نظرًا لتوقف عرض الإعلانات على الموقع بسبب حظره من شركات الإعلانات ، فإننا نعتمد الآن بشكل كامل على دعم قرائنا الكرام لتغطية تكاليف تشغيل الموقع وتوجيه الفائض نحو دعم المترجمين. للمساهمة ودعم الموقع عن طريق الباي بال , يمكنك النقر على الرابط التالي
paypal.me/IbrahimShazly
هذا المحتوى ترفيهي فقط ولايمت لديننا بأي صلة. لا تجعلوا القراءة تلهيكم عن صلواتكم و واجباتكم.

موشوكو تينساي 22

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

VOLUME TWO

شاهدَ ما حَدَث. رأى رجُلًا يرتَدي دِرعَ بروز فاخِرًا وذو لحيةٍ سوداء. ثُمَ رأى بيغوت وميضَ اللونِ الأحمرِ بالقُربِ مِن ذلِكَ الرجُل، إمبراطورُ بروز، قُطِعَ رأسُهُ مِن قبلِ امرأةٍ ذاتِ بشرةٍ بُنية.

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

لقد تَذَكَرَ قِصةَ قديسِ السيفِ الذي عَلَمَهُ المُبارزة. قديسُ السيف هذا كانَ مُحارِبًا عادِلًا ومُشَرِفًا مِن أسلوبِ إلهِ السيف والذي تَدَربَ في أرضِ السيوفِ المُقدَسة. لم يُخبِرهُ لماذا قَرَرَ أنْ يُصبِحَ مُرتَزَقًا، لكِنَهُ تَحَدَثَ عن تَجرُبَتِهِ التدريبيةِ السابِقة.

 

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

شَرقُ مَملَكةِ آسورا ومُباشرةً خلفَ الجِبال، في وسطِ القارةِ الوسطى، يَقَعُ مجالٌ فيهِ العديدُ مِنَ الدولِ الصغيرةِ التي تُقاتِلُ بعضَها البعضَ مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقة. في هذا المكان، تُبنى البُلدانُ فقط لكي تَتَدمرَ بعدَ ذلِكَ بوقتٍ قصير ثُمَ يُعادُ بِنائُها مرةً أُخرى، إنَّها تُسمى مَنطقةَ الصِراعاتِ مِن قِبَلِ السُكانِ المَحَليين.

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

أحدُ تِلكَ البُلدانِ الصغيرةِ في مَنطَقةِ الصِراعاتِ هي بلدةُ ماركين المُرتَزَقة. إنَّها بلدةٌ أسَسَها المُرتَزَقُ العظيمُ الذي حَمَلَتْ إسمه، وأصبَحَتْ دولةً مُحِبةً للحربِ قامَ إقتصادُها على إرسالِ المُرتَزَقةِ إلى الدولِ المُجاوِرة.

وهكذا مُستَخدِمةً الشمسَ كَـدليل، حَوَلَتْ إتجاهها نحوَ الجنوب. وهذا هو نفسُ الإتجاهِ الذي يَتَحرَكُ إليهِ بيغوت ورجالُه.

في حانةٍ تَقَعُ في إحدى زوايا ماركين. هُناك، كانَ أحدُ المُرتَزَقةِ يَتَفاخَرُ أمامَ آخرٍ حولَ إحدى الندوبِ فوقَ كَتِفِه.

خَرَجَ بيغوت ورِجالُهُ وغيلين مِنَ الغابةِ وهاجموا مَملَكةَ ديكوتو مِنَ الخلف. وبِسَبَبِ حظِهِم الجيد. بمُجَرَدِ أنْ بدأتْ المَعركةُ مع ماركين، رَكَزَتْ جميعُ القواتِ على ما هو أمامَهُم مُتجاهلينَ مؤخِرةَ الجيش.

“هيه، إنظُر إلى هذهِ النُدبة! لقد حَصَلتُ عليها أثناء الدِفاعِ عن رودومين.”

أينَ ذَهَبَتْ غيلين بعدَ ذلِك؟ هل هي لا تزالُ على قيدِ الحياة؟ هل نَجَتْ مِن تِلكَ المعركةِ وذَهَبَتْ عائِدةً إلى آسورا؟ هل إستطاعَتْ مُقابلةَ تِلكَ السيدةِ الشابةِ الثمينةِ بالنسبةِ لها مرةً أُخرى؟

“أوه، تِلكَ المعركة! كانَ ذلِكَ صعبًا، صحيح؟”

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

“أين كُنتَ مُتَمَركِزًا أنت؟”

بعد عشرِ ثوانٍ فقط مَزَقَتْ غيلين مَلِكَ ديكوتو بشَفرَتِها، مِمَّا أدى إلى مَقتَلِه. لو بقيَّ على قيد الحياة، لأدركَ أنَّ بيغوت ورِجالَهُ ليسوا مِن إمبراطوريةِ بروز وتراجعَ عن أوامِرِه، لكِنَ المرسومَ الإمبراطوري يَمتَلِكُ سُلطةً مُطلقةً. وهكذا دَخَلَتْ مَملَكةُ ديكوتو في معركةٍ ضِدَ إمبراطورية بروز.

“البوابةُ الشرقيةُ لحِصنِ آروس. إنَّهُ مكانٌ كَـالجحيم. كِدتُ حينَها أفقِدُ مَحبوبَتي، ذراعيَّ اليُمنى الحبيبةُ هذه.”

“ماذا تفعَل؟!”

“وصفُها بالجَحيم لا يُنصِفُ بدايةَ المعركةِ حتى. سَمِعتُ أنَّكُم يا رِفاق قد تَمَ مُحاصَرَتُكُم والقضاء على غالبيةِ قواتكم!”

 

“لا يَختَلِفُ ما حَدَثَ هُناكَ عَمَّا حدثَ لكُم يا رِفاق في معركةِ دفاعِ رودومين. سَمِعتُ يا رفاق أنَّ طُرُقَ الإمدادِ قد قُطِعَتْ عنكم، لم تَمتَلِكوا حتى الطعام يا رجُل.”

“جيدٌ جدًا.”

دَعَمَتْ دولةُ ماركين المُرتزقة جميعَ الدولِ الأُخرى بالتساوي ودونَ تمييز. المُرتَزَقةُ الذينَ أرسلَتهُم هذهِ الدولةُ مُخيفونَ بالنسبةِ بشكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم مُحاربونَ عُظَماء، وقادتُهُم هادئِونَ وفَطِنون، حيثُ دائِمًا ما تَتَفوقُ تَكتيكاتُهُم في ساحةِ المعركةِ على خُصومِهِم. بمُجَرَدِ دخولِهِم المعركة، سَـيَقودونَ حُلفائَهُم إلى النصرِ دونَ أنْ يَفشَلوا. لقد صاروا رَمزًا للإنتصارِ والخوفِ في ساحاتِ المعارِك. هذا ما يعنيهِ أنْ تَكونَ مُرتَزَقًا مِن ماركين.

بيغوت ورِجالُهُ الآن في مُنتَصَفِ عمليتِهِم الإنتحارية. لم يَمتَلِكوا مُتَسعًا مِنَ الوقتِ للشرح، لكِنَها قد أنقذتْ حياتَهُم قبلَ قليلٍ فقط، ولو أزعَجوها، فقد يَتِمُ القضاءُ عليهِم. لذا فَـهذهِ مُحاولةٌ لإدارةِ الأزمات.

“إنَّهُ أمرٌ لا يُصَدَقُ أنَّنا خَرَجنا مِن هُناكَ على قيدِ الحياة.”

على الرُغمِ مِن ذلِك، فَـقدْ فَقَدَ أحدَ رِجالِه. لقد ظَلوا يَتَحركونَ بحذرٍ شديد، إلا أنَّ نَمِرَ ورقةٍ حمراء مُختبئًا بينَ الأعشابِ قد هاجَمَهُم. ولعدمِ وعيِّهم به، مات جُنديٌّ واحِد. لكِنَ الوحشَ كانَ مُصابًا بالفِعلِ بجروحٍ خطيرةٍ وبدا أنَّهُ يَهرُبُ مِن شخصٍ ما. نَمِرُ الورقةِ الحمراء هو أكثرُ الوحوشِ رُعبًا في هذهِ الغابة. فقط مَن في هذا العالمِ يُمكِنُهُ فِعلُ كُلُ هذا به؟

“حسنًا، هذا ما يُسمى نِعمةَ إلهةِ الغابة.”

“أوه، تِلكَ المعركة! كانَ ذلِكَ صعبًا، صحيح؟”

أخرَجَ أحدُ المُرتزقةِ قِلادةً مِن جيبِ صَدرِه. نُحِتَ على القِلادةِ الخشبيةِ مُجَسم، مُجسَمٌ عن امرأةٍ ذاتَ آذانٍ تُشبِهُ الحيوانات.

لماذا ذلِك؟

عند رؤيةِ هذا، أخرَجَ المُرتَزَقُ الآخرُ سيفًا قصيرًا مُعَلقًا على خصرِه. شِفرةٌ مصبوغةٌ باللونِ الأحمر. “إذن نَخبُها، نخبُ إلهةِ الغابةِ لين!”

أحدُ تِلكَ البُلدانِ الصغيرةِ في مَنطَقةِ الصِراعاتِ هي بلدةُ ماركين المُرتَزَقة. إنَّها بلدةٌ أسَسَها المُرتَزَقُ العظيمُ الذي حَمَلَتْ إسمه، وأصبَحَتْ دولةً مُحِبةً للحربِ قامَ إقتصادُها على إرسالِ المُرتَزَقةِ إلى الدولِ المُجاوِرة.

“أتمنى أن نَظَلَّ نَنتَصِرُ في المعاركِ القادمةِ أيضًا! نَخبُك!”

في غمضةِ عين، تَمَ إسقاطُ إثنَينِ مِن رجالِ بيغوت. وفي لحظاتٍ فقط تَحَوَلوا إلى موقفٍ دفاعي. حيثُ كانَ جنودُ إمبراطوريةِ بروز ماهرينَ بشكلٍ لا يُصَدَق. لم يعرِف بيغوت ورِجالُهُ عن ذلِكَ في حينِها، لكِنَهُم كانوا يُقاتِلونَ في الواقعِ حُراسَ الإمبراطورِ الشخصيين.

مع أغراضِهِم في يدٍ وأكوابِ النبيذِ في اليدِ الأُخرى، شَرِبَ المُرتَزَقانِ كوبا الكحول حتى آخرِ قطرة. تِلكَ هي طَريقَتُهُم في التَضَرُعِ لتِلكَ الإلهة.

وبعدَ أنْ شَعَرَ الإمبراطورُ بإنخفاضٍ في الروحِ المعنويةِ في جيشِه، أمَرَ حُراسَهُ الشخصيينَ بالتَحَرُك. إذهبوا وقاتِلوا ذلِكَ الوحشَ وإجلبوا لي جِلدَه، هكذا أمر. ثُمَ حينَها سَـيُمكِنُهُ أنْ يَدَعيَّ أنَّهُ قد حاربَ المَخلوقَ وقَتَلَهُ ولهذا أُصيبَ بهذا الجُرح.

“آه، هذا النبيذُ جيدٌ حقًا!”

“ماذا في ذلِك؟ أعني، ما الذي تُخَطِطينَ للقيام به؟”

“نعم، يجبُ تَناولُ بعضِ الكحولِ بعد كُلِ معرَكة. نبيذُ ماركين هو الأفضل.”

لِـلَحظةٍ إعتَقَدَ بيغوت أنْ هذا يَجِبُ أنْ يكونَ حاكِمَ الغابة. ومعَ ذلِك، إمتَلَكَ هذا الوحشُ البريُّ شَكلَ الإنسان. جِلدٌ بُنيٌّ دافئ، شَعرٌ أحمرٌ ناريٌّ وإثنَينِ مِن آذانِ الوحشِ مُنتَصِبَتَينِ بالكاِمل. كما إنَّهُ يَحمِلُ سيفًا. سيفٌ ذو شِفرةٍ رقيقةٍ مِن جانبٍ واحِد، يَلمَعُ بلونٍ أحمرٍ غريب، وعليهِ نقشٌ غامِض.

