

في واقع الأمر ، كان ويلهلم بالفعل الشخصية الرئيسية في “أغنية شيطان السيف” ، لكن سوبارو، نظرًا لصغر سنه، كان يرفض فكرة أنه يعرف شخصًا معرفوفًا كتب اسمه في الأغاني وكتب التاريخ.

عندما كشفت إميليا عن سبب توترها شعرت سوبارو بالاستياء لعدم إدراكه ذلك بنفسه.

“محاكمة … الملجأ؟”

وفقًا شرح فريدريكا، لم يكن الملجأ مجرد مستوطنة للأجناس شبه البشرية، لقد كان عبارة عن مستوطنة لـ “أنصاف البشر الذين أتو تحت ظروف معينة” للاستقرار. لذلك كان من الممكن أن –

سحبت إيكيدنا إصبعها الذي لامس صدره، وعقت طرفه برق،  كانت تلك الحركة كفيلة بجعل القشعريرة تجتاح جسد سوبارو وتذكير عقله بحقية كونها ساحرة.

قد يكون هناك نصف عفاريت مروا بنفس الأشياء التي مرت بها إميليا …

هز رأسه الثقيل ، ووضع يده على الحائط ، مترنحًا وهو يحاول الوقوف على قدميه، لم يكن لديه عمل داخل الأنقاض، فالملجأ يقع في الخارج. بعد أن ضل الطريق، احتاج إلى الخروج للقاء إميليا.

“… لم أقابل أبدًا أي أنصاف عفاريت غيري، لم أفكر… في الأمر كثيرا من قبل، ولكن قد يكون في الملجأ … ”

“متعلق بي أنـا؟ إنها واثقة حقًأ من نفسها”

ارتجف صوت إميليا من التوتر، لكنه لم يستطع معرفة ما إذا كان هذا التوتر ناتجًا عن القلق أم الأمل، ربما لم تستطع إميليا معرفة ذلك أيضًا.

لمست إيكيدنا شفتيها بظاهر يدها وهي تضحك وتبتسم باستمتاع، مشهد الفتاة اللامبالية لم يخفف توتر سوبارو الذي ظل مستعدًا للتصرف في أي لحظة، حيث فتح وأغلق يديه المبللتين بالعرق مستعدًا قدر الإمكان للتغلب على خصمه على الفور.

كانت الطريقة الوحيدة لمعرفة الإجابة الحاسمة هي الذهاب إلى الملجأ ومعرفة ذلك.

“أتعرفين أين يذهب باك عندما لا يكون معكِ؟”

لكن-

“إيه؟ آه ، أنا أضمن ذلك… أنا أضمن إرسالك، لكنني سأكون وحيدة جدًا إذا هرعت وتركرتني بهذه الطريقة. أمم، ألا يوجد شيء آخر تود سؤالي عنه؟ ”

“-! إميليا ؟! ”

“من فضلك لا تسيء الفهم … لم أجعلك تشربه بسوء نية مني، إن كان لدي أية نوايا، فلن تكون سوى شعور اعتزاز بك … من المحرج بعض الشيء أن أقول هذا بصوت عالٍ “.

“آه ، آه … ما هذا … ؟!”

“خدي… آه، إنه يؤلمني عندما أقوم بقرصه!! هذا يعني أنني لست في حُلم!”

في تلك اللحظة، رفع كلٌ من سوبارو وإميليا أصواتهما في نفس الوقت عند حدوث شيء غريب داخل العربة.

دخلت سوبارو الأنقاض بحثًا عن أدلة عن الملجأ،  بطريقة ما، وقد يكون نقلًا فوريًا، تعثر ليجد نفسه في قلعة إيكيدنا

لم يكن مصدر ذلك الشيء الغريب سوى إميليا المتوترة نفسها، حيث كان هناك وميض أزرق يخرج من داخل صدرها ، مما أدى على الفور إلى تلوين الجزء الداخلي من عربة التنين بوهج أزرق.

“حتى لو لم تفهم الآن هذا، ستدرك القيمة التي يحملها هذا المكان، أتساءل ما هي المشاعر التي ستتحملها تجاهي عندما يحين ذلك الوقت … أتطلع بشدة لمعرفة ذلك “.

تسبب ذلك الضوء بإذهال إيميليا مما دفعها لإدخال يدها في جيبها وسحب الكريستال الأزرق اللامع الذي ينبعث منه هذا الضوء.

في الأيام الأخيرة الماضية، لم يرَ سوبارو أي أثر له، أما روح إميليا المتعاقدة معه لم تستطع إظهاره، صحيح أن خطة بياتريس كانن إخفاء نفسها باستعمال الممرات السرية، إلا أن هذا الوضع كان مختلفًا.

“الكريستال يتوهج … سوبارو!”

سعر الفصل الواحد يعادل 500 دهبة

“تبـًا … لدي شعور سيء حقًا حيال هذا! إميليا ، سأستعيره منكِ!”

لم يكن في عربة التنين حيث كان يجب أن يكون، بدلاً من ذلك كان سوبارو يقف وحيدًا في غابة غير مألوفة.

كان الكريستال الأزرق يتوهج بشدة وبدا أشبه ببلورة سحرية على وشك الانفجار، انتزع سوبارو الكريستال بسرعة ليبعده عن إميليا، ثم هرع إلى نافذة عربة التنين –

“ربما علي تمني شيء عند هذه الأنقاض…؟ ينتابني شعور أنه معبد، لذا لا أظنه غير مرتبط بالملجأ…”

“إذا لم يكن هناك شيء خطير فيه، يمكننا التقاطه لاحقًا، لكن حالياً سأقوم برميـ-…!! مااا…؟!!!”

بهذه الكلمات، عرضت إيكيدنا على سوبارو المقعد الفارغ المقابل لها. على الطاولة البيضاء بين الكرسيين، استراح كوب من الشاي المزين بالبخار، والذي على الأرجح تم سكبه لأجل سوبارو.

“آآ…”

“ما الممتع في ذلك ؟!”

بمجرد أن كان سوبارو على وشك رمي ذلك الشيء الخطير بعيدًا، جعله الأنين الخافت يلتفت إلى الوراء بذعر

– عالم ساحرة الجشع.

“إيميليا؟!”

كان لذلك الرجل سمة خارجية تميزه عن أي شخص آخر، والتي هي-

عندما نظر سوبارو إلى الوراء، قوبل بمشهد إميليا وهي منهارة على أرضية عربة التنين، كانت على ظهرها، بأطراف متباعدة ووعي غير حاضر،

إن وضعنا توقعات إيميليا العالية جانبًا، فقد كانت إيميليا نفسها أثمن شيء بالنسبة لباك، لذا بدت فكرة تخليه عنها والقيام بأشياء أخرى في مكان ما غريبة للغاية.

حدث ذلك فجأة دون سابق إنذار –

“- الآن ، بما أنك عائد من حفلة شاي مع ساحرة، فقد حان الوقت لآخذ التعويض المستحق.”

“كلا! أكان هذا تحذيرًا؟! اللعنة ، إميليا ، هل أنتم بخيـ – ؟! ”

سمع ناتسكي سوبارو صوت ساحرة مستمتعة بما تراه.

للحظة، تردد سوبارو في تحديد ما إذا كان سيعطي الأولوية لإميليا أو الكريستال، ليقرر بسرعة الخيار الأول وبحاول الاندفاع إلى جانبها عندما –

استمر الصوت بالتردد داخل عقله، بلمسات دافئة، ونداء جاد… كل تلك الأمور اختلطت ببعضها ___

“-آه؟ هييه؟!”

“من الطبيعي أن تتوخى الحذر، لكن الجبناء أمثالك لا يمكنهم فعل أي شيء ضدي، صحيح؟ لذا على الأقل، أود أن تجلس قبل أن يبرد الشاي “.

في اللحظة التي تقدم فيها للأمام، انبعث من الوهج الأزرق اللامع ضوءًا أقوى وقام بالإحاطة بجسد سوبارو بالكامل، لم يعطهِ ذلك الوميض حتى وقتًا للندم على اختياره لأوليته، حيث اختفى العالم في غمضة عين.

ظهرت ابتسامة على وجه سوبارو بعدما رآى أنه حطم إيكيدنا – مما أخفى الألم في صدره.

“إميليا -!”

“تم إنشاؤه في قلعتي. أفترض أنه يمكنك القول أنها مستخلصة من  سوائل جسدي “.

مد يده وصرخ، ومع ذلك لم يصل صوته ولا يده إلى الفتاة التي على الأرض قبل أن ينقطع الهواء الذي يربطه بها.

“هاه! حسنًا، مهلًا، أظن أن عليك التزام حدودك عندما تستخدم صوتك!”

“_____”

“…….”

انتهى الأمر في لحظة، شعر سوبارو بتألق الضوء، وأدار رأسه ، لكنه لم يستطع رؤية أي شيء.

“أوه، ما ردة الفعل المفاجئة هذه؟ تصرفات أولئك الذين هم في السن المحير تحيرني بالفعل~”

لقد تم محو العالم – كلا، بالأحرى ، تم طمسه مؤقتًا من خلال الاستحمام في ضوء قوي جدًا لا يحتمله بصره، رمش سوبارو بعينيه مرارًا وتكرارًا ليدرك أخيرًا أن الصورة بدأت تتشكل تدريجياً خلال رؤيته غير الواضحة.

لم يستطع تحديد سبب تأكده من ذلك، ولكن – “أشعر أن أحدهم قال ذلك لي…”

لكن استعادة إحساسه بالبصر لم يهدأ ارتباكه، فبعد كل شيء … “… أين أنـا؟”

“مؤلم، مؤلم!! أذني تؤلمني!! ”

لم يكن في عربة التنين حيث كان يجب أن يكون، بدلاً من ذلك كان سوبارو يقف وحيدًا في غابة غير مألوفة.

دفع سوبارو إعجابه الأنقاض جانباً، وعاد في عجل للبحث عن أي علامة للفتاة التي كان يلاحقها، لقد وصل إلى هنا باتباع تلك الفتاة، لذا فإن أولى أولوياته كانت العثور عليها.

_________________________________________

دخلت سوبارو الأنقاض بحثًا عن أدلة عن الملجأ،  بطريقة ما، وقد يكون نقلًا فوريًا، تعثر ليجد نفسه في قلعة إيكيدنا

“…!! هذا ليس الوقت المناسب لحدوث هذا!! أين إيميليا؟؟”

بينماا كانت إيكيدنا تخلخل أصابع يدها بشعرها الأبيض، وقفت ومدت إصبعًا نحو صدر سوبارو. لسبب ما، وجد سوبارو نفسه يحدق في حركتها البطيئة ، غير قادر على التزحزح شبر واحدًا.

متجاهلًا ذهوله اللحظي، قام سوبارو بمسح المنطقة محاولًا جاهدًا أن يفهم الوضع.

على الرغم من أن سوبارو وجد أن موضوع “الحاجز” مثيرًا للريبة إلى حد ما ، إلا أن تفسير فريدريكا جعله يتقبل الأمر.

كانت الأشجار الواقفة بشموخ توحي بوجود غابة عميقة على يمينه وشماله، أما في الوسط -عند قدميه- فقد امتدت الأعشاب والطاحلب والتي كانت أشبه بدليل على عدم وجود أي بشري قد مر من هنا”.

عقدت إيكيدنا حاجبيها في حالة من الفزع، مما حعل لسوبارو يلمس طرف أنفه وهو يواصل حديثه.

“خدي… آه، إنه يؤلمني عندما أقوم بقرصه!! هذا يعني أنني لست في حُلم!”

”أم! سيد سوبارو … أ يمكنك أن تأخذ هذا معك؟ ”

استبعد سوبارو خيار أنه لا يعيش في الواقع، ثم أدرك إلى حد كبير حقيقة ما حدث له.

“باتلاش مذهلة!!”

كان الكريستال اللامع ما يزال في يده، أما الضوء القوي الذي منه من قبل فقد اختفى تمامًا، كان ارتباط الكريستالة بالوضع الذي هو فيه أمرًا محتمًا، وقد تكون تلك الكريستالة هي السبب أصلًا.

“آه ، آه … ما هذا … ؟!”

كانت كيفية حدوث ذلك غير واضحة،  لكن سوبارو -الذي تم نقله باستعمال تعويذات مشابهة في الماضي- اسنتنج ذلك، لقد جرب مثل هذا الوضع عدة مرات عن طريق تتعرضه لقدرة الممر التي تتمتع بها بياتريس.

كانت كيفية حدوث ذلك غير واضحة،  لكن سوبارو -الذي تم نقله باستعمال تعويذات مشابهة في الماضي- اسنتنج ذلك، لقد جرب مثل هذا الوضع عدة مرات عن طريق تتعرضه لقدرة الممر التي تتمتع بها بياتريس.

لكن المشكلة الآن هي أنهه يجهل السبب والغرض من انتقاله، كما أنه يجهل الطريقة التي يستطيع بها اللإلتقاء بإميليا والآخرين.

“أجل، حذرتنا من غارفيل”

“علاوة على ذلك، كانت إميليا ملقاة على الأرض عندما غادرت، يجب أن أعود لها بأسرع وقت ممكن…!!”

كانت رؤيته معتادة على الظلام والرؤية الضبابية، ومع تعود عينيه تدريجيًا على اختلاف الإضاءة،  وجد سوبارو نفسه ينظر إلى المناظر الطبيعية المحيطة الأنقاض المرتفع إلى حد ما.

إن كان هذا الإنتقال مشابه لقدرة الممر التي تستعملها بياتريس، فإن قوة سوبارو لم يتم نقله إلى مكان بعيد للغاية، على أقل تقدير، هو ليس في مكان بعيد كالجانب الآخر من العالم مثلًا، لابد أنه في نفس الغابة.

واصل أوتو نياحه على المعاملة القاسية التي تلقاها حتى النهاية إلى أن غادروا القصر.

“أعني، أقصى ما تستطيع بياتريس فعله هو إرسالي لقرية إيرلهام، لا يمكن أن تكون هذه الصخرة لديها القوة الكافية لإرسالي أبعد من ذلك”

“أجل، الأمر كذلك، أنا مستخدمه سيئة للغاية، ألا ترى؟ ”

عند وصوله لهذا الاستنتاج، اشتعلت نيران في صدر سوبارو والتي تؤذن بنفاذ صبره وهو يحدق في الكريستال في راحة يده.

لكن لحسن الحظ لم يقم خصمه بأية ردة فعل باستثناء التراجع ببطء كما فعل سوبارو.

كانت الكريستالة هي سبب انتقاله، وبعد أن تردد للحظة في رميها بعيدًا انتهى به الأمر إلى حشوها في جيبه بدلاً من ذلك، بالرغم من أن التجوال وهو يحملها كان أمرًا خطيرًا، إلا أنه كان خائفًا من رميها بعيدًا في حالة احتاج إليها لاحقًا.

“أهذا حقًا وعد يمكنك قطعه بسهولة مع ساحرة ميتة …؟”

علاوة على ذلك ، لم يكن يعرف نوايا فريدريكا عندما أعطتهم الكريستالة.

بالعودة إلى اللحظة في القصة عندما وجد سوبارو نفسه في مواجهة الساحرة على قمة تل …

—أو حتى ما إذا كانت فريدريكا مرتبطة بانتقاله هذا.

على الرغم من أن سوبارو وجد أن موضوع “الحاجز” مثيرًا للريبة إلى حد ما ، إلا أن تفسير فريدريكا جعله يتقبل الأمر.

“تبًا! حاليًا عليّ الاحتفاظ بهذه الأفكار لوقتٍ لاحق، إن كان بإمكاني على الأقل معرفة الاتجاهات من موقع الشمس…”

“ها! أصابني تصرفكِ بقشعريرة شديدة، أحسنتِ، تنينة أرض رائعة… ناه، أنتِ امرأة طيبة “.

متجاهلًا تفكيره المفرد، قام سوبارو بتوجيه دماغه المرهق للبحث عن أي فرصة لإيجاد طريقة للإلتقاء، وعندما كاد يوشك على البدء في المشي بحثًا عن مكان في الغابة_

“آآ…؟؟!!!”

“لا تستهزئي بهذا! إذا كنت تعرفين شيئًا عن الملجأ، فهذا يسهل الأمر عليّ! هل هذا … لا ، هل تعلمين شيئًا عن الغابة المحيطة بالأنقاض؟ أهذا يعني أن الأنقاض هي جزء من الملجأ؟ ”

في اللحظة التالية ، رفع سوبارو رأسه تتلاقى عينيه مع عيني ذلك الكيان الذي ظهر أمامه مباشرةً.

“عندما تتعمد تلك الفتاة الإختباء، يصبح الأمر صعبًا للغاية … ماذا بها! تبــًا.”

“______”

“عن ماذا تتحدثين؟”

أدت الصدمة التي شعر بها سوبارو إثر التقاء عينيه بالعينين القاسيتين لذلك الكيان إلى توقف كل عمليات التفكير التي كانت داخل عقله، لو كان الطرف الأخر يضمر السوء له، كان قادرًا على قتله في غمضة عين.

بدت تلك الخرابة -الصامدة في الغابة الهادئة- أشبه بالمعبد أو ربما-

لكن لحسن الحظ لم يقم خصمه بأية ردة فعل باستثناء التراجع ببطء كما فعل سوبارو.

انتهى الأمر في لحظة، شعر سوبارو بتألق الضوء، وأدار رأسه ، لكنه لم يستطع رؤية أي شيء.

“من…أنت؟”

“تبًا! حاليًا عليّ الاحتفاظ بهذه الأفكار لوقتٍ لاحق، إن كان بإمكاني على الأقل معرفة الاتجاهات من موقع الشمس…”

عندما تراجعت سوبارو خطوة إلى الوراء أصبح جسد الشخص الآخر بالكامل في مجال رؤيته ليدرك أنها فتاة.

بالرغم من أن نداءه وصل إلى داخل تلك الأنقاض والغابة المحيطة به، إلا أن أحدًا لم يجب عليه، تنهد بعمق بعد أن فشل في تلقي الإستجابة المأمولة، ثم سار على مضض حول الأنقاض:

كانت الفتاة صغيرة، ذات شعر طويل وردي اللون، وبدت وكأنها في بدايات سن المراهقة،  بعينين لوزيتان وأنف طويل مصقول، وبشرة شاحبة ومرهقة، بدت وكأنها ستتفكك في اللحظة التي يلمسها أحد ما، أما بالنسبة لطولها، فهي حتى لم تصل حتى منتصف الطريق إلى أعلى صدر سوبارو، كان جسدها الصغير مغطى فقط برداء أبيض يشبه المعطف.