“والنساء أيضًا!”

وقد حاوَلَتْ دولةُ ماركين بالفعلِ الإستفادةَ مِن الطبيعةِ المشحونةِ للعلاقَةِ بينَ هذَينِ البَلَدَين، لكِنَ قواتَها العسكريةَ قد تَقَلَصَتْ بدرجةٍ كبيرة، إلى الحَدِ الذي لم يَعُد بإمكانِهِم سوى إظهارُ مُقاومةٍ بسيطةٍ فقط. موضوعُ الحِفاظِ على الدولةِ مِنَ الهلاكِ وحدَهُ يكفي لإنهاكِهِم.

“إذن هل يَجِبُ علينا أنْ نَذهبَ إلى بيتِ الدعارةِ بعد هذا؟”

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

“دعنا نُبقي هذا الجُزء سِرًا عن الإلهة.”

فَـقد ظلَّ البَلَدانِ الأقربُ إلى ماركين، مَملَكةُ ديكوتو وإمبراطوريةُ بروز، حَذِرَينِ للغايةِ مِن بَلَدِ المُرتَزَقة. لقد خَطَطوا ضِدَها، وعِندَما إنهارتْ العلاقاتُ الدبلوماسية، أعلنَ كِلا البَلَدَينِ الحربَ على ماركين في وقتٍ واحِد.

“اهاهاها!”

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

 

كانَ جنودُ بروز سريعين.

إلهةُ الغابةِ لين هي إلهُ مُرتَزَقةِ ماركين. وفقًا للأسطورة، ظَهَرَتْ إلهةُ الخلاصِ قبلَ مائةِ عامٍ عِندَما كانَتْ دولةُ ماركين المُرتَزَقة على وشكِ الإنهيار. أنقَذَتْ قيادَتُها الأُسطوريةُ للبلادِ أنقذَتْ هذهِ الدولةَ مِنَ الهلاك.

في النهايةِ لم يعُد بإمكانِهِم رؤيةُ دروعِ مَملَكةِ ديكوتو مِن حولِهِم. بدلًا مِن ذلِك، هُم الآنَ مُحاطينَ بجنودِ إمبراطورية بروز. بينما فوجِئتْ الإمبراطورية بتَطَفُلِ امرأةٍ تَحمِلُ شفرةً حمراء كَـالدم، فقد شاهدوها وهي تَقطَعُ رِجالَ مَملَكةِ ديكوتو ولاحَظوا أنَّ بيغوت يحمي ظهرَها بدرعهِ الخاصِ بجنودِ بروز. وهكذا ظَنوا خطًأ أنَّ بيغوت وغيلين حُلفاء.

بفضلِ هذهِ الأسطورة، إعتَقَدَ العديدُ مِنَ مُرتَزَقةِ ماركين أنَّهُم عندما يكونونَ على وشكِ الموت، سَـتَظهرُ إلهةُ الغابةِ مِنَ العدمِ وتُنقِذَهُم. لهذا السَبَبِ صلوا لها.

‘همف، لم أُفَكِر أبدًا في أنَّني قد أفعلُ شيئًا كهذا.’، فَكَرَ بيغوت، ضاحِكًا بِـسُخريةٍ على نفسِه.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

“والنساء أيضًا!”

لماذا ذلِك؟

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

الجوابُ هو قِصةٌ مُثيرةٌ للإهتمامِ في الواقع.

بيغوت ورِجالُهُ الآن في مُنتَصَفِ عمليتِهِم الإنتحارية. لم يَمتَلِكوا مُتَسعًا مِنَ الوقتِ للشرح، لكِنَها قد أنقذتْ حياتَهُم قبلَ قليلٍ فقط، ولو أزعَجوها، فقد يَتِمُ القضاءُ عليهِم. لذا فَـهذهِ مُحاولةٌ لإدارةِ الأزمات.

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

بيغوت ورِجالُهُ الآن في مُنتَصَفِ عمليتِهِم الإنتحارية. لم يَمتَلِكوا مُتَسعًا مِنَ الوقتِ للشرح، لكِنَها قد أنقذتْ حياتَهُم قبلَ قليلٍ فقط، ولو أزعَجوها، فقد يَتِمُ القضاءُ عليهِم. لذا فَـهذهِ مُحاولةٌ لإدارةِ الأزمات.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

لم تَرُدَّ على كلماتِه. وبدلًا مِن ذلك، نَظَرَتْ إليهِ بعينَيها المُحتَقِنَتَينِ بالدماء وإستَجوَبَتهُ بشكلٍ واقعيٍّ للغاية. “أنتَ هُناك، هل رأيتَ فتاةً في الثانيةِ عشرةَ مِن عُمُرِها لها شَعرٌ أحمرٌ نقي؟ أو صبيٌّ العاشِرةِ مِن عُمُرِهِ يُتقِنُ السِحر؟”

هذا ليسَ بحادِثٍ نادر. في منطقةِ الصِراعات، تم إنشاء دولٍ صغيرةٍ وتدميرِها طوالَ الوقت. وسَـيَنتَظِرُ الناسُ فُرصةً مُناسِبةً لبناء بَلَدِهِم، بطموحِ الإستيلاء على المَنطَقةِ بأسرِها وإنشاء بَلَدٍ أكبر، فقط مِن أجلِ تحطيمِ هذا الحُلمِ وتجزئتِه. دولةُ ماركين المُرتَزَقة هي مُجَرَدُ ضحيةٍ أُخرى لتِلكَ الدورة، هذا لأنَّها دولةٌ غيرُ مُنَظَمةٍ سَـتواجِهُ نفسَ المصير؛ لا أكثرَ ولا أقل.

“…”

ومعَ ذلِك، لم يحدُث شيءٌ بلا سبب. أولى خُطواتِهِم نحوَ الهلاك كانَتْ الدبلوماسية. فالبلد، الذي يقومُ إقتصادُهُ على نشرِ المُرتَزَقة، سَـيَمتَلِكُ بالطبعِ قوةً وطنيةً وعسكريةً تَتَجاوزُ ما هو مُتَوَقعٌ مِن أيِّ بلدٍ نامٍ عادي. ومع ذلِك، تِلكَ كانَتْ مُشكِلَتَهُم الأساسية.

“جاااه!”

فَـقد ظلَّ البَلَدانِ الأقربُ إلى ماركين، مَملَكةُ ديكوتو وإمبراطوريةُ بروز، حَذِرَينِ للغايةِ مِن بَلَدِ المُرتَزَقة. لقد خَطَطوا ضِدَها، وعِندَما إنهارتْ العلاقاتُ الدبلوماسية، أعلنَ كِلا البَلَدَينِ الحربَ على ماركين في وقتٍ واحِد.

“مِن فضلِكِ إنتظري. هُناكَ مُعسكَرُ للعدوِ موجودٌ في هذا الإتجاه.”

وعلى الرُغمِ مِن أنَّها دولةُ مُرتَزَقة، إلا أنَّها كانَتْ عاجِزةً ضِدَ القوةِ المُشتَرَكةِ لدولَتَينِ أُخرَيَين. قَدَمَ ماركين عرضًا مُشَرِفًا للمُقاومةِ الشرِسة، لكِنَهُم خَسِروا نِصفَ أراضيهِم بعدَ الإستسلامِ المُفاجِئ لقلعةٍ مُهمة وخسارةِ العديدِ مِنَ المعارِكِ الكبيرة.

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

حينَها إختفى أيُّ أملٍ لهذِه البِلاد. أما بالنسبةِ لبعضِ المُرتَزَقةِ الذينَ إمتَلَكوا عقولًا فَـقد فَروا إلى بُلدانٍ أُخرى أو خانوا ماركين. بعدَها حَدَثَتْ المعرَكةُ الحاسِمة، والتي أصبَحَتْ تُعرَفُ بعدَ ذلِكَ بإسمِ المعركةِ الأخيرةِ لبقايا ماركين، وحَدَثَتْ في منطقةٍ سهليةٍ كبيرة.

***

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

‘كما لو أنَّني فارِسٌ في مَملَكةٍ ما.’ عَرَفَ الجميعُ أنَّ الفُرسانَ هُم الوحيدونَ الذينَ يموتونَ مِن أجلِ الشَرَف. ولكِنَ هذا يَحدُثُ الآنَ لبيغوت. ‘رُبَما أنا فارِسٌ بعدَ كُلِ شيء، فارِسُ ماركين.’

وهُناكَ سببٌ آخرُ لكونِ هذا السهلِ قد لَعِبَ دورًا رئيسيًا في هذهِ الحرب. وهو أنَّهُ وبِـمُجَرَدِ سقوط ماركين، سيحتاجُ البلدانِ الآخرانِ للسيطرةِ على هذهِ النُقطةِ للإستيلاء مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقةِ المُحيطةِ بالعاصِمة. بالإضافةِ إلى ذلِك، بمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، فَـمِنَ السهلِ تَخَيُلُ الصِراعِ الذي سَـيَنشَبُ بعدَ ذلِكَ بينَ مَملَكةِ ديكوتو وإمبراطوريةِ بروز.

“وماذا في ذلك؟”

وقد حاوَلَتْ دولةُ ماركين بالفعلِ الإستفادةَ مِن الطبيعةِ المشحونةِ للعلاقَةِ بينَ هذَينِ البَلَدَين، لكِنَ قواتَها العسكريةَ قد تَقَلَصَتْ بدرجةٍ كبيرة، إلى الحَدِ الذي لم يَعُد بإمكانِهِم سوى إظهارُ مُقاومةٍ بسيطةٍ فقط. موضوعُ الحِفاظِ على الدولةِ مِنَ الهلاكِ وحدَهُ يكفي لإنهاكِهِم.

جَمَعَ ماركين كُلَ قواتِهِ العسكرية وإنطَلَقَ لقتالِ البَلَدَينِ المُتحالِفَين. بعدَ ذلِك، شَنَّ البَلَدانِ هجماتَهُما بِـشَكلٍ مُنفَصِل، لكِنَ السَهلَ ذاك كان مَنطقةً إستراتيجيةً مُهِمةً بسببِ إمتلائه بالغاباتِ الموبوءةِ بالوحوشِ على كِلا الجانِبَين. وهذا تَسَبَبَ في الحدِ مِن قُدراتِ جيشِ البَلَدَينِ على المُناورةِ خِلالَه. لذلِكَ تَوَجَبَ عليهُما أن يَتَحِدا معًا.

 

“اللعنة!”

***

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

 

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

قادَ بيغوت المُرتَزَق، قائِدُ الوحدةِ الثالِثةِ مِن شَرِكةِ مُرتَزَقةِ ماركين، عشرةً مِن رجالِهِ إلى أعماقِ الغابة. كانَتْ غابةُ إيجين موبوءةً بالوحوش. مُنذُ زمنٍ سحيق، مَنَعَ حاكِمُ هذهِ المنطقةِ المُرورَ عبرها، أو هكذا قالَ أولئِكَ الذينَ عاشوا في مكانٍ قريبٍ بالإجماع. حتى أنَّ الحطابينَ رفضوا دخولَ غابةِ إيجين. وهذا يعني أنَّ المرورَ بالقواتِ أمرٌ مُستَحيل. حتى في هذهِ المعركةِ الحالية، تَجَنَبَتْ الدَولَتانِ المُعاديتان لماركين الإقترابَ مِنَ الغابة.

وقد حاوَلَتْ دولةُ ماركين بالفعلِ الإستفادةَ مِن الطبيعةِ المشحونةِ للعلاقَةِ بينَ هذَينِ البَلَدَين، لكِنَ قواتَها العسكريةَ قد تَقَلَصَتْ بدرجةٍ كبيرة، إلى الحَدِ الذي لم يَعُد بإمكانِهِم سوى إظهارُ مُقاومةٍ بسيطةٍ فقط. موضوعُ الحِفاظِ على الدولةِ مِنَ الهلاكِ وحدَهُ يكفي لإنهاكِهِم.

لهذا قَرَرَ المَلِكُ ماركين الإستفادةَ مِن ذلِك. حيثُ سَـتَختَرِقُ قواتُهُم الغابةَ وتَشِنُ هجومًا مُفاجِئًا على أحدِ جَيشَي أعدائِهِم. خُطةٌ بسيطةٌ ولكِنَها فعالة.

 

ومعَ ذلِك، في حينِها لم تعُد قوةُ ماركين العسكرية كما كانَتْ مِن قبل. مُجَرَدُ المرورِ عبرَ الغابةِ مِن شأنِهِ أنْ يُقَلِلَ أعدادَهُم بشَكلٍ كبيرٍ عندما سَـيَتِمُ إستهدافُهُم مِن قِبَلِ الوحوشِ المُختَلِفة. هذا بدونِ ذِكرِ شنِ هجومٍ على جيش بعد الخروجِ مِن هُناك–سَـيَكونُ ذلِكَ فقط إضاعةً للموارِد.

ما الذي يَفعَلُهُ حُراسُ الإمبراطور الشخصيينَ هُنا في الغابة، بعيدًا عن الإمبراطور؟ كُلُ ذلِكَ بِسَبَبِ شيءٍ قد حَدَثَ قبلَ ساعة. حينَما كانَ إمبراطورُ بروز يَسيرُ شخصيًا في مُعسكَرِهِم يَرفَعُ هِمَمَ جِنودِهِ عندما خرجَ وحشٌ فجأةً مِنَ الغابةِ وهاجمَهُم. تم رَدُّ الوحشِ بسُرعة، لكِنَ الإمبراطورَ أُصيبَ بخَدشٍ صغيرٍ أثناء ذلِكَ وتلقى العِلاجَ الطبيَّ. ومع ذلِك، بَقيَّتْ حقيقةُ أنَّهُ قد تَعَرَضَ للهجومِ أمامِ أعيُنِ جِنودِهِ موجودةً.

حينَها جاء دورُ الإستراتيجية. في المَعرَكةِ السابِقة، قاموا بنَهبِ العديدِ مِن بدلاتِ دروعِ جنودِ إمبراطوريةِ بروز. لهذا سَـيَرتَدي جنودُ ماركين هذهِ البَدلاتِ ثُمَ يُهاجِمونَ إمبراطوريةِ ديكوتو مِنَ الخلف.

لقد تَوَقَعَتْ إمبراطوريةُ بروز أنْ يأتيَّ مِثلُ هذا الهجوم، لذلِكَ، إستَطاعوا خوضَ معركة. حينَها بالضبط، شَنَّ بلدُ ماركين هجومَه. هُجومًا مِن ثلاثِ إتجاهات.

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

“لا، لم أفعل.” هزَّ رأسَه، وبدأ في التَفكيرِ بكلِماتِها. فتاةٌ ذاتُ شعرٍ أحمرٍ تبلغُ مِنَ العُمرِ إثنَي عَشَرَ عامًا تقريبًا. فتًى ساحِرٌ يَبلُغُ مِنَ العُمرِ حوالي عشرة أعوام. لقد رأى العديدَ مِنَ العبيدِ مثل هؤلاء في حياتِه، لكِن ليسَ في هذهِ المنطقة. إلى جانبِ ذلِك، فَـهذهِ غابةُ إيجين. مكانٌ مليئٌ بالوحوش. لماذا تَعتَقِدُ أنَّ أطفالًا سَـيَكونونَ في مكانٍ مِثلِ هذا؟

وهكذا تَمَ تَكليفُ بيغوت، المعروفُ بكونِهِ جريئًا وحازِمًا، بالمسؤوليةِ عن العملية. سَـيَمُرُ عبرَ الغابةِ مع قوةٍ صغيرةٍ ويُهاجِمُ قواتَ ديكوتو.

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

لقد كانَ مسعًى خطيرًا بِـشَكلٍ لا يُصَدَق. فَـهُم لن يعودوا أحياءً حتى لو نَجَحوا. في الواقِع، قد يَضطَرونَ للإنتحارِ لِـتَجَنُبِ القَبضِ عليهُم. ولم يَتَمكَنوا من أخذِ أي شيءٍ قد يَدُلُ على هويتِهِم معهُم. لا أحدَ سَـيَعرِفُ مَن هُم أو مِن أينَ أتوا. ولا يوجَدُ شَرَفٌ في هذهِ المهمة. بدلًا مِن ذلِك، سيَموتونَ كَـخَوَنة.

بعد عشرِ ثوانٍ فقط مَزَقَتْ غيلين مَلِكَ ديكوتو بشَفرَتِها، مِمَّا أدى إلى مَقتَلِه. لو بقيَّ على قيد الحياة، لأدركَ أنَّ بيغوت ورِجالَهُ ليسوا مِن إمبراطوريةِ بروز وتراجعَ عن أوامِرِه، لكِنَ المرسومَ الإمبراطوري يَمتَلِكُ سُلطةً مُطلقةً. وهكذا دَخَلَتْ مَملَكةُ ديكوتو في معركةٍ ضِدَ إمبراطورية بروز.

على الرُغمِ مِن ذلِك، قالَ بيغوت لماركين، “لا تقلق، سَـتُخَلَدُ قِصتُنا. سَـنَعيشُ كأبطالٍ قادوا هذا البَلَدَ إلى النَصرِ خِلالَ إحدى معارِكِهِ العظيمة، تمامًا مِثلَ الإلهين التوأمِ الأسطوريَّينِ ميغوس وغوميس. أليسَ ذلِكَ شرفًا بحدِ ذاتِه؟” وهكذا تولى بيغوت هذا الواجِب، حيثُ رأى التشابُهَ بينَهُ وبينَ الأبطالِ الأسطوريَينَ مُنذُ 400 عامٍ واللذينَ ماتوا في المعركةِ ضِدَ لابلاس.

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

ومعَ ذلِك، لم يحدُث شيءٌ بلا سبب. أولى خُطواتِهِم نحوَ الهلاك كانَتْ الدبلوماسية. فالبلد، الذي يقومُ إقتصادُهُ على نشرِ المُرتَزَقة، سَـيَمتَلِكُ بالطبعِ قوةً وطنيةً وعسكريةً تَتَجاوزُ ما هو مُتَوَقعٌ مِن أيِّ بلدٍ نامٍ عادي. ومع ذلِك، تِلكَ كانَتْ مُشكِلَتَهُم الأساسية.

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

‘همف، لم أُفَكِر أبدًا في أنَّني قد أفعلُ شيئًا كهذا.’، فَكَرَ بيغوت، ضاحِكًا بِـسُخريةٍ على نفسِه.

“البوابةُ الشرقيةُ لحِصنِ آروس. إنَّهُ مكانٌ كَـالجحيم. كِدتُ حينَها أفقِدُ مَحبوبَتي، ذراعيَّ اليُمنى الحبيبةُ هذه.”

كانَ مِنَ المُقَدَرِ أنْ يكونَ بيغوت مُرتَزَقًا. فَـقد ولِدَ في فِرقةِ مُرتَزَقة. توفي والدِهُ في المعركةِ بينما والِدَتُهُ حامِلٌ به، وتوفيَّتْ والِدَتُهُ في المعركةِ بعدَ وقتٍ قصيرٍ مِن ولادَتِه. تَمَّ بيعُهُ كَـعَبدٍ وإشتراهُ ما سَـيُصبِحُ فيما بعدُ شَرِكةَ ماركين المُرتَزَقة. وهذا هو المكانُ الذي تَعَلَمَ فيهِ عن المُبارزةِ والمعارِك. مُنذُ ذلِكَ الحينِ عاشَ فقط مِن أجلِ المالِ والبقاء على قيدِ الحياة. لم يحلُم أبدًا أنَّهُ في نهايةِ كُلِ شيء، سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ الشَرَف.

“غاااا!” عوى الوحش. مع كُلِ أرجوحةٍ مِن شفرةِ الدمِ الحمراء، تم تشريحُ أحدُ هؤلاء الجنود. تَحَرَكَ الوحشُ مِثلَ ومضةٍ مِنَ الضوء. صَوتُها وحدهُ كافٍ لجعلِ المرء يرتَجِف. لا أحدَ إستطاعَ مُجاراتَها. وفي لحظات، تَمَ القضاءُ على الحُارسِ جميعًا.

‘كما لو أنَّني فارِسٌ في مَملَكةٍ ما.’ عَرَفَ الجميعُ أنَّ الفُرسانَ هُم الوحيدونَ الذينَ يموتونَ مِن أجلِ الشَرَف. ولكِنَ هذا يَحدُثُ الآنَ لبيغوت. ‘رُبَما أنا فارِسٌ بعدَ كُلِ شيء، فارِسُ ماركين.’

في السَنَةِ 417 مِن تاريخِ عصرِ التِنينِ المُدَرَع.

جَعَلَهُ التفكيرُ بهذهِ الطريقةِ فخورًا. لفَترةٍ طويلة، لم يَمتَلِك بيغوت مكانًا ينتمي إليه. وبعدَ الكثيرِ مِنَ المصاعِبِ والمُعاناةِ تَمَكنَ أخيرًا مِن تسميةِ ماركين مَنزِلًا. والآن هو سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ حمايتِه. لقد سَخَرَ مِن هذهِ المُثُلِ العُليا في الماضي لكونِها تبدو مُتفائِلةً أكثرَ مِنَ اللازِم، ولكِن الآن وبعد أنْ تَمَّ وضعُهُ في موقِفٍ مُشابِه، لم يبدُ الأمرُ سيئًا جدًا مِن منظورِه.

VOLUME TWO

“القائد، أبعدُ قليلًا فقط، سَـنَصِلُ أخيرًا.”

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

“لا تَخفِض مِن حَذَرِك. الآنَ بعدَ أنْ وصلنا إلى هذا الحد، علينا أنْ نُحاوِلَ بجدٍ أنْ نموتَ على يدِ البشر.”

 

“هاها، لا أرى أيَّ خطأ في ذلِك.”

 

حتى تِلكَ النُقطة، واجهوا القليلَ مِنَ الوحوشِ فقط. لقد ساروا طَوالَ اليومِ ولم يدخلوا سوى في قتالَينِ مع الوحوش. هذا أشبَهُ بالمُعجِزة.

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

على الرُغمِ مِن ذلِك، فَـقدْ فَقَدَ أحدَ رِجالِه. لقد ظَلوا يَتَحركونَ بحذرٍ شديد، إلا أنَّ نَمِرَ ورقةٍ حمراء مُختبئًا بينَ الأعشابِ قد هاجَمَهُم. ولعدمِ وعيِّهم به، مات جُنديٌّ واحِد. لكِنَ الوحشَ كانَ مُصابًا بالفِعلِ بجروحٍ خطيرةٍ وبدا أنَّهُ يَهرُبُ مِن شخصٍ ما. نَمِرُ الورقةِ الحمراء هو أكثرُ الوحوشِ رُعبًا في هذهِ الغابة. فقط مَن في هذا العالمِ يُمكِنُهُ فِعلُ كُلُ هذا به؟

“والنساء أيضًا!”

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

مع صرخةٍ أُخرى، هاجَمَ الوحشُ كلاين. كلاين هو قديسُ ماء. وأسلوبُ إلهِ الماءِ معروفٌ بِـقُدرَتِهِ على صَدِّ أيِّ هجومٍ وإطلاقِ هجومٍ مُضادٍ مُميت.

لقد سَمِعَ شائعاتٍ عن حاكِمِ الغابةِ مِن قبل. كارينتوصور، وحشٌ مِنَ الدرجةِ الأولى بجسمٍ عملاقٍ يُشبِهُ السحليةَ يَزيدُ طولُهُ عن خمسةِ أمتار. ليسَ معروفًا هل هو موجودٌ بالفعلِ أم لا، ولكن إذا حدثَ ذلِك، فَسَـيَكونُ بالتأكيدِ قادِرًا على وضعِ نمرٍ مِنَ الدرجةِ B في حالةٍ حرجة.