“انعكس موقفينا تمامًا، تبـًا… حسنًا، إذا كنت لا تعرفين شيئًا عنهم، فلا بأس بذلك.”

(دمية)

قد يكون هناك نصف عفاريت مروا بنفس الأشياء التي مرت بها إميليا …

كان هذا هو الانطباع الذي شعر به، ليس بسبب جمالها، ولكن بسبب الهالة التي تحملها، فقد كانت عينيها بلا عاطفة، ووجها بلا مشاعر-جامد لا يتحرك- بالإضافة إلى حضورها الصامت وقوة إرادتها الظاهرية الضعيفة والتي أعطت شعورًا أنها ليست ندًا لأي شخص.

شعر ناتسكي سوبارو بهالة الموت القوية تتشكل في جسد فتاة جالسة أمام عينيه.

لكن كانت لديها ميزة واحدة جذبت انتباه سوبارو بشدة، ألا وهي –

تتبعت أصابعها حواف الرسالة التي قرأتها عدة مرات، أخيرًا ، تحولت تلك الأصابع نحو رقبتها. ومع ذلك ، فإن الإحساس الذي سعت إليه لم تجده في أي مكان …

“تلك الآذان الطويلة … هل أنت من الأقزام؟”

عند وصوله لهذا الاستنتاج، اشتعلت نيران في صدر سوبارو والتي تؤذن بنفاذ صبره وهو يحدق في الكريستال في راحة يده.

“…”

كان عليه التفكير أولًا في لقبها المعروف، وعندما فكر وحلل الظرف الخارق للطبيعة الحالي ، لم يكن لديه سبب للشك في هوية إيكيدنا أو قوتها.

عندما طرحت سوبارو سؤاله، بقي تعبير الفتاة الذي يشبه الدمى كما هو حيث لم تقل شيئًا، ومع ذلك أخبرت ردة فعلها سوبارو أن الإجابة سؤاله كانت (نعم) بلا شك.

“حسنًأ إذن، بقدر ما يسعدني أن يكون لدي رفيق جديد أتحدث معه هنا، لا يبدو أن حالك من حالي، صحيح؟ هنالك أشياء تريد سؤالي عنها، أليس كذلك؟”

كانت سوبارو يتحدث إلى إميليا حول إمكانية لقاء نصف عفريت قبل لحظات فقط، ولكنه تخلص من تلك الأفكار بعد أن تفاجأ بمواجهة قزم بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى-

“ها؟”

“آهه…!!! مهلًا!! إلى أين تظنين أنكِ ذاهبة؟!”

لكن لحسن الحظ لم يقم خصمه بأية ردة فعل باستثناء التراجع ببطء كما فعل سوبارو.

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

“أيضًا، عندما فكرت بالأمر، استنتجت أني عاطفية للغابة حيال ذلك، كنت بحاجة لتعويضك على الفور ، سوبارو ، لكنني كنت عنيدًا. آسف.”

“انتظري! انتظري من فضلك…! هل أنتِ … هل أنت من الملجأ …؟ ”

أدرك سوبارو بمجرد أن استشعر قوتهم أن الفرق بينهم وبين باك هو كالفرق بين الثرى والثريا، ومع ذلك، كانت قوتهم جيدة نوعًا ما، من جهة أخرى، كان من المثير للشفقة الاعتماد على الفتاة الوحيدة في المجموعة -والتي يضع عينه عليها- في القتال.

بدت تلك الفتاة الرشية كما لو أنها تطير وهي تركض في الغابة المتضخمة، شعرت سوبارو الذي كان يلاحقها بيأس من قدميه البطيئتين ترافق مع ألم يتصاعد مع ارتفاع صوت أنفاسه المتسارعة.

“بعبارة أدق، لم أقضِ اليومين بأكملهما لأجهز هذه الكريستالة فقط… لكني قمت بمهمة أخرى مع هذه، لا تنسَ ترتيب المكان وتجهيز القصر، لم أكن قادرة على فعل ذلك كله لولا العزم والإرادة القوية.”

“تبـا!!! تبًا لكل شيء…!!!”

5

كيف كانت الغابة مرتبطة بالملجأ، وأصلًا من كانت تلك الفتاة -؟

كانت تلك هي البصيرة المقفرة التي اكتسبتها سوبارو بشأن إيكيدنا، والتي أثبتتها طرقها الساحرة.

بعد أن أدرك أن تساؤلاته لن تؤدي إلا إلى استنفاذ قدرته على التحمل، صر سوبارو على أسنانه ووضع كل قوته في ساقيه.

“أبدًا، لا يمكن للمرء ذلك… القسم بأنواعه مهم للغاية، صحيح أنه لا يوجد شيء يجبرك على الوفاء به، لكن على الناس الإلتزام به، عليهم بذل قصارى جهدهم للوفاء به، صحيح؟ حتى لو لم يكون هنالك من يراهم، حتى إن لم يلاحظهم أحد، عليهم الحفاظ عليه، لأن الطرف الآخر يتوقع منهم ذلك!”

شرع سوبارو في مطاردة الفتاة عابرة كما لو كانت حياته تعتمد عليها لعدة دقائق حتى اتسع مجال رؤيته فجأة.

“قد تكون طريقة الكلام هذه مبالغ فيها إلى حد ما” قالت فريدريكا بجدية.

“لقد قطعت الغابة بأكملها… ولكن ما هذا المكان يا ترى؟!!! ”

“!!!! هااااااههه؟!!”

عندما وصل سوبارو إلى نهاية الطريق، ثنى ركبتيه وهو يلتقط أنفاسه، ثم مسح العرق الذي كان يغزو جبينه، وعندما رفع وجهه المتألم والمتجهم ، وجد أمامه أنقاض بناية غريبة.

حقيقة أن هذا لا يبدو مكانًا حقيقيًا أعطت وزناً لادعاء إيكيدنا بأنه لم يتم نقله عن بعد.

كان تلك الأنقاض مشيدة من الحجارة المتكدسة فوق بعضها البعض، بعبارة أوضح كانت أنقاضًا لعمارة بدائية للغاية.

ررفعت إيميليا إصبعها لتتوهج أرواح طفيفة بأصوات خافتة حولها.

كانت معظم الواجهة الخارجية مغطاة بالطحالب الخضراء والفطر، أما الأجزاء القليلة المكشوفة من تلك الصخور فقد كانت متصدعة، لم يكن من الواضح عمر تلك البناية، ولكن بالنظر إلى كون الغابة قد اجتاحت نصفه إن لم يكن كله، فقد كان عمرها عدة قرون على الأقل.

ظلت علاقتها بالملجأ وسبب زنها أمرًا مجهولًا حتى تلك اللحظة-

بدت تلك الخرابة -الصامدة في الغابة الهادئة- أشبه بالمعبد أو ربما-

استخدم حيلة إبقاء يده اليمنى على الحائط حتى لا يظل طريقه في الظلام، كان استشعاره بخشونة الجدار الصغري يصل إليه أكثر من ملمس كل ذلك الفطر الذي يغطيه حتى يكاد المرء لا يميز بينه وبين الجدار الحقيقي، جعله ذلك النفق يشعر وكأنه داخل عروق كائن حي، كل تلك المشاعر الغريبة المتراكمة داخل الأنقاض جعته يظن أنه داخل كائن عملاق مرعب.

“أشعر وكأنه قبر، للحظة ظننته هرمًا، ولكن مهلًا… مهلًا لحظـ …!!”

رضخ سوبارو بصمت بينما ظلت إيكيدنا جالسة وهي تنطق تعكس شخصيتها، ومع ذلك لم يكن هنالك دلالة واضحية أن سوباو كان يفكر بالأمر حتى، وبقي الحاجز اللاممرئي فاصل بينهما.

 

 

دفع سوبارو إعجابه الأنقاض جانباً، وعاد في عجل للبحث عن أي علامة للفتاة التي كان يلاحقها، لقد وصل إلى هنا باتباع تلك الفتاة، لذا فإن أولى أولوياته كانت العثور عليها.

“معرفة ذلك تجعلني أشعر بالوحدة إلى حد ما، لكن يجب أن تبدأ في التكيف معها قريبًا، آمل أن يتغير هذا الوضع حتى تصبح غير قادر على النظر مباشرة في وجهي حتى، إلى حد ما”

ولكن بالرغم من كل محاولاته في مسح المنطقة، إلا أنه لم يعثر الفتاة التي كان من المفترض أن تكون هناك في أي مكان، اختفى كلٌ من حضورها، رائحتها وحتى صوت خطواتها، لقد فقد أثرها تمامًا.

“بهذا ، ستكونون قادرين على اختراق حاجز الغابة والدخول إلى الملجأ، لقد ألقيت بتعليماتي على تنانين الأرض بشأن الموقع، لذلك سيقودون الطريق “.

“هذا هو الأسوأ … بعد أن تم نقلي بعيدًا، أفلت من يدي الدليل الوحيد..!!”

 

حك سوبارو رأيه بحيرة ويأس داخل قلبه بسبب عد كفائته، لم كن عنده وقت لهذه الألعاب! حتى وإن اختفت الفتاة التي كانت تقوده-

التحدث عن التجارة مع روزوال من شأنه أن يحدث فرقًا هائلاً في حياة أوتو كتاجر، سواء كان ذلك للخير أو الشر، فإن ذهابة لذلك الرجل فرصة العمر التي عليه إنتهازها، هذا الوضع أشعر سوبارو بطمأنينة كبيرة.

“ربما علي تمني شيء عند هذه الأنقاض…؟ ينتابني شعور أنه معبد، لذا لا أظنه غير مرتبط بالملجأ…”

“معرفة ذلك تجعلني أشعر بالوحدة إلى حد ما، لكن يجب أن تبدأ في التكيف معها قريبًا، آمل أن يتغير هذا الوضع حتى تصبح غير قادر على النظر مباشرة في وجهي حتى، إلى حد ما”

بالرغم من أنه كان يفكر في تمني أمنتيه، ألا أنه بدأ السير في حذر تجاه تلك الأنقاض، حتى بعد اقترابه منها، فإن انطباعه الأولي عن ذلك المكان لم يتغير كثيرًا.

نزل سوبارو على أرضية العربة التي بدت ثابتة كالصخر، وأحنى رأسه لأسفل حتى لمست جبهته على الأرض اعتذارًا لإيميليا، لتقول هذه الأخرى:”آه” ، وهي تلمس يدها بشفتيها ثم تابعت:”اممم، لا أحاول انتقادك يا سوبارو، صحيح أنك لم تفِ بوعدك معي، وأني سأنزعج إن فعلت ذلك مرة أخرى، لكن … ”

لم تكن هناك أي علامة على وجود بشر، أو حضارة بشرية، أو حتى أن مخلوقًا حيًا يسكن هنـاك:

“هيه، هل ترتجف؟ حسنًا، لقد استنفذت حظك بالتأكيد، ها أنت في مكان لا يجب أن تكون فيه، والآن أمسكت بك!”

“هـيه، هل يوجد أحد هنا؟ إن كان هذا هو الملجأ فاليجبني أحدكم رجاءً…!!”

“… آسف ، لكن إخفاض دافعاتي أمام لفتاة التقيت بها للتو والتي تسمي نفسها ساحرة الجشع لن يحدث أبدًا”

بالرغم من أن نداءه وصل إلى داخل تلك الأنقاض والغابة المحيطة به، إلا أن أحدًا لم يجب عليه، تنهد بعمق بعد أن فشل في تلقي الإستجابة المأمولة، ثم سار على مضض حول الأنقاض:

شكك سوبارو وأوتو في ما رأته أعينهما، حيث قفز الرجل -قبل أن يتمكن الإثنان من الإبتعاد حتى- وهبط على مقعد السائق في عربة التنين. مع اقتراب المهاجم ، اتخذ أوتو وضعية قتالية على عجل.

“… حسنًا، هنالك مدخل…”

“الآن، حتى لو غابت السيدة إميليا وآخرون فإن السيدة بياتريس لا تزال هنا في القصر، سأجعلك تتعلمين كل الأساسيات في غضون أسبوع “.

بينما كان يدور حول الأنقاض، وجد مجموعة من السلالم المغطاة بالطحالب، نزل الدرج بحذر خشية الإنزلاق حتى وجد فتحة فيها ممار ذو إضاءة خافتة داخلة، وعندما دخه وتابع السير فيه، وجد المدخل.

كان يأمل، ولكن تلك الآمال تبددت بسهولة، لذلك لم تكن هناك فائدة من البقاء هنا بعد الآن.

بطبيعة الحال ، لم يكن الجزء الداخلي من الأنقاض مضاءً، لذا استمر في السير في الممر الذي رآه من المدخل، وحتى عندما صرخ ونادى عدة مرات لم يرد على نادائه سوى صوت صداه.

وفقًا شرح فريدريكا، لم يكن الملجأ مجرد مستوطنة للأجناس شبه البشرية، لقد كان عبارة عن مستوطنة لـ “أنصاف البشر الذين أتو تحت ظروف معينة” للاستقرار. لذلك كان من الممكن أن –

الحقيقة أنه لم تكن لديه توقعات إيجابية على الإطلاق، ولكن كما يقولون، لا يمكن للمرء الحصول على الماء دون الذهاب للبئر~

“اهدأـ جعلنا نتحدث، صحيح أن درايتي ما يحدث الآن ضعيفة، ولكن بالمقابل لديّ معرفة واسعة بالعصر القديم  لدرجة أنني أستطيع التباهي  والقول أنه لا يوجد شيء لا أعرفه! أنا على اطلاع  بالحقائق التاريخية التي لا يتذكرها أحد حتى، دراية لا ينقصها أو يشوبها شائبة تمتد لأربعة قرون…. لديك فرصة لإكتساب هذه المعرفة!”

“لا يعني هذا أني أريد الماء تحديدًا … ولكن إذا كانت الفتاة هي التي أحضرتني إلى هنا سابقًا، فإن العودة الآن إلى الوراء يعني التخلي عن تقدمي.”

“النقل الفضائي … آه، تقصد تلك التعويذة المظلمة… لسوء الحظ ، لقد أسأت فهم الوضع، ما تعرضت له لم يكن النقل، لقد دعوتك ببساطة إلى قلعتي لتناول الشاي “.

بعد أن وصل إلى هذا الحد ، لم يشك سوبارو في أن الفتاة وهذه الأنقاض مرتبطان بطريقة ما، إذا كان النقل الفوري عبر الكريستالة مرتبط بالفتاة أيضًا، فيجب أن تكون الأنقاض مرتبطة بالملجأ.

“هيه، هل ترتجف؟ حسنًا، لقد استنفذت حظك بالتأكيد، ها أنت في مكان لا يجب أن تكون فيه، والآن أمسكت بك!”

فبالأساس، كانت إيميليا هي التي سيتم نقلها إلى هنـا بما أن الكريستالة كانت بالأصل معها.

كان على وشك الخوض في حديث معها، ولكن أكتاف سوبارو استرخت عندما رأى كيف نفخت  إيكيدنا صدرها، اذت رفع يده ملوحًا متجاهلًا إياها ومعلنًا رحيله.

“إن لم يكن نقلي أنـا بدل إيميليا جزءًا من الخطة… فسواءً كنتُ ثعبان أو أني، الطريقة الوحيدة لمعرفة الإجابة هي…”

“ألا يمكنك التوقف عن قول أِشياء فضيعة عني في اللحظة التي أدخل فيها لمناداتك؟”

بعد أن أدرك حقيقة أنه قد تم نقله رغمًا عنه، بالإضافة لعدم وجود طريقة واضحة للإلتقاء بإيميليا حاليًا، قرر سوبارو أن من الأفضل قبول الدعوة والتماشي مع الوضع الحالي ببساطة.

قال سوبارو كلامه الأخير بنبرة مازحة وهو يحدق داخل غرفة النوم على فراشها، لم يتغير مظهرها بغض النظر عن عدد المرات التي حضر فيها لرؤيتها أو عدد الساعات التي قضاها بجانبها. ومع ذلك ، كان يزورها كلما سنحت له الفرصة.

“……”

“……”

تنهد سوبارو بعمق ثم صر على أسنانه ودخل الأنقاض.

“بترك حفل الشاي الصغير الخاص بي، نادرًا ما تتاح الفرصة للآخرين بالتحدث مع ساحرة الجشع حتى إن رغبوا في ذلك”

استخدم حيلة إبقاء يده اليمنى على الحائط حتى لا يظل طريقه في الظلام، كان استشعاره بخشونة الجدار الصغري يصل إليه أكثر من ملمس كل ذلك الفطر الذي يغطيه حتى يكاد المرء لا يميز بينه وبين الجدار الحقيقي، جعله ذلك النفق يشعر وكأنه داخل عروق كائن حي، كل تلك المشاعر الغريبة المتراكمة داخل الأنقاض جعته يظن أنه داخل كائن عملاق مرعب.

“هذا ليس خبرًا مفرحًا البتة، لذا توقفي عن إظهار هذه التعابير بينما تقولين شيئًا كهذا!”

“…”

“مم ، أعلم أنه ثمين بالنسبة لك، سأحرص على عدم إضاعته … فريديريكا؟ ” قالت إميليا وهي تعقد حاجبيها وتومئ برأسها.

الأشياء الوحيدة التي كان يسمعها في الظلام هي أنفاسه وخفقان قلبه وخطوات حذاءه.

“اهدأـ جعلنا نتحدث، صحيح أن درايتي ما يحدث الآن ضعيفة، ولكن بالمقابل لديّ معرفة واسعة بالعصر القديم  لدرجة أنني أستطيع التباهي  والقول أنه لا يوجد شيء لا أعرفه! أنا على اطلاع  بالحقائق التاريخية التي لا يتذكرها أحد حتى، دراية لا ينقصها أو يشوبها شائبة تمتد لأربعة قرون…. لديك فرصة لإكتساب هذه المعرفة!”

قلة الضوء حرمته من حاسة بصره، كما حرمه الهواء البارد من استخدام أنفه، أما إحساسه بالسمع فقد كان يحوم في أذنه، وفي مرحلة ما، فقد حتى حاسة اللمس حيث أُضاع الجدار الذي كان يتحسسه براحة يده.