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

هذا يعني أيضًا أنَّهُم إذا تعرضوا للهجومِ مِن قبلِ مثلِ هذا المخلوق، فلن يَخرُجَ هو ولا رجالُهُ التِسعةُ المُتبقينَ سالمين. لذلِكَ تعاملَ مع الوضعِ بحذرٍ أكثرَ مِن ذي قبل.

الفصلُ الإضافي: إلهةُ الغابة

لحُسنِ الحظ، إمتَلَكَ بيغوت خِبرةً في المناورةِ عبرَ الغابة، وهو ما يكفي لتَجَنُبِ مواجهةِ أيِّ وحوش. وحتى لو صادَفَ وحشًا، فَـهو يَمتَلِكُ على الأقلِ القوةَ لقتلِهِ قبلَ أنْ يَطلُبَ المُساعدة. طالما تَمَكَنوا مِن ذلِك، فَسَـيكونونَ على ما يُرام.

“غاااه!”

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

“سَـنَنتَقِمُ له!”

“ماذا؟!”

الجوابُ هو قِصةٌ مُثيرةٌ للإهتمامِ في الواقع.

“هاه!؟”

“أنتَ هُناك، أعطِنا إسم وِحدَتِك!” وقفَ رَجُلٌ يرتدي دِرعًا لامِعًا ومُذهِلًا أمامَ بيغوت، مُطالِبًا بالتعريفِ عن نفسِه.

قبلَ أنْ يُدرِكَ بيغوت ما يَحدُث، إصطَدَمَ هو ورِجالُهُ بمجموعةٍ أُخرى. هذهِ المجموعةُ فيها عشرةُ أشخاصٍ كذلِك. معًا، صاروا مجموعةً مِن عشرينَ رَجُلا، كُلُهُم يرتَدونَ دِرعَ إمبراطوريةِ بروز. الإختلافُ الوحيدُ هو أنَّ بيغوت ورِجالَهُ مُزَيفون.

“جاااه!”

“أنتَ هُناك، أعطِنا إسم وِحدَتِك!” وقفَ رَجُلٌ يرتدي دِرعًا لامِعًا ومُذهِلًا أمامَ بيغوت، مُطالِبًا بالتعريفِ عن نفسِه.

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

“إستَلوا سيوفَكُم! لا تَدَعوا شخًصًا مِنهُم حيًا!” تجاهلَ بيغوت السؤالَ وبدلًا مِن ذلِكَ صرخَ على رِجالِه، الذينَ إستَلوا سيوفَهُم وقَفَزوا على العدو.

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

“هارِبون، هاه؟! موتوا!” وَصَفَهُم القائِدُ مِن إمبراطوريةِ بروز بذلِكَ بعدَ أن هاجَموهُم. هو مُخطئٌ، لكِنَ هذا لم يُغير ما يجبُ القيامَ به. “إقتلوهُم! بروز لا تحتاجُ للجُبناء الذينَ يهربونَ مِن المعركة!”

قادَ بيغوت المُرتَزَق، قائِدُ الوحدةِ الثالِثةِ مِن شَرِكةِ مُرتَزَقةِ ماركين، عشرةً مِن رجالِهِ إلى أعماقِ الغابة. كانَتْ غابةُ إيجين موبوءةً بالوحوش. مُنذُ زمنٍ سحيق، مَنَعَ حاكِمُ هذهِ المنطقةِ المُرورَ عبرها، أو هكذا قالَ أولئِكَ الذينَ عاشوا في مكانٍ قريبٍ بالإجماع. حتى أنَّ الحطابينَ رفضوا دخولَ غابةِ إيجين. وهذا يعني أنَّ المرورَ بالقواتِ أمرٌ مُستَحيل. حتى في هذهِ المعركةِ الحالية، تَجَنَبَتْ الدَولَتانِ المُعاديتان لماركين الإقترابَ مِنَ الغابة.

كانَ جنودُ بروز سريعين.

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

“غاااه!”

أثناء هذا، لم يَستَطِع بيغوت ورجالُهُ التَحرُكَ حتى. بل لم يَمتَلِكوا حتى أيَّ فِكرةٍ عَمَّا حَدَثَ للتو. ظَهَرَ الوحشُ مِنَ العدم، وفي عرضٍ ساحقٍ للقوة، دَمَرَ كُلَ شيءٍ في طريقِه. لكِن لماذا؟ لأيِّ غرض؟

“ا-اللعنة!”

“في هذهِ الحالة، لماذا لا نَتَحركُ معًا؟ لدينا أيضًا شيءٌ لرعايتِهِ في هذا الإتجاه.”

في غمضةِ عين، تَمَ إسقاطُ إثنَينِ مِن رجالِ بيغوت. وفي لحظاتٍ فقط تَحَوَلوا إلى موقفٍ دفاعي. حيثُ كانَ جنودُ إمبراطوريةِ بروز ماهرينَ بشكلٍ لا يُصَدَق. لم يعرِف بيغوت ورِجالُهُ عن ذلِكَ في حينِها، لكِنَهُم كانوا يُقاتِلونَ في الواقعِ حُراسَ الإمبراطورِ الشخصيين.

إنقضى الليلُ هكذا بإثنَينِ يشرَبانِ الكحولَ بمرَح.

ما الذي يَفعَلُهُ حُراسُ الإمبراطور الشخصيينَ هُنا في الغابة، بعيدًا عن الإمبراطور؟ كُلُ ذلِكَ بِسَبَبِ شيءٍ قد حَدَثَ قبلَ ساعة. حينَما كانَ إمبراطورُ بروز يَسيرُ شخصيًا في مُعسكَرِهِم يَرفَعُ هِمَمَ جِنودِهِ عندما خرجَ وحشٌ فجأةً مِنَ الغابةِ وهاجمَهُم. تم رَدُّ الوحشِ بسُرعة، لكِنَ الإمبراطورَ أُصيبَ بخَدشٍ صغيرٍ أثناء ذلِكَ وتلقى العِلاجَ الطبيَّ. ومع ذلِك، بَقيَّتْ حقيقةُ أنَّهُ قد تَعَرَضَ للهجومِ أمامِ أعيُنِ جِنودِهِ موجودةً.

ومعَ ذلِك، في حينِها لم تعُد قوةُ ماركين العسكرية كما كانَتْ مِن قبل. مُجَرَدُ المرورِ عبرَ الغابةِ مِن شأنِهِ أنْ يُقَلِلَ أعدادَهُم بشَكلٍ كبيرٍ عندما سَـيَتِمُ إستهدافُهُم مِن قِبَلِ الوحوشِ المُختَلِفة. هذا بدونِ ذِكرِ شنِ هجومٍ على جيش بعد الخروجِ مِن هُناك–سَـيَكونُ ذلِكَ فقط إضاعةً للموارِد.

وبعدَ أنْ شَعَرَ الإمبراطورُ بإنخفاضٍ في الروحِ المعنويةِ في جيشِه، أمَرَ حُراسَهُ الشخصيينَ بالتَحَرُك. إذهبوا وقاتِلوا ذلِكَ الوحشَ وإجلبوا لي جِلدَه، هكذا أمر. ثُمَ حينَها سَـيُمكِنُهُ أنْ يَدَعيَّ أنَّهُ قد حاربَ المَخلوقَ وقَتَلَهُ ولهذا أُصيبَ بهذا الجُرح.

لقد سَمِعَ شائعاتٍ عن حاكِمِ الغابةِ مِن قبل. كارينتوصور، وحشٌ مِنَ الدرجةِ الأولى بجسمٍ عملاقٍ يُشبِهُ السحليةَ يَزيدُ طولُهُ عن خمسةِ أمتار. ليسَ معروفًا هل هو موجودٌ بالفعلِ أم لا، ولكن إذا حدثَ ذلِك، فَسَـيَكونُ بالتأكيدِ قادِرًا على وضعِ نمرٍ مِنَ الدرجةِ B في حالةٍ حرجة.

وهكذا إنطَلَقَ الحُراسُ الشخصيونَ على الفورِ إلى الغابة. لكِن، في ظروفٍ غامضةٍ للغاية، لم يواجِهوا أيَّ وحوش، ولكِن بدلًا مِن ذلِكَ وَجَدوا بيغوت ومجموعَتَه.

“سَـنَنتَقِمُ له!”

“لماذ-لماذا هُنا…؟”

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

تمَ قَتلُ أقوى رِجالِ بيغوت بسهولةٍ مِن قِبَلِ حُراسِ إمبراطورِ بروز الشخصيين.

“إذن هل يَجِبُ علينا أنْ نَذهبَ إلى بيتِ الدعارةِ بعد هذا؟”

“أنا مُتأكِدٌ مِن أنَّكَ تَعرِفُ بالفعل، لكِنَني قائِدُ حُارسِ الإمبراطور، كلاين دينولتاس! قديسُ الماء كلاين! هل تَعتَقِدُ بجديةٍ أنَّكَ يُمكِنُ أن تَفوزَ علي؟!”

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

“اللعنة!”

شاهدَ ما حَدَث. رأى رجُلًا يرتَدي دِرعَ بروز فاخِرًا وذو لحيةٍ سوداء. ثُمَ رأى بيغوت وميضَ اللونِ الأحمرِ بالقُربِ مِن ذلِكَ الرجُل، إمبراطورُ بروز، قُطِعَ رأسُهُ مِن قبلِ امرأةٍ ذاتِ بشرةٍ بُنية.

“أوقِفوا المُقاومةَ وإستَسلِموا، ثُمَ قد تُحافِظونَ على الأقلِ على حياتِكُم!”

أُصيبَ المَلِكُ بالدهشةِ بِسَبَبِ الهجوم المُفاجئ. وعِندَ رؤيةِ دروعِهِم، إعتَقَدَ على الفورِ أنَّ إمبراطور بروز قد شَنَّ هُجومًا مُتَسلِلًا مِن الغابة. وأمَرَ بشنِ هجومٍ على إمبراطورية بروز. ثُمَ حاولَ الإحتماءَ مِنَ الفوضى.

أُصيبَ بيغوت بالذُعر. مِنَ المُستَحيلِ أنْ يَستَسلِموا. حيثُ أنَّهمُ إذا تم القبضُ عليهِم والتحقيقُ معَهُم، فَسَـيَتِمُ كَشفُهُم. سوفَ تَسقُطُ ماركين. بعدَ ذلِك، سَـتَتَقاتَلُ إمبراطوريةُ بروز ومَملَكةُ ديكوتو. وغيرُ معروفٍ مَن سَـيفوز، ولكِن، في كلتا الحالتَينِ سَـتَختَفي الدولةُ التي إمتَلَكَ ذكرياتٍ جميلةً عنها.

“على أيِّ حال، هذا هو بلدُ ماركين في منطقةِ الصراعات. لا خطأ في هذا بالتأكيد.”

من ناحيةٍ أُخرى، لم يَمتَلِك خياراتٍ أُخرى. فَـقد تمتْ مُحاصرَتُهُم، وإذا إستَمَرَ هذا لفترةٍ أطول، فإنَّ تدميرَهُم سَـيَكونُ حتميًا.

“…”

أنا آسِف، ماركين. إعتذرَ بيغوت لرفيقِهِ العزيزِ في قَلبِه. هذا بالضبطِ عندما حَدَثَ كُلُ شيء.

بفضلِ إنجازاتِه، حصلَ بيغوت على مَنصَبِ الجنرال. وتَمَ الإحتفالُ بهِ كَـبَطَلٍ أسطوري لأنَّهُ نَجَحَ في مُهمةٍ إنتحاريةٍ وأعدَمَ مَلِكَ ديكوتو.

“غرااغاه!”

من ناحيةٍ أُخرى، لم يَمتَلِك خياراتٍ أُخرى. فَـقد تمتْ مُحاصرَتُهُم، وإذا إستَمَرَ هذا لفترةٍ أطول، فإنَّ تدميرَهُم سَـيَكونُ حتميًا.