إحمرّ خدا إيكيدنا قليلاً وبدت خجولة لتحدثه بمودة شديدة. ولكن في تلك المرحلة كان سوبارو قد تجاوز كل ألاعيبيها، ما أراده حقًا هو معرفة نواياها الحقيقيىة.

وبالحديث عن حاسة التذوق لديه، فكل ما كان يشعر به هو الهوء الممزوج بطعم التراب والغبار، وبالرغم من ذلك، لم يشعر بطعم أي شيء، لقد اعتمد سوبارو أكثر على حاسة سمعه، حيث كان صوت كانت حذائه ودقات قلبه وتنفسه هي الأشياء الوحيدة التي يمكنه الاعتماد عليها.

تلك الحركة جعلت سوبارو يستعد لاتقاط أنفاسه، وقبل أن يدرك ذلك، أمسكه أحد ما من ياقته، عندما أدار رأسه إلى الجانب في صدمة، كان الوهج الشرس للرجل بجواره تمامًا ، قريبًا بما يكفي ليتشاركا أنفاسهما- وفجأة أصبحت قدماه ترتفعان في الهواء.

تلك الأشياء هي ما أثبتت له أنه ما يزال في هذا العالم، ولم يضع إلى الأبد.

بينما كان يدور حول الأنقاض، وجد مجموعة من السلالم المغطاة بالطحالب، نزل الدرج بحذر خشية الإنزلاق حتى وجد فتحة فيها ممار ذو إضاءة خافتة داخلة، وعندما دخه وتابع السير فيه، وجد المدخل.

زاد عَرَقُهُ، وارتفعت نبضات قلبه حتى صرخت روحه مطالبة بالإفراج عنه.

لكنها كانت قبر ساحرة.

أين كان وماذا كان يفعل وعمَّ يبحث بالضبط- كل هذه الأشياء باتت غامضة بالنسبة له.

” مؤلم، مؤلم!! صدري يؤلمني !!”

لكنه سيطر على بنفسه صوت ما جعله يتخلى عن فكرة البقاء مكتوف اليدين، في داخل عقله، ظل شخص ما يتوسل إليه ألا يستسلم، لذا أصّر على أسنانه متحملًا الثقل الذي على كاهله، وفي مرحلة ما أصبح عقله مضطربًا.

“أنا سعيد أنك لم تتعمقي بالنوم كي لا تفوتكِ كمية المرح في تلك النزهة يا إميليا تان، أشعر أن ذلك الرجل قد فعل شيئًا غبيًا بالرغم من كل شيء…”

استمر الصوت بالتردد داخل عقله، بلمسات دافئة، ونداء جاد… كل تلك الأمور اختلطت ببعضها ___

“العقدة … ماذا؟”

“فهمت، إذن فهذه هي الرغبة التي تدفعك للاستمرار، يا له من أمر مثير للفضول <عليَ القول>”

“سـ …!! سيد ناتسكي!!”

سمع ناتسكي سوبارو صوت ساحرة مستمتعة بما تراه.

كانت فريدريكا مكرسة لرعاية ريم، لكن جعلها تولي اهتمامًا إضافيًا لبياتريس كان أمرًا مبالغًا فيه، لم يسعه إلا أن يعتقد أنها كانت شخصًا غير مناسب لتكليفها بمراقبة بياتريس في الوقت الحالي. لكن بدت بيترا مقاربة لبياتريس في العمر، وينبغي ألا يسبب أسلوب حديثها المهذب أي مشاكل في التواصل بينهما.

____________________________________________________

كان عليه التفكير أولًا في لقبها المعروف، وعندما فكر وحلل الظرف الخارق للطبيعة الحالي ، لم يكن لديه سبب للشك في هوية إيكيدنا أو قوتها.

5

“…..”

بالعودة إلى اللحظة في القصة عندما وجد سوبارو نفسه في مواجهة الساحرة على قمة تل …

“لكنني لست مهتمًا بالساحرات، حتى لو تحدثنا عنهم  فقد ماتوا جميعًا، وهناك الكثير من الأشياء الأخرى التي عليّ التفكير فيها غير هذا الموضوع … ”

“………..”

“آه، تبًأ! حسنًا ، حسنًا! سأجلس! سأشرب الشاي الذي عندكِ أيضًا! ”

هبت ريح خافتة دغدغت مؤخرة رقبة سوبارو ، وأعادت إحياء قشعريرة البرد الذي تحرك عبر عموده الفقري، كان ظهره رطبًا من كمية كبيرة من العرق البارد، ولم يخف الضغط الهائل الذي كان يتعرض له على الإطلاق.

“حسنًا ، إذا كنت ستلعن حظك، فافعل الآن، تصرف مثل بازمازو الذي جُرف يمنة ويسره”

وقف أمام الفتاة – إيكيدنا – الجالسة على كرسي أبيض دون فعل أي شيء سوى إمالة فنجان الشاي.

شرع سوبارو في مطاردة الفتاة عابرة كما لو كانت حياته تعتمد عليها لعدة دقائق حتى اتسع مجال رؤيته فجأة.

“من المؤلم أن أراك تتأخذ وضعية دفاعية عندما رأيتني،  ألا أبدو بالنسبة لك مجرد فتاة عذراء وحيدة بريئة؟”

“سمعت عنها من أمس، قالت أنها الطريقة التي فازت بها بأبي”.

“… آسف ، لكن إخفاض دافعاتي أمام لفتاة التقيت بها للتو والتي تسمي نفسها ساحرة الجشع لن يحدث أبدًا”

في الأيام الأخيرة الماضية، لم يرَ سوبارو أي أثر له، أما روح إميليا المتعاقدة معه لم تستطع إظهاره، صحيح أن خطة بياتريس كانن إخفاء نفسها باستعمال الممرات السرية، إلا أن هذا الوضع كان مختلفًا.

“آوه، فهمت، بالطبع، معك حق، لقد أسأت الفهم”.

كان الكريستال اللامع ما يزال في يده، أما الضوء القوي الذي منه من قبل فقد اختفى تمامًا، كان ارتباط الكريستالة بالوضع الذي هو فيه أمرًا محتمًا، وقد تكون تلك الكريستالة هي السبب أصلًا.

لمست إيكيدنا شفتيها بظاهر يدها وهي تضحك وتبتسم باستمتاع، مشهد الفتاة اللامبالية لم يخفف توتر سوبارو الذي ظل مستعدًا للتصرف في أي لحظة، حيث فتح وأغلق يديه المبللتين بالعرق مستعدًا قدر الإمكان للتغلب على خصمه على الفور.

بينماا كانت إيكيدنا تخلخل أصابع يدها بشعرها الأبيض، وقفت ومدت إصبعًا نحو صدر سوبارو. لسبب ما، وجد سوبارو نفسه يحدق في حركتها البطيئة ، غير قادر على التزحزح شبر واحدًا.

كانت المشكلة أن مثل هذه الاستعدادات -سواءً اكتملت أم لا- كانت على الأرجح بلا فائدة عند قتال إيكيدنا.

“يا رجل، بالنسبة لفتاة ذات شخصية هادئة وشخص معروف بمعرفة كل شيء، فمعلومات قليلة حقًا….”

“هناك طن من الأسئلة التي ترغب في طرحها عليّ، ومع ذلك تتصرف هكذا؟  أنت لا تعرف ما الذي قد يجعلني أشعر بالإهانة لذلك تراقب خصمك وهو يتحرك في صمت … تتبع سلوك الطائر الذي يراقب فريسته، أليس كذلك؟”

“هيه، أمم، لا تنسَ أني ساحرة روحية، لذا فإن القسم يعني لي الكثييير، فبالنسبة لسحرة الأرواح، تعتبر المواثيق مع الأرواح الأخرى مهمة للغاية… لذا، أجل، العهود بأنواعها مهمة للغاية يا سوبارو، يجب أن تضع اعتبارًا أكبر لهذا الموضوع بعد كل شيء!”

“………”

بضحكة مرحة، عدت إيكيدنا الذكريات على أصابعها مستمتعة برد سوبارو عليها.

“وتتجاهلني؟ لا بأس، لكن هذا يجرحني على المستوى الشخصي فكما كما ترى لست أكثر من فتاة بريئة لا يسعها إلا التساءل عن السبب الذي يجعل صبيًا يحدق بها بتلك النظرات”

“لقد جرحتني بتصرفك، فبالحكم على مظهري، لا أبدو بهذا السوء”.

“كونك عذراء من الداخل ما هو إلا أشبه بورقة عليها علم الموت من الخلف، لعلمكِ فإن ناقوس الخطر الداخلي لدي يرن بجنون”.

“إنها نصف عفريته، لا تشر إليها بذلك اللقب أمامها مرة أخرى “.

بعد أن عانى سوبارو من تجربة الموت مرارًا وتكرارًا منذ وصوله إلى هذا العالم، أصبح لديه أنفس يستشعر الخطر، صحيح أن هذا الأنف لم يقلل من مرات موته، لكنه على الأقل سمح لعقله بأن يكون ثابتًا.

“تبـًا … لدي شعور سيء حقًا حيال هذا! إميليا ، سأستعيره منكِ!”

ووفقًا لحواسه الآن، فإن الخطر الذي تشكله الفتاة أمامه ينافس خطر الحوت الابيض و كاــ – كلا ، لقد كان خطرها يتجاوز خطرهم جميعًا.

“……! لا تخبرني أنكِ …! ”

“من الطبيعي أن تتوخى الحذر، لكن الجبناء أمثالك لا يمكنهم فعل أي شيء ضدي، صحيح؟ لذا على الأقل، أود أن تجلس قبل أن يبرد الشاي “.

بينما اعتلى وجه سوبارو نظرة مثيرة للشفقة، أومأت له إميليا وابتسمت بسرور وهي تلمس شفتيها بإحدى أصابعها، لم يتحمل سوبارو تلك الابتسامة الساحرة بعد نوبة الغضب، لذا ظهر الإرتياح ملاحه على الفور.

بهذه الكلمات، عرضت إيكيدنا على سوبارو المقعد الفارغ المقابل لها. على الطاولة البيضاء بين الكرسيين، استراح كوب من الشاي المزين بالبخار، والذي على الأرجح تم سكبه لأجل سوبارو.

متجاهلًا تفكيره المفرد، قام سوبارو بتوجيه دماغه المرهق للبحث عن أي فرصة لإيجاد طريقة للإلتقاء، وعندما كاد يوشك على البدء في المشي بحثًا عن مكان في الغابة_

الجلوس وشرب الشاي والتحدث معها- هذا ما طلبته إيكيدنا، لن يتحسن شيء حتى إن رفض عرضها، بل على العكس، احتمالية أن تسوء الأمور كانت أعلى في الواقع، لذا لم يكن أمام سوبارو خيار سوى القبول باقتراحها.

خدش سوبارو رأسه بقوة وهو يعبر عن الموضوع بطريقته الخاصة.

 

عندما وصل سوبارو إلى نهاية الطريق، ثنى ركبتيه وهو يلتقط أنفاسه، ثم مسح العرق الذي كان يغزو جبينه، وعندما رفع وجهه المتألم والمتجهم ، وجد أمامه أنقاض بناية غريبة.

بطبيعة الحال ، لم يكن الجزء الداخلي من الأنقاض مضاءً، لذا استمر في السير في الممر الذي رآه من المدخل، وحتى عندما صرخ ونادى عدة مرات لم يرد على نادائه سوى صوت صداه.

“دعيني أسألكِ شيئًا واحدًا … كنت داخل الأنقاض في ممر مظلم تمامًا، فما هذا المكان، ومتى تم نقلي إلى هنـا؟”

“إنها نصف عفريته، لا تشر إليها بذلك اللقب أمامها مرة أخرى “.

“النقل الفضائي … آه، تقصد تلك التعويذة المظلمة… لسوء الحظ ، لقد أسأت فهم الوضع، ما تعرضت له لم يكن النقل، لقد دعوتك ببساطة إلى قلعتي لتناول الشاي “.

لقد أدرك الطبيعة الحقيقية للتوعك الذي شعر به من الشخص المسمى إيكيدنا فور وصوله، ذلك الشعور الغريب القمعي الذي استمر دون أي إشارة للتراجع.

“في قلعتك … لتناول الشاي …؟”

عندما أخذت يد إميليا الكريستالة المقدم لها أمسكت فريدريكا تلك اليد بقوة.

قام سوبارو بعقد حاجبيه عند سماعه كلمات إيكيدنا، ووجه عينيه إلى التل مرة أخرى.

ابتسم سوبارو لبيترا الصغيرة وهو يربت على شعرها براحة يده، لتطلق تلك الفتاة صرختها المستمتعة “كياه~” يدى ذلك الصوت أشبه بصرخة سنجاب، والأرجح أنها أصدرت ذلك الصوت لتتهرب من الوضع.

كان التل يقع في وسط الأراضي العشبية التي تحركها الرياح، التي بدت لا نهاية لها، بدا العالم مسطحًا تمامًا دون أي عوائق يمكن رؤيتها في كل الجهات الأربع، مما أشعر النفس بإحساس التحرر، كان الأمر سرياليًا بكل معنى الكلمة.

“تلك الآذان الطويلة … هل أنت من الأقزام؟”

حقيقة أن هذا لا يبدو مكانًا حقيقيًا أعطت وزناً لادعاء إيكيدنا بأنه لم يتم نقله عن بعد.

“تبًا، كان هذا نوعًا ما… هيه!! باتلاش! مهلـ …!!!”

“لكن لا توجد قلعة هنا، إذا كانت هذه أرضك، فهل خرج لكِ أحد محصلي الديون من العدم وجردكِ من كلِ ثروتكِ  باستثناء كرسيين وطاولة؟ ”

“بيترا، أحسنتِ صنعًا بالعثور على السيد سوبارو، عمل متقن!”

“تيهيهيهي، أنت مضحك للغاية، باستثناء زملائي السحرة الذين لا يمكنني حتى عدهم على أصابعي، لم أتوقع أن يرتفع عدد أولئك الذين سيتحدثون بمثل هذه الوقاحة أمامي بعد موتي”.

“لكن لا توجد قلعة هنا، إذا كانت هذه أرضك، فهل خرج لكِ أحد محصلي الديون من العدم وجردكِ من كلِ ثروتكِ  باستثناء كرسيين وطاولة؟ ”

بضحكة مرحة، عدت إيكيدنا الذكريات على أصابعها مستمتعة برد سوبارو عليها.

“إيه؟ المعذرة! لم أكن منصتة، هلا تعيد ما قلته؟”

أما سوبارو فقد عبس، غير قادر على تجاهل سلوكها أو قولها عبارة <بعد موتي>.

أًصبح لعينا إيكيدنا ذات اللون الأسود الفاحم لمعان غريب، كما لو كانت تعرف كل شيء عن سوبارو.

كان عليه التفكير أولًا في لقبها المعروف، وعندما فكر وحلل الظرف الخارق للطبيعة الحالي ، لم يكن لديه سبب للشك في هوية إيكيدنا أو قوتها.

ثم أدرك ما يحدث: كل ما بقي من قلعة الأحلام  التل وكراسي لهما.

“آه، تبًأ! حسنًا ، حسنًا! سأجلس! سأشرب الشاي الذي عندكِ أيضًا! ”

“أتساءل حقًا لمَ جمعت هذين المموضوعين بالذات في جملة واحدة …”

مع عدم وجود طريقة للتقدم أو التراجع، فعل سوبارو الشيء الوحيد الذي يمكنه من الخروج من اليأس المرئي وجلس على الجانب الآخر من طاولة إيكيدنا منتزعًا كوب الشاي من على الطاولة ليقذف محتوياته دفعة واحدة داخل بطنه.

“أجل، صحيح، ناديته مراراً وتكرارًا، ويمكنني الشعور به عن طريق الرابط الروحي… لكنني أشعر بقلق شدييد، نادرًا ما لا يظهر لي وجهه لمثل هذه الفترة الطويلة”

لم يكن ماء ولا شاي أخضر ولا أسود. كان للشراب نكهة غامضة، لكنها لم تكن سيئة.

عندما انهار العالم بلا صوت ، لمس سوبارو الطاولة وهي الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه التمسك به على ما يبدو لتتلاشى الطاولة أيضًا وتتحول إلى غبار، حينها أغمض سوبارو عينيه في محاولة  للتحكم بنفسه في سبيل مقاومة الهزة الغير موجودة.

لأول مرة اتسعت عينا إيكيدنا متفاجأة من تصرفات سوبارو المحتقرة.

تنهد سوبارو بعمق ثم صر على أسنانه ودخل الأنقاض.

“أن تشرب شيئًا تقدمه ساحرة في جرعة واحدة … لديك روح شجاعة حقًا.

كان تلك الأنقاض مشيدة من الحجارة المتكدسة فوق بعضها البعض، بعبارة أوضح كانت أنقاضًا لعمارة بدائية للغاية.

“هاه؟! كما لو أن التصرف بجبنٍ كالمتبدئين سيفيدني في هذه المرحلة، إن كنت تريدين قتلي لكنتِ حولتيني إلى رماد في غمضة عين،  لا فائدة من الحذر من شرب كوب واحد من الشاي “.

بالتأكيد ، لم يكن هناك نقص في المعلومات التي يريد أن يعرفها، فهو  يود أن يعرف عن الساحرة التي تحدثت عنها، أو الملجأ الذي يحمي قبرها. أو ربما ربما …

لوح سوبارو بكفه رادًا على كلمات إيكيدنا المبتسمة، ثم قال “شكرًا لك على الشاي” بينما وضع فنجان الشاي جانبًا.

كان التل يقع في وسط الأراضي العشبية التي تحركها الرياح، التي بدت لا نهاية لها، بدا العالم مسطحًا تمامًا دون أي عوائق يمكن رؤيتها في كل الجهات الأربع، مما أشعر النفس بإحساس التحرر، كان الأمر سرياليًا بكل معنى الكلمة.

“لم يكن طعمه جيدًا أو سيئًا تحديدًا. أي نوع الشاي هذا …؟”

قام سوبارو بالأنين يئن بصوت نصف نائم ليدرك بعدها أنه كان مستلقيًا. رمش عدة مرات لتتضح رؤيته ويستيقظ في غضون ثوانٍ معدودة.

“تم إنشاؤه في قلعتي. أفترض أنه يمكنك القول أنها مستخلصة من  سوائل جسدي “.

أشعر تصريح إيكيدنا الغريب سوبارو بالكئآبة، الخوف الذي ذاقه جعل جسده يتجمد، لكن إيكيدنا أمالت رأسها حيث دلت عيناها السوداوتين التي حدقت بها بسوبارو تشير إلى توقع من نوع ما.

“اللعنة ، لماذا تجعلني أشرب هذا؟!”

” بماذا…؟”

قفز سوبارو من الكرسي إلى قدميه، ثم نزل على ركبتيه فيما بدا أنها محاولة لتقيؤ ما شربه للتو، ضحكت إيكيدنا وابتسمت على ردة فعل سوبارو المبالغ فيها.

غطت فريدريكا فمها وضحكت ردًا على شكوك سوبارو.

“لقد جرحتني بتصرفك، فبالحكم على مظهري، لا أبدو بهذا السوء”.

“أيضًا، عندما فكرت بالأمر، استنتجت أني عاطفية للغابة حيال ذلك، كنت بحاجة لتعويضك على الفور ، سوبارو ، لكنني كنت عنيدًا. آسف.”

 

________________________________________________

“مهما كانت الفتاة جميلة ، لا أريد أن أشرب سوائل أي شخص دون أن أكون مستعدًا لذلك! مهلًا… لايمكنني شرب أي شيء يسمى <سوائل الجسم>، سواء أكان من المعدة أو شيء آخر!! لست منحرفًا!!”

“سوبارو، من الصعب حقًا سماع أفكارك الداخلية هكذا، ولكن …”

على الأقل لم يفكر سوبارو باحتمالية أن تكون هذه السؤال أشياء أخرى كاللعاب أو العرق.

—أو حتى ما إذا كانت فريدريكا مرتبطة بانتقاله هذا.

“تبًا، لا يمكنني تقيؤه…! هيه، هذا لن يجعلني أمرض، أليس كذلك؟”

“آسف ، ولكن لابد أن إميليا بالخارج، اريد لقاءها أكثر مما اريد التحدث معك. بالإضافة إلى ذلك…”

“استرخ، إنها مجرد سوائل الجسم يمتصها الجلد والجسد بسهولة عادة”.

“تبًا! حاليًا عليّ الاحتفاظ بهذه الأفكار لوقتٍ لاحق، إن كان بإمكاني على الأقل معرفة الاتجاهات من موقع الشمس…”

“هذا ليس خبرًا مفرحًا البتة، لذا توقفي عن إظهار هذه التعابير بينما تقولين شيئًا كهذا!”

 

بدا سلوك إيكيدنا مليئًا بالفخر لسبب ما، الأمر الذي جعل سوبارو يخاف، لذا واصلت إيكيدنا حديثنا:

“آه، تبًأ! حسنًا ، حسنًا! سأجلس! سأشرب الشاي الذي عندكِ أيضًا! ”

“إن نسينا هذا وركزنا في الأهم، نجد أنك شخص غامض بالفعل، وقوفك بلا تأثر أمامي هكذا وحده دليل كافٍ”

“لا يعني هذا أني أريد الماء تحديدًا … ولكن إذا كانت الفتاة هي التي أحضرتني إلى هنا سابقًا، فإن العودة الآن إلى الوراء يعني التخلي عن تقدمي.”

“ماذا؟ هل أنت جمالكِ آخّاذ لدرجة أن الناس عادة ما يغلقون أعينهم عندما يرونك؟ فقط لتوضيح الأمر لكِ، أخشى أن عينيّ تتغذى بشكل دائم على منظر أجمل فتاة في المنطقة، لعلمكِ، عندما أنظر إليك لا يمكنني إلا أن أقول <واو ، إنها لطيفة> عدة مرات فقط”

قفز أكتاف الرجل بسبب تصرف سوبارو العنيفة، لذا هز كتفيه ناظرًا إلى الوراء.

“كلا، غالبًا ما يتقيأ الأشخاص العادييون عند رؤيتي، ممتع، أليس كذلك؟ ”

تحدث الشخص الذي كان يقف بجانب عربة التنين مباشرة إلى سوبارو بصوت يصدر على ما يبدو من خلال أسنان مطوية. توجه وحه سوبارو تجاه المتحدث.

“ما الممتع في ذلك ؟!”

 

هذه الحوارات المليئة بالأفكار المقلقة منذ بداية لقائهم جعلت سوبارو يشعر بالإرهاق جسديًا وروحانيًا حتى بدأء ينهار على كرسيه، ألقى نظرة أخرى على الساحرة الجالسة أمام عينيه.

“لقد قطعت الغابة بأكملها… ولكن ما هذا المكان يا ترى؟!!! ”

كان لديها شعر أبيض -بدا وكأنه قد أجري له سحب لون أو ما شابه- وفستان أسود يبدو وكأنه شيء يرتديه الشخص في جنازة. بطريقة ما ، بدت في الحال متقلبة وذات وجه طفولي ، لكنها أيضًا مغرية بشكل غامض. لكن كان من المؤكد أنها تمتلك وجهًا يحرك القلب.

“ولذا قررت أن تسألني عن طبيعة معرفتي؟ أنت شخص مسلٍ بحق”

بالرغم من ذلك، شعر سوبارو بضغط شديد، والذي لم يدل إلا على أنها ليست كائنًا طبيعيًا.

“ليست لا حاجة للتفكير بعمق في ذلك، كل ما تتطلبه الأسئلة والأجوبة هو وجود شخصين”

“حسنًأ إذن، بقدر ما يسعدني أن يكون لدي رفيق جديد أتحدث معه هنا، لا يبدو أن حالك من حالي، صحيح؟ هنالك أشياء تريد سؤالي عنها، أليس كذلك؟”

/////

“… هذا صحيح! لقد غلبتني تقلباتي المزاجية، لكن هذا صحيح. أنت … كلا، قبل ذلك ، أين يقع هذا المكان؟ يجب أن أكون في داخل تلك الأنقاض الغريبة، فكيف انتهى بي المطاف في قلعتك؟ ”

 

دخلت سوبارو الأنقاض بحثًا عن أدلة عن الملجأ،  بطريقة ما، وقد يكون نقلًا فوريًا، تعثر ليجد نفسه في قلعة إيكيدنا

 

– عالم ساحرة الجشع.

“طريقة الاستيقاظ من الحلم بسيطة، إما أن تستيقظ بقوة إرادتك، أو يوقظك شيء ما من الخارج، لكن عليّ إخبارك أن حُلمي هو من نوعٍ خاص، قد لا تتمكن من الإستيقاظ إن لم أرغب أنـا بذلك”

“لكن أولًا … هل أنت حقا ساحرة؟ وفقًا لما سمعته، باستثناء ساحرة الحسد ، قُتلت كل ساحرة أخرى في العالم … ”

“… حسنًا، سأغادر الآن، كوني فتاة جيدة وانتظريني، حسنًا؟”

“مهما كانت الشكوك داخل عقلك، فأنت لست مخطئا في هذا الإستنتاج. لقد دمرت ساحرة الحسد الساحرات الست الأخريات، ولست استثناءً من هذا،  فهذا المكان هُو قبري”.

أدرك سوبارو أن شعور الوعكة الذي كان يتجاهله لا شعوريًا قد عاد مرة أخرى

“قبر … تقصد أنني داخل قبرك؟”

بينما كان سوبارو يودع إيكيدنا بجدية، تهلهلت دموعها غير الراضية، لقد انقلب الطاولة، حيث أصبح سوبارو يستفز الساحرة التي كانت تُشعره بالقمع سابقًا.

رد إيكيدنا جعل سوبارو يتذكر الإحساس الذي كان يشعر به قبل دخول الأنقاض – حيث كان يشعر أن تلك الأنقاض هي معبد أو قبر.

“دعيني أسألكِ شيئًا واحدًا … كنت داخل الأنقاض في ممر مظلم تمامًا، فما هذا المكان، ومتى تم نقلي إلى هنـا؟”

لقد كان شعوره، فتلك الأنقاض ما هي إلا قبر.

“الدعوة إلى حفل الشاي ، وعلاقة ذلك بعنصر الساحرة… مقابل المعلومات التي اكتسبتَها، فقد استفدت أنا أيضًا الكثير من التعرف على شخص مثير للاهتمام  مثلك، صحيح ، سأمنحك تذكارًا أخيرًا … ”

لكنها كانت قبر ساحرة.

“أوقف طريقة التفكير السيئة هذه!! نحن في صف روزوال ، تـباً!!

“بعد موتي ، أصبحت روحي أسيرة في هذا المكان -قبر الساحرات-، ليس جسدي بل روحي هي التي دعتك إلى قلتعي، بعبارة أخرى، أنت داخل حلمي”.

أومأ سوبارو بإيماءة راضية عندما تذكر المشهد الرجولي للمبارز الذي تخيله ممزوجًا بالحكاية البطولية داخل رأسه.

“روحكِ فقط، أهذا ممكن؟ أيعني هذا أن جسدكِ يرقد في مكان ما في الخارج؟”

“ولمَ قد يكون غير ممكنًا؟ أنت تعرف شيئًا مشابهًا لهذا، أليس كذلك؟”

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

“………..”

 

تسبب ذلك السؤال المتحقق الذي طرحته إيكيدنا في توقف أنفاس سوبارو، وهو رد فعل تدل أنه وجد الأمر مريبًا.

أومأ سوبارو بإيماءة راضية عندما تذكر المشهد الرجولي للمبارز الذي تخيله ممزوجًا بالحكاية البطولية داخل رأسه.

لم يخطر بباله شيء، ولكن، لماذا كان هناك تردد غريب في قلبه؟

“لقد جرحتني بتصرفك، فبالحكم على مظهري، لا أبدو بهذا السوء”.

“… لا أعرف ما تشيرين إليه، لكن ما تقولينه ليس خاطئًا”

“… سيد سوبارو، حان وقت الانطلاق تقريبًا ، لذا …”

لم يكن ما قالته إيكيدنا كذب، وحتى إجابة سوبارو لم تكن مخادعة.

أصبح تصرف بيترا لطيفًا فجأة مما جعل سوبارو يربت على رأس الفتاة المبستمة وهو يتنفس الصعداء، هكذا لن تمر أي ليلة بلا مراقبة لبياتريس، بالرغم من أن سوبارو كان يتمنى أن يحصل على فرصة أخرى للحديث معها،

عندما قيل له أنه كان داخل حلم، فوجئ سوبارو لكنه سرعان ما تقبل الأمر … كما لو أن قلبه فهم على الفور الانطباع الذي تركه العالم.

 

أما لماذا صدقها، فلم يجد السبب في أي مكان في ذكرياته ، لكن …

2

“فهمت أنني داخل حلم وداخل قبرك، أخبريني كيف أخرج من هنا؟”

“حسنًأ إذن، بقدر ما يسعدني أن يكون لدي رفيق جديد أتحدث معه هنا، لا يبدو أن حالك من حالي، صحيح؟ هنالك أشياء تريد سؤالي عنها، أليس كذلك؟”

“طريقة الاستيقاظ من الحلم بسيطة، إما أن تستيقظ بقوة إرادتك، أو يوقظك شيء ما من الخارج، لكن عليّ إخبارك أن حُلمي هو من نوعٍ خاص، قد لا تتمكن من الإستيقاظ إن لم أرغب أنـا بذلك”

“بترك حفل الشاي الصغير الخاص بي، نادرًا ما تتاح الفرصة للآخرين بالتحدث مع ساحرة الجشع حتى إن رغبوا في ذلك”

 

“متعلق بي أنـا؟ إنها واثقة حقًأ من نفسها”

بقوة ، أو أن تستيقظ من الخارج. على الرغم من أنه يجب أن يقال ، فإن حلمي هو حلم خاص. قد لا تكون قادرًا على الاستيقاظ ما لم أرغب في ذلك. ”

“… إيه؟ أنت تمزح، صحيح؟ لا يمكن لذلك ان يكون صحيحًا، أعني… أنا ساحرة الجشع ، ألا تعلم ذلك؟ كل الناس من كل أنحاء العالم يسعون للحصول على معرفتي بما في الفرسان، الأشخاص المتميزون، وأنت الآن تجلس أمامي، حيث سمح لك أن تسأل عن أي شيء تريد معرفته، وهذا ردك؟!”

“……! لا تخبرني أنكِ …! ”

إحمرّ خدا إيكيدنا قليلاً وبدت خجولة لتحدثه بمودة شديدة. ولكن في تلك المرحلة كان سوبارو قد تجاوز كل ألاعيبيها، ما أراده حقًا هو معرفة نواياها الحقيقيىة.

اشتدت نظرة سوبارو عندما صدمه بيان إيكيدنا الخالي من المشاعر.

“الآن، حتى لو غابت السيدة إميليا وآخرون فإن السيدة بياتريس لا تزال هنا في القصر، سأجعلك تتعلمين كل الأساسيات في غضون أسبوع “.

أصبح عبارات (داخل الحلم) و(قلعة الساحرة) تحوم فجأة داخل ذهنه، إن كانت روح سوبارو سجينة هناك، فقد كان جسد سوبارو وروحه بين يديها!

ولكن بالرغم من كل محاولاته في مسح المنطقة، إلا أنه لم يعثر الفتاة التي كان من المفترض أن تكون هناك في أي مكان، اختفى كلٌ من حضورها، رائحتها وحتى صوت خطواتها، لقد فقد أثرها تمامًا.

“ليس في نيتكِ السماح لي بالخروج إذن …؟”

بدت تلك الخرابة -الصامدة في الغابة الهادئة- أشبه بالمعبد أو ربما-

“آه، الأمر ليس كذلك حقًا، إذا كنت تريد العودة حقًا، فسأعيدك مرة أخرى، أعني، ليس الأمر أني استدعيتك إلى هنـا، لقد تطفلت عليّ من تلقاء نفسك كما تعلم”.

“ابك واذرف دموعك، سيبقى جلد الران أزرق، أنا لن أستمع إليك!!”

“ألا يمكنكِ فعل شيء حيال إحساسي بالتوتر؟ السيد الجاد لا يستطيع التنفس هكذا، فهمتِ؟ ”

بعد أن أدرك أن تساؤلاته لن تؤدي إلا إلى استنفاذ قدرته على التحمل، صر سوبارو على أسنانه ووضع كل قوته في ساقيه.

“هذا لأن السيد الجاد لا يقف أمامي -على عكسك- بل على الأرجح سيتقيأ خلف شجرة؟ ”

“استرخ، إنها مجرد سوائل الجسم يمتصها الجلد والجسد بسهولة عادة”.

أصبح سوبارو منهكًا ذهنيًا من إيكيدنا التي تقذف بعباراتها السامة طوال الوقت، حتى تساءل في النهاية عن سبب تحدثها معه، أو قد يكون في الواقع ليس أكثر من استجابة الساحرة الطبيعية عند قدوم ضيف –

“كلا، غالبًا ما يتقيأ الأشخاص العادييون عند رؤيتي، ممتع، أليس كذلك؟ ”

“قلت أنك لم تستدعيني إلى هنا، بعبارة أخرى فالعفريتة التي كانت بالخارج لا علاقة لها بهذا؟ أم ربما هذه الكريستالة؟ ”

لطالما تحدث الجميع عن بتلاش بالإشارة لها على أنها مزاجية، ولكن الحقيقة أن سوبارو لم يشعر بشيء من هذا منذ اللحظة التي التقى بها أول مرة، لطالما تصرفت بودية معه، حتى في هذه اللحظة وهو يمد راحة يده ويفرك رقبتها، كان طرفا فمها مسترخيان، مما أشار إلى محبتها للناس على حسب تفسيره الشخصي.

بحث سوبارو في جيبه بيده حتى وجد الكريستالة الزرقاء، نظرًا لأنها أخبرته أنه تمت دعوة روحه فقط، كان قلقًا بشأن ما كان يحمله، ولكن يبدو أن سوبارو وجد ما كان بحوزته.

لسبب غريب، لم يستطع سوبارو تجنب أو إبعاد الإصبع الذي بدا وكأنه ينزلق نحوه.

ولكن إيكيدنا وضعت كوعها على الطاولة عندما تلقت سؤال سوبارو، ثم قالت:

أما لماذا صدقها، فلم يجد السبب في أي مكان في ذكرياته ، لكن …

“لسوء الحظ ، على الرغم من أن بشرتي في حالة جيدة ، إلا أنني ميتة تمامًا، أعرف القليل عن الأحداث خارج قبري، لكني لست مرتبطة بالعفريتة الني تتحدث عنها أو بتلك الكريستالة الزرقاء، تشعر بالرضا الآن؟”

لم يكن ماء ولا شاي أخضر ولا أسود. كان للشراب نكهة غامضة، لكنها لم تكن سيئة.

“لست راضٍ تمامًا إذ أن كل شيء ما يزال لغزًا محيرًا، ولكن هذا ما أردت السؤال عنه”.

“معرفة ذلك تجعلني أشعر بالوحدة إلى حد ما، لكن يجب أن تبدأ في التكيف معها قريبًا، آمل أن يتغير هذا الوضع حتى تصبح غير قادر على النظر مباشرة في وجهي حتى، إلى حد ما”

أومأ سوبارو برأسه لرد إيكيدنا ، وأعاد الكريستالة إلى جيبه وهو يرتفع واقفا على قدميه، لم يكن متأكدًا مما إذا كان نقل الكريستالة له ذو علاقة بالساحرة أم لا ، لكن لم يكن لديه سبب للبقاء هنا لفترة أطول.

“دعيني أسألكِ شيئًا واحدًا … كنت داخل الأنقاض في ممر مظلم تمامًا، فما هذا المكان، ومتى تم نقلي إلى هنـا؟”

البقاء والدردشة أثناء احتساء الشاي أثناه عن إكمال السعي خلف هدفه الأساسي (اللقاء مع إيميليا)

 

“على أي حال ، إذا كنت ستعيدني ، أعيديني الآن. أنا قلق للغاية بشأن الفتاة التي انفصلت عنها في الخارج. إن كان لدي الوقت لشرب سوائل جسمك ، فأنا أفضل استغلال ذلك الوقت في محاولة لقائها في أقرب وقت ممكن “.

رضخ سوبارو بصمت بينما ظلت إيكيدنا جالسة وهي تنطق تعكس شخصيتها، ومع ذلك لم يكن هنالك دلالة واضحية أن سوباو كان يفكر بالأمر حتى، وبقي الحاجز اللاممرئي فاصل بينهما.

“لا مانع عندي، لكن ألا بأس عندك بذلك؟”

“أيضًا، عندما فكرت بالأمر، استنتجت أني عاطفية للغابة حيال ذلك، كنت بحاجة لتعويضك على الفور ، سوبارو ، لكنني كنت عنيدًا. آسف.”