جاءتْ سِحليةٌ عِملاقةٌ تُحَلِقُ نحوَهُم. جسدها، الذي يَبلُغُ طولُهُ خمسةَ أمتار، أخضرٌ زاهي، لكِنَ بشكلٍ مُرعِبٍ مليء بالجروحِ المفتوحة، والدمُ يَتَدفَقُ مِنها. خَرَجَتْ الفُقاعاتُ الحمراءُ مِن فَمِها أثناء تَحَرُكِها بينَ المجموعتَينِ المُتَقاتِلَتَينِ وإنهارَت. ثُم، بعدَ لحظةٍ فقط مِن ذلِك…

“ها…هاه…هاهاها!” ضَحِك، وبينما هو يَضحَك، إنتَهَتْ المعركة. وعاشَ بيغوت.

“آآآه!”

وهكذا مُستَخدِمةً الشمسَ كَـدليل، حَوَلَتْ إتجاهها نحوَ الجنوب. وهذا هو نفسُ الإتجاهِ الذي يَتَحرَكُ إليهِ بيغوت ورجالُه.

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

تَلَقى بيغوت سَهمًا في عينهِ اليُسرى. وأثناء تَخَبُطِهِ بحثًا عن طريق، رآه.

“جاااه!”

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

وقبلَ أنْ يَستَطيعوا فِهمَ أيِّ شيء. بعدَ ذبحِ السحلية، لم يَتَوقَف الوحشُ البريُّ عن الحركة. قَفَزَ مِن على الأرض، وفي غمضةِ عين، قَطَعَ إثنَينِ مِن حُراسِ الإمبراطور.

“غررر!” الوحشُ لم يُجِب. على ما يبدو رَصَدَ فقط وجودَ عدوٍ يَحمِلُ سيفًا أمامَه.

“ماذا تفعَل؟!”

بيغوت، أيضًا، أمالَ رأسَه. ثُمَ أخبرَها أنَّها في مَنطقةِ الصراعات، الواقِعةِ في أقصى شمالِ النصفِ الجنوبيِّ مِنَ القارةِ الوسطى. ثُمَ أوضحَ أنَّهُم في غابةٍ داخِلَ الجُزءِ الشمالي مِن بَلَدِ ماركين المُرتَزَقة.

لِـلَحظةٍ إعتَقَدَ بيغوت أنْ هذا يَجِبُ أنْ يكونَ حاكِمَ الغابة. ومعَ ذلِك، إمتَلَكَ هذا الوحشُ البريُّ شَكلَ الإنسان. جِلدٌ بُنيٌّ دافئ، شَعرٌ أحمرٌ ناريٌّ وإثنَينِ مِن آذانِ الوحشِ مُنتَصِبَتَينِ بالكاِمل. كما إنَّهُ يَحمِلُ سيفًا. سيفٌ ذو شِفرةٍ رقيقةٍ مِن جانبٍ واحِد، يَلمَعُ بلونٍ أحمرٍ غريب، وعليهِ نقشٌ غامِض.

“بأيِّ فُرصة…” نادها بيغوت أثناء تأديتِهِ لأسلوبِ التحيةِ الخاصِ بأسلوبِ إلهِ السيف والذي عَلَمَهُ إياهُ مُعَلِمُه، إنحنى على رُكبةٍ واحِدةٍ وقَدَمَ رأسَهُ إلى الأمام، مُظهِرًا الإحترامَ والخضوع. “…هل أنتِ مَلِكُ السيف، غيلين ديدوروديا-ساما؟!”

“من أنت؟!” صَرَخَ كلاين، قائِدُ الحُراسِ الإمبراطوريين، أثناءَ تَقَدُمِهِ إلى الأمام.

“غررر!” الوحشُ لم يُجِب. على ما يبدو رَصَدَ فقط وجودَ عدوٍ يَحمِلُ سيفًا أمامَه.

“غررر!” الوحشُ لم يُجِب. على ما يبدو رَصَدَ فقط وجودَ عدوٍ يَحمِلُ سيفًا أمامَه.

“…”

“آآآه!”

“هارِبون، هاه؟! موتوا!” وَصَفَهُم القائِدُ مِن إمبراطوريةِ بروز بذلِكَ بعدَ أن هاجَموهُم. هو مُخطئٌ، لكِنَ هذا لم يُغير ما يجبُ القيامَ به. “إقتلوهُم! بروز لا تحتاجُ للجُبناء الذينَ يهربونَ مِن المعركة!”

“غااااه، قاتِلني!”

في الحقيقة، مَلِكُ ديكوتو هو جبانٌ وقد يخيم وظهرُهُ إلى الغابةِ حتى لا يَتِمَ القبضُ عليهِ في هجومٍ مُفاجئ من قبلِ إمبراطوريةِ بروز. سَـيؤدي الجمعُ بينَ هذهِ العواملِ لاحِقًا إلى نجاحِ بيغوت.

مع صرخةٍ أُخرى، هاجَمَ الوحشُ كلاين. كلاين هو قديسُ ماء. وأسلوبُ إلهِ الماءِ معروفٌ بِـقُدرَتِهِ على صَدِّ أيِّ هجومٍ وإطلاقِ هجومٍ مُضادٍ مُميت.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

أو على الأقل، هذا هو ما يجبُ أنْ يكون.

هو العامُ الذي حَدَثَتْ فيهِ تِلكَ الحادِثةُ الغريبةُ في مَملَكةِ آسورا. حينَها لم يَمُرَ سوى عامانِ بعدَ إعلانِ مَلِكِ المُرتَزَقةِ ماركين إنشاء دولةِ ماركين المُرتَزَقة، حتى صارَتْ هذهِ الدولةُ تواجِهُ خَطَرَ الهلاك.

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

في حانةٍ تَقَعُ في إحدى زوايا ماركين. هُناك، كانَ أحدُ المُرتَزَقةِ يَتَفاخَرُ أمامَ آخرٍ حولَ إحدى الندوبِ فوقَ كَتِفِه.

عِندَما تصادَمَ سَيفُ الوحشِ بسيفِ كلاين، كُسِرَتْ شَفرَةُ كلاين إلى نصفَين. ثُمَ إنقَسَمَ دِرعُ كلاين حيثُ قَطَعَ الهجومُ ملابِسَهُ وجِلدَهُ وعضلاتَهُ وأخيرًا عَظمَهُ بلا تَوَقُف. وهكذا تَمَ فَصلُ القسمِ العلويِّ مِن جَسَدِ كلاين عن القسمِ السُفلي. لم يَتَراجَع جنودُ بروز حتى عِندَما سَقَطَ جِذعُ قائِدُهُم أمامَهُم.

هذا ليسَ بحادِثٍ نادر. في منطقةِ الصِراعات، تم إنشاء دولٍ صغيرةٍ وتدميرِها طوالَ الوقت. وسَـيَنتَظِرُ الناسُ فُرصةً مُناسِبةً لبناء بَلَدِهِم، بطموحِ الإستيلاء على المَنطَقةِ بأسرِها وإنشاء بَلَدٍ أكبر، فقط مِن أجلِ تحطيمِ هذا الحُلمِ وتجزئتِه. دولةُ ماركين المُرتَزَقة هي مُجَرَدُ ضحيةٍ أُخرى لتِلكَ الدورة، هذا لأنَّها دولةٌ غيرُ مُنَظَمةٍ سَـتواجِهُ نفسَ المصير؛ لا أكثرَ ولا أقل.

“كيف تجرؤ!”

وهُناكَ سببٌ آخرُ لكونِ هذا السهلِ قد لَعِبَ دورًا رئيسيًا في هذهِ الحرب. وهو أنَّهُ وبِـمُجَرَدِ سقوط ماركين، سيحتاجُ البلدانِ الآخرانِ للسيطرةِ على هذهِ النُقطةِ للإستيلاء مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقةِ المُحيطةِ بالعاصِمة. بالإضافةِ إلى ذلِك، بمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، فَـمِنَ السهلِ تَخَيُلُ الصِراعِ الذي سَـيَنشَبُ بعدَ ذلِكَ بينَ مَملَكةِ ديكوتو وإمبراطوريةِ بروز.

“قائِدُنا!”

وهكذا، قادَ عشرةَ مُقاتِلين. ثلاثةٌ مِنهُم مُقاتلينَ بالسيفِ مِنَ الطَبَقةِ المُتَوَسِطةِ في أسلوبِ إلهِ الشَمال، بينما كانَ السبعةُ الآخرونَ مُرتَزَقةً غيرَ مُرتَبطينَ بـأيٍّ مِن أنماطِ السيفِ الثلاثة. وبيغوت نفسهُ هو مُبارِزٌ بأسلوبِ إلهِ السيفِ في المرتَبةِ المُتَقَدِمة، لكِن، لم يوجَد في مجموعَتِهِم أيُّ مُعالِجٍ أو أيُّ شخصٍ مُمَيز.

“سَـنَنتَقِمُ له!”

وعلى مدى المائةِ عامٍ التالية، ظَلَّتْ تُعبَدُ كإلهةٍ لماركين، وقَدَمَتْ الدعمَ لقلوبِ العديدِ مِنَ الجنود. بالطبع، لم تَعرِف غيلين الحقيقيةُ أيَّ شيءٍ عن هذا.

هُم جميعًا مُقاتلينَ مِنَ الفئةِ المُتَوسِطةِ إما في أسلوبِ إلهِ الماء أو أسلوبِ إلهِ السيف. أقوياءٌ بما فيهِ الكفاية. ولكِن…

“هاها، لا أرى أيَّ خطأ في ذلِك.”

“غاااا!” عوى الوحش. مع كُلِ أرجوحةٍ مِن شفرةِ الدمِ الحمراء، تم تشريحُ أحدُ هؤلاء الجنود. تَحَرَكَ الوحشُ مِثلَ ومضةٍ مِنَ الضوء. صَوتُها وحدهُ كافٍ لجعلِ المرء يرتَجِف. لا أحدَ إستطاعَ مُجاراتَها. وفي لحظات، تَمَ القضاءُ على الحُارسِ جميعًا.

“قطعُ أيِّ شخصٍ يقِفُ في طريقي. هذا كُلُ شيء.” بدتْ الضراوةُ في عينَيها وجَعَلَتهُ يَشُكُ عودَتِها إلى رُشدِها حقًا أم لا. لم يعرِف بيغوت ماذا يقول. فقط مَن أثارَها هكذا؟

“…”

***

أثناء هذا، لم يَستَطِع بيغوت ورجالُهُ التَحرُكَ حتى. بل لم يَمتَلِكوا حتى أيَّ فِكرةٍ عَمَّا حَدَثَ للتو. ظَهَرَ الوحشُ مِنَ العدم، وفي عرضٍ ساحقٍ للقوة، دَمَرَ كُلَ شيءٍ في طريقِه. لكِن لماذا؟ لأيِّ غرض؟

“سـ-سيفُ الضوء…هـ-هكذا، هذا هو أسلوبُ إلهِ السيف…؟”

“غررر!”

الآن بدأتْ تَنظُرُ في إتجاهِهِم. بدَتْ عُيونُ الوحشِ مليئةً بالجنون. وهذهِ العيونُ الآنَ تُرَكِزُ إهتمامَها على بيغوت ورجالِه، مليئةً بالدم، وتَضَخَمَ خَوفُهُم.ملابِسُ الوحشِ مكشوفةٌ لا تُغطي أيَّ شيءٍ تقريبًا، لكِنَ الخوفَ طغى على أيِّ شعورٍ بالشهوةِ الذي رُبَما قد شَعَروا.

“غاااه!”

هذا صحيح—كانَ هذا الوحشُ امرأةً. كانَ لهُ شَكلُ امرأة. بمُجَرَدِ أنْ أدركَ ذلِك، بدأتْ المُحرِكاتُ الموجودةُ في الجُزءِ الخلفيِّ مِن عقلِ بيغوت في العَمَل.