” بماذا…؟”

“ولمَ قد يكون غير ممكنًا؟ أنت تعرف شيئًا مشابهًا لهذا، أليس كذلك؟”

“بترك حفل الشاي الصغير الخاص بي، نادرًا ما تتاح الفرصة للآخرين بالتحدث مع ساحرة الجشع حتى إن رغبوا في ذلك”

كانت المشكلة أن مثل هذه الاستعدادات -سواءً اكتملت أم لا- كانت على الأرجح بلا فائدة عند قتال إيكيدنا.

عندما قالت ذلك ، فهم سوبارو مشاعره للمرة الأولى.

“قبر … تقصد أنني داخل قبرك؟”

لقد أدرك الطبيعة الحقيقية للتوعك الذي شعر به من الشخص المسمى إيكيدنا فور وصوله، ذلك الشعور الغريب القمعي الذي استمر دون أي إشارة للتراجع.

مع عدم وجود طريقة للتقدم أو التراجع، فعل سوبارو الشيء الوحيد الذي يمكنه من الخروج من اليأس المرئي وجلس على الجانب الآخر من طاولة إيكيدنا منتزعًا كوب الشاي من على الطاولة ليقذف محتوياته دفعة واحدة داخل بطنه.

“…….”

كانت الفتاة صغيرة، ذات شعر طويل وردي اللون، وبدت وكأنها في بدايات سن المراهقة،  بعينين لوزيتان وأنف طويل مصقول، وبشرة شاحبة ومرهقة، بدت وكأنها ستتفكك في اللحظة التي يلمسها أحد ما، أما بالنسبة لطولها، فهي حتى لم تصل حتى منتصف الطريق إلى أعلى صدر سوبارو، كان جسدها الصغير مغطى فقط برداء أبيض يشبه المعطف.

أًصبح لعينا إيكيدنا ذات اللون الأسود الفاحم لمعان غريب، كما لو كانت تعرف كل شيء عن سوبارو.

كان “غارفيل” هو الاسم الذي سمعاه مرارًا وتكرارًا من فريدريكا خلال اليومين الماضيين، وهو الشخص الذي عليهم توخي الحذر منه، في الواقع، سمع سوبارو باسمه عدة مرات من قبل.

كانت الطبيعة الحقيقية لهذا الشعور السيئ هي فضول إيكيدنا الذي لا ينضب.

على الأقل لم يفكر سوبارو باحتمالية أن تكون هذه السؤال أشياء أخرى كاللعاب أو العرق.

كان اهتمامها العميق بالمخلوق أمام عينيها هو ما جعله يشعر بالقمع.

“حسنًا، إن وضعنا موضوع رام جانبًا، فقد يكون من واجبي الاعتذار لهما، لكن في الآن ذاته أظن أن لدي الحق في ضرب روزوال على وجه.”

“أنتِ؟ … هل تعرفين ما هي الأشياء التي أريد معرفتها؟”

عندما أومأت إيكيدنا برأسها وابتسمت بارتياح، شعر سوبارو بالعرق البارد يجتاح جسده، وقبض بيده على صدره حيث أصبح قلبه يخفق بشده حتى شك أنه نسي كيف ينبض في مرحلة ما، أما أطرافه المخدرة فقد توسلت له طلبًا للرحمة.

“ولذا قررت أن تسألني عن طبيعة معرفتي؟ أنت شخص مسلٍ بحق”

“هذا منديل أبيض ليساعدك في رحلتك، يمكنك تنظيف نفسك به خلال طريقك وإعادته لي عند عودتك- أعلم أن المرأ لم يعد يستفيد من المنديل كثيرًا ههذه الأيام، لكنها عادة قديمة عندنا مغزاها أن تتمنى عودة شخص بأمان من رحلة ما”

كلماتها جعلت فم سوبارو المتصلب يتحرك، ولكن صوته اختفى من هول صدمته، تلك الكلمات جعلت إيكيدنا تضحك وتبتسم ، وكان جسد سوبارو بأكمله متأثرًا بشعور قهر أكبر من ذي قبل.

 

“ليست لا حاجة للتفكير بعمق في ذلك، كل ما تتطلبه الأسئلة والأجوبة هو وجود شخصين”

عندما اختفت عربة التنين المغادرة عن الأنظار، طرحت فريدريكا هذا السؤال على بيترا ، التي لا تزال بجانبها.

في تلك اللحظة تحرك الهواء ، وبدأت المناظر الطبيعية – السماء الزرقاء الشاسعة والأراضي العشبية – في الانهيار فجأة. تشققت السماء ، وذابت المراعي ، وتحطم أفق العالم إلى قطع صغيرة.

“إيميليا تان، هل أنتِ متوترة أو ما شابه؟”

عندما انهار العالم بلا صوت ، لمس سوبارو الطاولة وهي الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه التمسك به على ما يبدو لتتلاشى الطاولة أيضًا وتتحول إلى غبار، حينها أغمض سوبارو عينيه في محاولة  للتحكم بنفسه في سبيل مقاومة الهزة الغير موجودة.

“… سيد سوبارو، حان وقت الانطلاق تقريبًا ، لذا …”

“كل ما نحتاجه هي الكلمات… فضولك وتعطشك للمعرفة – أنا أعترف بجشعك

“أو..آآآهه”

ثم أدرك ما يحدث: كل ما بقي من قلعة الأحلام  التل وكراسي لهما.

لم يسمع بها من قبل – لا ، كانت هذه بقايا مفقودة من التاريخ الغير مسجل في العالم الحالي.

فتح سوبارو عينيه بحذر شديد وجلس على الكرسي المقابل وهو يحدق في الساحرة، إن  استثنينا تلك والكرسي الأبيض فسنجد أنه قد تم تجريد العالم ليعود إلى أدنى مستوياته، ومع عدم وجود شيء سوى الظلام الراكد القاتم المنتشر في المكان الذي كانت فيه المراعي. أصبح الشيء الوحيد الذي كان سوبارو على يقين منه هو أنه إذا وقع الآن، فلن تكون هناك عودة.

“إذن أنت غارفيل…؟!”

أدى ذلك إلى ظهور قشعريرة في العمود الفقري لسوبارو بينما صفقت إيكيدنا -بمعنويات عالية- يديها بفرح تجاهه.

متجاهلًا تفكيره المفرد، قام سوبارو بتوجيه دماغه المرهق للبحث عن أي فرصة لإيجاد طريقة للإلتقاء، وعندما كاد يوشك على البدء في المشي بحثًا عن مكان في الغابة_

“الآن، ما الذي تريد أن تسألني عنه؟ عن دافني (ساحرة الشراهة) التي صنعت الوحوش في تحد لإرادة السماء لإنقاذ العالم من الجوع؟ أم كارميلا (ساحرة الشهوة) المحبة للعالم والتي تمنع المشاعر لمن هم غير إنسانيين؟ أو ربما مينيرفا (ساحرة الغضب) التي تبكي على عالم مليء بالصراع وتصحح مسار الناس بيديها رغمًا عنهم؟ أم عن سيكميت (ساحرة الكسل) التي أرادت لحظة هدوء وسلام فقادت التنانين إلى ما وراء الشلالات العظيمة لهذا السبب وحده؟ أو تايفون (ساحرة الكبرياء)، الفتاة البرية التي لا ترحم، والتي استمرت في الحكم على المذنبين؟”

 

لم يسمع بها من قبل – لا ، كانت هذه بقايا مفقودة من التاريخ الغير مسجل في العالم الحالي.

“… حسنًا، شيء من هذا القبيل، لا أخطط للإبتعاد مدة طويلة، لكني أردت رؤية وجهها، أعتمد عليكِ في رعايتها أثناء غيابي يا بيترا “.

عند سماعها تتحدث باسم ساحرة تلو الأخرى ، كان سوبارو عاجزًا عن الكلام. ابتسمت إيكيدنا أكثر وهي تتابع.

 

“أو ربما إيكيدنا ، ساحرة الجشع ، تجسيد الرغبة في المعرفة ، التي لا يزال بحثها عن كل الحكمة حتى بعد الحياة الآخرة؟”

كان هذا هو الانطباع الذي شعر به، ليس بسبب جمالها، ولكن بسبب الهالة التي تحملها، فقد كانت عينيها بلا عاطفة، ووجها بلا مشاعر-جامد لا يتحرك- بالإضافة إلى حضورها الصامت وقوة إرادتها الظاهرية الضعيفة والتي أعطت شعورًا أنها ليست ندًا لأي شخص.

لمست إيكيدنا صدرها بيدها لتقول الكلمات بطريقة وكأنها تستنكر شخصًا ما وتتابع:

عندما انهار العالم بلا صوت ، لمس سوبارو الطاولة وهي الشيء الوحيد الذي كان بإمكانه التمسك به على ما يبدو لتتلاشى الطاولة أيضًا وتتحول إلى غبار، حينها أغمض سوبارو عينيه في محاولة  للتحكم بنفسه في سبيل مقاومة الهزة الغير موجودة.

“أو ربما ساحرة الحسد ، المرأة البغيضة التي دمرت وأكلت الستة الآخرين ، وجعلت العالم كله عدوا لها؟”

 

________________________________________________

أمام الخراب كانت هناك عربة تنين واحدة، وسائق شاب تعلوا وجهه نظرة مثيرة للشفقة.

شعر ناتسكي سوبارو بهالة الموت القوية تتشكل في جسد فتاة جالسة أمام عينيه.

“أنـا حقًا لا أفهم السبب، ماذا؟ هل أنقذتكِ في حياتي السابقة أو ما شابه؟”

كانت تلك هي البصيرة المقفرة التي اكتسبتها سوبارو بشأن إيكيدنا، والتي أثبتتها طرقها الساحرة.

لم تكن تشبهه أبدًا، لم يكن له علاقة على الإطلاق بعداواتها أو سبب وجودها.

“باتلاش مذهلة!!”

في سبيل مواجهة الرهبة التي لا مفر منها، كان من السهل على ردود الفعل العاطفية للشخص أن تستمر في التلاشي.

“بالنسبة لي، يبدو أنها تعني بحركتها تلك (يمكنك مداعبتي إن رغبت بذلك)…”

“أوووه، يبدو أنني قد أرهبتك كثيرًا، لطالما كان الأمر هكذا دائما، لا يمكنني التحكم بفمي عندما أصبح مهتمة بشيء ما، إنه شيء طبيعي في دمائنا نحن الساحرات، وهو أمر مزعج حقًا”.

“آسف لعدم الانغماس في ضيافتك. بالمناسبة ، أيمكنني سؤالكِ شيئًا عن … هذه الآنقاض، عندما أغادر القبر أين اتجاه أسلك لأعثر على سكان الملجأ؟”

رضخ سوبارو بصمت بينما ظلت إيكيدنا جالسة وهي تنطق تعكس شخصيتها، ومع ذلك لم يكن هنالك دلالة واضحية أن سوباو كان يفكر بالأمر حتى، وبقي الحاجز اللاممرئي فاصل بينهما.

بينما كان سوبارو يودع إيكيدنا بجدية، تهلهلت دموعها غير الراضية، لقد انقلب الطاولة، حيث أصبح سوبارو يستفز الساحرة التي كانت تُشعره بالقمع سابقًا.

أدرك سوبارو أن شعور الوعكة الذي كان يتجاهله لا شعوريًا قد عاد مرة أخرى

“هل يمكنكِ إعادتي الآن؟ سأتي لاحتساء فنجان شاي آخر والتحدث معكِ مرة أخرى، حسنًا؟ ”

“معرفة ذلك تجعلني أشعر بالوحدة إلى حد ما، لكن يجب أن تبدأ في التكيف معها قريبًا، آمل أن يتغير هذا الوضع حتى تصبح غير قادر على النظر مباشرة في وجهي حتى، إلى حد ما”

“… حسنًا، سأغادر الآن، كوني فتاة جيدة وانتظريني، حسنًا؟”

أشعر تصريح إيكيدنا الغريب سوبارو بالكئآبة، الخوف الذي ذاقه جعل جسده يتجمد، لكن إيكيدنا أمالت رأسها حيث دلت عيناها السوداوتين التي حدقت بها بسوبارو تشير إلى توقع من نوع ما.

بوجه محمر، رفعت بيترا يدها وهي تقدم شيئًا لسوبارو، كانت تحاول تقليد فريدريكا وهي تقدم بيدها منديلًا أبيض بسيطًا.

سقط شعرها الأبيض الجميل على كتفيها، وبينما كان سوبارو يحدق به، شعر كما لو أن لحظات الألم هذه ستستمر إلى الأبد – لكن الألم توقف فجأة.

“أجل، الأمر كذلك، أنا مستخدمه سيئة للغاية، ألا ترى؟ ”

“هاء ، آه؟”

بقوة ، أو أن تستيقظ من الخارج. على الرغم من أنه يجب أن يقال ، فإن حلمي هو حلم خاص. قد لا تكون قادرًا على الاستيقاظ ما لم أرغب في ذلك. ”

“همم، هذا أسرع مما توقعت، إنه الشخص المناسب لك، من المفيد أن تتأقلم بسرعة “.

صهلت تنينة الأرض ذات اللون الأسود الفاحم بفخر حيث أشاد صوت أوتو بمآثرها.

“عن ماذا تتحدثين؟”

كان من الواضح أن الوضع كان مختلفًا قبل تعاقد إيميليا مع باك، أما الآن، فقد كان سوبارو يرى الإثنين دائمًا معًا، لذا فإن تخيلهما منفصلان عن بعضيهما لم يدخل رأس سوبارو، ولكن-

عندما أومأت إيكيدنا برأسها وابتسمت بارتياح، شعر سوبارو بالعرق البارد يجتاح جسده، وقبض بيده على صدره حيث أصبح قلبه يخفق بشده حتى شك أنه نسي كيف ينبض في مرحلة ما، أما أطرافه المخدرة فقد توسلت له طلبًا للرحمة.

أما سوبارو فقد عبس، غير قادر على تجاهل سلوكها أو قولها عبارة <بعد موتي>.

ومع ذلك ، فقد نجا من الخوف الذي كان يسيطر قبل بضع لحظات، لقد اختفى مثل السحر.

“ألا تشعر بذرة ذنب واحدة؟! حسنًا… أوه، هذا ليس مهمًا أصلًا!”

“لقد شربت الشاي الخاص بي ، صحيح؟ لقد أدى ذلك إلى تنشيط عنصر الساحرة الخاص بك وتعزيز مقاومتك، الآن أنا وأنت يمكننا التحدث، رباااااه~ هذا شيء جيد جدا لكلينا ، أليس كذلك؟”

لكن لحسن الحظ لم يقم خصمه بأية ردة فعل باستثناء التراجع ببطء كما فعل سوبارو.

“مهلًا، مهلًا، مهلًا … سمعت هذا المصطلح من قبل … لا يمكنني تجاهله، قولي لي مجددًا ماذا فعلت سوائل الجسم تلك؟ ماذا فعلت بجسدي؟”

“بعد موتي ، أصبحت روحي أسيرة في هذا المكان -قبر الساحرات-، ليس جسدي بل روحي هي التي دعتك إلى قلتعي، بعبارة أخرى، أنت داخل حلمي”.

“من فضلك لا تسيء الفهم … لم أجعلك تشربه بسوء نية مني، إن كان لدي أية نوايا، فلن تكون سوى شعور اعتزاز بك … من المحرج بعض الشيء أن أقول هذا بصوت عالٍ “.

استمر الصوت بالتردد داخل عقله، بلمسات دافئة، ونداء جاد… كل تلك الأمور اختلطت ببعضها ___

إحمرّ خدا إيكيدنا قليلاً وبدت خجولة لتحدثه بمودة شديدة. ولكن في تلك المرحلة كان سوبارو قد تجاوز كل ألاعيبيها، ما أراده حقًا هو معرفة نواياها الحقيقيىة.

عندما كشفت إميليا عن سبب توترها شعرت سوبارو بالاستياء لعدم إدراكه ذلك بنفسه.

“لقد قتلت شخصيًا يعتبر من السحرة في الأيام القليلة الماضية، أليس كذلك؟ وعند موته، اختارك عنصر الساحرة لكونك الحامل الجيد، بفضل ذلك تمكنت من دخول قبري بأمان”

إلى جانب هذه الكلمات ، استخدمت إيكيدنا اصبعها ذاتخ لإعطاء دفعة خفيفة لجبين سوبارو.

“إذن فأنت تقولين… أن عنصر الساحرة هو شرط الدعوة للقلعة وهذا الحلم؟”

على الرغم من أن الرجل فرد ذراعيه على نطاق واسع مؤكداً أنه ليس لديه نية للقتال، إلا أن سوبارو لم يقلل من حذره. مثل هذا السلوك جعل الرجل يغوص في التفكير لفترة وجيزة ، وأخيراً أحدث ضوضاء وإيماءة كما لو أنه فهم أخيرًا قبل أن يتحدث.

“كلا، إنه فقط شيء يؤهلك لدخول القبر نفسه، أنت استثناء بين الاستثناءات، في البداية يبدو أنك قد قفزت قبل الموعد المحدد بقليل، لذا يحق أن تصبح أكثر دراية مما أنت عليه … يجب أن تعرف أكثر عني وعن القبر وعن الملجأ “.

لقد كان شعوره، فتلك الأنقاض ما هي إلا قبر.

“-! أتعرفين شيئًا عن الملجأ ؟! ”

“من فضلكِ… انتبهي من غارفيل”

جعلت كلمة <الملجأ> سوبارو يشق طريقه بسرعة حتى قلص المسافة بينهما وأمسك كتفا إيكيدنا بيديه، عندما لمست سوبارو كتفيها النحيفتين ووجه وجهه لوجهها تجنبت الساحرة الجميلة نظرته.

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

“… لدي خبرة قليلة في الأمور الرومنسية، لذا لا يمكنني تحديد ما إذا كان تصرفك شجاعة أم مجرد وقاحة”

“الآن، حتى لو غابت السيدة إميليا وآخرون فإن السيدة بياتريس لا تزال هنا في القصر، سأجعلك تتعلمين كل الأساسيات في غضون أسبوع “.

“لا تستهزئي بهذا! إذا كنت تعرفين شيئًا عن الملجأ، فهذا يسهل الأمر عليّ! هل هذا … لا ، هل تعلمين شيئًا عن الغابة المحيطة بالأنقاض؟ أهذا يعني أن الأنقاض هي جزء من الملجأ؟ ”

بشكل غير لائق ، كان ذلك مطلبًا تم إلقاؤه عاليه في النهاية.