بعد ذلِك، واصلَ بيغوت القيامَ بعملٍ مُذهِلٍ أدى إلى أنْ يَصيرَ مَعروفًا كواحِدٍ مِن أبرزِ الجنرالاتِ العُظماء في بلدِ ماركين المُرتَزَقة. ومع ذلِك، هذهِ قُصةٌ لوقتٍ آخر.

لقد تَذَكَرَ قِصةَ قديسِ السيفِ الذي عَلَمَهُ المُبارزة. قديسُ السيف هذا كانَ مُحارِبًا عادِلًا ومُشَرِفًا مِن أسلوبِ إلهِ السيف والذي تَدَربَ في أرضِ السيوفِ المُقدَسة. لم يُخبِرهُ لماذا قَرَرَ أنْ يُصبِحَ مُرتَزَقًا، لكِنَهُ تَحَدَثَ عن تَجرُبَتِهِ التدريبيةِ السابِقة.

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

عن أحدِ الأشخاصِ الآخرينَ هُناكَ وعن كونِهِ عنيفًا لا يَستَمِعُ لأيِّ شخص. مِثلَ الكَلبِ المَجنونِ تقريبًا. حيثُ تَفَوَقَتْ عليهِ وأصبَحَتْ مَلِكَ سيف، لكِنَها ليسَتْ شخصًا سيئًا. مُجَرَدُ حمقاء. ويَكرَهُها الجميعُ لأنَّها تَفقِدُ السيطرة في الحالاتِ القصوى وتُصبِحُ مجنونةً، مُهاجِمةً الجميع، لا يُهِمُ أصديقٌ هُم أم عدو.

 

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

 

“بأيِّ فُرصة…” نادها بيغوت أثناء تأديتِهِ لأسلوبِ التحيةِ الخاصِ بأسلوبِ إلهِ السيف والذي عَلَمَهُ إياهُ مُعَلِمُه، إنحنى على رُكبةٍ واحِدةٍ وقَدَمَ رأسَهُ إلى الأمام، مُظهِرًا الإحترامَ والخضوع. “…هل أنتِ مَلِكُ السيف، غيلين ديدوروديا-ساما؟!”

جاء وحشٌ بريٌّ خلفَها. أطلقَ هذا الوحشُ صرخةَ حربٍ شرِسةٍ عندما هبط على رأسِ السحليةِ وشَقَها بسيفِه. وهكذا أطلَقَتْ السحليةُ صرخةَ أخيرةً مُؤلِمةً قبلَ أنْ تموت.

في اللحظةِ التي قالَ فيها بيغوت هذا، هدأ الوحش. وبعدَ وقتٍ قصير، إستعادَتْ غيلين إحساسَها بِعَقلِها.

“هاه!؟”

“كثيرًا ما سَمِعتُ شائعات، لكِنَني لم أحلُم أبدًا أنَّني سألتَقي بكِ في مكانٍ كهذا.”

لِـلَحظةٍ إعتَقَدَ بيغوت أنْ هذا يَجِبُ أنْ يكونَ حاكِمَ الغابة. ومعَ ذلِك، إمتَلَكَ هذا الوحشُ البريُّ شَكلَ الإنسان. جِلدٌ بُنيٌّ دافئ، شَعرٌ أحمرٌ ناريٌّ وإثنَينِ مِن آذانِ الوحشِ مُنتَصِبَتَينِ بالكاِمل. كما إنَّهُ يَحمِلُ سيفًا. سيفٌ ذو شِفرةٍ رقيقةٍ مِن جانبٍ واحِد، يَلمَعُ بلونٍ أحمرٍ غريب، وعليهِ نقشٌ غامِض.

لم تَرُدَّ على كلماتِه. وبدلًا مِن ذلك، نَظَرَتْ إليهِ بعينَيها المُحتَقِنَتَينِ بالدماء وإستَجوَبَتهُ بشكلٍ واقعيٍّ للغاية. “أنتَ هُناك، هل رأيتَ فتاةً في الثانيةِ عشرةَ مِن عُمُرِها لها شَعرٌ أحمرٌ نقي؟ أو صبيٌّ العاشِرةِ مِن عُمُرِهِ يُتقِنُ السِحر؟”

“وماذا في ذلك؟”

“لا، لم أفعل.” هزَّ رأسَه، وبدأ في التَفكيرِ بكلِماتِها. فتاةٌ ذاتُ شعرٍ أحمرٍ تبلغُ مِنَ العُمرِ إثنَي عَشَرَ عامًا تقريبًا. فتًى ساحِرٌ يَبلُغُ مِنَ العُمرِ حوالي عشرة أعوام. لقد رأى العديدَ مِنَ العبيدِ مثل هؤلاء في حياتِه، لكِن ليسَ في هذهِ المنطقة. إلى جانبِ ذلِك، فَـهذهِ غابةُ إيجين. مكانٌ مليئٌ بالوحوش. لماذا تَعتَقِدُ أنَّ أطفالًا سَـيَكونونَ في مكانٍ مِثلِ هذا؟

“فَهِمت. آسِفةٌ لإعتراضِ طريقِك.” بدأتْ غيلين في المشيِّ بعيدًا. وبعدَ بضعِ خطواتٍ تَوَقَفَتْ فجأةً ونَظَرَتْ إلى الوراء، أمالَتْ رأسَها وقالَت. “بالمناسبة، أينَ هذا المكان؟”

“فَهِمت. آسِفةٌ لإعتراضِ طريقِك.” بدأتْ غيلين في المشيِّ بعيدًا. وبعدَ بضعِ خطواتٍ تَوَقَفَتْ فجأةً ونَظَرَتْ إلى الوراء، أمالَتْ رأسَها وقالَت. “بالمناسبة، أينَ هذا المكان؟”

“غررر!”

بيغوت، أيضًا، أمالَ رأسَه. ثُمَ أخبرَها أنَّها في مَنطقةِ الصراعات، الواقِعةِ في أقصى شمالِ النصفِ الجنوبيِّ مِنَ القارةِ الوسطى. ثُمَ أوضحَ أنَّهُم في غابةٍ داخِلَ الجُزءِ الشمالي مِن بَلَدِ ماركين المُرتَزَقة.

“لا، لم أفعل.” هزَّ رأسَه، وبدأ في التَفكيرِ بكلِماتِها. فتاةٌ ذاتُ شعرٍ أحمرٍ تبلغُ مِنَ العُمرِ إثنَي عَشَرَ عامًا تقريبًا. فتًى ساحِرٌ يَبلُغُ مِنَ العُمرِ حوالي عشرة أعوام. لقد رأى العديدَ مِنَ العبيدِ مثل هؤلاء في حياتِه، لكِن ليسَ في هذهِ المنطقة. إلى جانبِ ذلِك، فَـهذهِ غابةُ إيجين. مكانٌ مليئٌ بالوحوش. لماذا تَعتَقِدُ أنَّ أطفالًا سَـيَكونونَ في مكانٍ مِثلِ هذا؟

بيغوت ورِجالُهُ الآن في مُنتَصَفِ عمليتِهِم الإنتحارية. لم يَمتَلِكوا مُتَسعًا مِنَ الوقتِ للشرح، لكِنَها قد أنقذتْ حياتَهُم قبلَ قليلٍ فقط، ولو أزعَجوها، فقد يَتِمُ القضاءُ عليهِم. لذا فَـهذهِ مُحاولةٌ لإدارةِ الأزمات.

“هاه!؟”

“مستحيل.” لم تَستَطِع غيلين تصديقَ ذلِك. لم تَفهَم كيفَ إنتهى بها الأمرُ هُنا.

“اللعنة!”

بعدَها سألَ بيغوت عن وضعِها. كانَتْ تعملُ كحارسٍ شخصيٍّ لفتاةٍ صغيرةٍ في منطقةِ فيدوا في مَملَكةِ آسورا عندما تعرضوا للهجوم. وقبل أنْ تَعرِف، إبتَلَعَها ضوءٌ أبيضٌ غامضٌ وإنتهى بها الأمرُ في هذهِ الغابة. وأثناء مُحارَبَتِها لجيوشِ الوحوش، فَقَدَتْ نفسَها في إثارةِ المعركةِ وتَحَوَلَتْ إلى وضعِ الهائجِ قاتِلةً أيَّ شيءٍ يَقتَرِبُ مِنها.

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

“على أيِّ حال، هذا هو بلدُ ماركين في منطقةِ الصراعات. لا خطأ في هذا بالتأكيد.”

الآن بدأتْ تَنظُرُ في إتجاهِهِم. بدَتْ عُيونُ الوحشِ مليئةً بالجنون. وهذهِ العيونُ الآنَ تُرَكِزُ إهتمامَها على بيغوت ورجالِه، مليئةً بالدم، وتَضَخَمَ خَوفُهُم.ملابِسُ الوحشِ مكشوفةٌ لا تُغطي أيَّ شيءٍ تقريبًا، لكِنَ الخوفَ طغى على أيِّ شعورٍ بالشهوةِ الذي رُبَما قد شَعَروا.

“هكذا إذن.” تَوقَفَتْ غيلين عن التفكير.

من ناحيةٍ أُخرى، لم يَمتَلِك خياراتٍ أُخرى. فَـقد تمتْ مُحاصرَتُهُم، وإذا إستَمَرَ هذا لفترةٍ أطول، فإنَّ تدميرَهُم سَـيَكونُ حتميًا.

لم يَمتَلِك بيغوت أيَّ فِكرةٍ عَمَّا تُفَكِرُ فيه. بعدَ خمسِ ثوانٍ طويلة، نَظَرَتْ أخيرًا إلى السماء.

جَعَلَهُ التفكيرُ بهذهِ الطريقةِ فخورًا. لفَترةٍ طويلة، لم يَمتَلِك بيغوت مكانًا ينتمي إليه. وبعدَ الكثيرِ مِنَ المصاعِبِ والمُعاناةِ تَمَكنَ أخيرًا مِن تسميةِ ماركين مَنزِلًا. والآن هو سَـيُقاتِلُ مِن أجلِ حمايتِه. لقد سَخَرَ مِن هذهِ المُثُلِ العُليا في الماضي لكونِها تبدو مُتفائِلةً أكثرَ مِنَ اللازِم، ولكِن الآن وبعد أنْ تَمَّ وضعُهُ في موقِفٍ مُشابِه، لم يبدُ الأمرُ سيئًا جدًا مِن منظورِه.

“ثُمَ يجبُ أنْ أذهبَ جنوبا للعودةِ إلى آسورا.”

“البوابةُ الشرقيةُ لحِصنِ آروس. إنَّهُ مكانٌ كَـالجحيم. كِدتُ حينَها أفقِدُ مَحبوبَتي، ذراعيَّ اليُمنى الحبيبةُ هذه.”

وهكذا مُستَخدِمةً الشمسَ كَـدليل، حَوَلَتْ إتجاهها نحوَ الجنوب. وهذا هو نفسُ الإتجاهِ الذي يَتَحرَكُ إليهِ بيغوت ورجالُه.

“غرااغاه!”

“مِن فضلِكِ إنتظري. هُناكَ مُعسكَرُ للعدوِ موجودٌ في هذا الإتجاه.”

وهكذا مُستَخدِمةً الشمسَ كَـدليل، حَوَلَتْ إتجاهها نحوَ الجنوب. وهذا هو نفسُ الإتجاهِ الذي يَتَحرَكُ إليهِ بيغوت ورجالُه.

“وماذا في ذلك؟”

بعد سماعِ ذلِك، فَهِم. ‘نَحنُ لسنا مُختَلِفَين’، هذا ما فَكَرَ فيهِ بيغوت. فَـهذانِ الطِفلان، وخاصةً الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمر، أكثرَ أهميةً مِن أيِّ شيءٍ آخرَ بالنسبةِ لِـمَلِكِ السيف. وهي يائِسةٌ لحمايةِ ما هو ثمينٌ بالنسبةِ لها.