“انت بارد جدا، لكن بما أنك سألت، سأجيبك: أجل، كما كنت تأمل، فإن المنطقة الواقعة خارج الأنقاض هي الملجأ. بمعنى أدق، الملجأ هو الاسم الذي يطلق على المكان الذي يحمي هذا القبر”.

أصبح عبارات (داخل الحلم) و(قلعة الساحرة) تحوم فجأة داخل ذهنه، إن كانت روح سوبارو سجينة هناك، فقد كان جسد سوبارو وروحه بين يديها!

“إذن…!”

عندما بدأت إميليا عتابها -والذي كان ناتجًا عن حزنها العميق- بقي سوبارو خافضًا رأسه على الأرض أمامها، إذ أنه فهم سبب انفعالها في تلك اللحظة، فقد تجاهل حساسية هذا الموضوع وداس على أهم أجزاء نفسية إميليا تمامًا مثلما فعل في القصر.

هذا يعني أنه إن خرج القلعة التي في الحلم، وخرج من الأنقاض، وشق طريقه عبر الغابة، فإن بإمكانه اللقاء بإيميليا والآخرين، حتى لو لم يقابل إميليا، لابد أن يكون قادرًا على مقابلة أولئك الساكنين في الملجأ والخروج من المأزق الذي هو فيه.

في اللحظة التي تقدم فيها للأمام، انبعث من الوهج الأزرق اللامع ضوءًا أقوى وقام بالإحاطة بجسد سوبارو بالكامل، لم يعطهِ ذلك الوميض حتى وقتًا للندم على اختياره لأوليته، حيث اختفى العالم في غمضة عين.

هذا يعني أن الجنية التي قادته إلى هنـا كانت بالفعل من سكان الملجأ.

“دعيني أسألكِ شيئًا واحدًا … كنت داخل الأنقاض في ممر مظلم تمامًا، فما هذا المكان، ومتى تم نقلي إلى هنـا؟”

“فجأة ازدادت رغبتي بالخروج، قلتِ إنك سترسلني إلى هناك، أليس كذلك؟ ”

“هاه! إذن فهذا ما يسمى “العقدة قبل التفكير” التي لديك! ”

“إيه؟ آه ، أنا أضمن ذلك… أنا أضمن إرسالك، لكنني سأكون وحيدة جدًا إذا هرعت وتركرتني بهذه الطريقة. أمم، ألا يوجد شيء آخر تود سؤالي عنه؟ ”

“…”

“آسف ، ولكن لابد أن إميليا بالخارج، اريد لقاءها أكثر مما اريد التحدث معك. بالإضافة إلى ذلك…”

“النقل الفضائي … آه، تقصد تلك التعويذة المظلمة… لسوء الحظ ، لقد أسأت فهم الوضع، ما تعرضت له لم يكن النقل، لقد دعوتك ببساطة إلى قلعتي لتناول الشاي “.

عقدت إيكيدنا حاجبيها في حالة من الفزع، مما حعل لسوبارو يلمس طرف أنفه وهو يواصل حديثه.

أدرك سوبارو أن إميليا كانت عنيدة ومخلصة عندما يتعلق الأمر بالقسم أيًا كان نوعه، أما بالنسبة لسوبارو، فقد كانت الوعود والمواثيق والنذور مجرد تلاعب بسيطًا بالألفاظ، لذا فإن تقدير الإثنان لمثل هذه الأمور مختلف تمامًا.

“أنتِ لا تعرفين ما في الخارج، أليس كذلك؟ من الصعب قول هذا بعد كل هذا بعد الصراخ والغضب، ولكن لأكون صريحًا معكِ، لا يوجد أي شيء أريد أن أسألكِ عنه … ”

“هذا منديل أبيض ليساعدك في رحلتك، يمكنك تنظيف نفسك به خلال طريقك وإعادته لي عند عودتك- أعلم أن المرأ لم يعد يستفيد من المنديل كثيرًا ههذه الأيام، لكنها عادة قديمة عندنا مغزاها أن تتمنى عودة شخص بأمان من رحلة ما”

“… إيه؟ أنت تمزح، صحيح؟ لا يمكن لذلك ان يكون صحيحًا، أعني… أنا ساحرة الجشع ، ألا تعلم ذلك؟ كل الناس من كل أنحاء العالم يسعون للحصول على معرفتي بما في الفرسان، الأشخاص المتميزون، وأنت الآن تجلس أمامي، حيث سمح لك أن تسأل عن أي شيء تريد معرفته، وهذا ردك؟!”

5

بسبب رد سوبارو غير المتوقع، تغيرت تعابير إيكيدنا بوضوح لأول مرة، كادت الساحرة تنهار بسبب استنفاذ كل الكلمات التي من شأنها منع سوبارو من المغادرة.

“هيه، هل ترتجف؟ حسنًا، لقد استنفذت حظك بالتأكيد، ها أنت في مكان لا يجب أن تكون فيه، والآن أمسكت بك!”

“اهدأـ جعلنا نتحدث، صحيح أن درايتي ما يحدث الآن ضعيفة، ولكن بالمقابل لديّ معرفة واسعة بالعصر القديم  لدرجة أنني أستطيع التباهي  والقول أنه لا يوجد شيء لا أعرفه! أنا على اطلاع  بالحقائق التاريخية التي لا يتذكرها أحد حتى، دراية لا ينقصها أو يشوبها شائبة تمتد لأربعة قرون…. لديك فرصة لإكتساب هذه المعرفة!”

عندما أعطته إميليا نظرة مبالغ فيها رد عليها سوبارو بابتسامة غامضة ولوح لها بيد.

“لكنني لست مهتمًا بالساحرات، حتى لو تحدثنا عنهم  فقد ماتوا جميعًا، وهناك الكثير من الأشياء الأخرى التي عليّ التفكير فيها غير هذا الموضوع … ”

“أتعرف … اسم إميليا؟”

“إيه …!”

“لسوء الحظ ، على الرغم من أن بشرتي في حالة جيدة ، إلا أنني ميتة تمامًا، أعرف القليل عن الأحداث خارج قبري، لكني لست مرتبطة بالعفريتة الني تتحدث عنها أو بتلك الكريستالة الزرقاء، تشعر بالرضا الآن؟”

بينما كان سوبارو يودع إيكيدنا بجدية، تهلهلت دموعها غير الراضية، لقد انقلب الطاولة، حيث أصبح سوبارو يستفز الساحرة التي كانت تُشعره بالقمع سابقًا.

تتبعت أصابعها حواف الرسالة التي قرأتها عدة مرات، أخيرًا ، تحولت تلك الأصابع نحو رقبتها. ومع ذلك ، فإن الإحساس الذي سعت إليه لم تجده في أي مكان …

وهكذا تحطمت صورة ساحرة الجشع، وبدون الحقد الذي عُرفت به، بدت مجرد فتاة عادية تمامًا.

“أجل، هذا صحيح”

بالتأكيد ، لم يكن هناك نقص في المعلومات التي يريد أن يعرفها، فهو  يود أن يعرف عن الساحرة التي تحدثت عنها، أو الملجأ الذي يحمي قبرها. أو ربما ربما …

“بيترا، أحسنتِ صنعًا بالعثور على السيد سوبارو، عمل متقن!”

“على سبيل المثال ، هذا. هل تعرفين أية تفاصيل عن مطران الخطايا السبع المميتة لطائفة الساحرة؟ ”

“اهدأـ جعلنا نتحدث، صحيح أن درايتي ما يحدث الآن ضعيفة، ولكن بالمقابل لديّ معرفة واسعة بالعصر القديم  لدرجة أنني أستطيع التباهي  والقول أنه لا يوجد شيء لا أعرفه! أنا على اطلاع  بالحقائق التاريخية التي لا يتذكرها أحد حتى، دراية لا ينقصها أو يشوبها شائبة تمتد لأربعة قرون…. لديك فرصة لإكتساب هذه المعرفة!”

“مطران الخطايا السبع المميتة؟ حسنًا ، للأسف ، لا أعرف هذا المصطلح. هلّا تخبرني عنه بمزيد من التفصيل؟ ”

متجاهلًا ذهوله اللحظي، قام سوبارو بمسح المنطقة محاولًا جاهدًا أن يفهم الوضع.

“انعكس موقفينا تمامًا، تبـًا… حسنًا، إذا كنت لا تعرفين شيئًا عنهم، فلا بأس بذلك.”

“كلا، كان هذا يحدث قبل أن أتعاقد معه فقط… وقلت اختفاءاته تدريجًا بعد التعاقد، عدم مقابلته لعدة أيام تشعرني بالقلق”

ظهرت ابتسامة على وجه سوبارو بعدما رآى أنه حطم إيكيدنا – مما أخفى الألم في صدره.

“أوقف طريقة التفكير السيئة هذه!! نحن في صف روزوال ، تـباً!!

“أجل، لا بأس.”

في الواقع ، لم تقل فريدريكا الكثير عن الملجأ، ما أخبرت به سوبارو والآخرين اقتصر على المميزات والمخاطر الخاصة بالمكان الذي يقع فيه، واسم شخص خطير هنـاك، وساعدتهم على عبور الحاجز، لكن تعاونها انتهى عند ذلك الحد.

كان يأمل، ولكن تلك الآمال تبددت بسهولة، لذلك لم تكن هناك فائدة من البقاء هنا بعد الآن.

على الرغم من أن الرجل فرد ذراعيه على نطاق واسع مؤكداً أنه ليس لديه نية للقتال، إلا أن سوبارو لم يقلل من حذره. مثل هذا السلوك جعل الرجل يغوص في التفكير لفترة وجيزة ، وأخيراً أحدث ضوضاء وإيماءة كما لو أنه فهم أخيرًا قبل أن يتحدث.

إذا لم تكن تعرف شيئًا عن مطران، فإنها لا تعرف شيئًا عن سلطاتهم، أو الأضرار التي لحقت بهم، أو طرق إصلاحها.

تسبب ذلك السؤال المتحقق الذي طرحته إيكيدنا في توقف أنفاس سوبارو، وهو رد فعل تدل أنه وجد الأمر مريبًا.

– مما يعني أنها لم تكن تعرف كيفية إنقاذ ريم.

“صباح الخير يا سوبارو، هل نمت بشكل جيدًا؟ ”

“هل يمكنكِ إعادتي الآن؟ سأتي لاحتساء فنجان شاي آخر والتحدث معكِ مرة أخرى، حسنًا؟ ”

“الكريستال يتوهج … سوبارو!”

“أهذا حقًا وعد يمكنك قطعه بسهولة مع ساحرة ميتة …؟”

أومأ سوبارو بإيماءة راضية عندما تذكر المشهد الرجولي للمبارز الذي تخيله ممزوجًا بالحكاية البطولية داخل رأسه.

مع كون سوبارو في عجلة من أمره للخروج، جعلت كلماته إيكيدنا يتنهد ، حيث بدا أن أن كل السم قد سحب منها. ثم لوح سوبارو بيده بطريقة راسخة وشعر بالرياح تأتي من خلفه.

(دمية)

عندما نظر إلى الوراء ، ظهر باب واحد في عالم الظلام اللامتناهي والسماء المكسورة.

شعر سوبارو بطعم مرير في فمه، لقد استخف بتلك الفتاة التي لم تظهر وجهها على الإطلاق، بالرغم من أنه و إميليا قررا الانطلاق إلى الملجأ، إلا أن سلوك بياتريس في لقاءهما الأخير كان مختلفًا تمامًا عن عادتها. لقد تجول سوبارو في القصر بحثًا خلال اليومين الماضيين باحثًا عن غرفتها قدر استطاعته لكنه لم يجد شيئًا.

“ادخل ذلك الباب، وسوف تستيقظ في الخارج، يا إلهي ، لم أحضَ بحفل شاي هكذا من قبل”

“همم، بذكر هذا، لم أره قبل العودة إلى القصر أيضًا، الحقيقة أنني لم أره منذ أن… تركنا كروش تقريبًا؟”

“آسف لعدم الانغماس في ضيافتك. بالمناسبة ، أيمكنني سؤالكِ شيئًا عن … هذه الآنقاض، عندما أغادر القبر أين اتجاه أسلك لأعثر على سكان الملجأ؟”

أدت الصدمة التي شعر بها سوبارو إثر التقاء عينيه بالعينين القاسيتين لذلك الكيان إلى توقف كل عمليات التفكير التي كانت داخل عقله، لو كان الطرف الأخر يضمر السوء له، كان قادرًا على قتله في غمضة عين.

“أخبرتك من قبل أني لا أعلم سوى القليل عن العالم الخارجي، وبطبيعة الحال أنا لا أعرف موقع الملجأ أيضًا “.

لم يكن صوت الصراخ المتألم العالي هو صوت سوبارو، بل كان صوت أوتو وهو يراقب ما يحدث من خلال أصابع يديه التي غطى بها وجهه.

“يا رجل، بالنسبة لفتاة ذات شخصية هادئة وشخص معروف بمعرفة كل شيء، فمعلومات قليلة حقًا….”

“كم أود القول أن بإمكاني فهمكِ تمامًا، لكن الواقع أن أي شخص يمكنه ذلك”

كان على وشك الخوض في حديث معها، ولكن أكتاف سوبارو استرخت عندما رأى كيف نفخت  إيكيدنا صدرها، اذت رفع يده ملوحًا متجاهلًا إياها ومعلنًا رحيله.

“من المؤلم أن أراك تتأخذ وضعية دفاعية عندما رأيتني،  ألا أبدو بالنسبة لك مجرد فتاة عذراء وحيدة بريئة؟”

على الرغم من أنه كان حذرًا بشدة في البداية ، إلا أنها كانت طريقة لطيفة لإنهاء حفل شاي بذكاء—

بالتفكير في الفتاة التي رافقت سيدها، وقدمت حياتها له، تنهدت فريدريكا بطريقة حزينة، لمست يدها بشكل انعكاسي جيب صدر زي خادمتها.

“- الآن ، بما أنك عائد من حفلة شاي مع ساحرة، فقد حان الوقت لآخذ التعويض المستحق.”

“حسنًا إذن، لا بأس، لقد سامحتك… رغم أني لا أعلم ما تقصده بالفضاء الخارجي”

بشكل غير لائق ، كان ذلك مطلبًا تم إلقاؤه عاليه في النهاية.

“حسنًا، علينا التوقف الآن قبل أن يصبح مزاحنا مبتذلًا!”

سوبارو -الذي شعر بالرعب لأن صدى كلماتها كان يتغلغل في روحه بشكل رهيب ، أدار رأسه تجاهها. قالت إيكيدنا -الساحرة التي عُرفت بحقدها- بابتسامة هادئة ولطيفة –

كانت ليليانا شاعرة توقفت عند قصر روزوال خلال إحدى رحلاتها، كان كان على يقين من أن إحدى الأغاني التي غنتها أثناء إقامتها في القصر تطرقت إلى ذلك الحدث التاريخي.

“… تجدر الإشارة إلى أنني فقير مقارنة بأفضل من فيهم، لا يتم دفع تعويضات للسحرة بالعملة المعدنية. ما أطلبه منك هو ميثاق ليس إلا، تنص شروط هذا الميثاق على أنك ممنوع من التحدث للآخرين عما حدث في حفل الشاي هذا، أنت ملزم باتفاقية مماثلة، لذا فهي مسألة بسيطة بالنسبة لك ، أليس كذلك؟ ”

“هذا هو الأسوأ … بعد أن تم نقلي بعيدًا، أفلت من يدي الدليل الوحيد..!!”

“اتفاقية ممثالة …”

“لقد فكرت بعمق كعمق البحار، واستغرق الأمر وقتًا أطول من الجبال، ففتحت مداركي لتصبح أوسع من السماء، بل من الفضاء الخارجي!”

وفقًا لوصف إيكيدنا – حقائق يعرف أنه ممنوع من إفشاؤها للآخرين – بدا كما لو كانت تتحدث عن العودة من الموت.

“آسف ، ولكن لابد أن إميليا بالخارج، اريد لقاءها أكثر مما اريد التحدث معك. بالإضافة إلى ذلك…”

“الدعوة إلى حفل الشاي ، وعلاقة ذلك بعنصر الساحرة… مقابل المعلومات التي اكتسبتَها، فقد استفدت أنا أيضًا الكثير من التعرف على شخص مثير للاهتمام  مثلك، صحيح ، سأمنحك تذكارًا أخيرًا … ”

بهذه الكلمات، عرضت إيكيدنا على سوبارو المقعد الفارغ المقابل لها. على الطاولة البيضاء بين الكرسيين، استراح كوب من الشاي المزين بالبخار، والذي على الأرجح تم سكبه لأجل سوبارو.

بينماا كانت إيكيدنا تخلخل أصابع يدها بشعرها الأبيض، وقفت ومدت إصبعًا نحو صدر سوبارو. لسبب ما، وجد سوبارو نفسه يحدق في حركتها البطيئة ، غير قادر على التزحزح شبر واحدًا.

أًصبح لعينا إيكيدنا ذات اللون الأسود الفاحم لمعان غريب، كما لو كانت تعرف كل شيء عن سوبارو.

لسبب غريب، لم يستطع سوبارو تجنب أو إبعاد الإصبع الذي بدا وكأنه ينزلق نحوه.

كان الصوت داخل عربة التنين التي تسابق الرياح نحو الملجأ معزولًا عن العالم الخارجي، مما جعل محادثة سوبارو وإميليا واضحة ومريحة، وبفضل خاصية صد الرياح، لم تدخل الأصوات الخارجية العالية أو الإهتزازات إلى داخل العربة، في هذا الجو الهادئ، لم يتبادلوا أحاديث متعلقة باقترابهم من الملجأ، بل ناقشوا حالة غريبة حدثت خلال الأيام الماضية، ألا وهي اختفاء باك.

“أنا أمنحك الأهلية للطعن في محاكمة هذا الملجأ.”

مهما كان سلوكها لطيفًا تجاهه ، ومهما كان وجهها المبتسم يبدو يافعًا، فما كان أمام عينيه –

“محاكمة … الملجأ؟”

عادت لسوبارو ذكرياته في غمضة عين، فقد رأى وجهًا بذات الإبتسامة من قبل.

“حتى لو لم تفهم الآن هذا، ستدرك القيمة التي يحملها هذا المكان، أتساءل ما هي المشاعر التي ستتحملها تجاهي عندما يحين ذلك الوقت … أتطلع بشدة لمعرفة ذلك “.

“أنت حقا ساحرة ، أليس كذلك؟”

سحبت إيكيدنا إصبعها الذي لامس صدره، وعقت طرفه برق،  كانت تلك الحركة كفيلة بجعل القشعريرة تجتاح جسد سوبارو وتذكير عقله بحقية كونها ساحرة.

لم يسمع بها من قبل – لا ، كانت هذه بقايا مفقودة من التاريخ الغير مسجل في العالم الحالي.

مهما كان سلوكها لطيفًا تجاهه ، ومهما كان وجهها المبتسم يبدو يافعًا، فما كان أمام عينيه –

“هذا لأن السيد الجاد لا يقف أمامي -على عكسك- بل على الأرجح سيتقيأ خلف شجرة؟ ”

“أنت حقا ساحرة ، أليس كذلك؟”

كانت سوبارو يتحدث إلى إميليا حول إمكانية لقاء نصف عفريت قبل لحظات فقط، ولكنه تخلص من تلك الأفكار بعد أن تفاجأ بمواجهة قزم بسرعة كبيرة، بالإضافة إلى-

“أجل، الأمر كذلك، أنا مستخدمه سيئة للغاية، ألا ترى؟ ”

“أوقف طريقة التفكير السيئة هذه!! نحن في صف روزوال ، تـباً!!

إلى جانب هذه الكلمات ، استخدمت إيكيدنا اصبعها ذاتخ لإعطاء دفعة خفيفة لجبين سوبارو.

“آخخ”

بدا وكأن سوبارو يتراجع، تهاوى جسده إلى الأسفل، وفي اللحظة التالية، ابتلعه الباب المفتوح بالكامل.

عندما طرحت سوبارو سؤاله، بقي تعبير الفتاة الذي يشبه الدمى كما هو حيث لم تقل شيئًا، ومع ذلك أخبرت ردة فعلها سوبارو أن الإجابة سؤاله كانت (نعم) بلا شك.

“……..”

“أعني، أقصى ما تستطيع بياتريس فعله هو إرسالي لقرية إيرلهام، لا يمكن أن تكون هذه الصخرة لديها القوة الكافية لإرسالي أبعد من ذلك”

سقط سوبارو في الظلام، ثم تبدد الظلام في النور. طُرد من الحلم ، الكائن الذي يُدعى ناتسكي سوبارو طاف صعودًا-

لمست إيكيدنا شفتيها بظاهر يدها وهي تضحك وتبتسم باستمتاع، مشهد الفتاة اللامبالية لم يخفف توتر سوبارو الذي ظل مستعدًا للتصرف في أي لحظة، حيث فتح وأغلق يديه المبللتين بالعرق مستعدًا قدر الإمكان للتغلب على خصمه على الفور.

وفي الخارج ، أستعاد وعيه.

____________________________________________________________

____________________________________________________________

“… أجل، أظن ذلك”

 

بالرغم من أن نداءه وصل إلى داخل تلك الأنقاض والغابة المحيطة به، إلا أن أحدًا لم يجب عليه، تنهد بعمق بعد أن فشل في تلقي الإستجابة المأمولة، ثم سار على مضض حول الأنقاض:

في اللحظة التي استيقظ فيها سوبارو ، كان أول ما شعر به هو إحساس قوي على خده.

لمست إميليا صدرها ، محدقة في سوبارو بفزع من كلماته، كانت نبرة صوتها لطيفة، لا تحمل شيئًا من اللوم، بل كانت كلماتها متألمة أكثر.

“أو..آآآهه”

إذا وضعنا مفهوم التناسخ جانبًا، فقد كان سوبارو الآن في عالم مختلف تمامًا، لذلك لم يكن من المحتمل أن يكون لحياته السابقة أي علاقة بهذا، قد يكون الأمر مجرد توافق ليس إلا، وهو التفسير الراجح في نظر سوبارو، لذا ترك الأمر عند هذا الحد، فالأرجح أنها إحدى ضربات الحظ الجيد الذي ارتد لسوبارو وهو في طريقه.

قام سوبارو بالأنين يئن بصوت نصف نائم ليدرك بعدها أنه كان مستلقيًا. رمش عدة مرات لتتضح رؤيته ويستيقظ في غضون ثوانٍ معدودة.

“آوه، فهمت، بالطبع، معك حق، لقد أسأت الفهم”.

رفع نفسه ببطء عن ططريق دفعه الأرض بكلتها يديه –

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

“ما…هذا.. اررر”

شعر سوبارو بطعم مرير في فمه، لقد استخف بتلك الفتاة التي لم تظهر وجهها على الإطلاق، بالرغم من أنه و إميليا قررا الانطلاق إلى الملجأ، إلا أن سلوك بياتريس في لقاءهما الأخير كان مختلفًا تمامًا عن عادتها. لقد تجول سوبارو في القصر بحثًا خلال اليومين الماضيين باحثًا عن غرفتها قدر استطاعته لكنه لم يجد شيئًا.

نفض الأوساخ عن خده بأصابعه وأخذ يحدق في الظلام، عندما أمعن النظر، أدرك سوبارو أنه كان مستلقيًا داخل تلك الأنقاض القديمة -تحديدًا على بعد  عشرات الأمتار من الممر المؤدي إليه.

في اللحظة التي استيقظ فيها سوبارو ، كان أول ما شعر به هو إحساس قوي على خده.

كان على ظهره مواجهًا لمدخل القبر، ومن هناك دخل الضوء في عينيه، وبفضل ذلك الضوء، أصبح طريق الخروج سهلاً، لكنه قام باستكشاف الأنقاض بعينيه في طريقه.

بهذه الكلمات، عرضت إيكيدنا على سوبارو المقعد الفارغ المقابل لها. على الطاولة البيضاء بين الكرسيين، استراح كوب من الشاي المزين بالبخار، والذي على الأرجح تم سكبه لأجل سوبارو.

“على أي حال ، من الأفضل أن أخرج من هنـا وأتعامل مع موضوع إميليا وأوتو… ”

لأول مرة اتسعت عينا إيكيدنا متفاجأة من تصرفات سوبارو المحتقرة.

هز رأسه الثقيل ، ووضع يده على الحائط ، مترنحًا وهو يحاول الوقوف على قدميه، لم يكن لديه عمل داخل الأنقاض، فالملجأ يقع في الخارج. بعد أن ضل الطريق، احتاج إلى الخروج للقاء إميليا.

“لست راضٍ تمامًا إذ أن كل شيء ما يزال لغزًا محيرًا، ولكن هذا ما أردت السؤال عنه”.

لم يستطع تحديد سبب تأكده من ذلك، ولكن – “أشعر أن أحدهم قال ذلك لي…”

ثم أدرك ما يحدث: كل ما بقي من قلعة الأحلام  التل وكراسي لهما.

“أنت، من المؤكد أنك تتحلى ببعض الشجاعة، أعني أن تدخل مكانًا كهذا وتخرج منه. ”

 

“آه…؟”

كان على وشك الخوض في حديث معها، ولكن أكتاف سوبارو استرخت عندما رأى كيف نفخت  إيكيدنا صدرها، اذت رفع يده ملوحًا متجاهلًا إياها ومعلنًا رحيله.

وبينما كان يخرج من الأنقاض بأفكار مبعثرة، نادى عليه صوت في اللحظة التي ضاقت عيناه من الضوء.

هز رأسه الثقيل ، ووضع يده على الحائط ، مترنحًا وهو يحاول الوقوف على قدميه، لم يكن لديه عمل داخل الأنقاض، فالملجأ يقع في الخارج. بعد أن ضل الطريق، احتاج إلى الخروج للقاء إميليا.

كانت رؤيته معتادة على الظلام والرؤية الضبابية، ومع تعود عينيه تدريجيًا على اختلاف الإضاءة،  وجد سوبارو نفسه ينظر إلى المناظر الطبيعية المحيطة الأنقاض المرتفع إلى حد ما.

“إن نسينا هذا وركزنا في الأهم، نجد أنك شخص غامض بالفعل، وقوفك بلا تأثر أمامي هكذا وحده دليل كافٍ”

أمام الخراب كانت هناك عربة تنين واحدة، وسائق شاب تعلوا وجهه نظرة مثيرة للشفقة.

كان يأمل، ولكن تلك الآمال تبددت بسهولة، لذلك لم تكن هناك فائدة من البقاء هنا بعد الآن.

“سـ …!! سيد ناتسكي!!”

“يا إلهي…! اهدأ… حتى لو لم يكن باك معي، لدي عقود مع الأرواح البسيطة، يمكن لهؤلاء الأطفال القتال أيضًا ، لذلك سأحميك بغض النظر عما يحدث “.

“أوتو؟ ما الذي تفعل في مكان كهـ … كلا، قبل ذلك ، أين إميليا؟!”

اشتدت نظرة سوبارو عندما صدمه بيان إيكيدنا الخالي من المشاعر.

“إنها داخل عربة التنين!! لقد ساءت الأمور أكثر منذ تلك اللحظة! أنا-أنا …!!”

“لقد كانت ترتدي فستانًأ وليس ثوبًا قطنيًا”

عندما رفع سوبارو صوته في اللقاء غير متوقع ، صرخ أوتو بصوت أعلى، ولكن بفضل ذلك ، تمكنت سوبارو من التحقق وجود إميليا، مما جعل كتفيه ينخفضان في ارتياح.

“إن نسينا هذا وركزنا في الأهم، نجد أنك شخص غامض بالفعل، وقوفك بلا تأثر أمامي هكذا وحده دليل كافٍ”

كان أوتو يتوسل لشيء ما ، ولكن يمكن لهذا أن ينتظر، كانت المشكلة هي- “هيه! تجاهل أمر هذا الفتى الذي لا يجيد سوى الأنين، لقد جئت أولاً إلى هنا ، اللعنة!”

“أجل، لا بأس.”

تحدث الشخص الذي كان يقف بجانب عربة التنين مباشرة إلى سوبارو بصوت يصدر على ما يبدو من خلال أسنان مطوية. توجه وحه سوبارو تجاه المتحدث.

سعر الفصل الواحد يعادل 500 دهبة

“يالها من مصادفة! كنت أفكر في نفس الشيء.”

“مؤلم، مؤلم!! أذني تؤلمني!! ”

“هاه! إذن فهذا ما يسمى “العقدة قبل التفكير” التي لديك! ”

“مم ، أعلم أنه ثمين بالنسبة لك، سأحرص على عدم إضاعته … فريديريكا؟ ” قالت إميليا وهي تعقد حاجبيها وتومئ برأسها.

“العقدة … ماذا؟”

استخدم حيلة إبقاء يده اليمنى على الحائط حتى لا يظل طريقه في الظلام، كان استشعاره بخشونة الجدار الصغري يصل إليه أكثر من ملمس كل ذلك الفطر الذي يغطيه حتى يكاد المرء لا يميز بينه وبين الجدار الحقيقي، جعله ذلك النفق يشعر وكأنه داخل عروق كائن حي، كل تلك المشاعر الغريبة المتراكمة داخل الأنقاض جعته يظن أنه داخل كائن عملاق مرعب.

بينما عقد سوبارو حاجبية لدى سماعه العبارة الغامضة الممزوجة برده، اتخذ الطرف الآخر خطوة للأمام. بأسلوب فظ في الكلام وبريق عدائي في عينيه، لم يخن المظهر الخارجي للمتحدث بأي حال انطباع سوبارو المعادي عنه.

تتبعت أصابعها حواف الرسالة التي قرأتها عدة مرات، أخيرًا ، تحولت تلك الأصابع نحو رقبتها. ومع ذلك ، فإن الإحساس الذي سعت إليه لم تجده في أي مكان …

كان لديه شعر أشقر قصير مسرح للخلف، وندبة بيضاء واضحة على جبينه. كانت هناك شراسة في عينيه الحادتين ذات اللون الأخضر، وكان يرتدي ملابس فجة لم يكن بإمكان سوبارو أن يسميها إلا بالملابس القروية. بالنسبة لكونه رجلًا، كان يعتبر قصير القامة إلى حد ما، خاصةً وهو يقف في وضعية منحنية، لكن الهالة القوة والمروعة التي تتدفق من جسده بالكامل جعلت الآخرين غير قادرين على التقليل من شأنه بسبب قصر قامته.

عادت لسوبارو ذكرياته في غمضة عين، فقد رأى وجهًا بذات الإبتسامة من قبل.

كان لذلك الرجل سمة خارجية تميزه عن أي شخص آخر، والتي هي-

لم تكن هناك أي علامة على وجود بشر، أو حضارة بشرية، أو حتى أن مخلوقًا حيًا يسكن هنـاك:

“هيه، هل ترتجف؟ حسنًا، لقد استنفذت حظك بالتأكيد، ها أنت في مكان لا يجب أن تكون فيه، والآن أمسكت بك!”

“سوبارو، من الصعب حقًا سماع أفكارك الداخلية هكذا، ولكن …”

بينما كان الرجل يتكلم ، ضاقت عيناه ، وضحك – بفم مليء بالأنياب الحادة والمميزة للغاية.

الجلوس وشرب الشاي والتحدث معها- هذا ما طلبته إيكيدنا، لن يتحسن شيء حتى إن رفض عرضها، بل على العكس، احتمالية أن تسوء الأمور كانت أعلى في الواقع، لذا لم يكن أمام سوبارو خيار سوى القبول باقتراحها.

عادت لسوبارو ذكرياته في غمضة عين، فقد رأى وجهًا بذات الإبتسامة من قبل.

تسبب ذلك الضوء بإذهال إيميليا مما دفعها لإدخال يدها في جيبها وسحب الكريستال الأزرق اللامع الذي ينبعث منه هذا الضوء.

“حسنًا ، إذا كنت ستلعن حظك، فافعل الآن، تصرف مثل بازمازو الذي جُرف يمنة ويسره”

غطت فريدريكا فمها وضحكت ردًا على شكوك سوبارو.

“مهلًا! هيه! أنت ، استمع إلينا أولًا- – ”

لم يكن لدى سوبارو الشجاعة الكافية لقول: <اسمحي لي إذن> عدة مرات، لكن لفت انتباهه تصلب خدي إيميليا، ناهيك عن التوتر الذي ظهر في عينيها.

“…..”

“مهلًا! هيه! أنت ، استمع إلينا أولًا- – ”

“ابك واذرف دموعك، سيبقى جلد الران أزرق، أنا لن أستمع إليك!!”

لقد كان شعوره، فتلك الأنقاض ما هي إلا قبر.

لم يستمع ذلك الرجل صوت سوبارو الذي يحثه على التوقف، تقدم الرجل ذو الأنياب إلى الأمام  وفي اللحظة التالية اختفى عن الأنظار.

“فهمنا، فهمنا، تبًا، وأنتِ اعتني بالقصر من جانبكِ، حسنًأ؟ تأكدي أيضًا من التخلص من المايونيز الموجود في المخزن قبل أن يفسد “.

تلك الحركة جعلت سوبارو يستعد لاتقاط أنفاسه، وقبل أن يدرك ذلك، أمسكه أحد ما من ياقته، عندما أدار رأسه إلى الجانب في صدمة، كان الوهج الشرس للرجل بجواره تمامًا ، قريبًا بما يكفي ليتشاركا أنفاسهما- وفجأة أصبحت قدماه ترتفعان في الهواء.

لذا كان كافيًا بالنسبة لها أن تعرف أين يضع سوبارو قدمية المسببتان للفوضى فحسب-

“أووواااهه!!”

 

انقلبت منظر العالم الذي أمامه ليصبح رأسًا على عقب، عندها شعر بأنه يطيره، وفهم لحظتها أنه على وشك الإصطدام بالأرض. طار سوبارو بشكل مستحقيم نحو عربة التنين، إن اصدم بها يتعرض لإصابة، سواءً كانت خفيفة أم بالغة، ولكن-

“من الطبيعي أن تتوخى الحذر، لكن الجبناء أمثالك لا يمكنهم فعل أي شيء ضدي، صحيح؟ لذا على الأقل، أود أن تجلس قبل أن يبرد الشاي “.

“أتمازح-؟!” “داااهوو-!!”

“… هذا صحيح! لقد غلبتني تقلباتي المزاجية، لكن هذا صحيح. أنت … كلا، قبل ذلك ، أين يقع هذا المكان؟ يجب أن أكون في داخل تلك الأنقاض الغريبة، فكيف انتهى بي المطاف في قلعتك؟ ”

لم يكن صوت الصراخ المتألم العالي هو صوت سوبارو، بل كان صوت أوتو وهو يراقب ما يحدث من خلال أصابع يديه التي غطى بها وجهه.

“صباح الخير يا سوبارو، هل نمت بشكل جيدًا؟ ”

مع عدم وجود طريقة لإيقافه، اعتقد سوبارو أنه سيصطدم بعربة التنين محطمًا بذلك  كل عظمة في جسده. ولكن ، بمحض الصدفة على ما يبدو- كلا لم يكن صدفة- لقد كان رد فعل حتمية أنقذته من الخطر –

وهكذا تحطمت صورة ساحرة الجشع، وبدون الحقد الذي عُرفت به، بدت مجرد فتاة عادية تمامًا.

“باتلاش مذهلة!!”

كانت الطريقة الوحيدة لمعرفة الإجابة الحاسمة هي الذهاب إلى الملجأ ومعرفة ذلك.

صهلت تنينة الأرض ذات اللون الأسود الفاحم بفخر حيث أشاد صوت أوتو بمآثرها.

“أجل، حذرتنا من غارفيل”

لم يكن ما حدث سوى تصرف باتلاش الخير الذي أنقذ سوبارو من الاصطدام بعربة التنين. كانت تنينة الأرض قد حركت ببراعة عربة التنين من تلقاء نفسها مما يضمن دخول سوبارو في باب العربة المناسبة، نتيجة لذلك ، اخترقت سوبارو باب العربة ليجد نفسه قد حصل على مقعد جعله يهبط بأمان.

“على أي حال ، من الأفضل أن أخرج من هنـا وأتعامل مع موضوع إميليا وأوتو… ”

“تبًا، كان هذا نوعًا ما… هيه!! باتلاش! مهلـ …!!!”