ماذا في ذلِك؟ أعني، ما الذي تُخَطِطينَ للقيام به؟”

“البوابةُ الشرقيةُ لحِصنِ آروس. إنَّهُ مكانٌ كَـالجحيم. كِدتُ حينَها أفقِدُ مَحبوبَتي، ذراعيَّ اليُمنى الحبيبةُ هذه.”

“قطعُ أيِّ شخصٍ يقِفُ في طريقي. هذا كُلُ شيء.” بدتْ الضراوةُ في عينَيها وجَعَلَتهُ يَشُكُ عودَتِها إلى رُشدِها حقًا أم لا. لم يعرِف بيغوت ماذا يقول. فقط مَن أثارَها هكذا؟

“هاه!؟”

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

بعد سماعِ ذلِك، فَهِم. ‘نَحنُ لسنا مُختَلِفَين’، هذا ما فَكَرَ فيهِ بيغوت. فَـهذانِ الطِفلان، وخاصةً الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمر، أكثرَ أهميةً مِن أيِّ شيءٍ آخرَ بالنسبةِ لِـمَلِكِ السيف. وهي يائِسةٌ لحمايةِ ما هو ثمينٌ بالنسبةِ لها.

بعد سماعِ ذلِك، فَهِم. ‘نَحنُ لسنا مُختَلِفَين’، هذا ما فَكَرَ فيهِ بيغوت. فَـهذانِ الطِفلان، وخاصةً الفتاةُ ذاتُ الشعرِ الأحمر، أكثرَ أهميةً مِن أيِّ شيءٍ آخرَ بالنسبةِ لِـمَلِكِ السيف. وهي يائِسةٌ لحمايةِ ما هو ثمينٌ بالنسبةِ لها.

في النهايةِ لم يعُد بإمكانِهِم رؤيةُ دروعِ مَملَكةِ ديكوتو مِن حولِهِم. بدلًا مِن ذلِك، هُم الآنَ مُحاطينَ بجنودِ إمبراطورية بروز. بينما فوجِئتْ الإمبراطورية بتَطَفُلِ امرأةٍ تَحمِلُ شفرةً حمراء كَـالدم، فقد شاهدوها وهي تَقطَعُ رِجالَ مَملَكةِ ديكوتو ولاحَظوا أنَّ بيغوت يحمي ظهرَها بدرعهِ الخاصِ بجنودِ بروز. وهكذا ظَنوا خطًأ أنَّ بيغوت وغيلين حُلفاء.

“في هذهِ الحالة، لماذا لا نَتَحركُ معًا؟ لدينا أيضًا شيءٌ لرعايتِهِ في هذا الإتجاه.”

حينَها إختفى أيُّ أملٍ لهذِه البِلاد. أما بالنسبةِ لبعضِ المُرتَزَقةِ الذينَ إمتَلَكوا عقولًا فَـقد فَروا إلى بُلدانٍ أُخرى أو خانوا ماركين. بعدَها حَدَثَتْ المعرَكةُ الحاسِمة، والتي أصبَحَتْ تُعرَفُ بعدَ ذلِكَ بإسمِ المعركةِ الأخيرةِ لبقايا ماركين، وحَدَثَتْ في منطقةٍ سهليةٍ كبيرة.

“جيدٌ جدًا.”

“ماذا؟!”

لسَبَبٍ ما شعرَ بيغوت بالفخرِ بشكلٍ خاص. على الرُغمِ مِن إختلافِ أهدافِهِم، إلا أنَّهُ شَعَرَ أنَّهُ الآنَ يَقِفُ جنبًا إلى جَنبٍ مع مَلِكِ السيف هذه، يُقاتِلُ مِن أجلِ شيءٍ يُريدُ حمايتَه.

 

خَرَجَ بيغوت ورِجالُهُ وغيلين مِنَ الغابةِ وهاجموا مَملَكةَ ديكوتو مِنَ الخلف. وبِسَبَبِ حظِهِم الجيد. بمُجَرَدِ أنْ بدأتْ المَعركةُ مع ماركين، رَكَزَتْ جميعُ القواتِ على ما هو أمامَهُم مُتجاهلينَ مؤخِرةَ الجيش.

لقد تَوَقَعَتْ إمبراطوريةُ بروز أنْ يأتيَّ مِثلُ هذا الهجوم، لذلِكَ، إستَطاعوا خوضَ معركة. حينَها بالضبط، شَنَّ بلدُ ماركين هجومَه. هُجومًا مِن ثلاثِ إتجاهات.

وَجَدَ إمبراطورُ بروز عدمِ عودةِ حُراسِهِ الشخصيين أمرًا يجلِبُ الشك. وإشتَبَهَ في أنَّ مَملَكةَ ديكوتو كانَتْ تُخَطِطُ لكمينٍ لقواتِه، وأنَّ حُراسَهُ الشخصيينَ قد قُتِلوا بعد إكتشافِ مؤامَرَتِهِم. فَـبعدُ كُلِ شيء، الجيشُ الرئيسي لمَلِكِ ديكوتو مُتَمركِزٌ بالقُربِ مِنَ الغابة. مِنَ المُحتَمَلِ أنْ تَكونَ جُزءٌ قواتِهِم يختَبِؤنَ في الداخِل.

“لا تَخفِض مِن حَذَرِك. الآنَ بعدَ أنْ وصلنا إلى هذا الحد، علينا أنْ نُحاوِلَ بجدٍ أنْ نموتَ على يدِ البشر.”

في الحقيقة، مَلِكُ ديكوتو هو جبانٌ وقد يخيم وظهرُهُ إلى الغابةِ حتى لا يَتِمَ القبضُ عليهِ في هجومٍ مُفاجئ من قبلِ إمبراطوريةِ بروز. سَـيؤدي الجمعُ بينَ هذهِ العواملِ لاحِقًا إلى نجاحِ بيغوت.

“ماذا؟!”

عوَتْ غيلين وأطلقَ بيغوت صرخةً شَرِسةً أثناء قيادَتِهِ لرجالِهِ إلى المعركة. إتَجَهوا مُباشرةً إلى مُعسكَرِ العدو حيثُ تَمَ إنشاءُ خيمةِ مَلِكِ ديكوتو.

مِن هذهِ الناحية، فَـالسَحَرَةُ قَيِّمونَ حقًا بالنسبةِ للمجاميع المُغامِرة، ولكِن، نظرًا لأنَّهُم يَستَعِدونَ لمعركةٍ نهائيةٍ، لم يَستَطِع ماركين تخصيصَ أيِّ ساحرٍ لِـفَريقٍ مِنَ البيادِقِ المُهمَلة. حيثُ إنَّ النَصرَ الحقيقيَّ يعني أنَّ على البلادِ أنْ تُشعِلَ الحربَ بينَ أعدائِها ثُمَّ تَستَفيدُ مِن تِلكَ الفُرصةِ وتَخرُجَ مُنتَصِرةً.

أُصيبَ المَلِكُ بالدهشةِ بِسَبَبِ الهجوم المُفاجئ. وعِندَ رؤيةِ دروعِهِم، إعتَقَدَ على الفورِ أنَّ إمبراطور بروز قد شَنَّ هُجومًا مُتَسلِلًا مِن الغابة. وأمَرَ بشنِ هجومٍ على إمبراطورية بروز. ثُمَ حاولَ الإحتماءَ مِنَ الفوضى.

“القائد، أبعدُ قليلًا فقط، سَـنَصِلُ أخيرًا.”

بعد عشرِ ثوانٍ فقط مَزَقَتْ غيلين مَلِكَ ديكوتو بشَفرَتِها، مِمَّا أدى إلى مَقتَلِه. لو بقيَّ على قيد الحياة، لأدركَ أنَّ بيغوت ورِجالَهُ ليسوا مِن إمبراطوريةِ بروز وتراجعَ عن أوامِرِه، لكِنَ المرسومَ الإمبراطوري يَمتَلِكُ سُلطةً مُطلقةً. وهكذا دَخَلَتْ مَملَكةُ ديكوتو في معركةٍ ضِدَ إمبراطورية بروز.

‘همف، لم أُفَكِر أبدًا في أنَّني قد أفعلُ شيئًا كهذا.’، فَكَرَ بيغوت، ضاحِكًا بِـسُخريةٍ على نفسِه.

لقد تَوَقَعَتْ إمبراطوريةُ بروز أنْ يأتيَّ مِثلُ هذا الهجوم، لذلِكَ، إستَطاعوا خوضَ معركة. حينَها بالضبط، شَنَّ بلدُ ماركين هجومَه. هُجومًا مِن ثلاثِ إتجاهات.

‘أيُمكِنُ أنْ يكونَ الشخصَ الذي يحكُمُ هذه الغابة؟’ تساءلَ بيغوت.

وَجَدَ بيغوت نَفسَهُ مُحاطًا بالأعداء، لكِنَهُ لا يَزالُ على قيدِ الحياة. مُهِمَتُهُ كانَتْ أن يَموتَ لكي يخدَعَ مَملَكةَ ديكوتو ليَعتَقِدوا أنَّ هُجومَهُ مِن تدبيرِ إمبراطورية بروز، ومعَ ذلِكَ فَـقد تَشَبَثَ بالحياة. هو ورِجالُهُ قد إنفَصَلوا بالفعل، والحليفُ الوحيدُ القريبُ مِنهُ هو مُقاتِلٌ واحِد.

شَرقُ مَملَكةِ آسورا ومُباشرةً خلفَ الجِبال، في وسطِ القارةِ الوسطى، يَقَعُ مجالٌ فيهِ العديدُ مِنَ الدولِ الصغيرةِ التي تُقاتِلُ بعضَها البعضَ مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقة. في هذا المكان، تُبنى البُلدانُ فقط لكي تَتَدمرَ بعدَ ذلِكَ بوقتٍ قصير ثُمَ يُعادُ بِنائُها مرةً أُخرى، إنَّها تُسمى مَنطقةَ الصِراعاتِ مِن قِبَلِ السُكانِ المَحَليين.

هُناك، أمامَهُ مُباشرةً. لَحِقَ بِـظِلِ ظَهرِها البُنيِّ، وهي تَقطَعُ طريقَ العدو. لم يرَّ مِثلَ هذا الشخصِ الموثوقِ بهِ مِن قبل. لقد شَعَرَ بالفخرِ الشديدِ لحمايةِ ظهرِها.

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

في النهايةِ لم يعُد بإمكانِهِم رؤيةُ دروعِ مَملَكةِ ديكوتو مِن حولِهِم. بدلًا مِن ذلِك، هُم الآنَ مُحاطينَ بجنودِ إمبراطورية بروز. بينما فوجِئتْ الإمبراطورية بتَطَفُلِ امرأةٍ تَحمِلُ شفرةً حمراء كَـالدم، فقد شاهدوها وهي تَقطَعُ رِجالَ مَملَكةِ ديكوتو ولاحَظوا أنَّ بيغوت يحمي ظهرَها بدرعهِ الخاصِ بجنودِ بروز. وهكذا ظَنوا خطًأ أنَّ بيغوت وغيلين حُلفاء.

بعد عشرِ ثوانٍ فقط مَزَقَتْ غيلين مَلِكَ ديكوتو بشَفرَتِها، مِمَّا أدى إلى مَقتَلِه. لو بقيَّ على قيد الحياة، لأدركَ أنَّ بيغوت ورِجالَهُ ليسوا مِن إمبراطوريةِ بروز وتراجعَ عن أوامِرِه، لكِنَ المرسومَ الإمبراطوري يَمتَلِكُ سُلطةً مُطلقةً. وهكذا دَخَلَتْ مَملَكةُ ديكوتو في معركةٍ ضِدَ إمبراطورية بروز.

حينَها إندَفَعَ جيشُ ماركين. إهتَزَتْ الدولَتانِ الحليفتانِ عندما بدأتْ المعرَكَةُ خلفَهُما. لم يَتِمَ كَسرُ التحالُفِ الخاصِ بهِم فحسب، بل تَمَّ كَسرُ تشكيلاتِهِم القتاليةِ أيضًا. ماركين، الذينَ يَنبغي أنْ يكونوا في وضعٍ غير مؤات، إختَرَقوا الخطوطَ الأمامية بكُلِ سهولة.

“هيه، إنظُر إلى هذهِ النُدبة! لقد حَصَلتُ عليها أثناء الدِفاعِ عن رودومين.”

تلا ذلِكَ مَعركةٌ فوضوية. وفي خضمِ القتالِ العنيف، إنفَصَلَ بيغوت عن غيلين، لكِنَهُ تَمَكَنَ مِنَ الإنضمامِ لرفاقِه. رَنَّتْ صيحاتُ الفرحِ بينَ مُرتَزَقةِ ماركين عندما تعرفوا على بيغوت وإتَخَذوا موقِفًا حازِمًا مِن حولِه. وبدلًا مِنَ التراجُع، بقي بيغوت في الخطوطِ الأماميةِ وإستَمَرَ في القِتال.

وهُناكَ سببٌ آخرُ لكونِ هذا السهلِ قد لَعِبَ دورًا رئيسيًا في هذهِ الحرب. وهو أنَّهُ وبِـمُجَرَدِ سقوط ماركين، سيحتاجُ البلدانِ الآخرانِ للسيطرةِ على هذهِ النُقطةِ للإستيلاء مِن أجلِ السيطرةِ على المنطقةِ المُحيطةِ بالعاصِمة. بالإضافةِ إلى ذلِك، بمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، فَـمِنَ السهلِ تَخَيُلُ الصِراعِ الذي سَـيَنشَبُ بعدَ ذلِكَ بينَ مَملَكةِ ديكوتو وإمبراطوريةِ بروز.

إحتَدَمَتْ المعركة، وغُطيَّ الجنودُ بالطينِ والدم، ولم يُدرِكوا أبدًا ما يَحدُثُ مِن حولِهم.

أنا آسِف، ماركين. إعتذرَ بيغوت لرفيقِهِ العزيزِ في قَلبِه. هذا بالضبطِ عندما حَدَثَ كُلُ شيء.

تَلَقى بيغوت سَهمًا في عينهِ اليُسرى. وأثناء تَخَبُطِهِ بحثًا عن طريق، رآه.

“آملُ أنْ يكونَ روديوس مع السيدة إيريس، لكِن هُناكَ فُرصةٌ كبيرةٌ لأنْ يَتِمَ نَقلُهُما إلى مكانٍ آخرَ مِثلَما حَدَثَ معي. عليَّ أنْ أُسرع.”

شاهدَ ما حَدَث. رأى رجُلًا يرتَدي دِرعَ بروز فاخِرًا وذو لحيةٍ سوداء. ثُمَ رأى بيغوت وميضَ اللونِ الأحمرِ بالقُربِ مِن ذلِكَ الرجُل، إمبراطورُ بروز، قُطِعَ رأسُهُ مِن قبلِ امرأةٍ ذاتِ بشرةٍ بُنية.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

“ها…هاه…هاهاها!” ضَحِك، وبينما هو يَضحَك، إنتَهَتْ المعركة. وعاشَ بيغوت.

“غاااه!”

إنتَهَتْ المَعرَكةُ النهائيةُ بإنتصارِ بلدِ ماركين المُرتَزَقة.

لقد شَكَلَ هذانِ البلدانِ تحالُفًا مؤقتًا فقط لهزيمةِ ماركين. وبِـمُجَرَدِ إنتهاء ذلِك، سيبدأ الإثنانِ حتمًا بالقِتالِ مِن أجلِ السيطرةِ على الأرضِ التي إحتَلوها. ومعَ تصاعُدِ التَوَتُرِ بينَهُما حيثُ بدأ كِلا البَلَدَينِ في التَفكيرِ في الأساليبِ الأكثرَ فائدةً لهُما. لن يَتَطلبَ الأمرُ سِوى دفعةً واحِدةً صغيرةً حتى يَتَدمرَ تحالُفُهُم، مِمَّا يَخلُقُ صِراعًا بينَهُم. وهذا هو بالضبطِ ما يُريدُهُ ماركين.

 

بعدَها سألَ بيغوت عن وضعِها. كانَتْ تعملُ كحارسٍ شخصيٍّ لفتاةٍ صغيرةٍ في منطقةِ فيدوا في مَملَكةِ آسورا عندما تعرضوا للهجوم. وقبل أنْ تَعرِف، إبتَلَعَها ضوءٌ أبيضٌ غامضٌ وإنتهى بها الأمرُ في هذهِ الغابة. وأثناء مُحارَبَتِها لجيوشِ الوحوش، فَقَدَتْ نفسَها في إثارةِ المعركةِ وتَحَوَلَتْ إلى وضعِ الهائجِ قاتِلةً أيَّ شيءٍ يَقتَرِبُ مِنها.

***

وعلى الرُغمِ مِن أنَّها دولةُ مُرتَزَقة، إلا أنَّها كانَتْ عاجِزةً ضِدَ القوةِ المُشتَرَكةِ لدولَتَينِ أُخرَيَين. قَدَمَ ماركين عرضًا مُشَرِفًا للمُقاومةِ الشرِسة، لكِنَهُم خَسِروا نِصفَ أراضيهِم بعدَ الإستسلامِ المُفاجِئ لقلعةٍ مُهمة وخسارةِ العديدِ مِنَ المعارِكِ الكبيرة.

 

لسَبَبٍ ما شعرَ بيغوت بالفخرِ بشكلٍ خاص. على الرُغمِ مِن إختلافِ أهدافِهِم، إلا أنَّهُ شَعَرَ أنَّهُ الآنَ يَقِفُ جنبًا إلى جَنبٍ مع مَلِكِ السيف هذه، يُقاتِلُ مِن أجلِ شيءٍ يُريدُ حمايتَه.

بفضلِ إنجازاتِه، حصلَ بيغوت على مَنصَبِ الجنرال. وتَمَ الإحتفالُ بهِ كَـبَطَلٍ أسطوري لأنَّهُ نَجَحَ في مُهمةٍ إنتحاريةٍ وأعدَمَ مَلِكَ ديكوتو.

المُبارِزُ في تِلكَ الحكايةِ هي المرأةُ التي أمامَهُ الآن. فَـهذا الوصفُ يَنطَبِقُ عليها تمامًا.

بعد ذلِك، واصلَ بيغوت القيامَ بعملٍ مُذهِلٍ أدى إلى أنْ يَصيرَ مَعروفًا كواحِدٍ مِن أبرزِ الجنرالاتِ العُظماء في بلدِ ماركين المُرتَزَقة. ومع ذلِك، هذهِ قُصةٌ لوقتٍ آخر.

بمُجَرَدِ إنتهاءِ تِلكَ المعركةِ الحاسِمة، بدأ الجِنرالُ العظيمُ بيغوت بِـفعلِ شيءٍ غريب. حيثُ بدأ يَرتَدي قِلادةً بها صورةُ أُنثى وحش مَحفورةٌ عليها، وبدأ في طلاءِ شفرةِ سيفِهِ باللونِ الأحمر، وقال. “إنَّها تَميمةُ حظ.”

“دعنا نُبقي هذا الجُزء سِرًا عن الإلهة.”

بدأ رجالُهُ في تقليدِه، وأولئِكَ الذين سَمِعوا حكاياتِهِم إتَبَعوا حَذوَه. وإستَمَرَتْ هذهِ العاداتِ في الإنتشارِ حتى أخَذَتْ شَكلَها الحديث.

حتى تِلكَ النُقطة، واجهوا القليلَ مِنَ الوحوشِ فقط. لقد ساروا طَوالَ اليومِ ولم يدخلوا سوى في قتالَينِ مع الوحوش. هذا أشبَهُ بالمُعجِزة.

وعِندَما سُئِلَ عن نوع الحظِ السعيدِ الذي تَجلِبُهُ التميمة، أجابَ بيغوت على النحو التالي: “لقد ساعدَتني إلهةٌ خِلالَ تِلكَ المعركة. وأنا أُقَلِدُها.”

‘كما لو أنَّني فارِسٌ في مَملَكةٍ ما.’ عَرَفَ الجميعُ أنَّ الفُرسانَ هُم الوحيدونَ الذينَ يموتونَ مِن أجلِ الشَرَف. ولكِنَ هذا يَحدُثُ الآنَ لبيغوت. ‘رُبَما أنا فارِسٌ بعدَ كُلِ شيء، فارِسُ ماركين.’

وهكذا تمَ إنشاء إلهةِ الغابةِ لين. حيثُ كانَ مِنَ الصَعبِ على أولئِكَ الموجودينَ في الجُزءِ الجنوبي مِنَ القارةِ الوسطى نُطقَ إسم غيلين، وهكذا أصبحَ إسمُها، الذي تَغيَرَ بِسَبَبِ لهجاتِهِم، لين. ظَهَرَتْ مِنَ الغابة، لإنقاذِ حياةِ الجِنرالِ العظيم، لتُصبِحَ إلهةَ الخلاص. إلهةُ الغابةِ لين.

ومعَ ذلِك، الغريبُ هو أنَّهُ لا يوجَدُ سوى بَلَدٍ واحِدٍ في العالمِ بأسرِهِ يؤمِنُ بإلهةِ الغابة لين، وذلِكَ البلد هو ماركين المُرتَزَقة.

وعلى مدى المائةِ عامٍ التالية، ظَلَّتْ تُعبَدُ كإلهةٍ لماركين، وقَدَمَتْ الدعمَ لقلوبِ العديدِ مِنَ الجنود. بالطبع، لم تَعرِف غيلين الحقيقيةُ أيَّ شيءٍ عن هذا.

‘كما لو أنَّني فارِسٌ في مَملَكةٍ ما.’ عَرَفَ الجميعُ أنَّ الفُرسانَ هُم الوحيدونَ الذينَ يموتونَ مِن أجلِ الشَرَف. ولكِنَ هذا يَحدُثُ الآنَ لبيغوت. ‘رُبَما أنا فارِسٌ بعدَ كُلِ شيء، فارِسُ ماركين.’

أينَ ذَهَبَتْ غيلين بعدَ ذلِك؟ هل هي لا تزالُ على قيدِ الحياة؟ هل نَجَتْ مِن تِلكَ المعركةِ وذَهَبَتْ عائِدةً إلى آسورا؟ هل إستطاعَتْ مُقابلةَ تِلكَ السيدةِ الشابةِ الثمينةِ بالنسبةِ لها مرةً أُخرى؟

في النهايةِ لم يعُد بإمكانِهِم رؤيةُ دروعِ مَملَكةِ ديكوتو مِن حولِهِم. بدلًا مِن ذلِك، هُم الآنَ مُحاطينَ بجنودِ إمبراطورية بروز. بينما فوجِئتْ الإمبراطورية بتَطَفُلِ امرأةٍ تَحمِلُ شفرةً حمراء كَـالدم، فقد شاهدوها وهي تَقطَعُ رِجالَ مَملَكةِ ديكوتو ولاحَظوا أنَّ بيغوت يحمي ظهرَها بدرعهِ الخاصِ بجنودِ بروز. وهكذا ظَنوا خطًأ أنَّ بيغوت وغيلين حُلفاء.

لم يعرِف بيغوت أيَّ شيءٍ عن هذا.

“غاااه!”

للأسف، لم يكُن بيغوت ورِجالُهُ هُم الوحيدونَ الذينَ إعتَقَدوا ذلِك.

---

ترجمة موقع ملوك الروايات. لا تُلهِكُم القراءة عن اداء الصلوات فى أوقاتها و لا تنسوا نصيبكم من القرآن

أشترك الان من هنا. ولامزيد من الاعلانات
لا تنسى وضع تعليق للمترجم فهذا يساعده على الاستمرار ومواصلة العمل عندما يرى تشجيعًا.

التعليقات

اعدادات القارئ

لايعمل مع الوضع اليلي
لتغير كلمة إله الى شيء أخر
إعادة ضبط