“حسنًا إذن، لا بأس، لقد سامحتك… رغم أني لا أعلم ما تقصده بالفضاء الخارجي”

هبطت سوبارو من المقعد ونظرخارج العربة لرؤية تنينة الأرض تزأر وتصرخ على الرجل، وبلمسة قامت باتلاش بإخراج نفسها من عربة التنين ، ويبدو أنها استشاظت غضبًا من الرجل الذي ضرب سوبارو وكشرت عن أنيابها مستهدفة رقبته.

بالرغم مما قالته لسوبارو، فهي لم تكن تعني ما فهمه سوبارو فحسب، بل كانت تشير إلى تصرفات ذلك الثنائي

“ها! أصابني تصرفكِ بقشعريرة شديدة، أحسنتِ، تنينة أرض رائعة… ناه، أنتِ امرأة طيبة “.

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

بالرغم من هجوم باتلاش، إلا أنها أخفقت في إصابة خصمها، حيث أوقف ذراعها الأيسر دفعة من الرجل الذي وقف في مسارها، ومع ذلك وضعت باتلاش قوتها في فكرها، وحركت رأسها كما لو كانت تحاول عض ذراع الرجل.

الأشياء الوحيدة التي كان يسمعها في الظلام هي أنفاسه وخفقان قلبه وخطوات حذاءه.

لكن ذلك الرأس وذلك الفك تجمددا من أدنى حركة من عضلات الرجل النحيلة.

“النقل الفضائي … آه، تقصد تلك التعويذة المظلمة… لسوء الحظ ، لقد أسأت فهم الوضع، ما تعرضت له لم يكن النقل، لقد دعوتك ببساطة إلى قلعتي لتناول الشاي “.

“لن آذيك، سأجعلكِ تنامين فحسب”

“آه… هكذا إذن؟ أعتذر أنـا بدوري، لم أفكر بالأمر”

أدلى الرجل بهذا التصريح بفخر عندما انكمشن تنين الأرض في حالة من الذعر، وبالرغم من أنها استمرت في عض ذراعه إلا أنه وضع يده تحت رأسها العريض ليلقي بجسدها الضخم، بحركة ناعمة ألقى بحسدها الضخم بعيدًا، مما جعلها بلا حول أو قوة.

“فهمت أنني داخل حلم وداخل قبرك، أخبريني كيف أخرج من هنا؟”

“ألقى باتلاش… ؟!”

“أهذا حقًا وعد يمكنك قطعه بسهولة مع ساحرة ميتة …؟”

“ق-قوته لا يتهان بها … هاه؟!”

“همم، بذكر هذا، لم أره قبل العودة إلى القصر أيضًا، الحقيقة أنني لم أره منذ أن… تركنا كروش تقريبًا؟”

شكك سوبارو وأوتو في ما رأته أعينهما، حيث قفز الرجل -قبل أن يتمكن الإثنان من الإبتعاد حتى- وهبط على مقعد السائق في عربة التنين. مع اقتراب المهاجم ، اتخذ أوتو وضعية قتالية على عجل.

انقلبت منظر العالم الذي أمامه ليصبح رأسًا على عقب، عندها شعر بأنه يطيره، وفهم لحظتها أنه على وشك الإصطدام بالأرض. طار سوبارو بشكل مستحقيم نحو عربة التنين، إن اصدم بها يتعرض لإصابة، سواءً كانت خفيفة أم بالغة، ولكن-

“لا-لا تستهن بقوتي!! قد لا أبدو كذلك، ولكني تاجر!! لدي طرقي في التعامل مع قطاع الطرق في منتصف رحلاتي! تعلمت الخوف من القوة وصد العنف في مدرسة سوين <أورررااه>”

“بالمعنى الدقيق للكلمة ، لم يكن يوم الاستعداد لهذا اليوم وحده … لكن الاثنين ليسا منفصلين. على أي حال ، المكان والمؤهلات مرتبة. الباقي يأتي من أجل العزم وإرادة قوية “.

”اخرس أيها الهاوي، بفضل تنين أرضك، سأكتفي بنصف قاتل، اخد إلى النوم.”

”آنسة فريدريكا؟ أهنالك ما يزعجكِ؟”

كان أوتو مرهق، لكنه أغمي عليه من الألم بمجرد أن حرك الرجل جبهته بإصبعه، كانت ضربة إصبع أقل من وكزة الجبين، ولكن قوتها كانت لدرجة أن أوتو انهار في غمضة عين دون أن يتأوه.

بعد توديع وجه ريم النائمه، أعاد شعره للخلف بيده وهو يغادر الغرفة.

الآن بعد أن تجاوز باتلاش وأوتو ، لم تبق أية عقبات بينه وبين عربة التنين.

بوجه محمر، رفعت بيترا يدها وهي تقدم شيئًا لسوبارو، كانت تحاول تقليد فريدريكا وهي تقدم بيدها منديلًا أبيض بسيطًا.

“آخخ”

“هذا لأن الناس يثقون أنك تسعى جاهدًا للوفاء بالوعود التي قطعتها، الوعد أشبه بالطقوس التي تربط شخصين معًا من خلال الثقة المتبادلة، أليس كذلك؟ ”

عض سوبارو شفته ثم نظر إلى الخلف داخل عربة التنين، حيث تم إزالة جزء  من المقاعد لوضع سرير بسيط والذي حُملت عليه ريم، والآن نامت عليه فتاة أخرى -إيميليا-

الأشياء الوحيدة التي كان يسمعها في الظلام هي أنفاسه وخفقان قلبه وخطوات حذاءه.

لابد أن أوتو هو من وضعها هناك بعد انتقال سوبارو، حتى الآن لم تعد إميليا إلى وعيها بعد. كان على سوبارو حمايتها مهما كلف الثمن.

“أو ربما إيكيدنا ، ساحرة الجشع ، تجسيد الرغبة في المعرفة ، التي لا يزال بحثها عن كل الحكمة حتى بعد الحياة الآخرة؟”

“شكرًا لك يا تنين الأرض على صمودكِ في القتال، سأقاتلك حتى تصبح نصف ميتٍ وألقيك خارج الغابة بعد أن تقسم لي أنك لن تخبر أحدًا عن هذا المكان، أتسمعني؟”

“لقد فكرت بعمق كعمق البحار، واستغرق الأمر وقتًا أطول من الجبال، ففتحت مداركي لتصبح أوسع من السماء، بل من الفضاء الخارجي!”

كلما شد سوبارو على قبضته كشر الرجل عن أنيابه وهو يقف على العربة، كان المعان الحاد لأنيابه وذراعه المتأرجحة إلى أعلى إلانًا واضحًا على قدرته على تنفيذ ما توعد به.

أدرك سوبارو بمجرد أن استشعر قوتهم أن الفرق بينهم وبين باك هو كالفرق بين الثرى والثريا، ومع ذلك، كانت قوتهم جيدة نوعًا ما، من جهة أخرى، كان من المثير للشفقة الاعتماد على الفتاة الوحيدة في المجموعة -والتي يضع عينه عليها- في القتال.

لكن قبل أن ينفذ الرجل وعوده الشريرة، فرد سوبارو ذراعية على أقصى مدى لها ثم صرخ:

“إن لم يكن نقلي أنـا بدل إيميليا جزءًا من الخطة… فسواءً كنتُ ثعبان أو أني، الطريقة الوحيدة لمعرفة الإجابة هي…”

“مهلًا!! أنت تقرب فريدريكا…  أنت متورط مع روزوال وشعبه ، أليس كذلك ؟! ”

“هناك طن من الأسئلة التي ترغب في طرحها عليّ، ومع ذلك تتصرف هكذا؟  أنت لا تعرف ما الذي قد يجعلني أشعر بالإهانة لذلك تراقب خصمك وهو يتحرك في صمت … تتبع سلوك الطائر الذي يراقب فريسته، أليس كذلك؟”

“!!!! هااااااههه؟!!”

” مؤلم، مؤلم!! صدري يؤلمني !!”

بصوت عال وعبوس على وجهه، أوقف الرجل ضربته قبل أن تتصل إلى أنف سوبارو، آنذاك، حدق الرجل في سوبارو لفترة  ليستقر الغضب في عينيه بنفس القدر.

على وجه الخصوص، قامت تنينة الأرض السوداء – باتلاش – بمد طرف أنفها فور أن رأت سوبارو.

“لمَ خرج هذا الاسم من فمك؟”

“يمكنني فهم ما تقصده، لكن … هذا لا يجيب على سؤالي الأول ، أتعرفها؟”

“هممم ، أتساءل لماذا؟ فكر في الأمر بجدية ولطف “.

“بعبارة أدق، لم أقضِ اليومين بأكملهما لأجهز هذه الكريستالة فقط… لكني قمت بمهمة أخرى مع هذه، لا تنسَ ترتيب المكان وتجهيز القصر، لم أكن قادرة على فعل ذلك كله لولا العزم والإرادة القوية.”

“فكرت بالفعل، لكني سأفكر في الأمر أكثر بعد أن أحطم وجهك! ”

بعد أن وصل إلى هذا الحد ، لم يشك سوبارو في أن الفتاة وهذه الأنقاض مرتبطان بطريقة ما، إذا كان النقل الفوري عبر الكريستالة مرتبط بالفتاة أيضًا، فيجب أن تكون الأنقاض مرتبطة بالملجأ.

 

“حسنًا، أريدكِ أن تترقبي ظهور بياتريس قليلًا، موافقة؟ قد تقابلينها بشكل عشوائي خلال فتح إحدى هذه الأبواب بين الحينة والأخرى”

عندما اختفت عربة التنين المغادرة عن الأنظار، طرحت فريدريكا هذا السؤال على بيترا ، التي لا تزال بجانبها.

 

هذا يعني أن الجنية التي قادته إلى هنـا كانت بالفعل من سكان الملجأ.

“أوقف طريقة التفكير السيئة هذه!! نحن في صف روزوال ، تـباً!!

“إذن أنت غارفيل…؟!”

” عندما اتخذ خصمه خطوة نحوه بجدية ، رفع سوبارو كلتا يديه على عجل مدافعًا عن نفسه، جعلت كلماته أنياب الرجل الحادة تنقبض بصوت مسموع. بعد التفكير في الأمر لفترة ، قال:

“أنتِ لا تعرفين ما في الخارج، أليس كذلك؟ من الصعب قول هذا بعد كل هذا بعد الصراخ والغضب، ولكن لأكون صريحًا معكِ، لا يوجد أي شيء أريد أن أسألكِ عنه … ”

“هاااه؟ مهلًا، أتقول تلك الفتاة النائمة هي السيدة إميليا؟”

خدش سوبارو رأسه بقوة وهو يعبر عن الموضوع بطريقته الخاصة.

“أتعرف … اسم إميليا؟”

“أتمنى لو أخبرتنا فريدريكا عن ذلك بمزيد من التفاصيل ، لكن … قالت أنها قطعت نذرًا بعدم التحدث عن الملجأ، الأمر ليس بيدها”

هذه المرة ، كان دور سوبارو لتفاجؤ، لأن الرجل أشار إلى إميليا النائمة بالسيدة. جعل رد فعله الرجل يعقد ذراعيه ، أومأ برأسه بوجه متعجرف وهو يجيب.

3

“أوه نعم ، سمعت كل شيء عنها. نصف عفريته، ذات شعر فضي والذي استولى عليها اللقيط روزوال ، أليس كذلك؟ ”

تلك الفتاة كانت ناضجة حقًا وهي في الثانية عشرة من عمرها فقط! وهو الأمر الذي جعل فريدريكا تفكر في رام.

“إنها نصف عفريته، لا تشر إليها بذلك اللقب أمامها مرة أخرى “.

لم يكن لدى سوبارو الشجاعة الكافية لقول: <اسمحي لي إذن> عدة مرات، لكن لفت انتباهه تصلب خدي إيميليا، ناهيك عن التوتر الذي ظهر في عينيها.

“هاه! حسنًا، مهلًا، أظن أن عليك التزام حدودك عندما تستخدم صوتك!”

“صباح الخير يا سوبارو، هل نمت بشكل جيدًا؟ ”

نظر الرجل إلى سوبارو بنظرة حادة وازدراء قبل أن يصدر صوتًا من خلال أنيابه ويدير ظهره. وفور أن غادر عربة التنين ، اندفعس وبارو فجأة ، وأمسك بالباب وأجبره على إغلاقه.

لم يكن صوت الصراخ المتألم العالي هو صوت سوبارو، بل كان صوت أوتو وهو يراقب ما يحدث من خلال أصابع يديه التي غطى بها وجهه.

قفز أكتاف الرجل بسبب تصرف سوبارو العنيفة، لذا هز كتفيه ناظرًا إلى الوراء.

“لسوء الحظ ، على الرغم من أن بشرتي في حالة جيدة ، إلا أنني ميتة تمامًا، أعرف القليل عن الأحداث خارج قبري، لكني لست مرتبطة بالعفريتة الني تتحدث عنها أو بتلك الكريستالة الزرقاء، تشعر بالرضا الآن؟”

” اهدأ، لن أقاتل، لا أريد أن تصرخ رام في وجهي “.

سحبت إيكيدنا إصبعها الذي لامس صدره، وعقت طرفه برق،  كانت تلك الحركة كفيلة بجعل القشعريرة تجتاح جسد سوبارو وتذكير عقله بحقية كونها ساحرة.

“يمكنني فهم ما تقصده، لكن … هذا لا يجيب على سؤالي الأول ، أتعرفها؟”

“سمعت روزوال خارجًا للتحدث مع هذا الرجل عدة مرات، وعلاوة على ذلك، ذكرت رام اسمه عندما ظهرت خطة الإخلاء إلى الملجأ… آنذاك، ألم تكن رام…؟”

“ها؟”

على الفور تلاقت العينين الزمردية بالبنفسجي، ليتصلب خذا فريدريكا فجأة، ولكنها تبعت إحساسها الداخلي وأغلقت عينيها لتترك يد إيميليا بهدوء وهي تتحدث:

على الرغم من أن الرجل فرد ذراعيه على نطاق واسع مؤكداً أنه ليس لديه نية للقتال، إلا أن سوبارو لم يقلل من حذره. مثل هذا السلوك جعل الرجل يغوص في التفكير لفترة وجيزة ، وأخيراً أحدث ضوضاء وإيماءة كما لو أنه فهم أخيرًا قبل أن يتحدث.

بسبب رد سوبارو غير المتوقع، تغيرت تعابير إيكيدنا بوضوح لأول مرة، كادت الساحرة تنهار بسبب استنفاذ كل الكلمات التي من شأنها منع سوبارو من المغادرة.

“- أنا ، أنا غارفيل. ألم تسمع بي؟ ”

“قبر … تقصد أنني داخل قبرك؟”

“إذن أنت غارفيل…؟!”

شعر ناتسكي سوبارو بهالة الموت القوية تتشكل في جسد فتاة جالسة أمام عينيه.

كان غارفيل هو اسم الشخص الذي تم تحذيره منه مرارًا وتكرارًا عندما عاد للقصر. ظهرت الحيرة على وجه سوبارو بسبب التطور المذهل لمقابلته الرجل سريعًا.

كانت فتاة ذات شعر بني محمر، ذو شريطة على رأسها متزينة بابتسامتها الأخذاة وهي تخاطبه.

ردة فعله جعل غارفيل يعض على لسانه وهو يحدق باهتمام في سوبارو:

كلما شد سوبارو على قبضته كشر الرجل عن أنيابه وهو يقف على العربة، كان المعان الحاد لأنيابه وذراعه المتأرجحة إلى أعلى إلانًا واضحًا على قدرته على تنفيذ ما توعد به.

“هنالك ما أود سؤالك عنه، كيف علمت أني من  أقارب فريدريكا؟ ”

سوبارو -الذي شعر بالرعب لأن صدى كلماتها كان يتغلغل في روحه بشكل رهيب ، أدار رأسه تجاهها. قالت إيكيدنا -الساحرة التي عُرفت بحقدها- بابتسامة هادئة ولطيفة –

“هل أنت جاد في سؤالك هذا؟”

نفخت بيترا صدرها بفخر مما جعل إميليا وفريدريكا ينظران بعضهما البعض بابتسامة، عندها أمالت إميليا رأسها قليلًا وألقت التحية على سوبارو:

عندما رد سوبارو على سؤاله بسؤال قام غارفيل بإخفاء أنيابه في استياء واضح، فهم سوبارو صمته أن إجابته كانت “نعم” ،حينها  شعر سوبارو بالطاقة تنضب منه وهو يحك وجهه وأجاب.

“لقد قطعت الغابة بأكملها… ولكن ما هذا المكان يا ترى؟!!! ”

“يمكن لأي شخص معرفة ذلك من النظر إلى وجهك *تنهد*.”

“ها؟”

كان شكل وجهه المليء بالأنياب دليلًا لا شك فيه على ارتباطه بفريدريكا بالدم.

كان كل من ريم وروزوال موجودان في ذلك المكان، وهما شخصان آخران يبغي على سوبارو الاعتذار لهما,

 

لم يكن صوت الصراخ المتألم العالي هو صوت سوبارو، بل كان صوت أوتو وهو يراقب ما يحدث من خلال أصابع يديه التي غطى بها وجهه.

 

فبالأساس، كانت إيميليا هي التي سيتم نقلها إلى هنـا بما أن الكريستالة كانت بالأصل معها.

/////

تحركت تلك القزمة بسرعة أشبه بسرعة زهورها، حيث أدارت ظهرها لسوبارو وهربت، كان ذلك مفاجئًا للغاية لدرجة أن ردة فعل سوبارو أتت متأخرة، وشرع في ملاحقة الفتاة على عجل، وعندما اتسعت المسافة بينهم صاح:

– لو اردتهم زيادة سرعة نشر الفصول ادعموا الرواية.

وفقًا لوصف إيكيدنا – حقائق يعرف أنه ممنوع من إفشاؤها للآخرين – بدا كما لو كانت تتحدث عن العودة من الموت.

سعر الفصل الواحد يعادل 500 دهبة

“محاكمة … الملجأ؟”

ترجمة فريق SinsReZero

“بعد موتي ، أصبحت روحي أسيرة في هذا المكان -قبر الساحرات-، ليس جسدي بل روحي هي التي دعتك إلى قلتعي، بعبارة أخرى، أنت داخل حلمي”.

حسابنا بتويتر @ReZeroAR

“بهذا ، ستكونون قادرين على اختراق حاجز الغابة والدخول إلى الملجأ، لقد ألقيت بتعليماتي على تنانين الأرض بشأن الموقع، لذلك سيقودون الطريق “.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط